يائيل برون بيفيه... طموحات كبيرة رغم الصعوبات

الرئيسة الجديدة لمجلس النواب الفرنسي لم تكن مرشحة ماكرون المفضلة

يائيل برون بيفيه... طموحات كبيرة رغم الصعوبات
TT

يائيل برون بيفيه... طموحات كبيرة رغم الصعوبات

يائيل برون بيفيه... طموحات كبيرة رغم الصعوبات

بعد 64 سنة من تولي جاك شابان دلماس رئاسة «الجمعية الوطنية» (مجلس النواب) الأولى في عهدة «الجمهورية الخامسة» بفرنسا، وأربع سنوات على تولي ريشار فيران رئاسة هذه المؤسسة السياسية العريقة، انتخبت النائبة يائيل برون بيفيه (52 سنة) أخيراً رئيسة لمجلس النواب. ومع انتخاب نواب «الجمعية الوطنية» (إحدى مجلسي البرلمان بجانب مجلس الشيوخ) برون بيفيه، بـ242 صوتاً، فإنها باتت أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ فرنسا. ويأتي هذا الاختيار اللافت على رأس السلطة التشريعية بعد شهرٍ واحد من تعيين سيدة أخرى هي إليزابيث بورن رئيسة لمجلس الوزراء (الحكومة) خلفاً لجان كاستيكس. ومع بورن وانتخاب أورور بيرجيه، لرئاسة كتلة «حزب النهضة» الرئاسي في مجلس النواب، يُشكّل هذا «الثلاثي النسائي» في السلطة سابقة في فرنسا.
مراقبو المشهد السياسي في فرنسا لا يرون في تولي يائيل برون بيفيه رئاسة «الجمعية الوطنية»، أي مجلس النواب، خطوة مفاجأة، بل هو نتيجة مساعٍ حثيثة قامت بها هذه الأخيرة للفوز بهذا المنصب المرموق.
إنها مساعٍ استمرت لأشهر طويلة حتى قيل إن تعيينها على رأس وزارة أراضي ما وراء البحار، يوم 20 من مايو (أيار) الماضي، كان محاولة من الأوساط المقربة للرئيس إيمانويل ماكرون لإخماد طموحها في الوصول إلى قصر البوربون (مقر «الجمعية الوطنية» في باريس). وللعلم، فإن رئيس مجلس النواب السابق ريشار فيران كان قد أعرب عن نيتّه الترشح من جديد، وكانت طموحات براون بيفيه ستضعه في وضعية منافسة قد تكون صعبة. وهنا نشير إلى أن عين برون بيفيه على المنصب المرموق تعود إلى 2018 حين أعلنت عن ترشحها لأول مرة في مواجهة زميلها فيران قبل أن تنسحب وتعلن دعمها لهذا الأخير.
ثم في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2021 عادت لتحاول من جديد، وهذه المرة جاءت النائبة الطموحة وهي مستعدة و«حافظة» لدرسها. وبالفعل، فإنها عمدت على تحضير تقرير لـ«مؤسسة جان جوريس» القريبة من اليسار - والتي تعتبر بمثابة مختبر للأفكار - بعنوان «دعوة من أجل برلمان قوي». ويومذاك فُسّر التقرير بأنه برنامج برون بيفيه لرئاسة مجلس النواب، لا سيما أنه تضمّن 25 مقترحاً لتحقيق توازن القوى بين السلطة التنفيذية والتشريعية، وتعزيز دور البرلمان وتخطّي الحواجز التي تحّد من حرية هذا الجهاز، إضافة إلى تعزيز دور المعارضة وحقوقها، وتطبيق مراقبة صارمة على نشاط الحكومة. وحقاً، شدّ التقرير الذي حضرته النائبة انتباه زملائها من النواب ولاقى استحسانهم، وبخاصة، أنهم لا طالما ندّدوا بضعف موقف المعارضة وضيق هامش المناورة في مواجهة الرأي الآخر.
في المقابل، لم يكن ترشح برون بيفيه لرئاسة مجلس النواب خطوة إيجابية من وجهة نظر قصر الإليزيه (أي رئاسة الجمهورية) لعدة اعتبارات، أبرزها: الأول، أن ترشحها يعني تخليها عن منصب وزاري حسّاس يخصّ أراضي ما وراء البحار. والثاني أنها بذا ستكون رابع وزيرة تترك منصبها بعد الهزائم التي تعرّضت لها ثلاث وزيرات في الانتخابات التشريعية الأخيرة. والثالث والأهم أن الرئيس ماكرون، على المستوى الشخصي، لم يكن يدعم ترشحها.
