سامنثا إيلوف تحتفل بفوزها على شركة ملابس رفضت تعيينها بسبب الحجاب

بعد خمس سنوات أمام القضاء.. المحكمة العليا: غطاء الرأس لا يقر التفرقة

سامنثا إيمان إيلوف مع والدتها (رويترز)
سامنثا إيمان إيلوف مع والدتها (رويترز)
TT

سامنثا إيلوف تحتفل بفوزها على شركة ملابس رفضت تعيينها بسبب الحجاب

سامنثا إيمان إيلوف مع والدتها (رويترز)
سامنثا إيمان إيلوف مع والدتها (رويترز)

سامنثا إيمان إيلوف، أميركية فلسطينية ولدت في تولسا (ولاية أوكلاهوما)، وتعيش الآن في أوكلاهوما سيتي (نفس الولاية) لم تكن تعرف أن تقديمها طلبا للعمل في أحد محال الملابس المعروفة سيجعلها محل أخبار صحافية وقرارات تاريخية في القضاء الأميركي.
وكانت المحكمة العليا الأميركية قد أصدرت هذا الأسبوع حكما لصالح إيلوف، بعد أن رفضت شركة «إبركرومبي» للملابس الجاهزة توظيفها لأنها ترتدي الحجاب، وعكس ما كان متوقعا، حتى توقع رفض المحكمة العليا للحجاب، جاء القرار بأغلبية كبيرة، إذ أيده ثمانية قضاة من أصل تسعة.
قبل خمس سنوات تقريبا، طلبت الفتاة، التي كان عمرها 17 سنة، العمل بائعة في واحد من متاجر «إبركرومبي» للملابس الجاهزة، والتي تنتشر عبر الولايات المتحدة، وفي خارجها. لكن رفضت الشركة لأنها كانت ترتدي الحجاب أثناء مقابلة التوظيف. وقالت الشركة إن الحجاب «يتعارض مع سياسة الشركة نحو مظهر العاملين فيها، والذين يجب أن يكونوا واجهة لما تعرضه متاجرنا من ملابس».
خلال سنوات من المرافعات والاستئنافات، تذرعت الشركة بأن إيلوف «لم تشر إلى ديانتها في طلب العمل. ولم تطلب، صراحة، تعديل السياسة بالنسبة للملابس لتتوافق مع متطلباتها الدينية». لكن، قال محامو إيلوف إنه كان على الشركة أن تسألها أثناء المقابلة إذا كانت مستعدة للتكيف مع سياسة الشركة. وقالوا، أيضا، إن الشركة لم تكن تقدر على تجاهل أن إيلوف مسلمة.
وأول من أمس الاثنين، رفضت المحكمة العليا حجة الشركة. وأكدت أن التمييز الديني في التوظيف «غير مسموح به»، حتى إذا لم يتقدم المرشح للعمل بطلب صريح لتعديل نظام العمل ليتوافق مع متطلباته الدينية.
تشتهر محلات «إبركرومبي آند فيتش» بوضع فتيات رشيقات عند مداخل محلاتها، يرتدين ملابس مثيرة، بما في ذلك سراويل جينز ضيقة، بهدف جذب الزبائن. وتفرض عليهن لبس ملابس مثل التي تعرضها متاجر الشركة.
رغم أن قضية إيلوف بدأت في تولسا (ولاية أوكلاهوما)، فإنها سرعان ما نالت اهتماما على نطاق الولايات المتحدة، وسارعت منظمات حقوق مدنية ومنظمات إسلامية للدفاع عنها. أيضا استعانت إيلوف بالوكالة الفيدرالية للمساواة في التوظيف (اي او اي سي).
يحظر قانون الحقوق المدنية لعام 1964 التمييز العنصري في التوظيف بسبب الدين، أو اللون، أو العرق، أو الأصل الوطني. وأمس الثلاثاء، أشادت منظمات الحقوق المدنية بقرار المحكمة العليا، وأيضا منظمات إسلامية رئيسية، لكن المنظمات الإسلامية قالت إن التمييز العنصري ضد المسلمين منتشر في الولايات المتحدة، وإن الحجاب، عادة، هو سبب هذا التمييز.
