«قصر سلوى»... موسيقى صامتة تلهم مصمماً سعودياً في مشروع «تَكّي»

نواف النصار لـ«الشرق الأوسط»: حين كلفتني «مسك» رأيته بعيون جديدة

المصمم السعودي نواف النصار أمام قصر سلوى (الشرق الأوسط)
المصمم السعودي نواف النصار أمام قصر سلوى (الشرق الأوسط)
TT

«قصر سلوى»... موسيقى صامتة تلهم مصمماً سعودياً في مشروع «تَكّي»

المصمم السعودي نواف النصار أمام قصر سلوى (الشرق الأوسط)
المصمم السعودي نواف النصار أمام قصر سلوى (الشرق الأوسط)

من يزر قصر سلوى، الواقع في حي الطريف التاريخي بالدرعية، تثِره الدهشة تجاه هذا البناء المعماري العريق، الذي لطالما ألهم المصممين والفنانين، ومنهم المصمم المعماري نواف النصار، في مشروعه «تَكّي»، الذي عُرض في «ملتقى المدينة»، بتنظيم «مؤسسة محمد بن سلمان» (مسك)، في مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية بالرياض، الأسبوع الماضي.
واللافت ما أسماه النصار بـ«الموسيقى الصامتة»، تعبيراً عن لحن المكان الذي سمعه عبر جدران القصر المطعمة بالأشكال الهندسية، حيث ينفذ إليها نسيم الهواء في أكثر من اتجاه. والقصر الذي يعد مقر أمراء وأئمة العائلة المالكة خلال حكم الدولة السعودية الأولى، أشعل جذوة الإبداع داخل النصار، ليعيد صياغته عبر تصميم مكوّن من خمسة مقاعد، تختزل العناصر الشاعرية في القصر، مبيناً أنه اختار العدد 5 تيمناً بأصابع اليد الخمسة المترابطة.
يتحدث النصار عن قصة العمل قائلاً «عندما كلفني (معهد مسك) بتصميم قطعة مستوحاة من المنطقة الوسطى، تفاجأت؛ لأنني معماري، بيد أنّي وجدت أن فريق العمل يملك فن التواصل والنظرة للإنسان». وتابع «هنا رجعت ذاكرتي إلى الطفولة، عندما كان جدي يأخذني إلى قصر سلوى ويحكي لي عن أهميته وتاريخه».
- عيون الفنان
يوضح النصار خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه بعد تكليفه، عاد مرة أخرى إلى قصر سلوى، ليراه بعيون مختلفة ومن منظور العمارة، حسب قوله، وأضاف «كوني مصمم عمارة داخلية، ركزت على عناصر القصر، وقررت اختيار 3، وتوفقت باثنين منها، وهما حجر أساس قصر سلوى، والحوائط الشامخة الجميلة».
وبحثاً عن العنصر الثالث الذي لم يظهر له، يتابع النصار «زرت القصر أكثر من مرة، وركزت على الموسيقى المعزوفة داخله بآلات معمارية مكونة من الفتحات (المثلث والأبواب)، وفضّلت الاستماع إلى ذاتي وهي تتساءل: تُرى كم من أحداث وقصص جرت داخل هذا الفراغ الجميل؟ ومن هو المعلم، المهندس، الذي صمم هذا البناء وأشرف عليه؟ وكيف كانت النوافذ والأبواب وغيرها من الأمور؟».
من هنا، رجع النصار إلى نقوش السدو لتكون عنصره الثالث، باعتباره من أهم عناصر النسيج والحياكة في تلك الحقبة، قائلاً «قرأت عن السدو، والتحقت ببرنامج مدته 5 أيام، كي أتعلم كيف يُصنع، ومن ثَمّ اخترت الجهة المناسبة لتصنيع قطع السدو بزخارف معمارية محلية وخامات حديثة لمواكبة العصر». وقرر النصار الخروج بـ5 قطع، مكونة من 3 عناصر: حجر أساس ممثل بقصر سلوى، وظهر الجلسة من جدران قصر سلوى، وطبعة السدو في ظهر العمل.
- عودة للجذور
والعمل «تكّي» يشير إلى كلمة دارجة بالعامية تعني اجلس بأريحية، بمعنى «الاتكاء» في اللغة العربية، إلا أنها لا تقتصر على مدلول الجلوس المادي فقط؛ إذ يقول النصار «هي دعوة كي نتكئ ونعود جميعاً إلى ماضينا وجذورنا، ونقترب أكثر من قصصنا وتراثنا العميق»، ويبين أن القطع الخمس في «تَكّي»، أربع منها مستلهمة من زخارف عمارة قصر سلوى، والخامسة تعبر عن المرأة.
بسؤاله عن رمزية وجود المرأة ضمن هذا العمل، يرجع ذلك لأهمية دورها منذ قديم الأزمان وحتى اليوم في المجتمع السعودي، مبيناً أن القطعة التي تعبر عن المرأة أثارت فضول وأسئلة الزوار، خلال الأسبوع الماضي، والذين تساءلوا وتحاوروا معه في هذه الرمزية، لا سيما أن النصار يتعمد إثارة الأسئلة إيماناً بضرورة التفاعل ما بين المصمم والمتلقي.
- صياغة الثقافة
جاء تكليف «معهد مسك للفنون» لنواف النصار بتصميم المشروع ضمن «صياغة الثقافة»، حيث انطلق بكل شغف متأثراً بهذا الموضوع، وبدأ يتأمل في نفسه ومحيطه أولاً، في السعي حثيثاً نحو حفظ الأصالة والهوية الثقافية في عمله؛ خوفاً من أن تندثر مع سرعة التطور والتقدم في المنطقة. وقد اهتم النصار بحفظ التقاليد والحرف الأثرية من خلال توثيق الأشكال والنقوش الموجودة في العمارة والأزياء والمنتجات السعودية العريقة.
يشار إلى أن النصار هو مصمم عمارة داخلية، مهتم بتطوير مفهوم التصميم الداخلي حسب كل بيئة يتعايش بها الفرد، وهو يؤمن بضرورة توظيف قطع الماضي لجعلها مواكبة للحاضر، وقد حصل على درجة البكالوريوس في تصميم العمارة الداخلية من الكلية الأميركية في بريطانيا عام 1990. وعمل في مجال التصميم منذ ذلك الوقت وحتى الآن.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

