الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي: القرعة الإلكترونية كرّست العدالة في اختيار الحجاج

قال لـ «الشرق الأوسط» إن السعودية تراعي اختلاف ثقافات ضيوف الرحمن لتسهيل أدائهم للمناسك

الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه (الشرق الأوسط)
الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه (الشرق الأوسط)
TT

الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي: القرعة الإلكترونية كرّست العدالة في اختيار الحجاج

الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه (الشرق الأوسط)
الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه (الشرق الأوسط)

قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، إن نجاح مواسم الحج كل عام رسالة واضحة لكل من يشكك في دور السعودية الريادي في خدمة الحرمين الشريفين والحجاج وزوار الحرمين.
وأوضح طه، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن حزمة الأنظمة الذكية التي استحدثتها السعودية تتيح للراغبين في تأدية مناسك الحج التسجيل مباشرة للحصول على التأشيرات اللازمة، مروراً بالقرعة الإلكترونية التي تكرّس العدالة في اختيار الراغبين في الحج بما يتوافق مع حصة كل بلد من الحجاج، ونظام المسار الإلكتروني لحجاج الداخل والخارج على حد سواء بما يوفره من شفافية ومقدرة رقابية؛ وهذا ما دأبت عليه الحكومة السعودية منذ تأسيسها لرعاية الحاج، وسقايته، ورفده، وإعانته، والاهتمام العام بشؤون ضيوف الرحمن لتمكينهم من أداء مناسكهم على أكمل وجه.
وعن اللقاءات التي عقدها مع الجانب الأميركي، قال طه، إن الحوار أُعد له منذ عامين، وتضمن جدوله العديد من القضايا، منها القضية الفلسطينية وأفغانستان، وقضايا الإسلاموفوبيا، ووضع المجتمعات والأقليات المسلمة في الدول غير الأعضاء، ومقاومة التطرف والإرهاب، والصحة والمناخ، موضحاً أن هذا الحوار أتاح للوفد عكس مواقف المنظمة وإبراز قراراتها بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.

خدمات الحجاج
وقال طه، إن خدمة الحجاج والمعتمرين من أسمى الخدمات التي تعتز بها السعودية، وهي دولة مقر منظمة التعاون الإسلامي، بتقديمها، وتعمل على بذل الجهود كافة لضمان تغطية احتياجات الحجاج وتقديم التسهيلات لهم من خلال إجراءات تنظيمية متناغمة ومتناسقة، وحزمة من الأنظمة الذكية بدءاً من استحداث بوابة إلكترونية حكومية تتيح للراغبين في تأدية مناسك الحج التسجيل مباشرة للحصول على التأشيرات اللازمة، مروراً بالقرعة الإلكترونية التي تكرس العدالة في اختيار الراغبين في الحج بما يتوافق مع حصة كل بلد من الحجاج، ونظام المسار الإلكتروني لحجاج الداخل والخارج على حد سواء بما يوفره من شفافية ومقدرة رقابية على متابعة التنفيذ ومدى التزام كل جهة بتنفيذ مسؤولياتها تحت إشراف وزارة الحج والعمرة؛ وذلك حماية لحقوق الحجاج، إضافة إلى الرعاية الصحية الشاملة التي تقدمها السعودية واتخاذ إجراءات احترازية صحية تتناسب مع تداعيات جائحة كورونا؛ وذلك لضمان توفير الرعاية الصحية اللازمة لضيوف الرحمن.

الدور السعودي
يقول طه، لقد دأب قادة هذه البلاد منذ تأسيسها على رعاية الحاج، وسقايته، ورفده، وإعانته، والاهتمام العام بشؤون ضيوف الرحمن لتمكينهم من أداء مناسكهم على أكمل وجه، إضافة إلى عمارة الحرمين الشريفين، وتطويرهما، وتقديم كل الإمكانات، في سبيل الاعتناء بضيوف بيت الله الحرام، ومسجد رسوله، في جو من الطمأنينة والراحة، موضحاً أن الاهتمام بمناسك الحج والعمرة يأتي في إطار ما يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، من رعاية واهتمام بالغين بخدمات الحج لضيوف الرحمن بما يعكس الصورة المشرفة للمملكة في خدمة الحرمين.
وتابع طه، إن شمولية «رؤية المملكة 2030» لخدمة الحرمين الشريفين وزواره ضمن خططها يعزز من مشاريع التطوير العظيمة ومستوى الخدمات المقدمة للحجاج. فجودة هذه الخدمات المتطورة التي نراها في المشاعر المقدسة تجسد مدى الاهتمام وحجم الرعاية التي ينالها الحجاج من المملكة حكومةً وشعباً.

