القضاء التونسي يدعو الغنوشي للتحقيق... و«النهضة» تتهم السلطة بالتلفيق

بشبهة تهريب الأموال عن طريق جمعية خيرية

زعيم «حركة «النهضة» والبرلمان المنحل راشد الغنوشي (رويترز)
زعيم «حركة «النهضة» والبرلمان المنحل راشد الغنوشي (رويترز)
TT

القضاء التونسي يدعو الغنوشي للتحقيق... و«النهضة» تتهم السلطة بالتلفيق

زعيم «حركة «النهضة» والبرلمان المنحل راشد الغنوشي (رويترز)
زعيم «حركة «النهضة» والبرلمان المنحل راشد الغنوشي (رويترز)

كشف مصدر من حزب حركة «النهضة» التونسية، أمس، عن دعوة زعيم الحركة والبرلمان المنحل، راشد الغنوشي، من قبل القطب القضائي لمكافحة الإرهاب للتحقيق في علاقته بتمويلات تلقتها «جمعية نماء» الخيرية وشبهات بغسل أموال. بينما وجه القضاء إخطاراً للغنوشي للمثول أمام قاضي التحقيق بصفته متهماً.
وقالت «اللجنة التونسية للتحاليل المالية» التي يرأسها محافظ البنك المركزي التونسي، إنها أذنت لكل البنوك التونسية والديوان التونسي للبريد بتجميد أموال الغنوشي، وابنيه، وصهره رفيق عبد السلام، وزير الخارجية التونسي السابق، وحمادي الجبالي، الأمين العام السابق للحركة، ورئيس الحكومة التونسية السابق، وابنتيه، وزوج ابنته.
ويندرج هذا القرار ضمن الاتهامات الموجهة لعدد من قيادات «النهضة» بتلقي أموال من «جمعية نماء تونس»، والتصرف فيها بطريقة غير شرعية.
وفي أول رد فعل لها على هذه التطورات، اعتبرت الحركة أن «حشر اسم رئيسها راشد الغنوشي في قضية (جمعية نماء تونس) يندرج في سياق التشويه، وتلفيق التهم الكيدية بغاية خلق حالة استقطاب، وتخويف الناس من مغبة فشل الاستفتاء على الدستور، والإيهام بعودة حركة (النهضة) إلى السلطة، رغم تفنيد الواقع السياسي لذلك».
وجاء في بلاغ أصدرته «النهضة» تعقيباً على قرار تجميد رصيد رئيسها الغنوشي، في إطار التحقيقات المتعلقة بقضية تهريب الأموال عن طريق «جمعية نماء تونس»، أن الحركة «عازمة على استعادة المسار الديمقراطي، وليس العودة إلى السلطة، أو العودة إلى ما قبل 25 يوليو (تموز) 2021».
أما بخصوص الاتهامات التي وُجهت إلى الحركة، فقد أوضح سامي الطريقي، محامي راشد الغنوشي، أن قرار التجميد «قرار سياسي؛ لأن هيئة الدفاع لا علم لها بمختلف هذه التطورات؛ بل إنها علمت بالملف عن طريق وسائل الإعلام، بعد أن باتت هي آخر من يعلم»، مضيفاً أن قاضي التحقيق اتخذ قرار التجميد قبل الاستماع لموكله في ملف «جمعية نماء تونس». كما أكد أن إقحام اسم الغنوشي في هذه القضية هو «تسليط الضغط السياسي ضده».
من ناحيته، ندد رفيق عبد السلام، وزير الخارجية السابق، وصهر زعيم «النهضة»، بقرار تجميد رصيده البنكي من قبل القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، وقال إنه لا يمتلك في رصيده البنكي سوى 1700 دينار تونسي فقط (نحو 560 دولاراً).
وسبق أن نشرت صحيفة محلية تحقيقاً كشفت فيه عن حجم ثروة الغنوشي، مؤكدة تصدره قائمة أثرياء تونس بثروة لا تقل عن 2700 مليون دينار تونسي (نحو مليار دولار). واتهمته بالوساطة في تهريب الأسلحة إلى ليبيا المجاورة، والمتاجرة بجوازات السفر، علاوة على تهريب المتطرفين، والحصول على عائدات مالية خيالية، وهي الاتهامات التي نفتها حركة «النهضة»، قائلة إنها سترفع شكوى ضد الصحيفة وتتابعها قضائياً، ومؤكدة أن ما تم نشره حول امتلاك الغنوشي لهذه الأموال المذكورة «زور وبهتان وتضليل وتشويه، يستهدف الحزب وزعيمه».
على صعيد متصل، اعتبرت سعيدة قراش، المستشارة السابقة للرئيس الباجي قائد السبسي، أنه من السذاجة السياسية الاعتقاد بأن التخلص من حركة «النهضة» مرتبط بالتصويت لمشروع الدستور الجديد. وقالت إن «(النهضة) كيان سياسي عقائدي موجود، وسيفوز بنسبة من الأصوات مهما كان النظام السياسي، والصراع معها لن ينتهي بالنصوص القانونية»، موضحة أن الحركة «لم تعبِّر إلى الآن عن موقف محدد من فصول الدستور؛ بل اكتفت بالتعبير عن مقاطعتها له، نظراً لعدم اعترافها بالمسار؛ لأن الدستور المقترح جاء بما عجزت عن تحقيقه خلال العشرية الماضية، من حيث تركيز المرجعية الدينية للدولة، والتأسيس لحكم... فيه تجميع للسلط بين يدي الرئيس، دون رقابة ولا محاسبة»، على حد قولها.
في غضون ذلك، نشرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات القائمة النهائية للأطراف المشاركة في حملة استفتاء 25 يوليو الحالي. وضمت القائمة 148 مشاركاً موزعين بين أشخاص طبيعيين، وأحزاب وجمعيات وائتلافات حزبية وشبكات جمعيات. وتوزعت الأطراف المشاركة بين 7 معارضين للاستفتاء، وهي تتكون من 6 أحزاب وشبكة جمعيات واحدة، في حين أن داعمي الاستفتاء لا يقل عددهم عن 141 مشاركاً، موزعين بين أحزاب وجمعيات، وأشخاص طبيعيين، وائتلاف حزبي، وأشخاص طبيعيين.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

