مصطفى رزق.. {بلوز} مصري بالعود والربابة

من موسيقى الكف الصعيدي إلى موسيقى الجنوب الأميركي

مصطفى رزق في أحد حفلاته
مصطفى رزق في أحد حفلاته
TT

مصطفى رزق.. {بلوز} مصري بالعود والربابة

مصطفى رزق في أحد حفلاته
مصطفى رزق في أحد حفلاته

رحيل أسطورة البلوز الأميركي بي بي كينغ مؤخرا، تزامن معه بزوغ نجم البلوز المصري مصطفى رزق، الذي صدر له في الآونة الأخيرة ألبوم غنائي يحمل اسم «باب اللوق» يضم 9 أغنيات أطلق منهم 5 أغان على قناته بموقع «يوتيوب» على رأسها الأغنية الرئيسية «باب اللوق» التي حققت نجاحا كبيرا بعد أن قام بتصويرها بطريقة الفيديو كليب في حي باب اللوق الشعبي وسط القاهرة في أجواء تعيدنا إلى عصر الستينات والسبعينات. وحققت الأغنية على «يوتيوب» نحو 30 ألف مشاهدة، وأكثر من 68 ألف مرة استماع على تطبيق «ساوند كلاود».
يضم الألبوم إلى جانب أغنية «باب اللوق»، مجموعة من الأغنيات: «شفطة بن»، و«صباح الخير»، و«ياللي ماشية ع الطريق» و«مجنون بجد» و«الشوارع»، و«البنت السمرا»، و«العاشق»، و«مبسوط كتير» التي حققت 56 ألف مشاهدة على يوتيوب.
صوت مصطفى رزق الأجش يحمل رومانسية وطيبة مصرية وسلطنة طربية، يشعرك صوته بعذوبة خاصة تشعر معها بذوبان مياه النيل مع مياه المسيسيبي، فقد حباه الله بخامة صوتية يستطيع معها التنقل ما بين المقامات العربية والغربية بنعومة، تحمل معها جمال الوجوه السمراء المصرية وأشجار النخيل في جنوبها، وروح الجنوب الأميركي.
ويقدم من خلال أغانيه نبض الشارع المصري. وتجمع ألحانه ما بين الناي الشرقي والساكسفون، وما بين الربابة والترومبيت، وأوتار العود وأصابع البيانو في مزيج رائع تفتقده الألحان الموسيقية في الآونة الأخيرة. وعند الاستماع لأغانيه ستطرب لـ«البلوز» كما لم تسمعها من قبل، فهو يعتمد على أنغام العود الشرقي كما هو في أغنية «شفطة بن»، وعلى الربابة والترومبيت في أغنية «مبسوط كتير». موسيقى «البلوز المصري» التي يقدمها رزق، مغايرة لموسيقى البلوز الخلابة لروبرت جونسون وإيقاعات الجاز الرائعة لشارلي باركر، ورغم أنها تحمل مفهوم أغاني البلوز التي تحمل الشجن والحنين لكنها كلمات مختلفة وألحان مغايرة لما اعتادته الأذن العربية من البلوز الغربي.
يقول الفنان مصطفى رزق لـ«الشرق الأوسط» «ألبوم (باب اللوق) أعتبره وجبة موسيقية دسمة تشبع الوجدان والروح بمزيج موسيقي مختلف، وهذا الألبوم أعتبره بداية مرحلة جديدة في مشروعي الموسيقي الذي بدأته فعليا في نهاية التسعينات، لكن عشقي للغناء بدأ في فترة مبكرة من العمر حيث نشأتي في مدينة إدفو بأسوان، التي تتمتع بتراث موسيقي متميز بحكم موقعها بين قنا والنوبة، فكنت أستمع للأغاني التي تمزج بين الفلكور المصري الصعيدي والتراث النوبي ذي الأصول الأفريقية، والتي أعتقد أن لها الفضل في تكويني الوجداني».
ويروي رزق كيفية انتقاله من مجال الهندسة المعمارية إلى الغناء والتلحين، قائلا: «جئت للقاهرة في التسعينات للدراسة في كلية الفنون الجميلة بالزمالك وهناك بدأت بالغناء وسط الأصدقاء، إلى أن أنهيت دراستي وبعدها أسست فرقة (الونسة) وكان هدفي الأساسي هو تقديم موسيقى تستعيد تراثنا الموسيقي في جنوب مصر الصعيدي، وبالفعل شاركت في الكثير من حفلات دار الأوبرا، وساقية الصاوي، ومهرجان القلعة، وكانت تلك المواجهات الأولى مع الجمهور، لكن للأسف لم تنجح الفرقة واضطررت تحت ضغوط الحياة أن أعود لعملي كمهندس معماري خاصة وأن ذلك النوع من الموسيقى لم يلق قبولا لدى الجمهور في تلك الفترة التي نجحت فيها فرق أخرى أطلق عليها اسم فرق ( الأندرغراوند)».