والحقيقة، أنه بعد انسحاب ريشار فيران - في أعقاب هزيمته في الانتخابات، وهو الذي كان الخيار رقم واحد للرئيس - تحوّل الرئيس ماكرون إلى دعم ترشح نائب آخر هو رولان لوسكور الذي كان يبدو أنسب للمنصب، حسب مصادر رئاسية. لكن مع هذا، لم يُضعف هذا الموقف من عزيمة برون بيفيه، التي كثّفت مساعيها، وأقامت مأدبة عشاء بمناسبة عيد الموسيقى، دعت إليها زملاءها من النواب، وكان الغرض طبعاً هو حرصها على التأكد من حشد التأييد وحصّد عدد كافٍ من أصوات زملائها النواب. ثم اجتهدت أيضاً في كواليس المؤسسة التشريعية لتفعيل دعم ملف ترشحها، لا سيما في أوساط معارفها من الحزب الاشتراكي الذي كانت تنتمي إليه.
- بدايات سياسية صعبة
هنا لا بد من القول، إن الرئيسة الجديدة لمجلس النواب تتمتع بسمعة جيدة في الأوساط السياسية الفرنسية. إذ يصفها زملاؤها بـ«المجتهدة»، فبعد وقت قصير من توليها مهامها البرلمانية شرعت في الزيارات الميدانية للسجون ومراكز الإصلاح في إطار مشروع قانون قدمته لإطلاق ما يسمى بـ«سجون الأمن المفتوحة». وكانت أيضاً وراء مشروع قانون حول إعادة وضع تدابير أمنية للإرهابيين الخارجين من السجون، ومشروع ثالث يتعلّق بسن قانون أساسي من أجل الثقة في الحياة السياسية.
إلا أن الوضع لم يكن كذلك في البداية. ففي حوار لصحيفة «لونوفيل إكونوميست» كشفت برون بيفيه أن بداياتها في السياسة كانت على أصعب ما يكون. وذكرت أن قلّة خبرتها في المجال السياسي جعلتها عرضة لانتقادات شديدة، مضيفة أنها «حين دخلت المعترك السياسي لم تكن تدرك أنها ستتلقى الكّم الهائل الذي تلقته من الضربات»... وللتذكير، كانت رئيسة مجلس النواب الجديدة منخرطة في صفوف الحزب الاشتراكي من دون أن تُسند إليها أي مسؤوليات. وهي بعد عودتها إلى فرنسا بعد إقامة طويلة في الخارج انضمت إلى حزب الرئيس إيمانويل ماكرون المسمى «لا غوبوبريك أون مارش» - أو «الجمهورية إلى الأمام» - الذي كان يبحث آنذاك عن وجوه جديدة. ثم دخلت حلبة الانتخابات، وفازت بمقعد برلماني عام 2017 عن إحدى دوائر محافظة الإيفلين (بجنوب غربي باريس) وعاصمتها فرساي.
- طموح وصعود
إلا أن طموح النائبة المبتدئة في السياسة دفعها خلال فترة قصيرة إلى تقديم ترشحها لمنصب أكثر أهمية وهو منصب رئيسة لجنة القوانين في الغرفة الثانية للبرلمان، وهو منصب رفيع المستوى من النادر أن يحظى به مُشرع مبتدئ. وبعد أسبوعين فقط فازت به متغلّبة بذلك على أكثر المرشحين خبرة من الرجال. وكانت ثاني امرأة في تاريخ فرنسا تفوز بهذا المنصب بعد كاترين تاسكا، التي شغلت المنصب ذاته من 1997 إلى 2000 وهي سياسية مُحنّكة شغلت عدة حقائب وزارية.
وبعد أسابيع من توليها هذا المنصب، كشف صحافي من صحيفة «لوكانار أنشينيه» الفرنسية الساخرة كان حاضراً في جلسة اللجنة بأن برون بيفيه تفتقر لأدنى درجات المهنية المنتظرة من المُشرع ألا وهي التحكّم في المُصطلحات القانونية. ونقل هذا الأخير أنه إبّان سير إحدى الجلسات سألت النائبة أعضاء اللجنة «متى نصوّت على المراسيم؟... وهذا قبل أن ينبهّها بعض النواب بأن المراسيم ليست من صلاحيات النواب ولا يجري التصويت عليها، بل إن الحكومة هي الجهة التي تُصدرها.
