تمدد الاعتصامات في الخرطوم استعداداً لعصيان مدني

{لجان المقاومة الشعبية} : لا رجعة عن التصعيد

جانب من حملة الاعتصامات وإغلاق الطرق في جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)
جانب من حملة الاعتصامات وإغلاق الطرق في جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

تمدد الاعتصامات في الخرطوم استعداداً لعصيان مدني

جانب من حملة الاعتصامات وإغلاق الطرق في جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)
جانب من حملة الاعتصامات وإغلاق الطرق في جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يتواصل فيه اعتصام المئات من المتظاهرين السودانيين في محيط مستشفى «الجودة» بضاحية الديوم جنوبي الخرطوم، منذ ليلة «مليونية 30 يونيو (حزيران)» الماضي، لليوم الرابع على التوالي، انطلقت اعتصامات مماثلة في منطقة «المؤسسة» في مركز مدينة بحري، واعتصامان في مدينة أم درمان، فيما تجري ترتيبات لإقامة اعتصامات في عدة مدن أخرى.
وكانت «لجان المقاومة»، وهي تنظيمات شعبية تنتشر في غالبية مدن وأحياء السودان، قد دعت إلى تصعيد الحراك الاحتجاجي ضد الحكم العسكري من خلال تنظيم اعتصامات في مدن العاصمة، وإغلاق الشوارع بالمتاريس، رداً على العنف المفرط الذي تستخدمه السلطات الأمنية في مواجهة المواكب السلمية، والذي أدى إلى مقتل وإصابة المئات، منذ تولي الجيش على السلطة في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وفي 6 من أبريل (نيسان) 2019 نفذ السودانيون، بعد أشهر من الاحتجاجات المتواصلة، اعتصاماً في محيط القيادة العامة للقوات المسلحة وسط الخرطوم، شكل ضغطاً كبيراً على الجيش الذي سارع إلى عزل الرئيس عمر البشير من السلطة بعد بقائه فيها لثلاثين عاماً. وقال عضو في لجان مقاومة أم درمان، محمد طاهر، لـ«الشرق الأوسط» إن «هدفنا من الاعتصامات في الخرطوم هو شل جهاز الدولة الذي يسيطر عليها الانقلابيون، ومحاصرتهم، حتى يسلموا السلطة للشعب». وأضاف أن هنالك 5 اعتصامات الآن في مدن العاصمة المثلثة (الخرطوم وبحري وأم درمان) تقوم عليها اللجان المنظمة في المنطقة، و«الترتيبات جارية لاعتصامات في كل ولايات البلاد في الأيام المقبلة».
وأشار طاهر إلى أن الاعتصامات خطوة تصعيدية «تمهد لإعلان العصيان المدني الشامل في كل البلاد، وهذه الخطوة نعمل على الترتيب لها مع الكيانات النقابية والمهنية». ولم يستبعد طاهر أن تلجأ السلطات الأمنية لفض الاعتصامات بالقوة، قائلاً: «هذه خطوة متوقعة، لكن لجان المقاومة والثوار في كل السودان على أتم الجاهزية لمواجهة أي خطوة من قبل السلطات العسكرية تجاه العمل السياسي السلمي».
وقالت متظاهرة في اعتصام مستشفى «الجودة» بالخرطوم: «جئنا للمشاركة في الاعتصام التزاماً بدعوة لجان المقاومة بتصعيد الاحتجاجات لمواجهة الانقلاب العسكري». وأضافت المتظاهرة التي فضلت حجب اسمها: «لن نعود إلى منازلنا إلا بعد إسقاط الجيش من السلطة وتسليمها للمدنيين، ولو استمر الاعتصام لأشهر»، مشيرة إلى أن الاعتصام في توسع مستمر، حيث يتوافد المئات في أوقات مختلفة من اليوم للمشاركة فيه. وأوضحت أنهم يواجهون «مضايقات من الأجهزة الأمنية التي نتوقع أن تعمل على فض الاعتصام خوفاً من أن يتمدد، لكن الثوار في حالة يقظة وتأهب ولن يتراجعوا عن مواقعهم».
وتمددت ساحة اعتصام مستشفى «الجودة» على مسافة واسعة على طول الشارع الرئيسي لضاحية الديوم، حيث يتجمع المئات من المتظاهرين على جانبي الطريق، وفتح المواطنون أبواب منازلهم ومدوا المعتصمين بالأكل والمياه. وفي موازاة ذلك رصدت «الشرق الأوسط» أمس توافد مواكب كبيرة من أحياء كوبر والصافية وشمبات للمشاركة في اعتصام منطقة «المؤسسة» في مدينة بحري، إلى جانب المشاركة اللافتة من الأسر رجالاً ونساء على طول شارع المعونة الرئيسي. وردد المعتصمون هتافات مناوئة للحكام العسكريين، وطالبوا بالقصاص والمحاسبة على مقتل وإصابة المئات من المتظاهرين السلميين.
وترفض لجان المقاومة إعطاء أي شرعية أو تفاوض أو شراكة مع المكون العسكري في الفترة الانتقالية، وتطالب بعودتهم للثكنات وتسليم السلطة كاملة للقوى المدنية. وكان تحالف «الحرية والتغيير» المعارض قد دعا في وقت سابق إلى تصعيد العمل الجماهيري السلمي عبر المواكب والاعتصام وصولاً للعصيان المدني الشامل لإنهاء الحكم العسكري وتأسيس سلطة مدنية كاملة في البلاد. وقتل 114 متظاهراً وأصيب أكثر من خمسة آلاف خلال موجات الاحتجاجات المتواصلة منذ تولي الجيش، بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، السلطة في أكتوبر فيما أطلق عليه «إجراءات تصحيحية» لمسار الثورة، لكن المعارضة تصفه بانقلاب عسكري على الحكم المدني، مشيرة إلى أن الجيش حل مجلسي السيادة والوزراء وأعلن حالة الطوارئ واعتقل عدداً من الوزراء وقيادات الأحزاب السياسية ومئات الناشطين في الحراك الشعبي.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

