«الرئاسي» الليبي يدعو إلى مؤتمر دولي لحسم خلافات الأفرقاء

سارع المجلس الرئاسي الليبي بإطلاع الأطراف الدولية على فحوى خطته «لحل الانسداد السياسي» في البلاد، من خلال لقاء جمع النائب بالمجلس موسى الكوني وسفير ألمانيا الاتحادية لدى ليبيا ميخائيل أونماخت، والدعوة إلى مؤتمر دولي لحسم الخلافات بين الأفرقاء كافة.
واتجهت الأزمة الليبية لمزيد من التعقيد، بعد فشل المباحثات التي أجراها مجلسا: «النواب» و«الأعلى للدولة» بالقاهرة وجنيف، في التوافق على بعض المواد الخلافية بالدستور التي من شأنها التمهيد لإجراء انتخابات رئاسية ونيابية، وإرجاء المناقشات لما بعد عيد الأضحى.
وقال الكوني إن السفير الألماني لدى ليبيا الذي التقاه في طرابلس أمس (الثلاثاء): «نقل رسالة دبلوماسية تؤكد استمرار دعم بلاده للمجلس الرئاسي لتحقيق الاستقرار في ليبيا، والوصول إلى الانتخابات التي يتطلع لها الشعب».
وأضاف المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، أن الكوني «شدد على ضرورة الاستمرار في المسار السياسي الذي رعته ألمانيا خلال مؤتمري برلين (1 و2) لجمع الأفرقاء الليبيين، واقتراح خريطة طريق تسمح بخروج ليبيا من أزمتها، كي لا تعود إلى المربع الأول»، وشدد على «ضرورة دعم المجتمع الدولي جهود ألمانيا في هذا الاتجاه، والدعوة إلى مؤتمر دولي آخر جامع، لحسم نقاط الخلاف أو النقائض بين الأطراف السياسية».
وتمحورت نتائج مؤتمر «برلين 1» الذي استضافته ألمانيا في 18 و19 يناير (كانون الثاني) عام 2020، حول التزام القوى الدولية التام بسيادة واستقلال ووحدة ليبيا. والامتناع عن التدخل في الصراع المسلح، أو في الشأن الداخلي الليبي، بالإضافة إلى حظر توريد السلاح، ودعم عملية سياسية تقودها ليبيا وتملك زمامها، لإنهاء الصراع وتحقق سلام دائم.
وبعد قرابة 6 أشهر من هذا المؤتمر الحاشد، عُقد «برلين 2» الذي شدد على ضرورة خروج القوات الأجنبية و«المرتزقة» من ليبيا دون تأخير، وإجراء انتخابات نزيهة؛ لكن شيئاً من ذلك لم يحدث.
ورأى الكوني، في لقائه بالسفير الألماني، أن المؤتمر المنشود، والذي قال إن «جميع الأطراف السياسية ستكون ممثلة فيه، ستعود فيه الكلمة للشعب»، متعهداً التزام المجلس الرئاسي «بتلبية تطلعات الليبيين، بإجراء الانتخابات وفق إطار دستوري، لانتخاب برلمان الشعب، ورئيس الشعب في أقرب وقت، باعتباره الطريق لإنهاء المراحل الانتقالية، وتحقيق الاستقرار المنتظر».
ويرى سياسيون ليبيون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن حالة الاحتقان الشعبي التي دفعت المواطنين للاحتجاج والتهديد بالاعتصام، لمطالبة الأجسام السياسية كافة بالاستقالة، كانت دافعاً لتحرك المجلس الرئاسي للدخول على خط الأزمة، وإطلاق خطة للتقريب بين الأفرقاء السياسيين؛ لكنها أشارت إلى أنه بهذا المقترح «فقد أتى على المساعي التي ترعاها الأمم المتحدة بين مجلسي النواب و(الأعلى للدولة)، وبالتالي بات من الصعب تجمِيع القيادات السياسية على طاولة حوار واحدة، ومن ثمّ زاد الأمور تعقيداً».
وعلى الرغم مما طرحه المجلس الرئاسي، يتمسك «تيار بالتريس الشبابي» الذي يقف وراء المظاهرات التي شهدتها البلاد خلال الأسبوع الجاري، بضرورة استقالة جميع قادة الأجسام السياسية كافة من مناصبهم، والقضاء على منابع الفساد، لافتاً إلى أنه لم يحصل على الموافقة الأمنية للتظاهر في «ميدان الشهداء» بوسط العاصمة طرابلس، بضغط من سمّاهم «بعض الجهات السارقة للمال العام».

ويعد التوسع في الإنفاق الحكومي من بين أسباب الاحتقان والغضب الشعبي، بين فئات عديدة من الشعب، بالنظر إلى معاناة المواطنين في الحصول على رواتبهم الشهرية المتأخرة التي تأخر ضخها في البنوك.

في مقابل ذلك، كشفت وزارة المالية التابعة لحكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أمس، عن بلوغ إجمالي الموارد المالية العامة قرابة 57 مليار دينار، وإجمالي النفقات 36 ملياراً عن الفترة من يناير إلى نهاية يونيو (حزيران) الماضي، بحسب تقرير «الإفصاح والشفافية» الذي لفت إلى أن نفقات الجهات التشريعية والتنفيذية المتمثلة في المرتبات والنفقات تجاوزت المليار دينار. بينما سجلت ليبيا خسائر بلغت 3.5 مليار دولار بسبب إغلاق حقول وموانٍ للنفط.
وسبق للمجلس الرئاسي الكشف عن إجراءات تتعلق بخطته لحل الأزمة الليبية، وقال إنه سيجري «مشاورات عاجلة مع الأطراف السياسية، لتحقيق التوافق على تفاصيلها، وإطلاقها فيما بعد في شكل خريطة طريق واضحة المسارات والمعالم»، لافتاً إلى أن ذلك من شأنه أنه قد «ينهي المراحل الانتقالية، عبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في إطار زمني محدد، ويدفع في اتجاه توافق وطني حول مشروع التغيير».
وكان مجلس النواب بطبرق، قد أقر «خريطة طريق» للمرحلة المقبلة، في مطلع فبراير (شباط) الماضي، تضمنت إجراء الانتخابات خلال مدة لا تتجاوز 14 شهراً من تعديل الإعلان الدستوري.