وكان تقرير أصدرته لجنة المساواة في فرص العمل الفيدرالية قال إن الحالات التي يقدمها المسلمون بسبب التمييز، وخصوصا بسبب الدين، «أكثر مما تقدمه أي جماعة دينية أخرى».
وكانت جماعات تمثل مسيحيين ويهودا وسيخا شاركت في الدفاع عن إيلوف.
ومن جانبه علق إبراهيم هوبر، متحدث باسم مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) في واشنطن، أكبر منظمات اللوبي الإسلامي، على قرار المحكمة: «بداية، ظلت (كير) تدعم مرافعات واستئنافات هذه القضية منذ بدايتها. وعندما وصلت القضية إلى المحكمة العليا قدمنا مرافعة مرفقة لمرافعة اللجنة الفيدرالية لفرص العمل المتساوية، حسب إجراءات (فريند أوف كورت - مرافعة صديق للمحكمة)». وأضاف: «نحن نعتبر هذا قرارا تاريخيا. ونشيد بكل من ساهم في وصوله إلى المحكمة العليا، التي حسمت الموضوع».
وقال: «لم تكن هذه أول قضية تفرقة بسبب الإسلام ندعمها وندافع عنها في الكونغرس وفي المحاكم وفي الإدارة. خلال السنوات القليلة الماضية دافعنا عن حقوق المسلمين ضد شركات ومؤسسات عملاقة، مثل: (دلتا إيرلايز) و(ديزني) و(فدرال إكسبريس) و(بتزا هت) وغيرها».
وفي الوقت الحاضر، تدير سامنثا محلا وموقعا للأزياء تعرض فيه أزياء محلات مشهورة مثل «فوريفار 21» و«ايربان أوتفيتار» و«تارغيت» و«إتش آند إم». لم تشغلها هوايتها، ومهنتها، عن القضية الفلسطينية. وهي من قادة منظمات أميركية فلسطينية وعالمية، منها «فري بالستاين» (فلسطين حرة) و«براي فور بالستاين» (صلوا من أجل فلسطين).
سمت موقعها في الإنترنت «عشنا وشفنا»، وقالت عن نفسها: «تسعدني الأزياء. ويسرني كل شيء لونه فاتح وقوي. وأتخصص في خلط الألوان والأشكال». وأضافت: «مما أحب: كاب كيك (قوالب الكيك الصغيرة)، الأزياء الملونة، الأشياء الجميلة، الأشياء اللامعة، القرود، وعبارات الحكمة التي تجعلني أتامل». وقالت إن شعارها هو: «بي ديفرانت» (كوني مختلفة).
خلال أكثر من ثلاث سنوات في الإنترنت، صار لها مؤيدون ومعجبون من جميع أنحاء العالم، وخصوصا في الولايات المتحدة والشرق الأوسط.
في مرافعتها، عن طريق محاميها، إلى المحكمة العليا، كتبت: «ولدت وتربيت في تولسا، ولاية أوكلاهوما. وعندما تقدمت للعمل في متجر (ابركرومبي اند فيتش) كنت مراهقة أهوى الأزياء. قبله، عملت في متجري أزياء. ولم يقل لي أي متجر، أو أي شخص، إن حجاب الرأس الذي أرتديه يمنعني من بيع الأزياء. بالنسبة لي، حجاب الرأس الذي أرتديه رمز الاعتدال في الدين الإسلامي. لهذا، فوجئت بقرار (ابركرومبي اند فيتش)».
قاد فريق الدفاع عنها ديفيد لوبيز، من اللجنة الفيدرالية لفرص العمل المتساوية (اي اي او سي). وكتب في مرافعته: «هذا العام، نحتفل بمرور 50 عاما على تأسيس (اي اي او سي)، والتي تأسست كجزء من قانون الحقوق المدنية لعام 1964. تمنع الفقرة السابعة في القانون التفرقة بسبب الدين أو العرق أو الاصل أو اللون. لهذا، قضية اليوم هي مثال لأهمية حماية كل مواطن أميركي من أي تفرقة لهذه الأسباب».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».