رحيل أسطورة المسرح بيتر بروك عن 97 عاماً

ثورة مسرحية انتقلت من الخشبة البريطانية إلى العالم

رحيل أسطورة المسرح بيتر بروك عن 97 عاماً
TT

رحيل أسطورة المسرح بيتر بروك عن 97 عاماً

رحيل أسطورة المسرح بيتر بروك عن 97 عاماً

بيتر بروك، الذي رحل يوم أمس في باريس عن 97 عاماً، لم يكن فقط واحداً من أهم الأعمدة المسرحية في القرن العشرين، بل من أكبر المجددين فيه، واعتبر على نطاق واسع المخرج الأكثر تأثيراً في العالم.
ينبع تجديده الأساسي في توسيع الفضاء المسرحي، الذي كان يسميه «الفضاء الخالي»، بإدخال الأشكال المسرحية الأفريقية والشرقية بشكل خاص، كما في عمله «وادي الدهشة» الذي استلهم فيه «منطق الطير» لفريد الدين العطار النيسابوري، وفي عرضه «ماجاهاراتا» - النص الهندي المقدس - الذي استمر لتسع ساعات. يقول بروك في أحد الحوارات معه: «يمكنني أن أتخذ من أي فضاء خالٍ مسرحاً عارياً. البعض يعبر بهذا المكان، بينما أتأمله أنا، وهذا ما أحتاج إليه لأصنع عملاً مسرحياً».
ولد بيتر بروك في لندن، وفي السابعة من عمره مثل دور هاملت (أمام والديه). أكمل دراسته في جامعة أكسفورد وبعد تخرجه، تعاون مع فرقة شكسبير الملكية. وفي بداية السبعينات، استقر في فرنسا، حيث أسس المركز العالمي للأبحاث المسرحية، وحول قاعة موسيقية مهجورة إلى مسرح عرف بـ«لي بوف دي نور».
ألف بروك عدداً من الكتب حول المسرح، أشهرها «المسرح الخالي» الذي أصدره عام 1986 وشرح فيه نظريته عن المسرح، محدثاً ثورة في الخشبة البريطانية انطلقت بعدها إلى العالم.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)
فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)
TT

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)
فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

منذ أن قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة بفعل حربها المستمرة ضد القطاع منذ نحو 14 شهراً، اعتمد السكان على البديل الوحيد المتوفر، وهو الطاقة الشمسية، لشحن جوالاتهم وأجهزتهم البسيطة.

ومع دخول فصل الشتاء، زادت معاناة السكان في ظل البرد والغيوم الكثيفة ما حرم أصحاب الطاقة الشمسية من شحن مستلزماتهم، مثل الجوالات والبطاريات التي كان يعتمدون عليها لتشغيل التلفزيون أو الأجهزة الكهربائية.

ويقول وائل النجار الذي يعيش في حي النصر بمدينة غزة، إنه يملك ألواحاً عدة للطاقة الشمسية من أجل شحن البطاريات والجوالات للمواطنين الذين لا يتوانون في انتظاره أمام منزله منذ ساعات الصباح الباكر لشحن أجهزتهم من أجل استخدامها خصوصاً في ساعات الليل. ويوضح النجار في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الغزيين في ظل الأجواء الشتوية وغياب الشمس خلال الأيام الماضية باتوا يعيشون ظروفاً صعبة، بعدما توقف عنهم المصدر الوحيد المتبقي للكهرباء، مضيفاً أن بعضهم، وخصوصاً في منطقة جباليا، لا يجد حتى الإنارة البسيطة. وتابع النجار: «خلال اليومين الماضيين، أمضى السكان لياليهم من دون كهرباء، كان مشهداً قاسياً يطبق تصريحات قادة الاحتلال بإعادة سكان غزة إلى العصر الحجري».

نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

«وضع لا يطاق»

بدورها، تقول فاطمة شاهين، النازحة من مخيم جباليا إلى حي النصر، أحد الأحياء الراقية في قطاع غزة قُبيل الحرب، إنها تعيش مع عائلتها المكونة من 16 فرداً في محل تجاري فارغ بعدما عجزت عن إيجاد مكان لعائلتها: «لكن في اليومين الأخيرين عانينا كثيراً من فقدان أبسط شيء في الحياة، وهو مصباح حتى أتمكن من رؤية زوجي وأبنائي». وتابعت فاطمة: «وصلنا إلى حال لا يطاق أبداً، حتى جوالاتنا البسيطة لم نستطع شحنها بعد أن رفض صاحب الطاقة الشمسية القريبة منا شحن أي جوالات أو بطاريات بسبب الأجواء الماطرة. في العادة، نعتمد على شحن بطاريتين أو بطارية بالحد الأدنى، للإنارة ليلاً، ومشاهدة التلفزيون لساعة أو ساعتين في أفضل الأحوال، لكن منذ أن نزحنا لم يعد يتوفر لدينا أي تلفزيون، والآن بالكاد نستطيع فقط إنارة المكان الذي نوجد فيه، حتى أن جوالاتنا التي نعتمد فيها على تشغيل إضاءتها لم نعد نستطيع شحنها لنتدبر أمورنا ليلاً».

