متغيرات «كورونا» سريعة التطور تُعقد تحديثات اللقاح

متغيرات «كورونا» سريعة التطور تُعقد تحديثات اللقاح
TT

متغيرات «كورونا» سريعة التطور تُعقد تحديثات اللقاح

متغيرات «كورونا» سريعة التطور تُعقد تحديثات اللقاح

بينما يستعد العالم في الشتاء القادم لموجة أخرى من «كوفيد - 19» مدفوعة بمتغيرات «أوميكرون» الجديدة «BA.4» و«BA.5»، تزداد دعوات تحديث اللقاحات.
واللقاحات الحالية القائمة على نسخة فيروس «كورونا المستجد» التي ظهرت في ووهان بالصين أواخر عام 2019 لا تعمل بشكل جيد مع أوميكرون ومتغيراته الحالية. ونتيجة لذلك، لا تقدم اللقاحات الآن سوى حماية قصيرة العمر من العدوى، رغم أنها تساعد في الصمود أمام الأمراض الشديدة.
ويتفق العديد من العلماء على أهمية تحديث اللقاحات، لكنهم في الوقت ذاته يبدون قلقهم من المتغيرات الناشئة باستمرار والاستجابات المناعية التي يصعب التنبؤ بها، ما يعني أنه ليس من الواضح تماما الشكل الذي يجب أن تبدو عليه الجرعات الجديدة من اللقاحات.
تقول ميغان دمينغ، عالمة الفيروسات واللقاحات في كلية الطب بجامعة ماريلاند الأميركية في تقرير نشره موقع «نيتشر» في 27 يونيو (حزيران): «أعتقد أن الوقت قد حان لتعديل اللقاحات، فالفيروس يتغير وما نجح قبل عامين قد لا يعمل مع المتغيرات المستقبلية».
لكنها عادت وحذرت مع علماء آخرين من أن تحديث لقاحات «كوفيد - 19» لن يكون بسيطاً مثل تبديل المواد الجينية بناءً على سلالة ووهان بتلك المطابقة لمتغير أوميكرون.
وغير «أوميكرون» مسار الوباء وأنتج سلسلة من الفروع، أحدثها (BA.4) و(BA.5)، وأدى كل منها إلى تآكل المناعة المكتسبة من التطعيم والعدوى بالسلالات السابقة، بما في ذلك الإصدارات السابقة من أوميكرون.
لذلك إذا كانت اللقاحات القادمة تعتمد على أوميكرون الأصلي، المسمى (BA.1)، فهناك احتمال حقيقي أنه بحلول الوقت الذي يتم فيه طرحها في وقت لاحق من هذا العام، ستكون سلالات أوميكرون المتداولة مختلفة.
يقول جون بيجل، الطبيب والعالم في المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية بولاية ماريلاند، والذي يقود تجربة لتحديثات اللقاح المحتملة: «متغير أوميكرون (BA.1) هو أخبار من الأمس». ويقول بعض العلماء: «من المحتمل، أن يظهر متغير جديد تماما من جزء بعيد من شجرة عائلة (كورونا) المستجد».
تقول بيني مور، عالمة الفيروسات بجامعة «ويتواترسراند» في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا: «ما يقلقني هو أن هناك تركيزا كبيرا على أوميكرون، وافتراض أن أوميكرون هو ما سنتعامل معه في المستقبل، لدينا سجل حافل في هذا الفهم الخاطئ».
ونتيجة لذلك، يقول العلماء إن لقاحات «كوفيد - 19» التالية تحتاج إلى إلقاء شبكة واسعة، مما يؤدي بشكل مثالي إلى إثارة استجابة مناعية يمكنها التعرف على المتغيرات في الماضي والحاضر والمستقبل.
وكيفية تحقيق هذا الاتساع هو ما تسعى إليه بعض الشركات، فشركة «موديرنا»، التي شاركت في تطوير لقاح ناجح قائم على مرسال الحمض النووي الريبوزي (الرنا مرسال)، تقوم بتجربة لقاح محدث يشفر نسختين من البروتين السطحي الشهير للفيروس (سبايك)، يشمل الصيغة الأصلية ونسخة تعتمد على أوميكرون الأصلي.
وفي 25 يونيو الماضي، نشرت الشركة نتائج تجربة المرحلة الأولى السريرية، وتشير البيانات التي تم الإعلان عنها هذا الشهر إلى أن اللقاح المحدث أثار استجابات الأجسام المضادة التي كانت أقوى بنسبة 75 في المائة ضد «أوميكرون»، وأقوى بنسبة 24 في المائة ضد نسخة الفيروس في بدايات الوباء، مقارنة بجرعة إضافية من اللقاح الأصلي.
ومؤخرا أعلنت شركة فايزر هي الأخرى عن لقاح محدث حقق نتائج مقاربة من لقاح موديرنا، لكن جون مور، عالم اللقاحات في كلية طب وايل كورنيل بمدينة نيويورك، يتساءل عما إذا كانت التحسينات التي قدمتها هذه اللقاحات المحدثة تستحق العناء.
يقول مور: «السؤال الذي يتعين على مستشاري إدارة الغذاء والدواء الأميركية أن يقرروا بشأنه هو ما إذا كانت هذه الزيادة المتواضعة كافية لتبرير تكلفة وتعقيد تبديل تركيبة اللقاحات، فأنا لم أر شيئا في بيانات فايزر وموديرنا يبرر بوضوح تبديل تركيبة اللقاحات إلى نسخة أوميكرون».
ويرى علماء أيضا أن البحث عن صيغة محدثة معقد أيضا بسبب احتمال أن اللقاحات القائمة على سلالة معينة، مثل أوميكرون، قد لا تؤدي دائما إلى استجابة مناعية قوية ضد هذه السلالة.
ووجدت بعض الدراسات الحديثة أن عدوى أوميكرون بعد التطعيم تستدعي نفس الأجسام المضادة التي أثارتها اللقاحات ضد السلالات السابقة، بدلا من إثارة جميع الاستجابات الجديدة لأوميكرون، لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت اللقاحات المحدثة ستتصرف بنفس الطريقة.
وتؤثر ظاهرة مماثلة، تُعرف باسم «البصمة»، على كيفية استجابة الناس للتطعيم ضد الإنفلونزا والعدوى، مما يتسبب في اختلاف مستويات الحماية بين الناس من سنة إلى أخرى، ومع ذلك يحاول مسؤولو الصحة مطابقة تركيبة اللقاحات الموسمية مع السلالات التي يحتمل أن تكون متداولة.
يقول جيسي بلوم، عالم الأحياء التطورية في مركز فريد هاتشينسون للسرطان في سياتل بواشنطن، إن هذه الاستراتيجية منطقية مع «كورونا» المستجد، حيث يكون اللقاح متجددا من عام لآخر، وفق تركيبة الفيروس المنتشر.
لكن بيجل لا يرى ذلك مناسبا، لأن القرارات المتعلقة بتكوين لقاحات الإنفلونزا تستند إلى فهم قوي لكيفية تطور تلك الفيروسات، وهو أمر لا يمكن للباحثين حتى الآن المطالبة به فيما يتعلق بفيروس «كورونا» المستجد.
وأضاف «نحن نعرف قواعد الإنفلونزا ويمكننا التنبؤ بذلك جيدا، لكن بالنسبة لـ(كوفيد - 19)، لا تزال هناك أشياء لم نفهمها بعد».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ثروات ملياديرات العالم زادت تريليوني دولار في 2024

