دراسة: الاحتباس الحراري له تأثير أكبر من المتوقع على انبعاثات الميثان

خط أنابيب ينقل غاز الميثان في كاليفورنيا (رويترز)
خط أنابيب ينقل غاز الميثان في كاليفورنيا (رويترز)
TT

دراسة: الاحتباس الحراري له تأثير أكبر من المتوقع على انبعاثات الميثان

خط أنابيب ينقل غاز الميثان في كاليفورنيا (رويترز)
خط أنابيب ينقل غاز الميثان في كاليفورنيا (رويترز)

أظهرت دراسة جديدة، أن الاحتباس الحراري له تأثير أكبر بأربع مرات في تسريع انبعاثات الميثان مما كان متوقعاً سابقاً.
ولفت الباحثون إلى أن هذه الدراسة قد تساعد في تفسير التصاعد السريع في غاز الميثان في السنوات الأخيرة، وتشير إلى أنه إذا تُرك دون رادع، فإن الاحترار العالمي المرتبط بالميثان سيتصاعد في العقود القادمة، وفقاً لما نقلته صحيفة «الغارديان» البريطانية.
والميثان هو من الغازات الدفيئة القوية للغاية، وتأتي نحو 40 في المائة من انبعاثاته من مصادر طبيعية مثل الأراضي الرطبة، بينما تأتي 60 في المائة من الانبعاثات من مصادر بشرية مثل تربية الماشية واستخراج الوقود الأحفوري ومواقع دفن النفايات.
ووفقاً لبيانات صادرة عن الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي، فقد تجاوزت مستويات الميثان 1900 جزء في المليار العام الماضي، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف مستويات حقبة ما قبل العصر الصناعي.

وقال سيمون ريدفيرن، عالم الأرض في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، والذي أشرف على الدراسة الجديدة «الأمر المحير بشكل خاص هو حقيقة تزايد انبعاثات الميثان بمعدلات كبيرة في العامين الماضيين، على الرغم من انتشار وباء كورونا، الذي من المفترض أنه قلل من مستويات التلوث والغازات الدفيئة».
ويقول ريدفيرن، إن التفسيرات المحتملة لارتفاع انبعاثات الميثان تتراوح من التوسع في استكشاف النفط والغاز الطبيعي، وزيادة الانبعاثات من الزراعة ودفن النفايات.
لكنه لفت إلى أن هناك تفسيراً آخر يتمثل في «تباطؤ التفاعل الكيميائي الذي يزيل الميثان من الغلاف الجوي».
ويتمثل ذلك في تفاعل الميثان مع جذر الهيدروكسيل (OH)، ليقوم الأخير بتنقية الجو من انبعاثات هذا الغاز.

وأوضح ريدفيرن قائلاً «يُطلق على جذر الهيدروكسيل اسم (منظف الغلاف الجوي)؛ لأنه يعمل على تطهير الغلاف الجوي من الغازات الضارة. لكن جذر الهيدروكسيل يتفاعل أيضاً مع أول أكسيد الكربون، وقد تؤدي الزيادة في حرائق الغابات إلى ضخ المزيد من أول أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وبالتالي تغيير التوازن الكيميائي».
وتابع «في المتوسط ، يبقى جزيء أول أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لمدة ثلاثة أشهر تقريباً قبل أن يهاجمه جذر الهيدروكسيل، بينما يستمر الميثان لمدة عقد تقريباً قبل أن تتم مهاجمته. لذا؛ فإن حرائق الغابات لها تأثير سريع على استخدام الهيدروكسيل للقضاء على أول أكسيد الكربون، وتأثير بطيء على إزالة الميثان».
وفي الدراسة، حلل ريدفيرن وزميله تشين هسين تشينغ قياسات الميثان والتغيرات في المناخ خلال العقود الأربعة الماضية، لتحديد التغيرات التي حدثت.
وتشير النتائج التي توصلوا إليها، والتي نُشرت في مجلة «نيتشر»، إلى أن الاحتباس الحراري له تأثير أكبر بأربع مرات في تسريع انبعاثات الميثان مما كان متوقعاً سابقاً، حيث يساعد ارتفاع درجات الحرارة على إنتاج المزيد من الميثان (عن طريق تسريع نشاط الميكروبات في الأراضي الرطبة على سبيل المثال)، في نفس الوقت الذي انخفضت فيه مستويات جذور الهيدروكسيل التي تزيله من الغلاف الجوي، مع تزايد أعداد حرائق الغابات.
ووصف الباحثون نتائج دراستهم بـ«المروعة»، قائلين، إنها تسلط الضوء على أن تأثيرات تغير المناخ يمكن أن تكون أكثر خطورة مما كنا نظن.


