أعلى حصيلة شهرية للقتلى في سوريا على وقع خسائر النظام الميدانية

230 مشاركًا في مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية الأسبوع المقبل

امرأة سورية تعمل في حقل بقرية معارشمشة تحمل على رأسها أكياسا من محصول القمح الذي يتهدده القصف الجوي (رويترز)
امرأة سورية تعمل في حقل بقرية معارشمشة تحمل على رأسها أكياسا من محصول القمح الذي يتهدده القصف الجوي (رويترز)
TT

أعلى حصيلة شهرية للقتلى في سوريا على وقع خسائر النظام الميدانية

امرأة سورية تعمل في حقل بقرية معارشمشة تحمل على رأسها أكياسا من محصول القمح الذي يتهدده القصف الجوي (رويترز)
امرأة سورية تعمل في حقل بقرية معارشمشة تحمل على رأسها أكياسا من محصول القمح الذي يتهدده القصف الجوي (رويترز)

قتل 6657 شخصا في سوريا خلال شهر مايو (أيار)، معظمهم من قوات النظام والمعارضة الذين خاضوا معارك عنيفة على أكثر من جبهة، في حصيلة هي الأعلى منذ بداية العام، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان الاثنين.
ويأتي الإعلان عن حصيلة القتلى هذه بعد خسائر ميدانية منيت بها قوات النظام في الأسابيع الأخيرة في مناطق عدة، ما يعيد رسم خريطة النزاع المستمر منذ أكثر من أربع سنوات ويزيد من تعقيداته.
وقال المرصد إن 6657 شخصا قتلوا خلال مايو الماضي، بينهم 1285 مدنيا، 272 منهم من الأطفال. وأحصى مقتل 793 من مقاتلي المعارضة والأكراد السوريين، و2109 مقاتلين من جبهة النصرة وتنظيم داعش، و2450 قتيلا في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها وحزب الله اللبناني.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن «حصيلة القتلى هذه هي الأعلى منذ بدء العام الحالي في سوريا».
من جهه اخرى، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الدوري عن الضحايا لشهر مايو (أيار)، الذي وثقت فيه مقتل 2223 شخصًا على يد الجهات الرئيسية الفاعلة في سوريا. وتميز هذا الشهر بارتفاع كبير في حصيلة الضحايا المدنيين الذين قتلوا من قبل تنظيم داعش، بلغ 197 شخصًا. كذلك الشهر الأعلى في نسبة سقوط ضحايا مدنيين سوريين بقصف لقوات التحالف الدولي، غير أن القوات النظامية لا تزال تتفوق على جميع الأطراف بـ100 ضعف على الأقل بحسب التقرير.
ولم يشمل التقرير الضحايا من القوات الحكومية والضحايا من تنظيم داعش، لعدم وجود معايير يمكن اتباعها في ظل حظر وملاحقة السلطات السورية وقوات تنظيم داعش لفريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان. وتحدث عن قيام القوات الحكومية والميليشيات الموالية لها بقتل 1713 شخصًا، يتوزعون إلى: 1381 مدنيًا، بينهم 236 طفلاً، و186 سيدة، و82 شخصًا بسبب التعذيب، و332 مسلحًا. وأشار إلى أن نسبة الضحايا من الأطفال والنساء بلغت 31 في المائة من أعداد الضحايا المدنيين، ما يدل على استهداف متعمد للمدنيين من قبل القوات الحكومية. من جهة أخرى وثق التقرير مقتل 14 مدنيًا على يد قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، بينهم 4 أطفال، و4 سيدات.
وتوزع عدد الضحايا الـ305 أشخاص الذين قتلوا على يد الجماعات المتشددة كالتالي:
201 شخص على يد تنظيم داعش، 104 من مسلحي فصائل المعارضة، 197 ضحية منهم من المدنيين، إضافة لـ9 أطفال، و8 نساء. أما تنظيم جبهة النصرة فقد وثق التقرير تسببه بمقتل 4 مدنيين، بينهم طفل وشخص واحد بسبب التعذيب.
وقدم التقرير إحصائية الضحايا الذين قتلوا على يد عناصر فصائل المعارضة المسلحة، وبلغت 102 مدني، بينهم 31 طفلاً، و15 سيدة، وشخص واحد بسبب التعذيب.
ووثق التقرير قيام قوات التحالف بقتل 68 مدنيًا، بينهم 32 طفلاً، و19 امرأة خلال شهر مايو.
كذلك وثق مقتل 21 شخصًا، بينهم 5 أطفال، و4 نساء، قتلوا إما غرقًا في مراكب الهجرة، أو في حوادث التفجيرات التي لم تستطع الشبكة السورية لحقوق الإنسان التأكد من هوية منفذيها، أو على يد مجموعات مسلحة مجهولة بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
في سياق آخر، كشف مصدر من اللجنة التحضيرية لمؤتمر القاهرة للمعارضة السورية الذي سيُعقد في الثامن من الشهر الجاري عدد السوريين المدعوين لحضور هذا المؤتمر، وقال: إن «نحو نصفهم من الشخصيات والقوى الديمقراطية المشهود لها».
وقال المصدر لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء «سيكون هناك 230 مدعوًا لمؤتمر القاهرة الذي سيُعقد تحت اسم (المؤتمر الوطني للمعارضة من أجل حل سياسي في سوريا)، والقائمة الأهم من بينهم هي قائمة المستقلين والشخصيات والقوى الديمقراطية المشهود لها والتي ستشمل نحو مائة مدعو»، وفق قوله.
وأضاف أنه «من أصل 230 شخصًا، سيكون هناك 34 مشاركا من هيئة تنسيق قوى التغيير الديمقراطي، وقرابة الأربعين من الائتلاف والمقربين منه، أما الأكراد فقد حرصوا على قائمة مستقلة من 22 اسما، لكنها تشمل المجلس الوطني الكردي وأحزابا وشخصيات معارضة للإدارة الذاتية أيضا»، بحسب تأكيده. ونفى المصدر أن يكون لهيئة التنسيق أو للائتلاف، أي أفضلية على أي من الشخصيات والقوى المدنية والأهلية أو التيارات السياسية الأخرى التي ستحضر المؤتمر.
ومن المرتقب أن تصل شخصيات المعارضة السورية وممثلو التيارات والقوى المعارضة إلى القاهرة في السابع من الشهر الجاري، على أن تستمر أعمال المؤتمر يومين، ويغادر المجتمعون القاهرة في العاشر منه. ويأمل القائمون على المؤتمر أن يتمكن حضور مؤتمر القاهرة من التوافق على برنامج الحل السياسي للأزمة السورية، وينفون في الوقت نفسه، نيّة خلق إطار سياسي جديد للمعارضة، ولا إيجاد بديل عن أي تيار معارض، ولا قيادة جديدة، إنما خلق قوة مساعدة لكل هؤلاء، ويؤكدون على أن جدول الأعمال المرسوم ومحتويات وثائق المؤتمر تؤكد ذلك.
في طهران، رحب رئيس مجلس الشعب السوري جهاد اللحام الاثنين «بالدور الفعال» الذي لعبه حلفاء دمشق، خصوصا إيران، في مواجهة المعارضة المسلحة والعقوبات الدولية التي تستهدف نظام الرئيس بشار الأسد.
وتعد إيران الحليف الإقليمي الرئيسي للنظام السوري الذي تقدم له طهران دعما ماليا وعسكريا مهما. وعلى غرار دمشق تعتبر إيران المعارضة المسلحة و«الجهاديين» «إرهابيين».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.