ناشطة ترفع لافتة تطالب بفرض الضرائب على الأثرياء خلال مظاهرة في لاهور بباكستان (إ.ب.أ)
ناشطة ترفع لافتة تطالب بفرض الضرائب على الأثرياء خلال مظاهرة في لاهور بباكستان (إ.ب.أ)
TT

ثروات ملياديرات العالم زادت تريليوني دولار في 2024

ناشطة ترفع لافتة تطالب بفرض الضرائب على الأثرياء خلال مظاهرة في لاهور بباكستان (إ.ب.أ)
ناشطة ترفع لافتة تطالب بفرض الضرائب على الأثرياء خلال مظاهرة في لاهور بباكستان (إ.ب.أ)

أظهرت دراسة نشرتها منظمة «أوكسفام» التنموية، الاثنين، أن ثروات أغنى أثرياء العالم تزداد بوتيرة أسرع من أي وقت مضى، وذلك قبيل انطلاق المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.

ووفقاً للتقرير، فقد بلغ عدد المليارديرات في العالم 2769 مليارديراً في عام 2024، بزيادة قدرها 204 مقارنات بالعام السابق.

وفي الوقت نفسه، ظل عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر الذي حدده البنك الدولي ثابتاً، بينما ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وتوقعت «أوكسفام» أنه سيكون هناك ما لا يقل عن خمسة ممن ستبلغ ثرواتهم تريليون دولار حول العالم بعد عشر سنوات.

ويعتمد تقرير «أوكسفام» على بيانات من مصادر مختلفة، بما في ذلك تقديرات لثروة المليارديرات التي أجرتها مجلة «فوربس» الأميركية وبيانات من البنك الدولي.

ووفقاً للتقرير، ارتفع مجموع ثروات أصحاب المليارات من 13 تريليون دولار إلى 15 تريليون دولار في عام 2024 وحده، بمعدل نمو أسرع ثلاث مرات من العام السابق.

وفي المتوسط، زادت ثروة الملياردير الواحد بمقدار 2 مليون دولار يومياً. كما أصبح أغنى 10 مليارديرات أكثر ثراء بمقدار 100 مليون دولار يومياً.

ماكينة طباعة النقود تقص أوراقاً نقدية من فئة 1 دولار في واشنطن (أ.ب)

حتى لو فقدوا 99 في المائة من ثروتهم بين عشية وضحاها، فسيظلون من أصحاب المليارات، بحسب «أوكسفام».

وبحسب التقرير فإن مصدر 60 في المائة من أموال المليارديرات تأتي من «الميراث أو السلطة الاحتكارية أو علاقات المحسوبية». ووفقاً لمنظمة «أوكسفام»، فإن 36 في المائة من ثروة المليارديرات في العالم تأتي من الوراثة. ويتضح هذا بشكل أكبر في الاتحاد الأوروبي، حيث يأتي 75 في المائة من الثروة من مصادر غير مكتسبة، و69 في المائة يأتي من الميراث وحده.

وقالت خبيرة الضرائب في «أوكسفام» الاتحاد الأوروبي، كيارا بوتاتورو: «ثروة أصحاب المليارات متزايدة، والخلاصة هي أن معظم الثروة ليست مكتسبة، بل موروثة».

وأضافت: «في الوقت نفسه، لم يتغير عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر في جميع أنحاء العالم تقريباً منذ تسعينيات القرن الماضي. ويحتاج قادة الاتحاد الأوروبي إلى فرض ضرائب أكثر على ثروة شديدي الثراء، بما في ذلك الميراث. ومن دون ذلك، فإننا نواجه خطر رؤية فجوة متزايدة الاتساع بين شديدي الثراء والأوروبيين العاديين».