زخمٌ غنائي عربي يختم عام 2024

بهاء سلطان يطرح ميني ألبوم «كأنك مسكن» (حسابه في فيسبوك)
بهاء سلطان يطرح ميني ألبوم «كأنك مسكن» (حسابه في فيسبوك)
TT

زخمٌ غنائي عربي يختم عام 2024

بهاء سلطان يطرح ميني ألبوم «كأنك مسكن» (حسابه في فيسبوك)
بهاء سلطان يطرح ميني ألبوم «كأنك مسكن» (حسابه في فيسبوك)

طرح مطربون عرب أغنيات جديدة في ختام عام 2024، من بينهم حميد الشاعري، ونجوى كرم، وجنات، ونبيل شعيل، وماجد المهندس، وتامر عاشور، وأحمد سعد؛ حقّقت مشاهدات لافتة عبر منصات الموسيقى المتخصّصة ومواقع التواصل المختلفة، وأحدثت انتعاشة غنائية خصوصاً في سوق الأغنيات «السنغل» المُعتَمدة من عدد كبير من المطربين، كما تنوَّعت موضوعاتها ما بين الرومانسي والاجتماعي وعلاقات الحبّ والزواج والخيانة.

حميد الشاعري يصدر «جوانا حنين» في موسم الأعياد (حسابه في فيسبوك)

من بين الأغنيات التي طُرحت عبر المنصات المتخصّصة و«يوتيوب»، «جوانا حنين» لحميد الشاعري، الذي أصدرها بالتزامن مع احتفاله بعيد ميلاده قبل أيام. كما طرحت الفنانة اللبنانية نجوى كرم أغنية «ع توقيت قلبي»، وطرحت سيمون أغنية «كلمني عن نفسك»، وأصدرت شاهيناز أغنية «الجواز»؛ صوَّرتها بطريقة «الفيديو كليب» عبر سيناريو كوميدي، إضافة إلى طرح جنات أغنية «كأنك روح» عبر قناتها الخاصة في «يوتيوب».

