الهيئات الاقتصادية تزود الحكومة اللبنانية اليوم بخطة التعافي البديلة

اتهامات تستبق تعديلات ميقاتي لسياسات الإنقاذ المالي

مظاهرة لمودعين للمطالبة باستعادة أموالهم أمام المقر الرئيسي لـ«مصرف لبنان» أمس (إ.ب.أ)
مظاهرة لمودعين للمطالبة باستعادة أموالهم أمام المقر الرئيسي لـ«مصرف لبنان» أمس (إ.ب.أ)
TT

الهيئات الاقتصادية تزود الحكومة اللبنانية اليوم بخطة التعافي البديلة

مظاهرة لمودعين للمطالبة باستعادة أموالهم أمام المقر الرئيسي لـ«مصرف لبنان» أمس (إ.ب.أ)
مظاهرة لمودعين للمطالبة باستعادة أموالهم أمام المقر الرئيسي لـ«مصرف لبنان» أمس (إ.ب.أ)

استغرب مسؤول مالي معني، انزلاق الجدل المتصل بمذكرة السياسات الاقتصادية والمالية إلى مستوى التلويح بالتقاضي محلياً ودولياً تحت لافتة «حماية حقوق المودعين»، فيما يدرك الجميع أن حجم الفجوة المالية الذي يتعدى 75 مليار دولار يتعذر تحميله بأي مقاربة موضوعية على طرف واحد من رباعي الدولة و«البنك المركزي» والجهاز المصرفي والمودعين، بينما يهدد الاقتراح بشطب 60 مليار دولار من توظيفات المصارف لدى البنك المركزي، بتقويض النظام المصرفي ومؤسساته وتبخر الجزء الأكبر من حقوق المودعين.
ولاحظ المسؤول، أن الجدليات الجانبية المتصاعدة تتسم بالعقم عموماً، كونها تتناقض تماماً مع التوجهات الجديدة لدى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي وعد بإدخال تعديلات واقتراحات تراعي قاعدة التوزيع العادل للخسائر وتقديم صياغة منقحة للمذكرة إلى لجنة المال والموازنة، وبالتالي «يتوجب التريث إلى حين إنجاز المقترحات الجديدة والتدقيق بفاعليتها وجدواها»، علما بأن التباري الخطابي يقفز فوق الحقائق المرة لواقع شبه انعدام الملاءة المتوخاة، واقتصار الإمكانات المالية المتاحة لدى «الثلاثي» المعني بالمسؤوليات القانونية، على سيولة فعلية لا تتعدى نسبها المجمعة 20 إلى 25 في المائة من الودائع، ولا تعادل حتى التزام الحكومة بحماية 100 ألف دولار من كل حساب مصرفي.
ويزيد من حال الارتباك والتوقعات القاتمة، تركيز الاهتمامات الداخلية على الاستحقاقات الدستورية الداهمة حكومياً ورئاسياً إلى جانب ترسيم الحدود البحرية، في ظل خلافات مستحكمة تظلل هذه الملفات، مما سيؤدي حكماً إلى تأخير إضافي في رفع الملف الإنقاذي النهائي إلى إدارة صندوق النقد، وبالتالي الاستمرار بتغليب الإنكار وسياسة الهروب المتعمد من موجبات الإصلاحات الهيكلية والبنيوية كسبيل وحيد للخروج من الانهيارات الدراماتيكية المستمرة بفعل سلسلة الأزمات غير المسبوقة محليا والفريدة دولياً، والتي تكاد تقوض كامل الركائز الاقتصادية والنقدية والمالية للبلاد، ودفعت أكثر من 80 في المائة من السكان دون خط الفقر.
وفي المستجدات المتصلة، ترأس الخميس نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب اجتماعاً في مجلس النواب مع عدد من الخبراء القانونيين والمتخصصين في الشؤون المالية والاقتصادية والمصرفية وممثلين عن الهيئات الاقتصادية وجمعية المصارف والمودعين، وذلك «بهدف الاستماع إلى آراء أصحاب اختصاص يمثلون عددا من المكونات المعنية والفاعلة في الشأن الاقتصادي والمالي والمصرفي والقانوني، بالإضافة إلى ممثلين عن المودعين وجمعية المصارف والهيئات الاقتصادية تمهيداً لوضع تقرير استشاري بنهاية اللقاءات لتسهيل مسار دراسة القوانين ووضعها بتصرف النواب للاستفادة منها عند مناقشتها في اللجان النيابية المشتركة».
