ارتفاع سعر الدولار سلاح ذو حدين للشركات الأميركية

ارتفع 13 % مقابل اليورو خلال عام

ارتفع الدولار 13 في المائة مقابل اليورو خلال الأشهر الـ12 الماضية مقترباً بذلك من التساوي مع العملة الموحدة وبنسبة 22 في المائة مقابل الين (رويترز)
ارتفع الدولار 13 في المائة مقابل اليورو خلال الأشهر الـ12 الماضية مقترباً بذلك من التساوي مع العملة الموحدة وبنسبة 22 في المائة مقابل الين (رويترز)
TT

ارتفاع سعر الدولار سلاح ذو حدين للشركات الأميركية

ارتفع الدولار 13 في المائة مقابل اليورو خلال الأشهر الـ12 الماضية مقترباً بذلك من التساوي مع العملة الموحدة وبنسبة 22 في المائة مقابل الين (رويترز)
ارتفع الدولار 13 في المائة مقابل اليورو خلال الأشهر الـ12 الماضية مقترباً بذلك من التساوي مع العملة الموحدة وبنسبة 22 في المائة مقابل الين (رويترز)

يشكل الصعود السريع للدولار منذ بداية العام سلاحاً ذا حدين للشركات الأميركية المتعددة الجنسيات التي يمكنها، للحد من التداعيات، إما أن تلجأ إلى التحوط، أو أن تقوم بإعادة تموضع لأنشطتها في الخارج.
بالنسبة لشركة مستوردة، يعد ارتفاع سعر الدولار مقابل اليورو أو الين أو الجنيه الإسترليني مكسباً، لأن ذلك يعني تدني كلفة المنتجات بالنسبة لها. لكن بالنسبة لشركة أميركية مصدرة، تصبح المنتجات المباعة بالدولار أكثر كلفة، ما قد يكلفها عملاء، فضلاً عن خسارة قيمة العائدات التي تحققها في الخارج عند تحويلها إلى دولارات.وراجعت شركات متعددة الجنسيات عديدة توقعاتها لهذا العام، منها مجموعة «مايكروسوفت» العملاقة للكومبيوتر التي حذرت من أن مبيعاتها الفصلية ستنخفض بمقدار 460 مليون دولار وأرباحها الصافية بمقدار 250 مليوناً بسبب تأثيرات أسعار الصرف.
وحذرت مجموعات «أدوبي» و«سيلزفورس» و«بايوجين» و«فايزر» من أن الارتفاع السريع للدولار في بداية العام سيكون له تأثير أكبر مما كان متوقعاً على حساباتها، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. والشركات التي تحقق معظم إيراداتها خارج الولايات المتحدة هي بطبيعة الحال الأكثر عرضة للخطر بدءاً من مجموعات التكنولوجيا العملاقة إلى مصنعي المعدات الطبية وشركات الخدمات، حسب منصة إدارة سيولة الشركات «كيريبا».
وتتوقع المنصة أن تؤثر تبعات أسعار الصرف على نتائج الشركات المدرجة في «ستاندرد آند بورز 500» بمبلغ إجمالي قدره 40 مليار دولار في النصف الأول من العام.
وأدى الارتفاع الحاد في معدلات الفائدة الذي قرره الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لمكافحة التضخم، إلى جانب تدفق أموال المستثمرين إلى الولايات المتحدة بحثاً عن رهانات آمنة في هذه الأوقات المضطربة، إلى تعزيز الدولار.
وارتفع الدولار بنسبة 13 في المائة مقابل اليورو خلال الأشهر الـ12 الماضية مقترباً بذلك من التساوي مع العملة الموحدة، أو حتى 22 في المائة مقابل الين.
ويرى ديسموند لاكمان من المركز الفكري «أميريكان انتبرايز ريفليكشن»، أنه «على الأمد القصير، هذه أخبار سارة للولايات المتحدة لأنها تجعل الواردات أرخص، وبالتالي يمكن أن تبطئ التضخم». لكن على الأمد المتوسط، سيكون التأثير على الاقتصاد الأميركي أكبر لأن تراجع الصادرات «سيؤدي إلى زيادة العجز التجاري للولايات المتحدة وبالتالي ديونها الخارجية».
