حفتر يهدد بالتدخل لـ«صون القرار» الليبي و«الوحدة» تحذر «أصحاب الأجندات الخفية»

أعلن تيار «بالتريس الشبابي» الذي يقود الاحتجاجات الشعبية في العاصمة الليبية طرابلس، بداية حالة العصيان المدني في المدن المختلفة عقب فشل محادثاته مع «المجلس الرئاسي» برئاسة محمد المنفي لإقناعه بالتدخل لإنهاء الأزمة السياسية الراهنة في البلاد.
وقال التيار الذي رفع شعارات «يسقط العملاء والخونة والقوات الأجنبية»، إنه شرع في نصب الخيم داخل ميدان الشهداء في وسط طرابلس استعدادا على ما يبدو لمزيد من المظاهرات بعد ساعات فقط من الإعلان عن قراره بـ«تجاوز المجلس الرئاسي بالكامل»، وتصعيد سقف المطالب والاستمرار في التحشيد الشبابي و«استمرار الخروج والتظاهر في كل المدن والشوارع».
وبرر التيار هذه الخطوة بإخفاق مفاوضاته مساء أول من أمس مع الأعضاء الثلاثة للمجلس الرئاسي، بعد أن وصف حديثهم بأنه «ضعيف ومتناقض ومتعارض ويحمل تسويفا، وأنهم لا يملكون الأدوات التي تمكنهم من فرض واقع جديد».
فى المقابل أبلغ محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، السفير الإيطالي جوزيبي بوتشينو الذي التقاه أمس في طرابلس التزام المجلس «باستحقاقات المرحلة وتلبية تطلعات الشعب الليبي، بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وفق إطار توافقي بين جميع الأطراف، باعتباره يمثل الآن وحدة البلاد وكل الليبيين»، مشيراً إلى «أهمية استمرار جهود تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة».
ونقل عن السفير الإيطالي متابعة بلاده للتطورات السياسية والأمنية في ليبيا، ودعم مساعي المجلس الرئاسي، «لتحقيق الاستقرار، وصولاً إلى إجراء الاستحقاقات الانتخابية، التي يطمح لها كل الليبيين».
وكان المنفي أكد في اتصال هاتفي مع السفير الأميركي ريتشارد نورلاند على التزام الجميع «بالمحافظة على الأمن، وعدم تعريض حياة المواطنين والممتلكات العامة والخاصة للضرر، مع التأكيد على حق المتظاهرين السلميين في التعبير عن آرائهم، والاستماع إلى مطالبهم في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وإنهاء المراحل الانتقالية».
وطبقا لبيان وزعه المجلس الرئاسى فقد أكد المنفي ونورلاند على أهمية «التهدئة في هذه المرحلة، والوصول إلى إجراء الانتخابات في أقرب الآجال، لتجاوز حالة الانسداد السياسي الراهنة».
بدوره، قال نورلاند إنه أعرب عما وصفه بـ«قلق الولايات المتحدة العميق إزاء الجمود السياسي والاقتصادي والمالي الذي أدى إلى مشاهد الاضطرابات كالتي رأيناها في جميع أنحاء البلاد». واعتبر أنه «لا يوجد كيان سياسي واحد يتمتع بالسيطرة المشروعة في جميع أنحاء البلاد وأي جهد لفرض حل أحادي الجانب سيؤدي إلى العنف. فقط الحوار والتسوية بين الفاعلين الرئيسيين هما اللذان يحددان معالم الطريق للانتخابات والاستقرار السياسي». ورحب «بصوت المجلس الرئاسي في الدعوة إلى مثل هذه التسوية»، وحض القادة السياسيين الليبيين «عبر الطيف السياسي وداعميهم الأجانب، على اغتنام الفرصة لاستعادة ثقة مواطنيهم في مستقبل البلاد».
بموازاة ذلك نفت «حكومة الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة استقالته من منصبه وعلقت على نص استقالة مزعومة منسوبة إليه تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنها «أخبار كاذبة»، ومؤكدة استمرار الدبيبة في مهامه. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر في حكومته «أنه باق في منصبه لخدمة شعبه»، واعتبرت أن خبر استقالته «خبر كاذب» يروج له من بعض «الصفحات المشبوهة».