ماذا ينتظر الليبيون من إحاطة خوري أمام «مجلس الأمن»؟

خوري في لقاء سابق مع ممثلي الأحزاب السياسية الليبية (البعثة الأممية)
خوري في لقاء سابق مع ممثلي الأحزاب السياسية الليبية (البعثة الأممية)
TT

ماذا ينتظر الليبيون من إحاطة خوري أمام «مجلس الأمن»؟

خوري في لقاء سابق مع ممثلي الأحزاب السياسية الليبية (البعثة الأممية)
خوري في لقاء سابق مع ممثلي الأحزاب السياسية الليبية (البعثة الأممية)

تستعرض القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري، الاثنين، إحاطتها الدورية الرابعة أمام مجلس الأمن الدولي عن الأوضاع بالساحة الليبية.

ويتطلع الليبيون إلى أن تحمل هذه الإحاطة المرتقبة، مبادرة أو خريطة طريق تنهي حالة الجمود والانسداد الراهنين اللذين تمر بهما العملية السياسية والدفع قدماً نحو إجراء الانتخابات.

وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، أجرت المبعوثة الأممية بالإنابة لقاءات ومباحثات مكوكية مع الأطراف الرئيسية والفاعلة بالساحة الليبية وسفراء غربيين، وهو ما عدّ محاولة لتأسيس أرضية من التوافق وحشد الدعم لمبادرتها المرتقبة التي قد تعلنها أمام مجلس الأمن.

ورغم هذا الجهد المرصود، فإن توقعات وآراء سياسيين ومراقبين حيال ما ستطرح خوري، انقسمت بين مَن ذهب إلى أنها ستعتمد على آليات مشابهة سبق واعتمدها أسلافها من المبعوثين الأمميين وبالتبعية سينتهي مآلها مثل مبادراتهم بـ«التعثر أو الفشل»، ومَن عوّل على تدشينها مساراً جديداً يمهد فعلياً لإجراء الانتخابات.

عضو مجلس النواب الليبي، جلال الشويهدي، انضم للطرح الأول، مستبعداً «أن تحقق خوري أي جديد بالمشهد السياسي». وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» توقع أن تعتمد خوري «آليات مشابهة لما اعتمدته المبعوثة السابقة، ستيفاني وليامز، وهي تشكيل لجنة حوار سياسي تضم أعضاء من مجلسي النواب والأعلى للدولة، بالإضافة إلى مشاركة ممثلي مكونات وتيارات أخرى بالمجتمع، وهو ما لن يؤدي لأي اختراق حقيقي».