لكنه يشير إلى أن الشركات المتعددة الجنسيات «ليست لديها سيطرة فعلية» على هذه العوامل. في المقابل، يمكنها أن تخفف من تأثير التقلبات في أسعار العملات الأجنبية التي تحدد بها أسعارها وفواتيرها عبر اعتماد أدوات تحوط.
من جهته، أوضح بوب ستارك من منصة «كيريبا»، أن معظم الشركات المتعددة الجنسيات لديها مثل هذه البرامج التي تعدلها كل ربع سنة إن لم يكن كل شهر، محاولة أحياناً التكهن بتغير أسعار الصرف.
ويعترف الخبير بأن ذلك ليس علماً دقيقاً، خصوصاً في فترة يسود فيها قدر كبير من عدم اليقين بشأن اتجاه التضخم وأسعار الفائدة وإمكانية حدوث ركود وغيرها.
قال بوب ستارك، «منذ بداية الوباء أصبح الرؤساء الماليون أكثر جدارة في وضع سيناريوهات متعددة والتحرك بناء عليها». وأضاف: «إذا كان من الممكن تقييم تأثير مختلف السيناريوهات على تقديرات التدفق المالي النقدي، يمكن عندئذ اتخاذ قرارات أفضل».
فقد حذرت «نايكي» مثلاً، الاثنين، من أن تأثيرات أسعار الصرف ستؤدي إلى تراجع إيراداتها السنوية ببضع نقاط مئوية. كما يفترض أن تؤثر على هامشها الصافي لكن بدرجة أقل بكثير بسبب «معدلات تحوط مواتية».
وتعني التقلبات الحالية الكبيرة أيضاً أن التحوط أكثر كلفة. وتختار بعض الشركات عدم اللجوء إليه حتى لا تضطر إلى دفع أقساط التأمين.
وبين الأدوات الأخرى المتاحة للشركات المتعددة الجنسيات الحد من انكشافها على المخاطر من خلال تعديل ممارساتها، وذلك عبر الدفع لمورديها اليابانيين بالدولار مثلاً، أو إعادة التفاوض على الأسعار، أو حتى تغيير البلد الذي تستقدم منه إمداداتها. كما يمكنها انتظار انخفاض الدولار قبل إعادة أرباحها إلى الولايات المتحدة.
ويعتقد نيكولاي روسانوف أستاذ المال في جامعة بنسلفانيا، أنه «في نهاية المطاف»، عندما ارتفع الدولار أصبحت هوامش المناورة لدى الشركات محدودة، لا سيما مع ارتفاع الأسعار أيضاً بسبب مشكلات سلاسل التوريد وتكاليف الطاقة. وتابع روسانوف: «إذا حاولْتَ الرد على شيء حدث أصلاً، فقد يرتد ذلك عليك لأن بعض هذه الحركات مؤقتة».


مقالات ذات صلة

صناديق الأسهم العالمية تحقق تدفقات أسبوعية تاسعة على التوالي

الاقتصاد متداولون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

صناديق الأسهم العالمية تحقق تدفقات أسبوعية تاسعة على التوالي

زاد المستثمرون العالميون مشترياتهم من صناديق الأسهم في الأسبوع المنتهي في 27 نوفمبر، مدفوعين بتوقعات بنمو قوي للاقتصاد الأميركي في ظل إدارة ترمب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد لاغارد تتحدث إلى الصحافيين عقب اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

لاغارد للقادة الأوروبيين: اشتروا المنتجات الأميركية لتجنب حرب تجارية مع ترمب

حثَّت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد القادة في أوروبا على التعاون مع ترمب بشأن التعريفات الجمركية وشراء المزيد من المنتجات المصنوعة في أميركا.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد شخص يتسوق لشراء الطعام في أحد المتاجر الكبرى استعداداً لعيد الشكر في شيكاغو (رويترز)