من جهته اعتبر عقيلة صالح رئيس «مجلس النواب» أن اقتحام محتجين على تردي الوضع المعيشي والسياسي لمقر المجلس في مدينة طبرق في أقصى شرق البلاد «عملية مدبرة ومحاولة لإسقاط السلطة التشريعية في البلاد». وقال في تصريحات تلفزيونية إن مطالب المحتجين المشروعة «لا تتعلق بعمل المجلس ولكن بسبب أزمات الكهرباء والسيولة وتأجيل الانتخابات وغياب المصالحة وغيرها من المهام التي فشلت حكومة الدبيبة في القيام بها». وأضاف «من اقتحموا مقر مجلس النواب كانوا يحملون الأعلام الخضراء لنظام العقيد الراحل معمر القذافي»، محملاً بذلك مسؤولية ما حدث إلى أنصار النظام السابق الذين توعد بالتعامل معهم وفق القانون وملاحقتهم، قائلا: «لن ينجو أحد بفعلته». وقال إنه يُقدر حجمَ المعاناة التي يعانيها الليبيون، واتهم المصرف المركزي «بعدم حل مشكلة السيولة»، ودعا حكومة الاستقرار برئاسة فتحى باشاغا لتلبية مطالب المواطنين.
- « إجراءات واجبة»
بدوره هدد المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني باتخاذ ما وصفه بـ«الإجراءات الواجبة لصيانة استقلال القرار الليبي، إذا ما حاول أي طرف الانفراد به تماشيا مع أي إرادة خارجية تسعى لفرض مشاريعها وقرارها على الليبيين». وقال في بيان تلاه اللواء أحمد المسماري الناطق الرسمي باسمه إنه يتابع الحراك الشعبي، «الذي يعبر عن مطالب مشروعة في ظل تفاقم الأزمة الليبية وانغلاق الأفق وتدني المستوى الخدمي والمعيشي للمواطن». معلنا «الوقوف التام مع الإرادة الشعبية، وتأييد مطالب المواطنين». وطالب المواطنين «بعدم المساس بالمرافق العامة والخاصة»، وتعهد بأن «قوات الجيش لن تخذل الشعب، ولن تتركه عرضة للابتزاز والعبث» ودعاهم إلى تنظيم «حراك مدني سلمي منظم، لوضع خريطة لطريق الخلاص من الواقع المرير».
وفى تهديد جديد للمتظاهرين حذر العميد محسن الزويك آمر «قوة دعم الدستور والانتخابات» التابعة لحكومة الدبيبة كل الأطراف ذات «الأجندة الخفية» من توجيه الحراك الشعبي في كل المدن الليبية إلى أهداف غير المُراد بها، وقال في بيان مساء أول من أمس: «سنقف إلى جانب الشعب في التغيير شرط الالتزام بالسلمية وعدم الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة».
إلى ذلك ناشد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة المتظاهرين الليبيين «بتجنب أي أعمال عنف»، والقوات الأمنية «بممارسة أقصى درجات ضبط النفس»، ودعا في بيان وزعته البعثة الأممية ينسب إلى ستيفان دوغاريك، المتحدث الرسمي باسمه، «جميع الأطراف الفاعلة للنأي عن أي أفعال من شأنها أن تزعزع الاستقرار»، لافتا إلى وجود الأمم المتحدة ومستشارتها الخاصة ستيفاني ويليامز «لتقديم المساعي الحميدة والوساطة بين الأطراف لإيجاد مخرج من الانسداد السياسي عبر تنظيم الانتخابات وفق إطار دستوري متين في أقرب فرصة ممكنة».
في غضون ذلك اعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري الاضطرابات التي حدثت في ليبيا «مؤشرا على عدم رضا قطاعات عريضة من الشعب بسبب استمرار الأزمة وإرجاء العملية السياسية الانتخابية والوصول إلى التوافق الذي ننشده».
وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره النمساوي ألكسندر شالينبرغ إن مصر تبذل جهدا كبيرا في إطار التأكيد على «عدم اللجوء إلى العمل العسكري والوصول إلى حل للأزمة الليبية، وتعزيز الحوار والعمل على التوصل إلى توافق ليبي - ليبي يقود إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية المتزامنة».
ودعا إلى احترام «الشرعية القائمة في المجلس الرئاسي ومجلس النواب» وتجاوز الخلافات والسير قدما نحو الانتخابات بما يتسق مع مقررات مجلس الأمن ومخرجات مساري برلين وباريس، لافتا إلى أن ذلك «لا بد أن يكتمل بخروج القوات الأجنبية من الأراضي الليبية والتعامل مع قضية الميليشيات والتنظيمات الإرهابية».