بدوره، كشف رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير عن إعداد خطة بديلة لخطة التعافي التي أعدتها الحكومة، وستعرضها الهيئات على رئيس الحكومة اليوم الجمعة، مؤكداً أن الكلام عن إرجاع أموال المودِعين مجرد شعارات في حال عدم السير في إنشاء صندوق سيادي.
ونوه بوجود خسائر بقيمة 80 مليار دولار، ولا أحد يجرؤ على تحملها، في حين أن توزيعها يجب أن يكون بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف، وعلى الأفرقاء الثلاثة الجلوس سوياً للبحث عن مصادر لتغطية هذه الخسائر، وأبرز الخيارات وأهمها هو إنشاء صندوق سيادي يتغذى من إدارة القطاع الخاص لمرافق الدولة، عندها ستتحسن الإيرادات بوفرة من جهة، وتعود الكفاءات اللبنانية إلى العمل في بلدها الأم.
وتوقع شقير في تصريح لوكالة الأنباء «المركزية»، أن يقبل الرئيس ميقاتي بخطة الهيئات، «كون الجانبين يتوافقان على مبدأ عدم تحميل المودِعين أي مبالغ»، مشدداً على النقطة الأهم وهي «إعادة الثقة التي تتأمن اليوم «بالقطارة»، فإذا حملنا العبء كاملاً على المودِعين فسوف نقع في مشكلة، وكذلك في حال وضعنا العبء على كاهل المصارف وحدها فهناك مشكلة كبرى، فالقطاع المصرفي قلب الاقتصاد، إذ لا اقتصاد دون قطاع مصرفي».
وفي سياق متصل، لفت أمين عام جمعية المصارف في مداخلة إلى أنه «في وقت تعيد الدولة حساباتها لناحية تصويب خطة التعافي الاقتصادي، تصر جهات أخرى تدعي الدفاع عن حقوق المودعين على اعتماد إفلاس المصارف كسبيل لإعادة الودائع، فإذا بهم يضيعون البوصلة وكأن الإفلاس هو الهدف». وأشار إلى أن «الحكومة بدأت تعي المسؤوليات من خلال تعديلات تقوم بها حاليا على خطتها السابقة، على أمل أن تأتي النتائج بقدر التوقعات». ومن التعديلات المطروحة، استحداث صندوق «التعافي» لاستعادة الودائع والذي يعتمد على مكونات عدة قد تفي بالغرض في حال ترافقت مع إصلاحات جوهرية على جميع الصعد. وفي الوقت عينه، قال: «نرى البعض يغفلون عن قصد، عن أي خطط إنقاذية وموارد مستقبلية للدولة ويضعون نصب أعينهم إفلاس المصارف لأهداف شعبوية كونها في الخط الأمامي بمواجهة المودعين».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
TT

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

حدد رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، موقف الكرد من الصراع الجاري في المنطقة بطريقة تبدو مختلفة عن خيارات القوى السياسية في بغداد، لا سيما من الحرب الدائرة في المنطقة.

وفي لقاء له مع قناة «سكاي نيوز عربية»، الثلاثاء، أكد بارزاني أن العراق «هو المتضرر في حال جره للحرب في المنطقة». وأضاف أن «العلاقة بين أربيل وبغداد جيدة، مع أن بعض الملفات العالقة لا تزال طور النقاش لحلها، من بينها حصة الإقليم من النفط».