خوري تُطلع السفراء الأفارقة في ليبيا على تطورات العملية السياسية

خوري والسفراء والممثلون الأفارقة لدى ليبيا في اجتماع بمقر البعثة الأممية (البعثة)
خوري والسفراء والممثلون الأفارقة لدى ليبيا في اجتماع بمقر البعثة الأممية (البعثة)
TT

خوري تُطلع السفراء الأفارقة في ليبيا على تطورات العملية السياسية

خوري والسفراء والممثلون الأفارقة لدى ليبيا في اجتماع بمقر البعثة الأممية (البعثة)
خوري والسفراء والممثلون الأفارقة لدى ليبيا في اجتماع بمقر البعثة الأممية (البعثة)

أطلعت المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا، ستيفاني خوري، السفراء والممثلين الأفارقة لدى البلاد على مستجدات العملية السياسية، بينما نفى «جهاز دعم الاستقرار» ما تردد عن وجود تحشيدات عسكرية في مواجهة «اللواء 444 قتال» بالعاصمة طرابلس.

وقالت البعثة الأممية، مساء الخميس، إن خوري ونائب الممثل الخاص للأمين العام، إينيس تشوما، استعرضا مع السفراء والممثلين للدولة الأفارقة في ليبيا «العناصر الرئيسية للعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، والتي تهدف إلى التغلب على الجمود الحالي، وتمهيد الطريق للانتخابات الوطنية».

وأضافت البعثة أن تشوما، منسق الشؤون الإنسانية، أطلع بدوره السفراء والممثلين على دعم الأمم المتحدة للتنمية في جميع أنحاء ليبيا، والمساعدات الإنسانية للاجئين والمهاجرين غير النظاميين. مشيرة إلى أن المناقشات تطرقت إلى الحاجة لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج بشكل فعال، وإدارة الحدود ودعم اللاجئين السودانيين، فضلاً عن نقاش حول تفاصيل العملية السياسية.