مقالات ذات صلة

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم حريق غابات في قرية فيغا بأغويدا في البرتغال - 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي: الفيضانات وحرائق الغابات تظهر أن الانهيار المناخي بات القاعدة

حذّر الاتحاد الأوروبي من الفيضانات المدمّرة وحرائق الغابات التي تظهر أن الانهيار المناخي بات سريعاً القاعدة، مؤثراً على الحياة اليومية للأوروبيين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
بيئة عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة في كاليفورنيا (رويترز)

صيف 2024 الأعلى حرارة على الإطلاق

أعلنت خدمة مراقبة تغير المناخ، التابعة للاتحاد الأوروبي، (الجمعة)، أن العالم مرّ بأشد فصول الصيف سخونة في نصف الكرة الأرضية الشمالي منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

جولات ميدانية شبابية تعيد اكتشاف دروب القاهرة التاريخية

جولات «تمشية» توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة بأسلوب سرد مشوق (صفحة المعز لدين الله على الفيسبوك)
جولات «تمشية» توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة بأسلوب سرد مشوق (صفحة المعز لدين الله على الفيسبوك)
TT

جولات ميدانية شبابية تعيد اكتشاف دروب القاهرة التاريخية

جولات «تمشية» توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة بأسلوب سرد مشوق (صفحة المعز لدين الله على الفيسبوك)
جولات «تمشية» توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة بأسلوب سرد مشوق (صفحة المعز لدين الله على الفيسبوك)

لا تدور أحداث التاريخ في الكتب فقط، ولا ترويها مقتنيات المتاحف وحدها، ولا يقتصر استكشافها على الزيارات الروتينية التقليدية لأمكنة بعينها؛ فثمة شوارع وأزقة تجسد جواهر مخفية، يفوح منها أريج الزمن، وتحمل بين جنباتها ملامح الحضارات القديمة.

وانطلاقاً من هذه الرؤية عرفت القاهرة أخيراً تنظيم جولات سياحية جماعية ومنتظمة سيراً على الأقدام إلى شوارعها التاريخية ومواقعها العتيقة؛ حيث أسست مجموعة من شباب الآثاريين والباحثين المصريين صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تدعو أبناء المدينة إلى هذه الجولات بعنوان «تمشية»، ليتنقلوا بشغف بين ممرات الماضي سيراً على الأقدام مسترشدين بمصاحبة المتخصصين.

جواهر معمارية ومبانٍ تاريخية وسط صخب المدينة (صفحة سراديب على فيسبوك)

ولاقت هذه المبادرات الشبابية المستقلة إقبالاً لافتاً من جانب المصريين إلى حد أن حصدت عبر مواقع التواصل مئات الآلاف من المتابعين الشغوفين بمعرفة تاريخ بلادهم، وفق الأثري حسام زيدان مؤسس صفحة «سراديب»: «قمت بالتعاون مع اثنين من المؤرخين، وهما إبراهيم محمد ومصطفى حزين، بإطلاق هذه المبادرة بهدف رفع الوعي الأثري وإعادة اكتشاف بعض أحياء القاهرة وشوارعها الخلفية ذات العبق التاريخي، والزاخرة بالمعالم الأثرية».

وتساهم «سراديب» وغيرها من الصفحات والـ«جروبات» الإلكترونية في تنمية الحس السياحي عند المواطنين، وربطهم بتاريخ بلادهم بحسب زيدان: «كثير من المصريين لا يعرفون القدر الكافي عن حضاراتهم، ولم يسبق لهم زيارة أماكن ووجهات سياحية مهمة يأتي إليها السياح من مختلف دول العالم؛ فأردنا أن نحقق لهم ذلك وننشر الثقافة الأثرية بينهم».

تكونت صداقات بين أعضاء الجولات (صفحة المعز لدين الله الفاطمي على فيسبوك)

ويضيف زيدان لـ«الشرق الأوسط»: «تتميز هذه الجولات بأنها تعتمد في الأساس على السير على الأقدام، ما يتيح فرصة أكبر لتأمل كل التفاصيل، والاستمتاع بالملامح الإنسانية والمعمارية المتفردة في هذه الأماكن، وتختلف عن الزيارات الفردية بأنها توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة من متخصصين يقدمونها عبر أسلوب سرد علمي مشوق؛ حيث ينغمس الجميع بشغف في قلب الحضارات القديمة التي شهدتها مصر، في جولات مُنظمة بعناية».

