السودانيون يواصلون اعتصاماتهم لليوم الخامس

المعارضة اتهمت قادة الجيش بتدمير مسار الحل السياسي

سودانيون يحتجون أمام مدخل مستشفى «الجودة» وسط الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
سودانيون يحتجون أمام مدخل مستشفى «الجودة» وسط الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

السودانيون يواصلون اعتصاماتهم لليوم الخامس

سودانيون يحتجون أمام مدخل مستشفى «الجودة» وسط الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
سودانيون يحتجون أمام مدخل مستشفى «الجودة» وسط الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

لليوم الخامس على التوالي، واصل مئات السودانيين، أمس، اعتصامهم في شوارع الخرطوم وضواحيها، للمطالبة بحكم مدني وإنهاء الحكم العسكري الذي نفذه قائد الجيش، العام الماضي. كما تواصلت الاعتصامات المقامة في الخرطوم وأم درمان وبحري، فيما حذرت قوى المعارضة من أي اعتداء على المعتصمين من قبل السلطات، بعد أن راجت أنباء متداولة بكثافة عن استعدادات لفض الاعتصامات بالقوة.
ودعا حزب الأمة القومي، أكبر فصائل تحالف قوى «الحرية والتغيير»، جماهيره للانخراط بقوة في الاعتصامات والمواكب السلمية، التي تمهد للتنسيق المشترك بين القوى الثورية لهزيمة «الانقلاب العسكري». وأكد، في بيان، أمس، أنه لا مخرج من الأزمة الحالية إلا بالاستجابة لمطالب الشعب السوداني، وذلك بالتشاور مع المكون العسكري الحاكم، لإنهاء انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذي استولى بموجبه الجيش على السلطة في البلاد.
وطوال اليومين الماضيين، حاولت قوات الأمن تفريق المتظاهرين باستخدام مدافع المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع.
وقال أحد المعتصمين، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية: «أنا داعم للاعتصام حتى لو طال سنة كاملة من أجل إخواني الشهداء والثوار... وحتى نثبت للناس أن الشارع حي مهما فقدنا من شهداء وحتى نسقط النظام». من جهته، دعا ائتلاف قوى الحرية والتغيير، فصيل المعارضة الرئيسي في البلاد، في بيان، إلى «تنوع أشكال المقاومة النوعية والجماهيرية، والتنسيق والوحدة بين قواها». كما أعلنت نقابة الأطباء السودانيين، أمس، بدء إضراب لمدة 72 ساعة اعتباراً من اليوم (الثلاثاء)، فيما أعلن القضاء السوداني فتح تحقيق في شأن «هذه الأحداث التي أسفرت عن قتلى وجرحى». في سياق ذلك، يرى مراقبون أن العنف المفرط، الذي استخدمته أجهزة الأمن السودانية لمواجهة المظاهرات الحاشدة، التي خرجت في غالبية مدن البلاد منذ 30 يونيو (حزيران) الماضي، قوّض المساعي الدولية والإقليمية الساعية لحل الأزمة السياسية في البلاد. وفي غضون ذلك، حمّل تحالف المعارضة قوى «الحرية والتغيير»، قادة الجيش مسؤولية تدمير «العملية السياسية»، التي ترعاها الآلية الثلاثية، المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة التنمية الأفريقية «إيقاد».
وأعلن التحالف المعارض، دعمه السياسي والميداني للاعتصامات، التي تقودها لجان المقاومة في مدن العاصمة المثلثة (الخرطوم وبحري وأم درمان)، في بادرة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، بهدف الوصول إلى جسم تنسيقي يوحد القوى الثورية في مواجهة الحكم العسكري. فيما اتهم رئيس لجنة العلاقات الخارجية، عمر الدقير، في مؤتمر صحافي عقده بالخرطوم ليلة أول من أمس، «المكون العسكري» بعدم امتلاكه «الإرادة السياسية، وبالتالي نحن غير معنيين بها».
وعزا موقف التحالف المعارض إلى «استمرار العسكر في ارتكاب جرائم القتل، والقمع المفرط ضد الاحتجاجات السلمية، ولذلك هم مسؤولون عن تدمير العملية السياسية».
وقادت السعودية وأميركا وساطة نجحت في دفع «قوى التغيير» والمكون العسكري الحاكم للجلوس، والتشاور بشأن حل الأزمة في البلاد، إلا أن اجتماعات الطرفين لم تسفر عن نتيجة إيجابية، نظراً لتباعد المواقف السياسية.
في غضون ذلك، جدّد تحالف المعارضة التأكيد على خروج المؤسسة العسكرية من السلطة، لأن إقحام القوات النظامية في العمل السياسي أضر بها، حسبه، وأدخلها في مواجهة مع الشعب، في إشارة إلى مشاركة قوات الجيش في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد. وبهذا الخصوص، قال المحلل السياسي، ماهر أبو الجوخ، إن العملية السياسية «لم تنتهِ، ويمكن أن نقول إنها جُمّدت أو تعثرت في الوقت الراهن»، مبرزاً أن العودة للعملية السياسية «تتطلب وجود شروط جديدة، أبرزها أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق حول إجراءات ومتطلبات تهيئة المناخ يتم التوقيع عليه، وتوقف السلطات بموجبه العنف ضد المتظاهرين السلميين، حتى لا يؤثر ذلك في مسار العملية السياسية»، كما أكد ضرورة أن يكون هذا الاتفاق - أو التفاهمات - «ملزماً ومراقباً حتى لا يحدث أي خرق من أحد الأطراف».
وأضاف أبو الجوخ، لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك تيارين داخل المكون العسكري، والقوى التي تقاوم الحكم العسكري، وهما يسعيان لتخريب العملية السياسية، والدفع نحو المواجهة المفتوحة، موضحاً أن الدور الأكبر «يقع على الوسطاء الدوليين (السعودية وأميركا)، إلى جانب جهود الآلية الثلاثية، وعلى كل هؤلاء أن يدفعوا الطرفين للالتزام بتعهداتهما، والمضي بالحوار إلى نهايته، وهذا يستدعي الالتزام الصارم بعدم اتخاذ أي إجراءات يمكن أن تقوض الثقة».
وتوقع أبو الجوخ أن يذهب الطرفان في التصعيد والتصعيد المضاد، مشيراً إلى أن السلطات يمكن أن تلجأ إلى استخدام العنف لفض الاعتصامات، وإزالة المتاريس في العاصمة الخرطوم، ووقوع ضحايا، ما قد يؤزم الأوضاع على الأرض، خصوصاً في ظل وجود قوى سياسية ترفض مبدأ الحوار مع «العسكريين»، وترفع شعارات إسقاطهم من السلطة.
ومع ذلك، يرى أبو الجوخ أن هناك فرصة أخيرة أمام أطراف الأزمة السودانية، تتمثل في التفاوض للوصول إلى حل سياسي سلمي، يجنّب البلاد الانهيار أو الحرب الأهلية.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»
TT

