رحلة بحثية توثّق آثار الحج على معالم مكة منذ 5 عقود

جغرافيان يرصدان تفاصيل انعكاس مشهد الشعائر على تحولات أم القرى

الأمير خالد الفيصل يطلع على نسخة من كتاب «مكة المكرمة من السماء»
الأمير خالد الفيصل يطلع على نسخة من كتاب «مكة المكرمة من السماء»
TT

رحلة بحثية توثّق آثار الحج على معالم مكة منذ 5 عقود

الأمير خالد الفيصل يطلع على نسخة من كتاب «مكة المكرمة من السماء»
الأمير خالد الفيصل يطلع على نسخة من كتاب «مكة المكرمة من السماء»

في الأحداث والمناسبات الكبرى تغيب التفاصيل غير المرئية، إلا على النابهين من الباحثين ومن يكتب ويرصد بدأب وعناية ليصنع الفرق والتأثير.
وقد حذِق جغرافيان متميزان من مكة المكرمة لهذا المعنى، وانتبه البروفسور رمزي الزهراني، ومعراج ميرزا، لقيمة تلك التفاصيل، في مشهد الحج المتكرر كل عام، وقررا أن تكون رحلتهما البحثية شاهداً أميناً على تحولات أم القرى، قبلة الملايين، ومهوى أفئدة المسلمين.
يقول البروفسور رمزي الزهراني: «اعتدت لسنوات عدة مع الأخ الزميل الدكتور معراج ميرزا، التصوير السنوي المشترك لآثار قدوم موسم الحج على معالم مكة المكرمة والمشاعر، فكان كل منّا يصور من مجال اهتماماته».
إذ يركز البروفسور الزهراني على القيمة الفوتوغرافية في دعم بيانات الجغرافيا وشواهدها، من منطلق عناية الجغرافيين بطريقة استخدام المفاهيم الرئيسية، مثل الفضاء والمكان والمناظر الطبيعية، وتوظيفها في المحاضرات والأبحاث الدراسية والدورات التعليمية.

البروفسور رمزي الزهراني (الشرق الأوسط)

فيما يركز البروفسور معراج ميرزا، في تعزيز دوره وتطوير مشروعه، بوصفه أحد أشهر مراجع التاريخ المكي، وأوائل من تصدروا المشهد الجغرافي والخرائطي، مطوراً عبر رسم الحدود والخرائط، المعالم الجغرافية، ومركّزاً على التخصص البيئي لنفعه المباشر على جميع أشكال الحياة، وقد قاده اهتمامه بتوثيق ذاكرة المكان المكية إلى جمع نصف مليون صورة ورسمة عن مكة المكرمة، كان لها دورها الأصيل في إثراء المكتبة بعدد من المؤلفات التي تؤشر إلى جهوده الثمينة في رصد تطورات وتحولات الهوية الزمكانية المكية.
أثمرت تلك الجهود عن منتج نوعي عام 2015 حمل اسم «مكة المكرمة من السماء» وضم 148 صورة، في شمولية عبر محوري الزمان والمكان، وثّقت مراحل نمو مكة الأخيرة، خلال ما يزيد على نصف قرن، شهدت على أزقتها وحاراتها العتيقة، وشوارعها العصرية، ومساجدها التي تعانق السماء، وبطاحها التي تزين الأرض.

البروفسور معراج ميرزا (الشرق الأوسط)

تصوير جوي لمكة المكرمة يعود لمنتصف ستينات القرن الماضي، قاد الباحثان إلى هذه الفكرة، وأثنى عليها الملك سلمان بن عبد العزيز وأوصى باستكمال المشروع، عندما اطّلع على مسوداته الأولية في زيارة قام بها الباحثان إليه في قصر الصفا بجدة، كما تم إيداع النسخة الإنجليزية من الكتاب في إحدى أهم وكبرى المكتبات الوطنية في العالم، «المكتبة البريطانية» في لندن.
رصيد هائل من المعلومات والصور والوثائق أثمرت عنها هذه الرحلة المشتركة لجغرافيي مكة، على أمل أن ترى النور في أعمال رصينة، تزيد من ذخائر الجهد العلمي والبحثي المتعلق بمكة في مواسمها الدينية الدورية، يقول البروفسور الزهراني: «اجتمعت آلاف الصور لدى كل منّا، وما زلنا ننتظر العزيمة للاستفادة منها في أعمال مطبوعة».

غلاف كتاب «مكة المكرمة من السماء» (الشرق الأوسط)

مقالات ذات صلة

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

الخليج الأمير سعود بن مشعل أكد ضرورة تكثيف التنسيق بين كافة القطاعات لتهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

نحو تهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات وتسهيل طرق الحصول عليها وتحسين المرافق التي تحتضن هذه الشعيرة العظيمة، أعلنت السعودية عن بدء التخطيط الزمني لحج 1446هـ.

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا الحجاج المصريون النظاميون يؤدون مناسك الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)

مصر تلغي تراخيص شركات سياحية «متورطة» في تسفير حجاج «غير نظاميين»

ألغت وزارة السياحة والآثار المصرية تراخيص 36 شركة سياحة، على خلفية تورطها في تسفير حجاج «غير نظاميين» إلى السعودية.

أحمد عدلي (القاهرة)
الخليج 7700 رحلة جوية عبر 6 مطارات نقلت حجاج الخارج إلى السعودية لأداء فريضة الحج (واس)

السعودية تودّع آخر طلائع الحجاج عبر مطار المدينة المنورة

غادر أراضي السعودية، الأحد، آخر فوج من حجاج العام الهجري المنصرم 1445هـ، على «الخطوط السعودية» من مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة للطرفين عقب توقيع الاتفاقية (مجموعة السعودية)

«مجموعة السعودية» توقّع صفقة لشراء 100 طائرة كهربائية

وقّعت «مجموعة السعودية» مع شركة «ليليوم» الألمانية، المتخصصة في صناعة «التاكسي الطائر»، صفقة لشراء 100 مركبة طائرة كهربائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الثوب الأغلى في العالم بحلته الجديدة يكسو الكعبة المشرفة في المسجد الحرام بمكة المكرمة (هيئة العناية بشؤون الحرمين)

«الكعبة المشرفة» تتزين بالثوب الأنفس في العالم بحلته الجديدة

ارتدت الكعبة المشرفة ثوبها الجديد، الأحد، جرياً على العادة السنوية من كل عام هجري على يد 159 صانعاً وحرفياً سعودياً مدربين ومؤهلين علمياً وعملياً.

إبراهيم القرشي (جدة)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.