كذلك، ذكر مقال «لوكانار أنشينيه» أن النائبة «كذبت على الملأ حين أعلنت في وسائل الإعلام أنها بحكم تكوينها القانوني ومعارفها قادرة على ممارسة نشاطها النيابي على أكمل وجه، بينما نبقى مصدومين بجهلها لأبسط عناصر لغة المشرع وهو التفريق بين القانون والمرسوم». أما نواب المعارضة فقد انتقدوا بشدة سير أعمال لجنة القوانين التي ترأسها برون بيفيه، ونقل عن نائب المعارضة الاشتراكي أوليفيه دوسومبت قوله بأنه لم يشهد في حياته لجنة بهذا القدر من «الفوضوية».
الانتقادات التي طالت مهنية برون بيفيه شملت أيضاً إعفاءها من العمل كل يوم أربعاء الذي كانت قد طلبته من أجل الاهتمام بأطفالها بينما بعض الملفات لا تحتمل الانتظار، وحادثة الميكروفون الذي تركته مفتوحاً بعد إحدى الجلسات حين سُمعت وهي تنتقد زملاءها في البرلمان، مما اضطرها إلى تقديم اعتذار رسمي.
حملة الهجوم هذه لم تتوقّف عند هذا الحّد، بل زادت حدّة بعدما شاركت برون بيفيه في لجنة تحقيق برلمانية في «قضية بنالا». وهنا نذكّر بأن ألكسندر بنالا كان مساعداً لمدير مكتب الرئيس ماكرون جرى توقيفه ووضعه رهن الحجز الاحترازي بعدما نشرت صحيفة «لوموند» شريط فيديو يظهر فيه وهو يضرب متظاهراً في يوم عيد العمال منتحلاً صفة رجل أمن، الأمر الذي أدى إلى إقالته من مهامه. لجنة التحقيق البرلمانية هوجمت بشدة يومذاك لأنها لم تسلّط الضوء على مسؤولية الإليزيه (أي الرئيس ماكرون) في ممارسات بنالا بما فيه الكفاية. كذلك تعرّضت برون بيفيه تحديداً لهجمات معادية للسامية، وتلّقت رسائل تهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كشفت عنها النائبة بنفسها على «تويتر» وفي مجلس النواب الذي علّق جلسته تضامناً معها وتّم فتح تحقيق في القضية.
- المحاماة والنشاط الخيري
في حوار مع صحيفة «لونوفيل إكونوميست» تتذكر يائيل برون بيفيه أنها حلُمت بمهنة المحاماة منذ نعومة أظافرها حين عثرت في مكتبة والديها على كتاب جيل بيرو «السترة الحمراء» فانبهرت بكل تفاصيل قضية القاتل كريستيان غنوشي، المعروف أيضاً بكونه آخر سجين يحكم عليه بالإعدام في فرنسا. وأنها «رغم طبعها المتّمرد وشخصيتها العنيدة» كانت تتقّبل نصائح والديها بصدر رحب، ولا سيما والدتها التي شجعّتها مع أخيها على المواظبة في الدراسة والتفوق لإحراز النجاحات والوصول إلى منزلة اجتماعية مرموقة.
وبالفعل، بعد حصولها على شهادة القانون الجنائي، عملت يائيل في مكتب أكبر المحامين الفرنسيين وهو إرفيه تميم الذي تقول إنه من علّمها مبادئ المحاماة. وهي تذكر كيف أنه هبّ لمواساتها حين خسرت أول دعوى قضائية لها بصفتها محامية المساعدة القانونية بقوله: «عليك أن تتذكري أن العدالة لن تأتي دائماً في موعدها... لا بأس هي ليست نهاية العالم.....». وعن هذه الكلمات تقول النائبة: «لم أنسها البتة لأنها كانت تساعدني على التهوين من الإحباط حين أشعر بالظلم».
وبعد بضع سنوات أمضتها النائبة في الخارج مع عائلتها بعيداً عن أي نشاط مهني، عادت إلى الحياة العملية من خلال مشروع استثماري تمثّل في عرض للإيواء والسكن مقابل نقل معرفي مهما كان نوعه، فناً يدوياً أو علمياً. الفكرة لم تنجح وباعتراف برون بيفيه نفسها: «المقاولات لم تكن مناسبة لي»، ورغم المحاولات فإنها طّوت هذه الصفحة نهائياً لتتحول إلى مجال آخر يناسب أكثر قيمها ويمكّنها من خدمة المجتمع وهو النشاط الخيري.
