مساعٍ ألمانية مكثفة لتجنب كارثة طاقة في الشتاء

مع توقعات بإفراج كندا عن توربين رئيسي في «نورد ستريم1»

مجمع «PCK» الصناعي الذي يضم مصفاة نفط على بعد حوالي 110 كيلومترات شمال برلين شمال شرقي ألمانيا (أ.ف.ب)
مجمع «PCK» الصناعي الذي يضم مصفاة نفط على بعد حوالي 110 كيلومترات شمال برلين شمال شرقي ألمانيا (أ.ف.ب)
TT

مساعٍ ألمانية مكثفة لتجنب كارثة طاقة في الشتاء

مجمع «PCK» الصناعي الذي يضم مصفاة نفط على بعد حوالي 110 كيلومترات شمال برلين شمال شرقي ألمانيا (أ.ف.ب)
مجمع «PCK» الصناعي الذي يضم مصفاة نفط على بعد حوالي 110 كيلومترات شمال برلين شمال شرقي ألمانيا (أ.ف.ب)

تتوقع ألمانيا أن تفرج كندا عن توربين رئيسي لتشغيل خط أنابيب «نورد ستريم» روسي شملته العقوبات المفروضة على روسيا، وسط محاولات ألمانية حثيثة لتجنب كارثة طاقة في الشتاء.
وذكرت وكالة «بلومبرغ» أن الإفراج عن هذا التوربين يمكن أن يخفف أزمة الغاز بين روسيا وألمانيا. وقال الكرملين، يوم الجمعة، إنه في حال إعادة إرسال التوربين، عندئذ يمكن زيادة تدفقات الغاز إلى أوروبا. وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية، إنهم تلقوا إشارات إيجابية، ولكن دون تأكيد أن التوربين في طريقه.
وحثت ألمانيا، كندا، على الإفراج عن التوربين، حيث إنها تتخذ كل الإجراءات المحتملة للحيلولة دون كارثة طاقة في الشتاء المقبل.
وقال وزير الاقتصاد روبرت هابيك لوكالة «بلومبرغ»، في وقت سابق، الأسبوع الحالي، إن هناك حاجة إلى إعادة التوربين إلى خط «نورد ستريم1» قبل بدء أعمال الصيانة المقررة في الخط يوم الاثنين المقبل.
ورأى الوزير الألماني أن الإفراج عن التوربين من شأنه أن يزيل ذريعة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للإبقاء على الخط مغلقاً.
وتخشى ألمانيا نقصاً في إمدادات الغاز الروسي الذي تحتاج إليه، سواء لتأمين المياه الساخنة للمنازل أو تدفئة المكاتب، أو حتى لتشغيل إشارات السير، ويتهيأ البلد برمته بدءاً بالبلديات وصولاً إلى الشركات الكبرى لشتى أنواع القيود على استخدام الغاز.
والحكومة في حال تأهب مع اقتراب استحقاق جوهري هو الوقف التام لخط أنابيب الغاز «نورد ستريم» بسبب صيانة روتينية. ومن المتوقع أن يستمر التوقف عشرة أيام لكن ألمانيا تخشى أن تقطع روسيا بشكل نهائي الإمدادات عبر هذا الأنبوب الذي يؤمن قسماً أساسياً من وارداتها. وحذر وزير الاقتصاد روبرت هابيك، بأنه «لا يمكن استبعاد أي سيناريو»، موضحاً أن موسكو تستخدم «سلاح الغاز» ضد أوروبا سعياً لتقويض الدعم لأوكرانيا.
وإزاء التحذيرات والإشارات المقلقة، يسعى القطاع الصناعي والمجموعات والإدارات بكل الوسائل للحد من استهلاك الطاقة.
وقال كارستن نوبل رئيس مجموعة «هنكل»، إحدى الشركات الكبرى في بورصة فرانكفورت، متحدثاً للصحافة، إنه «من المحتمل أن نعمد مجدداً إلى المزيد من العمل عن بعد لادخار الطاقة من أجل المصلحة الوطنية».
وليست هذه المجموعة الوحيدة التي تبدي مخاوف.