فتاة فلسطينية تجلس وسط ركام مبنى مدمر بفعل القصف الإسرائيلي غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

«أسعار باهظة»

يُذكر أنه بعد يوم واحد فقط من هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قطعت إسرائيل خطوط الكهرباء التي تزود بها القطاع، ثم بعد أيام قامت طائرات حربية بقصف أهداف رئيسة لشركة الكهرباء، وكذلك محيط المحطة ما تسبب في أعطال كبيرة فيها، كما منعت إدخال الوقود لتشغيلها، ما أدى لتوقفها نهائياً وخروجها عن الخدمة، ليصبح قطاع غزة بأكمله من دون كهرباء. وأدت الحرب إلى تهافت الغزيين المقتدرين على شراء ألواح الطاقة الشمسية، ما رفع أسعارها بشكل كبير، حيث كان سعر الواحد يصل 700 شيقل فقط (نحو 200 دولار)، أما حالياً فيصل سعره إلى أكثر من 13 ألف شيقل (نحو 3500 دولار).

فلسطينية تتحدث عن المعاناة أمام خيمتها التي غمرتها المياه الناجمة عن ارتفاع منسوب مياه البحر والأمطار في خان يونس جنوب قطاع غزة الاثنين (رويترز)

خيام غارقة في المياه

ويقول التاجر جمال أبو ناجي إن «ارتفاع أسعار الطاقة بشكل جنوني كان بسبب فهم السكان أن الحرب ستطول، وأنهم سيحتاجونها لتدبير أمور حياتهم، لكنهم لم يدركوا حجم الدمار الذي سيلحق بمنازلهم، ولذلك دفع الكثير منهم أموالاً طائلة من دون أن يستفيدوا من شراء الطاقة الشمسية، خصوصاً أن الاحتلال أوقف إدخال كل مشتقات الوقود، وبذلك توقفت المولدات الكهربائية عن العمل، ولم يبق هناك أي مصدر للكهرباء سوى الطاقة الشمسية». وأوضح أبو ناجي أن الاحتلال تعمد استهداف الطاقة الشمسية الموجودة لدى المطاعم والمخابز والشركات وحتى المستشفيات والأماكن الحيوية، ثم استهدف ما بقي منها على أبراج سكنية وخدماتية، واستهدف الألواح التي كانت على كثير من المنازل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذا أسهم في زيادة سعرها، ولم تعد متوفرة حالياً سوى بالحد الأدنى وبأسعار باهظة لا يستطيع أحد شراءها.

ولم تكن الحال أفضل بالنسبة لسكان جنوب قطاع غزة، وكذلك بالنسبة للنازحين إليه بأعداد كبيرة، حيث حُرموا خلال اليومين الماضيين من إنارة خيامهم، ومن شحن جوالاتهم، وأُجبر على المبيت باكراً جداً ومن دون أي وسائل تدفئة في ظل هذه الأجواء الباردة، والأمطار التي ضاعفت أزماتهم، وتسببت في غرق كثير من الخيام.

وتعرضت الخيام في منطقة شواطئ مواصي خان يونس ورفح جنوب القطاع، وكذلك قبالة شواطئ دير البلح والزوايدة وسط القطاع، للغرق بمياه الأمطار من جهة ومياه البحر من جهة أخرى، بعد أن أصبح منسوب البحر عالياً بشكل كبير، كما تضاعفت معاناة آخرين على بُعد عشرات ومئات الأمتار من شواطئ البحر، بعد أن اقتلعت الرياح خيامهم.

عائلة فلسطينية تجلس وسط الركام الناجم عن القصف الإسرائيلي في غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

«نريد وقف الحرب»

وتقول آلاء حرب، النازحة من حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة إلى مواصي خان يونس: «تعرضت خيمتنا للغرق، ولم يكن لدينا أي مصدر إنارة نستطيع من خلاله تحديد أماكن تسرب المياه، قبل أن يتدخل أحد الجيران ويأتي بجواله ويضيء لنا المكان، لنفاجأ أن مياه البحر غمرتنا تماماً، والأمطار كانت تتسرب من الجوانب العليا للخيمة». وأضافت: «لا نعرف ما نفعل، تعبنا من كل شيء، وما بقيت لنا قدرة على استيعاب ما يحدث، نريد العودة إلى بيوتنا، نريد وقف الحرب، كفى معاناة». وتابعت بكلمات غلبت عليها الحرقة: «نعيش منذ يومين من دون كهرباء، ولا نرى أي شيء، حتى جوالاتنا مغلقة ولا نستطيع التواصل مع باقي أقاربنا في شمال القطاع حتى نعرف أخبارهم ونطمئن عليهم ويطمئنوا علينا. حياتنا صارت جحيماً».

بدوره، قال سامح مطاوع، إنه يملك لوحين من الطاقة الشمسية، لكنه لم يستطع حتى شحن بطارياته بسبب الطقس الغائم، وهذا الأمر حرمه حتى من أن تكون لديه إنارة في خيمته ليلاً، الأمر الذي تسبب في خوف أطفاله من العتمة التي واجهوها على مدار يومين من الأجواء الماطرة. وأضاف مطاوع: «فصل الشتاء في بداياته، ومن الواضح أن معاناتنا ستكون أكبر مما كنا نتوقع، ولا أحد يهتم لأمرنا، ولذلك كثير منا بات يفضل الموت على البقاء حياً».