في هذا المضمار أدارت أحد المطاعم المنتمية للمنظمة الخيرية «مطاعم القلب» (بمعنى مطاعم المحبة) التي تقدم سلالاً غذائية أو وجبات غذائية ساخنة للمحتاجين واللاجئين، وهي الفكرة التي أطلقها الكوميدي الراحل «كولوش» في عقد الثمانينات وهي اليوم من أهم المنظمات الخيرية والمنتشرة في كامل أرجاء فرنسا. وفي عام 2014 أشرفت على افتتاح مطعم خيري جديد واهتمت بإدارته، إضافة لمركز مجاني للاستشارات القانونية يستفيد منه المحتاجون وكل من يحتاج لمساعدة محامي.
الدفاع عن حقوق المرأة من القضايا القريبة على قلب برون بيفيه أيضاً، وهي التي خصّصت أول زيارة لها بعد توليها منصب رئيسة الجمعية لمركز «بيت النساء»، الذي يهتم بضحايا العنف الجنسي والعائلي واستقبال طلبات الإجهاض العاجلة. وكانت المناسبة التي أكدت فيها الرئيسة دعمها الكامل لكل القضايا التي تحسن وضع المرأة. وعلى ضوء تداعيات صدور حكم إسقاط حق الإجهاض في الولايات المتحدة فإن أولى جلسات المناقشة التي تنتظر الرئيسة الجديدة بعد الاهتمام بالقدرة الشرائية للفرنسيين ستكون مشروع تكريس حق الإجهاض في الدستور الفرنسي.
- العائلة تأتي أولاً
في حوار مع قناة «فرانس 3» صرّحت برون بيفيه بأنها، ورغم إحساسها بالتألق في حياتها المهنية، فإن عائلتها لا تزال مركز اهتمامها وإحدى أولى أولوياتها... وقد كانت كذلك منذ البداية. فهي أم لخمسة أطفال في مراحل تعليمية مختلفة، وكانت قد جمّدت عملياً نشاطها المهني من أجل التفرغ لتربيتهم حين تلقى زوجها عرضاً للعمل خارج فرنسا. وكشفت برون بيفيه بأنها مرت بمرحلة كان فيها التوفيق بين عملها والاهتمام بأطفالها مستحيلاً، فاختارت أن تتفرغ لهم أكثر من ثماني سنوات بانتظار أن يكتسبوا القدر الكافي من الاستقلال الذاتي.
خلال هذه الفترة أقامت عائلتها في تايوان والبرتغال واليابان التي ولد فيها طفلاها الأخيران. وهي حريصة رغم مسؤولياتها الكثيرة - وبفضل تنظيم مُحكم - على الالتقاء بعائلتها على الأقل مرتين في الأسبوع حول وجبة غذاء تجرى فيها مناقشة مواضيع مختلفة، بما فيها السياسية، والبقاء على اتصال دائم مع كل أفراد عائلتها.
- بطاقة هوية
* ولدت يائيل برون بيفيه يوم 7 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1970 بمدينة نانسي، في شمال شرقي فرنسا
* حاصلة على شهادة في القانون الجنائي من جامعة باريس - نانتير، وهي عضو في نقابة المحاميين منذ 1996
* متزوجة من فياني بيفيه، المسؤول في مجموعة لوريال لمستحضرات الجميل، وأم لخمسة أطفال (بنتين وثلاثة صبيان)
* متحدرة من أصول يهودية بولندية وألمانية، وكان جداها (لجهة والدها) فرّا إلى فرنسا هرباً من النازيين خلال الثلاثينات، ولم يكن بحوزتهما سوى حقيبة واحدة.
* في عدة تصريحات وصفت نفسها بأنها محافظة على تراثها اليهودي، لا سيما، ما يخّص الأعياد وعادات وتقاليد الطبخ التي كانت تمارسها في طفولتها، لكنها لا تطبق الأعراف الدينية.
* والدتها نشأت في ملجأ للأيتام، وبعد تلقيها التدرب على الآلة الكاتبة استقلت مادياً وتركت الملجأ، أما والدها فموظف في شركة للملصقات الإعلانية، ولديها أخ واحد.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