وقال بارزاني: «ليس من مصلحتنا أي توتر مع إيران وتركيا والعلاقات طبيعية مع الطرفين»، مؤكداً أنه «لم يكن في برنامجنا أبداً توتر العلاقات مع تركيا وإيران، لكن لن نسمح لأي أحد بأن يتدخل في شؤوننا».

ولفت بارازني إلى أن «المعارضة الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان لم تتدخل وتستمع للتعليمات، بينما (حزب العمال الكردستاني) يتدخل ولا يستمع للتعليمات».

العراق وطبول الحرب

وبشأن طبول الحرب التي تقرع في المنطقة وطريقة تعاطي العراق الرسمي والعراق الموازي المتمثل بالفصائل المسلحة الموالية لإيران، قال بارزاني إن «العراق هو المتضرر من جره للحرب الحالية في المنطقة».

ومع أن بارزاني لم يخض في تفاصيل موقف العراق من الحرب، لكنه عبَّر عن رأي كردي منسجم مع موقف الحكومة العراقية سواء على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أو وزير الخارجية فؤاد حسين، لكنه انتقد صراحة «الفصائل المسلحة التي لا تزال تهدد بالرد على إسرائيل في حال تنفيذها هجوما على العراق».

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أعلن، الأحد الماضي، خلال كلمة له بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الدبلوماسية العراقية أن إسرائيل باتت تبحث عما سماها «ذرائع واهية لضرب العراق»، مبيناً أنه وجَّه وزارة الخارجية للتعامل مع الأمر، وفق الأطر الدبلوماسية.

مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي والسفيرة الأميركية لدى العراق إلينا رومانسكي خلال لقاء الأحد (واع)

وكانت السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي التي انتهت مدة عملها في العراق، قد حذرت من إمكانية أن تقوم إسرائيل باستهداف العراق قائلة: «أود أن أكون واضحة جداً من البداية. الإسرائيليون أدلوا بتحذيرات ردع على الميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل».

وأضافت أن «هذه الميليشيات هي من بدأت في الاعتداء على إسرائيل، وأكون واضحة جداً لهذه النقطة وأن الإسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات من اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل».

وتابعت السفيرة بالقول: «رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة التي لا تنصاع لأوامر الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، وأن إسرائيل أمة لها سيادتها، وستقوم بالرد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

خطر الانسحاب الأميركي

وعن موقفه من الوجود الأميركي في العراق، قال بارزاني إن «(داعش) لا يزال يشكل تهديداً جدياً، وانسحاب قوات التحالف مشكلة من دون تجهيز الجيش العراقي والبيشمركة».

ويعد موقف بارزاني أول موقف كردي بهذا الوضوح بعد سلسلة مباحثات أجرتها الحكومة العراقية طوال هذا العام مع الأميركيين بشأن إعادة تنظيم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية والتي تتضمن انسحاب ما تبقى من القوات الأميركية من العراق والعودة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين بغداد وواشنطن عام 2008.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف بارزاني من الانسحاب الأميركي يمثل مخاوف كثير من القوى السياسية وحتى الشارع العراقي في أن يكون العراق جزءاً من ساحة حرب».

وأضاف فيلي أن «هذه الحرب لا بد أن يكون لمن يشترك فيها اصطفاف لصالح طرف ضد آخر، وهو ما يتناقض مع الدستور العراقي وتصريحات كبار مسؤوليه في أن العراق لا يمكن أن يكون ساحة للحرب في المنطقة بين قوتين وهما أميركا وإيران».

وأوضح فيلي أن «العراق لا يزال يواجه تحديات داخلية في المقدمة منها التنظيمات الإرهابية، وأن قوات التحالف الدولي تمثل ضمانة أمنية»، وأشار إلى أن «الكرد يخشون من غياب قوات التحالف؛ لأنهم يرون أن وجود بعض الأطراف المسلحة في بعض المناطق المتنازع عليها سيشكل تهديداً لهم بعد الانسحاب الأميركي».