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

تشرع الحكومة المصرية في إعداد مساكن بديلة لأهالي مدينة «رأس الحكمة»، الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال)، وشددت على «ضرورة سرعة تنفيذ الطرق والمرافق بمنطقة شمس الحكمة»، المخصصة لإقامة الأهالي.

و«رأس الحكمة»، مدينة ساحلية تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، على بُعد 350 كيلومتراً تقريباً شمال غربي القاهرة، وتبلغ مساحتها نحو 170 مليون متر مربع.

ودشّن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مطلع الشهر الماضي، مشروع «رأس الحكمة»، وأكد الرئيسان حينها «أهمية المشروع في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، لكونه يُمثل نموذجاً للشراكة التنموية البناءة بين مصر والإمارات»، وفق إفادة رسمية لـ«الرئاسة المصرية».

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الإسكان ومحافظ مطروح خلال تفقد أعمال الطرق والمرافق بـ"شمس الحكمة" (مجلس الوزراء المصري)

وتفقد وزير الإسكان المصري، شريف الشربيني، ومحافظ مطروح، خالد شعيب، السبت، أعمال الطرق والمرافق للأراضي البديلة لـ«رأس الحكمة» بمنطقة «شمس الحكمة».

وأوضح الوزير المصري أن الأراضي البديلة بمنطقة «شمس الحكمة» مخصصة لأصحاب الأراضي بمدينة «رأس الحكمة»، وتشتمل المنطقة البديلة، وفقاً للمخطط، على مناطق سكنية وخدمية، وأنشطة تجارية واستثمارية، إضافة إلى شبكة الطرق الرئيسية.

ونهاية الشهر الماضي، أكدت الحكومة المصرية أنها تتابع مستجدات تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع «رأس الحكمة» مع الشريك الإماراتي. وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في وقت سابق، إنه يتابع بصورة يومية مستجدات الموقف في مدينة «رأس الحكمة»، والعقود الخاصة بالمستحقين للتعويضات من أهالي المنطقة.

مصطفى مدبولي خلال زيارته لـ«رأس الحكمة» اغسطس الماضي (مجلس الوزراء المصري)

كما زار مدبولي مدينة «رأس الحكمة» منتصف أغسطس (آب) الماضي للوقوف على «سير إجراءات تسليم التعويضات المخصصة للمستحقين». وقال حينها إن رأس الحكمة «تحظى بمقومات مميزة، تجعل منها نقطة جذب للاستثمارات ومختلف المشروعات على مدار العام».

وأكدت الشركة القابضة الإماراتية (ADQ) من جانبها في وقت سابق أن مشروع تطوير منطقة «رأس الحكمة» يستهدف ترسيخ مكانتها، بوصفها وجهة رائدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومركزاً مالياً، ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية عالمية المستوى، لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر، وفق بيان لـ«وكالة الأنباء الإماراتية».

وشدد وزير الإسكان المصري، اليوم السبت، على ضرورة الإسراع بمعدلات تنفيذ أعمال الطرق والمرافق بمنطقة «شمس الحكمة»، وتكثيف أعداد العمالة والمعدات، مؤكداً «اهتمام الدولة المصرية بتوفير الخدمات لأهالي المنطقة، وتوفير حياة كريمة لهم في مجتمعات حضارية».