عاد رزق لعمله لكنه لم يحنق على موهبته أو يتخلى عنها واكتفى بالغناء في منزله ولأفراد أسرته. ويستطرد: «بدأت في العودة بالأغاني التراثية وأغاني الموشحات الأندلسية قبيل الثورة إلى جانب أغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ووجدت قبولا جيدا من المستمعين والأصدقاء وكانت حفلاتي ما بين القاهر وأسوان».
ولكن كان العائق الذي يواجه مصطفى رزق هو الصورة النمطية لدى الجمهور الذي كان يطالبه بأغاني محمد منير وأحمد منيب والأغاني النوبية، رغم محاولاته الكثيرة لتوضيح الفارق بين أغاني النوبة وبين الأغاني الصعيدية، لكن كان يحاول رزق إرضاء جمهوره وأيضا تعريفهم بأغاني الصعيد. كما أن البعض يضعه في قالب الفنان الراحل طلعت زين الذي اشتهر بأغنية «تعالى» وقدمه عمرو دياب في أغنيته «راجعين».
عرف مصطفى رزق بشكل أكبر خلال فترة الثورة وأغاني ميدان التحرير، لكن شغفه وبحثه عن التميز جعله يحاول كتابه وتلحين أغان خاصة به لها مذاق جديد في الكلمات وألحانها بها الطعم الشرقي والتراثي لكن بمقامات غربية تستخدم في موسيقى الجاز والبلوز، محاولا في الآن نفسه الحفاظ على التراث الموسيقي لجنوب مصر لكنه لم يتوقف عند ذلك بل أراد أن يطوره ويمزجه مع مقامات موسيقية تخلق حالة موسيقية ثرية تشبع إحساس وروح متلقيها.
بصوت مليء بالأمل يضحك قائلا «يبدو أن ذائقة الجمهور تغيرت بعد الثورة، حتى أنني شخصيا وجدت شغفا كبيرا بموسيقى البلوز وبدأت في الاستماع لها بشكل مكثف ودراسة الألحان، وبدأت في غناء بعض ألحاني الشرقية بطريقة البلوز ووجدت أن ذائقة الجمهور تغيرت وتقبلوا ذلك اللون، واقترح الأصدقاء تغيير مظهري (اللوك) كانت نتاج تلك الفترة أغنية (باب اللوق) وأطلقتها في أبريل (نيسان) العام الماضي لاستشعار رد فعل الجمهور، والحمد لله وفقت ولقيت إعجابا».
ويشير «أعتقد أن نجاحي نتيجة لقائي بفريق عمل ممتاز وله الشغف نفسه بتقديم ألوان موسيقية وأغان جديدة وهم الشاعر مصطفى الجارحي، والموزع أحمد الصاوي، وعملنا معا لإنتاج ألبوم (باب اللوق). والسر في تأخرنا هو أننا نعيد الألحان والتوزيع أكثر من مرة لذلك استغرقنا 3 أعوام ونصف في الانتهاء من 9 أغنيات».
«قلبي واسع حبتين.. يعني تانية وغرزتين يدوب يصبح مقاسي» هي بداية أحد أغاني ألبوم «باب اللوق» والممتع فيها أنها تحمل صوت الروائي الذي يقص سيرته الذاتية، بكلمات بسيطة ذات مغزى ودلالات فلسفية عميقة تستوقف المستمع وتدهشه وتجعله يتأمل في المعاني على أنغام شجية.. حالات فنية تعكس الشجن والحنين للأصالة والتراث لكنها ممزوجة في الآن نفسه بخفة الدم المصرية.
يقول مطرب البلوز المصري «كنت أعيش كل تلك الفترة ما يشبه حالة بحث عن الجديد حتى توصلت إلى تقديم هذا اللون الموسيقي الذي أحببته، وكان التحدي الكبير أمامي هو تقديم موسيقى البلوز والجاز لكن بروح مصرية. مشيرا «أحاول مع أصدقائي تقييم التجربة الحالية بعد أن تكتمل، حيث يتوقف عليها اختيار مذاق الألبوم القادم، وما يعطيني الأمل التفاف عدد من المبدعين المصريين المخضرمين في عالم الموسيقى وتشجيعهم لي، ومؤخرا سعدت بانضمام الشاعرة والكاتبة الرائعة كوثر مصطفى التي كتبت كلمات أنجح أغاني الفنان الكبير محمد منير».
يحمل مصطفى رزق مشروعا غنائيا وفنيا آخذا في النمو، محاولا تلافي الوقوع في فخ تقليد «البلوز الغربي» ويحاول جاهدا إضفاء مذاق مصري مختلف لذلك النوع، على أمل الوقوف في موجة الأغاني الهدامة والتي لا تقدم طربا أو فنا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».