نجاح الحج
يرى طه، أنه ومن خلال السياسات المتبعة في تنظيم مناسك الحج والعمرة، يتضح جلياً أن السعودية تراعي اختلاف وتنوع ثقافات ولغات الحجاج عبر مقاربة شاملة تستهدف تسهيل أدائهم للمناسك دون عوائق، فعلى سبيل المثال، تعمل السلطات السعودية على طباعة وتوزيع كتب المناسك بلغات الحجيج كافة منذ لحظة وصولهم الأراضي السعودية، بجانب توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين من المصحف الشريف والترجمة الخاصة به، إضافة إلى بعض الكتب الإرشادية عند مغادرتهم، كما استحدثت المكتبة الإلكترونية الإسلامية، والتي تحوي جميع إصدارات الوزارة المكتوبة والمقروءة والمسموعة من كتب الحج والعمرة، والتعريف بالإسلام والقرآن الكريم والسنّة النبوية بلغات مختلفة تصل لنحو 50 لغة.
وقال، إنه لا ينسى ما جرى رفعه من عدد اللغات للإرشاد المكاني والزماني والثقافي بالمسجد الحرام إلى أكثر من 25 لغة، والحديث لطه الذي قال، إن ذلك يأتي تحت شعار «نشر الهداية للعالمين»، وترجمة لخطبة عرفة عن طريق لغة الإشارة وبـ10 لغات رئيسية، وهي (الصينية، والإنجليزية، والفرنسية، والأوردو، والفارسية، والملايوية، والتركية، والروسية، والهوساوية، والبنغالية) عبر تطبيق على الهواتف النقالة وغيره لإتاحة الفرصة للمسلمين من جميع أنحاء العالم للاستفادة من الخطبة. وبما يتماشى مع التنوع الثقافي والمعرفي لدى زوار بيت الله الحرام.

خدمة الحجاج ورعاية الحرمين
هنا يشدد طه، على أن السعودية استطاعت بكل أجهزتها المعنية العمل على قدم وساق وفق خطة عمل واضحة من أجل إنجاح موسم الحج وتحقق ذلك، مع توفير الرعاية اللازمة لخدمة ضيوف الرحمن، بداية من تسهيل وصولهم إلى الأماكن المقدسة، ومن ثم العمل بشكل جاد من أجل تيسير أدائهم للمناسك المختلفة، وبرهنت المملكة على ذلك بتقديمها أجود الخدمات لضيوف الرحمن التي تزداد وتتحسن كل عام.
وأضاف، أن الجهات المختصة في السعودية اتخذت التدابير كافة لأجل الحفاظ على أمن وسلامة قاصدي بيت الله الحرام، وهذا لا يخفى على الجميع، كما أنها تغلّبت على الكثير من التحديات التي واجهتها منذ بدء جائحة كورونا، فقامت بتطبيق العديد من الإجراءات والتدابير الوقائيـــة التي أثبتت نجاحها وجدواها، بل وتميزها، حتى صارت المملكة مضرب المثل في تحقيق هذا النجاح الكبير والتفوق منقطع النظير، كما حـظِــيت هذه الإجراءات التي أسفرت عن خلو موسم الحج في العام السابق من أي حالات إصابة بمرض «كوفيد - 19» أو غيره من الأمراض في صفوف الحجاج بإشادة مُنظمة الصحة العالمية.
وهذا أكبر برهان على ما تقدمه المملكة في سبيل جمع كلمة المسلمين ووحدة صفّهم والتفاني في خدمتهم والتيسير على الحجاج والسهر على راحتهم، وهذه الجهود لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد، ولعل نجاح مواسم الحج كل عام هو رسالة واضحة لكل من يشكك في دور المملكة الريادي في خدمة الحرمين الشريفين.

الحج والإسلاموفوبيا
يقول طه، إنه في هذه الأيام يتوافد المسلمون بمختلف جنسياتهم ولغاتهم وأعراقهم وألوانهم، في أعظم التجمعات التي تجسد إيمانهم ووحدتهم ومعاني الإخاء والتسامح والتحاب، ويؤدي الحجاج مناسكهم في أجواء من السكينة والسلام والأمان والرحمة والوقار، متجنبين الجدال والنميمة والإفساد؛ تعظيماً لشعائر الله وحرماته، عملاً بقوله تعالى «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِ».
وهذه المعاني من شأنها، كما يرى طه، إبراز الأخلاق والآداب التي يتعين على المسلم التحلي بها، وهي الصورة الصحيحة التي تدحض الأفكار المغلوطة عن الإسلام والمسلمين وتحدّ من الخوف المفرط من الإسلام «الإسلاموفوبيا»، مثل اتهام الإسلام والمسلمين بالإرهاب، والحال أن الإسلام ندد بكل أشكال التطرف والإرهاب.