وكانت وليامز رعت «ملتقى حوار سياسي» أسفر عن انتخاب حكومة «الوحدة الوطنية» والمجلس الرئاسي. إلا أنه فشل في إحراز توافق حول الإطار القانوني للانتخابات مما زاد من تعقيد المشهد السياسي.

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية، وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني»، خليفة حفتر.

بالمقابل ووفقاً لقراءاته للقاءات التي عقدتها خوري قبل إحاطتها، يتوقع عضو مجلس الأعلى للدولة، علي السويح، أن تمهّد تلك الإحاطة «لمسار ومشهد سياسي جديد».

وقال السويح لـ«الشرق الأوسط» إن البعثة أعلنت عبر بياناتها الأخيرة عزمها إطلاق عملية سياسية شاملة؛ وخوري تبدو جادة في مسعاها؛ و«لكنها في الأغلب لن تتجه لتشكيل لجنة حوار سياسي كما يردد بعضهم، وإنما لجان فنية، تضم خبراء بمجالات عدة لدراسة وتجاوز العقبات التي تعترض إجراء الانتخابات».

وأضاف: «ربما ستكون هناك لجنة لحسم الخلاف والجدل حول القوانين الانتخابية التي أنتجتها لجنة (6+6) المشتركة من أعضاء مجلسي (النواب) و(الدولة)، التي أقرها البرلمان قبل أكثر من عام، وأيضاً لجان اقتصادية وأمنية»، متابعاً: «تلك اللجان ستقدم توصيات تتبنى البعثة تنفيذها لاحقاً بالتنسيق مع الجهات المعنية».

من جهته، أكد المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، أن «المجتمع الدولي عبر البعثة الأممية، سيضع ضمانات تستهدف الوصول إلى إجراء الانتخابات رئاسية وتشريعية بالبلاد، قبل أن يسمح بتشكيل تلك الحكومة، مع الحرص بالوقت ذاته على عدم حدوث أي اختراق للآلية التي سيتم من خلالها اختيار رئيس تلك الحكومة».

ويتوقع محفوظ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «لن يُسمح بأن تكون الحكومة المقبلة تكراراً لصفقة تقاسم السلطة بين فرقاء الأزمة سرعان ما تنهار ويتجدد الخلاف بينهم».

ووفقاً لرؤيته فإن خوري «قد تعلن عن خريطة طريق يتم تنفيذ مراحلها بداية العام المقبل، من بينها تشكيل لجنة محدودة العضوية، تنحصر مهمتها في إحداث التوافق المفقود حول القوانين الانتخابية، وتشكيل الحكومة».

ورغم ما عقدته خوري من لقاءات مع عدد من السفراء الغربيين في محاولة لحشد الدعم الدولي لمبادرتها المرتقبة، يرى محفوظ أن ذلك «لن يقلل من حجم التحديات التي ستواجهها».

بدوره، أشار مدير «مركز الأمة للدراسات الاستراتيجية»، محمد الأسمر، إلى أن الدول الغربية الداعمة لخوري وتحديداً بريطانيا «قد تعزز مبادرتها بطرح مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي بمواجهة معرقلي العملية السياسية في ليبيا بعقوبات رادعة».

ويرى الأسمر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن إحاطة خوري ربما تتضمن تشكيل «لجنة رفيعة المستوى تضم ممثلين عن الحكومتين ومجلسي النواب والدولة والجيش الوطني، وممثلي بعض التيارات السياسية والثقافية والاجتماعية تضطلع في الأغلب بمهمة تشكيل الحكومة».

وبغض النظر عن شكل الحكومة المقبلة سواء من السياسيين أو التكنوقراط، يشدد الأسمر على أن عمر ولايتها يجب ألا يقل عن عامين، وأشار إلى «الحاجة لمعالجة البنود الخلافية في القوانين الانتخابية؛ الذي قد يستغرق الكثير من الوقت، ثم إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور، كما تنادي بعض الأصوات، بالإضافة لمحاولة توحيد القوى العسكرية والأمنية».