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يرتفع مجدداً

تسارعت زيادات الأسعار للمستهلكين في الشهر الماضي، مما يشير إلى أن التراجع المستمر في التضخم على مدار العامين الماضيين قد بدأ يواجه تحديات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)

الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

نما الاقتصاد الأميركي بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام، وهو نفس التقدير الأولي الذي أعلنته الحكومة يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)

طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة الأسبوع الماضي لكن العديد من العمال المسرحين ما زالوا يعانون من فترات طويلة من البطالة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

العبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات تكافح التصحر

إحدى المناطق الخضراء في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى المناطق الخضراء في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

العبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات تكافح التصحر

إحدى المناطق الخضراء في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى المناطق الخضراء في السعودية (الشرق الأوسط)

أكد الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر السعودي، الدكتور خالد العبد القادر، أن مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16)، الذي سينعقد في الرياض مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فرصة سانحة لتعزيز التعاون الدولي للاستفادة من تجارب البلدان والشعوب الأخرى، وسيكون منصة مثالية لعرض نتائج مبادرات المملكة في هذا المجال، ومشاركة التجارب الناجحة، مثل زراعة الأشجار والمشاريع المستدامة، ودعوة الدول الأخرى لتبني استراتيجيات مماثلة لمكافحة التصحر.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» عن إتاحة الكثير من فرص الاستثمارات للقطاع الخاص الدولي والمحلي في مجالات عدّة، مرتبطة بالحلول الطبيعية لمكافحة التصحر، ومن ذلك دراسة لإعداد 10 مشاريع استثمارية في مشاتل النباتات البرية، ودراسة لتخصيص عدد من المتنزهات الوطنية، وإشراك الشركات والمؤسسات في استدامتها وتشجيرها، إلى جانب دراسة لتطوير 30 موقعاً لفرص السياحة البيئية في أراضي الغطاء النباتي، في خطوة تزيد من الرقعة الخضراء وتكافح التصحر في البلاد.

كما أفصح عن إنشاء وحدة لاستقبال المستثمرين وخدمتهم؛ بهدف تبني الأفكار النوعية، وتقديم التسهيلات وفق الأنظمة.

الأحزمة الخضراء

وتُعدّ مكافحة التصحر وحماية الغطاء النباتي من القضايا الحيوية التي تتبناها المملكة، في ظل الظروف المناخية القاسية، وتكثف الحكومة جهودها لتنمية الغابات وتطوير المتنزهات الوطنية، وإعادة تأهيل الأراضي، وإجراء الدراسات والأبحاث على البيئة النباتية، وحماية وإكثار النباتات المحلية، وإنشاء الأحزمة الخضراء.

وتابع الدكتور خالد العبد القادر، أن هناك جهوداً دولية متضافرة حيال مكافحة التصحر، وأن مؤتمر «كوب 16» يعزز الجهود العالمية تجاه قضايا الجفاف ومعالجة تدهور الأراضي، والحد من آثارها، مؤكداً أن استضافة المملكة لهذا الحدث إحدى أهم الخطوات التي تعزز حضورها دوليّاً في هذا المجال.

الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر السعودي (الشرق الأوسط)

وقال إن المملكة تندرج ضمن قائمة الدول التي تعاني تحديات التصحر، ويعزى ذلك في المقام الأول إلى الظروف المناخية القاسية. ولذلك؛ تبنّت مجموعة من المبادرات لمكافحة ذلك، بما فيها إطلاق مبادرة «السعودية الخضراء» التي تهدف إلى زراعة 400 مليون شجرة في جميع أنحاء البلاد بحلول عام 2030، وزراعة 10 مليارات شجرة بحلول 2100، ما يعادل تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة.