ديفيد لامي... وجه الدبلوماسية البريطانية الجديد يواجه قضايا عالمية شائكة

ديفيد لامي
ديفيد لامي
TT

ديفيد لامي... وجه الدبلوماسية البريطانية الجديد يواجه قضايا عالمية شائكة

ديفيد لامي
ديفيد لامي

ديفيد لامي، وزير الخارجية الجديد، هو «ذراع» كير ستارمر اليمنى على المستوى الدولي، ومنه يتوقّع العالم أن يسمع عن توجهات حكومة بريطانية جديدة تتمتع بتفويض عريض يتيح لها حرية التصرف مع الخصوم والأصدقاء.

النشأة والبداية

ولد ديفيد ليندون لامي يوم 19 يوليو (تموز) 1972 في حي هولواي، بشمال وسط العاصمة البريطانية لندن، لأسرة سوداء تتحدّر من غيانا (أميركا الجنوبية). وترعرع مع إخوته الأربعة في حي توتنهام المجاور برعاية أمه وحدها؛ إذ غادر أبوه منزل الأسرة عندما كان ديفيد في الثانية عشرة من العمر، وترك هذا الأمر تأثيراً بالغاً في حياته لجهة اهتمامه الشديد بالعناية بالأطفال. وفي أثناء دراسته في مدرسته الأولى بلندن، وكان يومذاك في العاشرة من عمره، حصل على منحة دراسية كورالية للإنشاد في كاتدرائية بيتربورو (شرق إنجلترا)، وكانت الدراسة في مدرسة «كينغز سكول» الخاصة في مدينة بيتربورو.

بعد إكمال لامي تعليمه المتوسط والثانوي في مدرسة «كينغز سكول» - بيتربورو، التحق بمعهد الدراسات الشرقية والأفريقية «سواس» العريق في جامعة لندن، ومنه تخرّج مُجازاً بالحقوق، وانتمى لنقابة المحامين في إنجلترا وويلز عام 1994. ثم درس في جامعة هارفارد الأميركية الشهيرة، وأكمل هناك شهادة الماجستير في القانون. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه كان أول بريطاني أسود يتخرّج في كلية الحقوق بجامعة هارفارد. وبعد الماجستير عمل محامياً في مكتب شركة هوارد رايس القانونية بولاية كاليفورنيا عامي 1997 – 1998، ثم شركة دي جي فريمان بين عامي 1998 و2000. كما كان لفترة قصيرة أستاذاً زائراً للمارساة المحاماة في «سواس» بلندن.

وأما بالنسبة لحياته الزوجية، فإنه تزوّج عام 2005 من الرسامة نيكولا غرين ورزقا بصبيين وبنت. وهو يصف نفسه بأنه مسيحي ومتحدر من أصل أفريقي... وبريطاني وإنجليزي ولندني وأوروبي، كما أنه يحمل جنسية مزدوجة غيانية - بريطانية.

لامي السياسي الطموح

منذ مرحلة الشباب المبكّر انتسب لامي إلى حزب العمال ونشط في صفوفه. وفي عام 2000 دخل «مجلس لندن التمثيلي»، وانتقل بعد ذلك في عام 2002 ليشغل مقعد دائرة منطقة توتنهام، بشمال لندن، عبر انتخاب فرعي أجري لملء شغور المقعد البرلماني إثر وفاة شاغله النائب الأسود العمالي اليساري بيرني غرانت. ويومذاك، في 22 يونيو (حزيران) 2002 حصل على 53.5 في المائة من الأصوات، ومتغلباً على أقريب منافسيه بفارق 5646 صوتاً، وغدا، بالتالي، وهو في سن السابعة والعشرين أصغر أعضاء مجلس العموم سناً... واحتفظ بهذا اللقب حتى انتخاب النائبة سارة تيثر في العام التالي.