ستيفاني خوري في لقاء سابق مع بلقاسم حفتر (أ.ف.ب)

ويأتي تحرك البعثة الأممية محلياً ودولياً لجهة تشكيل «حكومة جديدة»، سعياً لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية الليبية، في وقت تتصاعد فيه الدعوات السياسية المطالبة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش «بسرعة تعيين مبعوث أممي بشكل رسمي».

ومنذ توليها مهامها في مايو (أيار) الماضي، قالت خوري إنه «حتى تعيين ممثل خاص للأمين العام، تبقى البعثة ملتزمة بمساندة الليبيين على تجنيب البلاد مخاطر الانقسام والعنف، وهدر الموارد، من خلال تيسير عملية سياسية يملكها ويقودها الليبيون».

وجدّد سياسيون ليبيون، من بينهم رئيس حزب «صوت الشعب»، فتحي عمر الشبلي، مطالبهم للأمين العام للأمم المتحدة «بسرعة تسمية مبعوث له في ليبيا»، بقصد إنقاذ العملية السياسية في بلدهم.

على صعيد آخر، وفي ظل تقارير نشرتها وسائل إعلام محلية عن تحشيدات عسكرية بين فصيلين مسلحين، يتبعان السلطة التنفيذية في طرابلس العاصمة، نفى «جهاز دعم الاستقرار» حدوث ذلك، وعدّ الأمر مجرد «أخبار مغلوطة عارية عن الصحة» و«شائعات»، وقال موضحاً: «ما جرى كان سوء تفاهم محدود بين بعض العناصر التابعة للطرفين، وقد تمت معالجته بشكل سريع وفعّال، دون اللجوء إلى أي نوع من التصعيد أو استخدام للقوة». وتابع الجهاز مطمئناً أهالي العاصمة بأن الأوضاع الأمنية «مستقرة تماماً... ونحن نواصل العمل بالتعاون مع الأطراف كافة لضمان أمن الوطن وسلامة المواطنين».

حمزة مدير الاستخبارات العسكرية بقوات الدبيبة في زيارة إلى وزارة الدفاع التونسية (رئاسة الأركان)

ويترأس «اللواء 444 قتال» اللواء محمود حمزة، الذي انتهى من زيارة سريعة إلى تونس، بصفته مدير إدارة الاستخبارات العسكرية بقوات «الجيش» التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

وبشأن تفاصيل زيارة حمزة، قالت رئاسة الأركان في غرب ليبيا، إنه التقى بوزير الدفاع التونسي، ومدير وكالة الاستخبارات التونسية، ورئيس جيش البر التونسي. وناقش معهم ملفات مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، وتهريب البشر، والمخدرات العابرة للحدود، بالإضافة إلى الأحداث الجارية في سوريا وتأثيرها على الدولتين.

عشرات المهاجرين المصريين قبيل ترحيلهم من ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

في شأن مختلف، يتعلق بالهجرة غير المشروعة، قال «جهاز دعم الاستقرار»، اليوم (الجمعة)، إن إدارة التحريات وجمع الاستدلالات بالجهاز تمكنت من ضبط ليبيين من مدينة صبراتة، ينتميان لتشكيل عصابي دولي يمتهن تهريب المهاجرين غير النظاميين.

وأضاف الجهاز موضحاً أنه «تم ضبطهم وهم ينقلون 5 مهاجرين غير شرعيين من باكستان بواسطة مركبتهم الآلية... وقد اعترف المتهمون بما نُسب إليهم، وأنهم يقومون باستقبال ونقل المهاجرين القادمين من باكستان عبر مطار بنينا الدولي (بنغازي) لغرض مساعدتهم على الهجرة إلى أوروبا، مقابل مبالغ مالية».

وانتهى «جهاز دعم الاستقرار» إلى أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وأحيل المتهمون إلى النيابة المختصة لاستكمال الإجراءات.

وكان مكتب الترحيل التابع لجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة بطرابلس، قد رحّل عشرات المهاجرين المصريين عن طريق البر، عبر منفذ أمساعد في شرق ليبيا، مساء الخميس.