الفنان السعودي ماجد المهندس (حساب روتانا في فيسبوك)

وأيضاً، طرح المطرب السعودي، راشد الماجد، أغنية «نصي الأجمل»، وقدَّمت المصرية نسمة محجوب أغنية «الناس حواديت»، بينما طرح الفنانون المصريون: أحمد سعد «جاري البحث»، وإيهاب توفيق «سيبك من قال»، وحمادة هلال «يا ريت أهالينا ما ربونا».

وبعد فوزه بجائزتَي «أغنية العام» على مستوى العالم العربي، و«أفضل أغنية مصرية» لعام 2024 في احتفالية «بيلبورد عربية» للموسيقى بالعاصمة السعودية، الرياض، قبل أيام عن أغنيته «هيجيلي موجوع»، طرح تامر عاشور أحدث أغنياته «ياه» التي حقّقت مشاهدات واسعة عبر منصات الموسيقى وقناته بموقع «يوتيوب».

الفنان المصري إيهاب توفيق (حسابه في فيسبوك)

ورغم تصريحات بعض النجوم عن تراجع اهتمامهم بطرح الألبومات الغنائية في السنوات الأخيرة نتيجة ارتفاع الأسعار وندرة الشركات المنتجة وغيرهما من الأسباب المتعلّقة بآليات العمل الفنّي، فإنّ بعضهم حرص على إصدار ألبومات جديدة، من بينهم رامي جمال الذي أصدر أغنيات عدّة من ألبوم «مش لاقيكي»، كما طرح بهاء سلطان ميني ألبوم «كأنك مسكن»، وأصدر ماجد المهندس ألبوم «شاطي بحر»، ونبيل شعيل ألبوم «يا طيبي».

الفنان المصري رامي جمال (حسابه في فيسبوك)

في هذا السياق، ترى أستاذة النقد الموسيقي بأكاديمية الفنون بمصر، ياسمين فراج، أنّ سوق الأغنيات انتعشت بالفعل خلال العام الحالي، وبلغت ذروتها في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالتزامن مع الاحتفال بموسم الأعياد. كما أكدت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الانتعاشة لم تقتصر على العام الحالي فقط، وإنما ازدادت بشكل ملحوظ عقب جائحة (كورونا)».

المطربة المصرية سيمون (حسابها في فيسبوك)

ولفتت فراج إلى أنّ «أغنيات المواسم موجودة منذ حقب قديمة لاعتياد الناس عليها، لكنها بدأت بالازدهار في مطلع الألفية، وستظلّ رائجة نتيجة ارتباط المتلقّي بكل جديد في المناسبات المختلفة؛ لإضفاء مزيد من البهجة والسعادة على أيامه».

الفنان المصري أحمد سعد يطرح «جاري البحث» (حسابه في فيسبوك)

وعلى صعيد أغنيات الراب والمهرجانات والأغنية الشعبية، طرح مغنّي «المهرجانات» المصري حسن شاكوش أغنية «اللي خانو»، كما طرح عصام صاصا أغنيات عدّة بعد خروجه من السجن، من بينها «طيب زمان». وقبل أيام، طرح محمد رمضان أغنية «جوانا» التي شاركه في غنائها الرابر أفرو بي، وكذلك أصدر المغنّي سمسم شهاب أغنية «كتر الفلوس».

أصدرت شاهيناز أغنية «الجواز» (حسابها في فيسبوك)

أما الناقد الفنّي المصري أحمد السماحي فيرى أن «إصدار الأغنيات قبيل نهاية العام أمرٌ ملحوظ ومتعارف عليه، وذلك بالتزامن مع الاحتفال بقرب السنة الجديدة، والاستفادة من إجازات الأعياد أو منتصف العام الدراسي».

المطربان شاكوش وصاصا (حساب شاكوش في فيسبوك)

وتابع، لـ«الشرق الأوسط»، أنّ صناع الأعمال الغنائية وشركات الإنتاج يتّفقون على هذا المبدأ ويحرصون عليه من أجل تحقيق مشاهدات مكثفة، بعيداً عن ضغوط العمل والدراسة.

المغربية جنات تطرح «كأنك روح» عبر «يوتيوب» (حسابها في فيسبوك)

وأوضح أنّ موسم استقبال العام الجديد مثَّل فرصة جيدة لطرح الألبومات الغنائية في الربع الأخير من الألفية الماضية، ولكن عندما حلَّت أغنيات «السنغل» محل الألبومات، أصبحت هي الرائجة.