ولقد احتفظ لامي بهذا المقعد منذ ذلك الحين، كما أنه شغل عدة مناصب وزارية ثانوية في حكومتي بلير وبراون بين عامي 2002 و2010؛ إذ عيّنه بلير عام 2002 مساعد وزير دولة بوزارة الصحة العامة، وعام 2003 أصبح مساعد وزير دولة للشؤون الدستورية. ثم عيّن وزير دولة في وزارة الثقافة عام 2005، ثم نائب وزير دولة للابتكار والجامعات والمهارات عام 2007، وبين عامي 2008 و2010 شغل لامي منصب وزير دولة للتعليم العالي.

الابتعاد التدريجي عن اليسار

بعد خسارة حزب العمال انتخابات 2010، أيّد لامي انتخاب إد ميليباند لزعامة الحزب، لكنه لم يدخل «حكومة الظل»، مفضلاً البقاء خارج الصفوف القيادية. وخلال هذه الفترة كانت توجهات لامي السياسية لا تزال تعتبر عن قناعات يسارية، وهذا بالتوازي مع الصعود الحثيث للتيار اليساري المتشدد، الذي تجسّد عام 2015 بانتخاب اليساري المخضرم جيريمي كوربن زعيماً.

في عام 2012، أيّد لامي ترشيح عمدة لندن الكبرى اليساري كين ليفينغستون لتولي منصب رئيس بلدية العاصمة، بل كان ضمن فريق مستشاريه ومعاونيه. وبعدها، عام 2014 أعلن عن رغبته بالترشح لمنصب رئيس البلدية، وقال إنه يخطّط لخوض المنافسة عام 2016. ولكن خلال الانتخابات العامة عام 2015 أعيد انتخابه نائباً في مجلس العموم، معزّزاً غالبيته بحصوله على نسبة 67.3 من أصوات دائرته، ومتقدّماً على أقرب منافسيه بأكثر من 23560.

حتى بعد هزيمة حزب العمال في تلك الانتخابات، كان لامي واحداً من 36 نائباً رشحوا جيريمي كوربن لزعامة الحزب... وكان محسوباً أحد أصدقائه. إلا أن طموحه لرئاسة بلدية لندن تعرض لانتكاسة كبرى عندما حل رابعاً بين المرشحين العماليين في التصويت الترشيحي، وفي نهاية المطاف فاز برئاسة البلدية متصدّر المنافسين صديق خان، الذي ما زال يشغل المنصب.

عند هذه المحطة بدأ تحول لامي - وبعض أترابه من اليساريين - التدريجي نحو الاعتدال والوسط. وتجلّى هذا التحوّل في تأييده لتوليّ ستارمر، الشخصية القانونية ذات التوجهات الوسطية، خلال انتخابات الزعامة عام 2020. ويُذكر أن انتخابات عام 2019 شهدت هزيمة مريرة للعمال، أنهت حقبة كورين واليسار لمصلحة التيار الوسطي المدعوم بقوة من مناصري إسرائيل داخل الحزب. وبالفعل، أثمر ولاء لامي للزعيم الجديد - المقرب جداً من إسرائيل - وخطه السياسي عندما عيّن في «حكومة الظل» لحقيبة العدل وكبير القانونيين. ولاحقاً، في التعديل الذي أجري في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، انتقل لتولي حقيبة وزارة الخارجية في «حكومة الظل».