وطبقاً للدكتور العبد القادر، يستعد المركز لتدشين «موسم التشجير الوطني 2024» تحت شعار «نزرعها لمستقبلنا»، برعاية وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس مجلس إدارة المركز؛ بهدف إشراك الجهات من جميع القطاعات والمجتمعات المحلية والأفراد من مختلف الفئات في أعمال التشجير، وغرس الاهتمام به في الأجيال الجديدة؛ من أجل زيادة الرقعة الخضراء ومكافحة التصحر، إضافة إلى تأهيل مواقع الغطاء النباتي المتدهورة، والتوعية والحد من المُمارسات السلبية وتحسين جودة الحياة.

وأكد العبد القادر أن اهتمام المملكة بالقطاع البيئي ينبع من منطلق إدراكها أهميته في ترجمة التزاماتها ضمن مستهدفات «رؤية 2030»، وتحقيق الاستدامة البيئية وحمايتها؛ لذا وضعت استراتيجية وطنية بيئية إلى جانب هيكلة القطاع الذي انبثق عنه المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر.

الحد من التلوث

وتهتم «رؤية 2030» بتعزيز مكانة المملكة في مختلف المجالات التنموية والاقتصادية، ووضعت البيئة والتنمية المستدامة ضمن أهدافها الرئيسة، مع ضرورة الحفاظ عليها للأجيال القادمة، باعتبارها من المقومات الأساسية لجودة الحياة، والحد من التلوث، بحسب الدكتور خالد العبد القادر.

ووفق الرئيس التنفيذي، يلعب المركز دوراً محوريّاً في تحقيق أهداف الرؤية من خلال تنمية الموارد الطبيعية، عن طريق تطوير الخطط المدروسة لإدارة الموارد وتطبيقها في مختلف أنحاء المملكة، ويعمل أيضاً على تعزيز الاستدامة البيئية، حيث يوفر مختلف أشكال الدعم لمشاريع التشجير، وإعادة تأهيل المناطق المتضررة، وزيادة الوعي البيئي، وذلك عن طريق تنظيم الحملات التوعوية لتثقيف مختلف شرائح المجتمع حول أهمية الغطاء النباتي.

وواصل أنه تندرج مساهمات وأهداف المركز لتحقيق الاستدامة البيئية، والمستهدفات الوطنية التي تعزز بدورها مشاركة المملكة في المبادرات الدولية، ومن أهمها تحقيق المملكة الحياد الصفري في عام 2060.

إحدى المناطق في السعودية (الشرق الأوسط)

وأضاف أن المركز يساهم في تحقيق مستهدفات المملكة في مبادرتي «الشرق الأوسط الأخضر» و«السعودية الخضراء»، حيث وصل بالتعاون مع الشركاء من القطاعين العام والخاص والقطاع غير الربحي إلى زراعة ما يزيد على 95 مليون شجرة في مختلف أنحاء المملكة؛ ما يسهم في زيادة الرقعة الخضراء، واستصلاح الأراضي المتدهورة.

التعاون الدولي

وتطرق الرئيس التنفيذي للمركز إلى توقيع مذكرات التفاهم مع دول عدة، أبرزها باكستان، في مجال المبادرات والمشاريع وتبادل الخبرات، و«إيليون ريسورسيس غروب»، وشركة «بي جي أي ستنشن» المحدودة، بالتعاون مع وزارة الاستثمار.

ومن أهم المنظمات الدولية الذي تم توقيع مذكرات التفاهم معها في هذا المجال، منظمة الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، والمنظمة الدولية للغذاء والزراعة، ومنظمة «الوكات» لاستدامة إدارة الأراضي.

وتضاف إلى ذلك مذكرات تفاهم قيد التنفيذ مع الصين في مجال مكافحة التصحر، ومركز البحوث الحرجية الدولية، والمركز الدولي للبحوث الزراعية الحرجية بدولة كينيا، وأيضاً المغرب في مجال تنمية الغطاء النباتي الطبيعي ومكافحة التصحر، ومصر فيما يخص الزيارات بين المختصين في تثبيت الكثبان الرملية، علاوة على مذكرات مع الصومال، وألبانيا، وكوستاريكا، وبوركينا فاسو، وطاجيكستان، في مجالات حماية البيئة والاستدامة البيئية.