الجولات تجتذب العشرات (صفحة المعز لدين الله الفاطمي على فيسبوك)

وفيما «يرتبط اهتمام الكثير من المصريين بالمناطق الأثرية الشهيرة مثل الأهرامات، وقلعة صلاح الدين، فإنها تأخذهم إلى مناطق أخرى مهمة للغاية بالقاهرة العتيقة على غرار (باب الوزير)، و(الدرب الأحمر)، و(أسوار قلعة صلاح الدين)، و(صحراء المماليك)، و(سفح المقطم) و(الإمام الشافعي)». وفق زيدان.

ويشير مؤسس صفحة «سراديب» إلى أن «هذه المبادرات تسهم في إجادة التعامل مع السياح الأجانب، وتنشيط السياحة من خلال الحسابات الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يقوم الزوار بنشر صورهم في الأماكن التاريخية، مع شرح لتفاصيل المكان بلغات مختلفة، وفوجئنا بأشخاص من دول أجنبية مختلفة يراسلوننا ويطلبون تنظيم (تمشية) مماثلة في شوارع القاهرة عند زيارتها».

جولة في قلب القاهرة يصاحبها شرح علمي مبسط (صفحة سراديب على فيسبوك)

وتعد صفحة «شارع المعز» على «فيسبوك» واحدة من الصفحات الأكثر نشاطاً في تنظيم جولات «التمشية»، يقول أحمد صابر مؤسس الصفحة لـ«الشرق الأوسط»: «التاريخ لا يُحكى فقط في الأماكن البعيدة، المعزولة، لكنه يعيش أيضاً بين الناس في أماكن صاخبة وحيوية، وعلينا أن نقدرها جيداً، ونستمع لحكاياتها، لذلك ننظم جولات على الأقدام في شوارع القاهرة، المليئة بالمساجد والأسبلة والبيوت والمقابر الأثرية وغير ذلك».

ويلفت إلى أن «الكثير من الأشخاص يمرون على هذه المباني يومياً، لكنهم لا يعرفون حجم عظمتها وندرتها، ومنها (شارع المعز) الذي اتخذناه رمزاً للصفحة لكننا نتجول في مختلف أنحاء المدينة».

وأضاف صابر: «تتيح الصفحة - التي تضم عدداً كبيراً من خبراء الآثار والباحثين - للمنضمين للتمشية الاستكشاف الغامر الذي يتجاوز المألوف للمناطق التاريخية، ويحكي عن عالم لم ير معظم الناس مثله في الدول المختلفة، ففي مصر حضارات أضافت الكثير للإنسانية».

الجولات الميدانية تربط المصريين بتاريخ بلادهم (صفحة المعز لدين الله الفاطمي على فيسبوك)

وتحت عنوان «تعالوا نعرف مصر» أسست خبيرة ترميم الآثار دكتورة ندى زين الدين جروباً آخر للتمشية، يحتفي بزيارة الأماكن غير المعروفة والأحياء المصرية العتيقة، التي تعدها موطن الأصالة المصرية، وتقول زين الدين لـ«الشرق الأوسط»: «نزور أحياء مثل المنيرة، والناصرية، والضاهر، وشبرا، والزمالك، ومن خلال التمشية فيها نسرد تاريخ الحي وكل ما له علاقة بالآثار والفلكلور والفن والعمارة».

الأحفاد يتطلعون إلى استكشاف حضارة الأجداد (صفحة المعز لدين الله الفاطمي على فيسبوك)

وتتابع: «كما نحتفي بالسياحة البيئية؛ حيث تتجه بعض جولاتنا إلى مناطق بعينها تشتهر بأنشطة معينة، وهو ما أعتبره كنزاً آخر من كنوز مصر».

وتعتبر زين الدين استكشاف هذه المناطق عبر السير على الأقدام «فرصة لاستنشاق عبق التاريخ، مع ممارسة الرياضة المفضلة للكثيرين، خصوصاً في الشتاء؛ حيث نخرج في التاسعة صباحاً في العطلة الأسبوعية، وتكون القاهرة في ذلك الوقت غير مزدحمة».