فقطاع الصناعة الكيميائية برمته معرض بصورة خاصة للمخاطر، إذ يعول بشدة على الغاز. وأفادت جمعية الصناعات الكيميائية التي تمثل القطاع، بأنها تتهيأ «لسيناريو الأسوأ».
وتدرس شركة «باسف» العملاقة التي يشكل موقعها في لودفيغشافن (غرب) مدينة حقيقية داخل المدينة، وضع قسم من موظفيها في البطالة الجزئية في حال توقف إمدادات الغاز الروسي الذي يشغل توربيناتها.
من جهتها، تعتزم شركة «سيمرايز للعطور» معاودة تشغيل فرن يعمل على النفط في مصنعها في هولتسميندن (وسط).
عمدت موسكو في الأسابيع الماضية إلى خفض صادرات الغاز عبر «نورد ستريم» بنسبة 60 في المائة، مشيرة إلى مشكلة فنية، فيما نددت برلين بقرار «سياسي». وأدى ذلك إلى تباطؤ عملية إعادة تشكيل احتياطات الغاز، وحذر هابيك بأنه بهذه الوتيرة «نمضي سريعاً نحو انقطاع الغاز»، وهو تصدر الصحف بدعوته إلى تقليص الدوش واستخدام مياه أقل سخونة.
وحذر كلاوس مولر رئيس الوكالة الفيدرالية للشبكات: «إذا لم نعد نتلقى إمدادات غاز من روسيا... فإن الكميات المخزنة حالياً لن تكفي سوى لشهر أو شهرين».
ودعا بالتالي إلى استباق الأمور، لأن المستهلكين «سيصدمون حين يتلقون رسالة إلكترونية من مزودهم بالطاقة» تتضمن «زيادة بثلاثة أضعاف» في الفاتورة.
وأقر مجلس النواب، الخميس، خطة توفير تتضمن وقف التدفئة ما فوق عشرين درجة مئوية في الشتاء وقطع المياه الساخنة عن المكاتب الفردية.
وعمدت مدن عديدة إلى خفض حرارة المياه في أحواض السباحة، أو خفض الإنارة في الشوارع. وتدرس بلدية أوغسبورغ في بافاريا حتى وقف عمل بعض إشارات السير.
وقررت تعاونية عقارية قرب دريسدن في ساكسونيا (شرق) قطع المياه الساخنة ليلاً عن مساكنها الـ600، ما أثار جدلاً على المستوى الوطني. وأعلنت «فونوفيا»، أكبر مجموعة عقارية ألمانية، الخميس، أنها تعتزم تحديد سقف للتدفئة المركزية قدره 17 درجة مئوية ليلاً في مجموعة أملاكها البالغة 350 ألف مسكن.
وكانت الإمدادات الروسية تشكل في مطلع يونيو (حزيران) 35 في المائة من واردات ألمانيا، مقابل 55 في المائة قبل الحرب في أوكرانيا. ولا يزال الغاز يؤمن أكثر من 50 في المائة من تدفئة المنازل.
وتعتزم برلين زيادة اعتمادها على الفحم وتقوم بشراء كميات من الغاز المسال بمليارات اليورو من منتجين آخرين مثل قطر والولايات المتحدة. لكن وزير الاقتصاد حذر بأنه سيترتب على ألمانيا القيام بـ«خيارات مجتمعية بالغة الصعوبة» إذا تراجعت إمدادات الغاز الروسي أكثر.
ولن يكون بإمكان البلاد تفادي انكماش مع توقع تراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6.5 في المائة بين 2022 و2023، حسب المعاهد الاقتصادية الرئيسية، ما سيتسبب بسلسلة من العواقب على الاقتصاد الأوروبي، إذ إن باسف على سبيل المثال تنتج مواد كيميائية ضرورية لقطاعات الأدوية والأغذية والسيارات.
وفي تحذير مما قد ينتظر ألمانيا، تسبب ارتفاع أسعار الطاقة في يونيو في أول عجز في الميزان التجاري الشهري لهذا البلد منذ سنوات.


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.