المنظمة وفلسطين
في هذا الجانب، يؤكد طه، أن المنظمة تدرك أهمية وضرورة المساهمة في توفير الدعم الاقتصادي والإنساني للشعب الفلسطيني إلى جانب الدعم السياسي لحقوقه المشروعة على الساحة الدولية، وتعمل في هذا الصدد على تعزيز المسؤولية المشتركة للدول الأعضاء تجاه تعزيز صمود الشعب الفلسطيني والتخفيف من معاناته التي تفاقمت في الآونة الأخيرة نتيجة سياسات الاحتلال الإسرائيلي القائمة على قرصنة أموال الضرائب ومصادرة الأراضي والموارد الطبيعية بشكل غير قانوني.
وأضاف، أن المنظمة واصلت التنسيق والتعاون مع الأجهزة التابعة لها، خصوصاً البنك الإسلامي للتنمية، من أجل توسيع برنامج التمكين الاقتصادي للشعب الفلسطيني، وكذلك تفعيل صندوق الوقف الإنمائي لدعم اللاجئين الفلسطينيين الذي تم إنشاؤه بناءً على قرار صادر عن الدورة الـ46 لمجلس وزراء خارجية المنظمة. كما تواصل الأمانة العامة للمنظمة حث الدول الأعضاء زيادة مساهماتها لصالح موازنة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
تعمل الأمانة العامة على متابعة التطورات السياسية والميدانية في فلسطين وتقدم تقارير دورية بشأنها للدول الأعضاء. كما تواصل الأمانة العامة للمنظمة اتصالاتها ومشاوراتها مع الجهات الرسمية في دولة فلسطين من أجل تنسيق وتوحيد التحركات والجهود السياسية المشتركة للمجموعة الإسلامية في المحافل الدولية بهدف مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية وفضحها.

اللقاءات الأميركية
يقول أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، إنه أجرى جلسة محادثات مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ضمن الحوار الاستراتيجي بين الأمانة العامة للمنظمة والولايات المتحدة الأميركية، وكان ذلك في شهر مايو (أيار) الماضي؛ وذلك لرفع مستوى الحوار القائم بينهما منذ سنوات إلى مستوى استراتيجي.
ويندرج هذا الحوار بالنسبة إلى منظمة التعاون الإسلامي في إطار الحوار والتعاون مع الشركاء الدوليين، كما يقول طه، بما في ذلك الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى للإسهام في تعزيز قيم التفاهم وترسيخ دعائم السلم والأمن الدوليين وتعزيز مكانة المنظمة وخدمة قضاياها.
وانطلق الحوار بعد إعداد له بين الجانبين خلال السنتين الماضيتين. وتضمن جدول أعماله القضايا السياسية، على سبيل المثال لا الحصر، القضية الفلسطينية وأفغانستان، والقضايا الإنسانية والاجتماعية والثقافية بالإضافة إلى قضايا الإسلاموفوبيا ووضع المجتمعات والأقليات المسلمة في الدول غير الأعضاء، ومقاومة التطرف والإرهاب، والصحة والمناخ.
وأتاح الحوار الاستراتيجي الفرصة لوفد الأمانة العامة لعكس مواقف المنظمة وإبراز قراراتها بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، في حين حظي الحوار باهتمام الجانب الأميركي لتعزيز الحوار والتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي، وتقديراً للدور المهم للمنظمة على الساحة الدولية؛ ما يستوجب الاستفادة من ذلك لتعزيز مكانة المنظمة كشريك مهم، ليس فقط بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، بل للعديد من الدول الفاعلة والمنظمات الدولية وخدمة قضايا العالم الإسلامي.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

أطلقت السعودية خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى في 7 دول من خلال إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد والتحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة «QR». وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن المبادرة الجديدة تأتي في إطار استكمال إجراءات أتمتة ورفع جودة الخدمات القنصلية المقدمة من الوزارة بتطوير آلية منح تأشيرات «العمل والإقامة والزيارة». وأشارت الخارجية السعودية إلى تفعيل هذا الإجراء باعتباره مرحلة أولى في عددٍ من بعثات المملكة في الدول التالية: «الإمارات والأردن ومصر وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

«ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

تُنظم هيئة الأفلام السعودية، في مدينة الظهران، الجمعة، الجولة الثانية من ملتقى النقد السينمائي تحت شعار «السينما الوطنية»، بالشراكة مع مهرجان الأفلام السعودية ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويأتي الملتقى في فضاءٍ واسع من الحوارات والتبادلات السينمائية؛ ليحل منصة عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي بجميع أشكاله المختلفة بين النقاد والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب، والفنانين، ومحبي السينما. وشدد المهندس عبد الله آل عياف، الرئيس التنفيذي للهيئة، على أهمية الملتقى في تسليط الضوء على مفهوم السينما الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، في وقت تأخذ في

«الشرق الأوسط» (الظهران)
الاقتصاد مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

تجاوز عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها منذ بداية شهر رمضان وحتى التاسع من شوال لهذا العام، 11.5 مليون مسافر، بزيادة تجاوزت 25% عن العام الماضي في نفس الفترة، وسط انسيابية ملحوظة وتكامل تشغيلي بين الجهات الحكومية والخاصة. وذكرت «هيئة الطيران المدني» أن العدد توزع على جميع مطارات السعودية عبر أكثر من 80 ألف رحلة و55 ناقلاً جوياً، حيث خدم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة النسبة الأعلى من المسافرين بـ4,4 مليون، تلاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض بـ3 ملايين، فيما خدم مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة قرابة المليون، بينما تم تجاوز هذا الرقم في شركة مطارات الدمام، وتوز

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)