تعيينه وزيراً للخارجية

في أعقاب فوز العمال الساحق بالانتخابات الأخيرة، واحتفاظ لامي بمقعده في توتنهام، بشمال لندن، أسند رئيس الوزراء الجديد ستارمر إليه منصب وزير الخارجية رسمياً. وجاء هذا التعيين على الرغم من أن لجنة تحقيق اكتشفت عام 2022 ارتكابه من دون قصد مخالفة مسلكية، واضطر على الأثر إلى تقديم كتاب اعتذار عن المخالفة إلى مفوضة المعايير البرلمانية. أما على الصعيد السياسي، فمنذ تولي لامي منصبه الوزاري الجديد، كان بين أبرز مواقفه تأييده الصريح لأوكرانيا في الحرب الروسية عليها، ودعمه حرب إسرائيل ضد حركة «حماس»، وهو في هذا الشأن، على الرغم من تأييده وقف إطلاق النار في غزة، فإنه مثل ستارمر، ما زال يربطه بإطلاق جميع الرهائن.

الموقف من إسرائيل

أيضاً حول موضوع إسرائيل والقضية الفلسطينية، تجدر الإشارة إلى أن ديفيد لامي يُعد من أكثر أعضاء الحكومة العمالية الجديدة تلقياً للدعم المالي من جماعة «أصدقاء إسرائيل في حزب العمال». وهو، بعد هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) في غلاف قطاع غزة، زار إسرائيل في أواخر العام الفائت، تحديداً يوم 19 نوفمبر 2023، وهناك اجتمع برئيس الدولة الإسرائيلي إسحق هرتسوغ ووزير الخارجية إيلي كوهين.

وخلال ذلك الشهر، اعتبر لامي الغارة الإسرائيلية على أحد مخيمات اللاجئين في قطاع غزة «عملية مبرّرة». على الأثر، اتسمت بالسلبية علاقته بالشارع البريطاني المؤيد للقضية الفلسطينية، والمعارض لاستمرار الأعمال التهجيرية الدامية في القطاع، وأيضاً في الضفة الغربية. ومجدداً زار لامي إسرائيل يوم 14 يوليو (تموز) الحالي، والتقى في أثناء الزيارة بعائلات الرهائن الإسرائيليين الذين اختطفتهم «حماس»، وكرر من هناك المطالبة بوقف لإطلاق النار في غزة مشروط بالإفراج عن جميع الرهائن.

... ومن أوكرانيا

أما ما يخصّ أوكرانيا وانعكاسات حربها على المشهد الأوروبي، فكانت من أولى مهام ديفيد لامي وزياراته الخارجية بصفته وزيراً للخارجية البريطانية، اجتماعه بنظرائه: البولندي رادوسواف سيكورسكي، والألمانية آنالينا بيربوك، والسويدي توبياس بيلستروم، لمناقشة الوضع ومستجدات الحرب الروسية إلى جانب مواضيع أخرى. وحول علاقة بريطانيا - ما بعد «بريكست» (الخروج من الاتحاد الأوروبي)، شدد لامي الوزير لنظرائه الأوروبيين على أن الحكومة الجديدة في لندن حريصة على «إعادة ضبط» علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تعزيز الخطط الخاصة بالأمن المشترك، وسياسات الطاقة، وأزمة تغير المناخ، ومواجهة الجوائح والأوبئة، والهجرة غير الشرعية.

ديفيد لامي، الذي يتمتع بخبرة سياسية وقانونية كبيرة، لديه أيضاً - كما سبقت الإشارة - اهتمامات أكاديمية وثقافية. وكان قد نشر خلال نوفمبر 2011 كتاباً بعنوان «بعيداً عن الرماد: بريطانيا في أعقاب اضطراب الشوارع»، تناول فيه الاضطرابات التي اجتاحت بعض المدن الإنجليزية عام 2011. ثم نشر كتاباً ثانياً من تأليفه بعنوان «قبائل» ناقش فيه أزمة الانقسامات الاجتماعية، ومدى الحاجة إلى الانتماء. ومن جهة ثانية، ظهر مقدِّماً خلال الفترة بين عامي 2022 و2024 في برنامج تلفزيوني قبل ظهر أيام الأحد. وهنا، نشير إلى أن المعلومات الموثقة عنه تفيد بأنه تلقى بين عامي 2019 و2024 أعلى دخل مادي بين النواب العماليين، إلى جانب مرتبه نائباً في مجلس العموم. من أبرز مواقف لامي في منصبه الوزاري

تأييده الصريح لأوكرانيا في الحرب الروسية عليها،

ودعمه حرب إسرائيل ضد «حماس»