الأردن يوقع مع الولايات المتحدة اتفاقية ضمان سندات اليورو بوند

بقيمة 5.‏1 مليار دولار

الأردن يوقع مع الولايات المتحدة اتفاقية ضمان سندات اليورو بوند
TT

الأردن يوقع مع الولايات المتحدة اتفاقية ضمان سندات اليورو بوند

الأردن يوقع مع الولايات المتحدة اتفاقية ضمان سندات اليورو بوند

وقع الأردن والولايات المتحدة الأميركية أمس اتفاقية لضمان سندات اليورو بوند بحجم مليار ونصف مليار دولار، تقوم بموجبها الحكومة الأميركية بتوفير الضمانات اللازمة للأردن للاقتراض من الأسواق العالمية خلال العام الحالي.
والاتفاقية هي الثالثة التي توقعها الحكومة مع الحكومة الأميركية، إذ تمكن الأردن من الاقتراض بواسطة السندات المكفولة من الحكومة الأميركية بقيمة مليار وربع المليار دولار خلال عام 2013 وبفائدة 503.‏2 في المائة لأجل 7 سنوات وبقيمة مليار دولار وبفائدة 945.‏1 في المائة ولأجل 5 سنوات خلال عام 2014.
ووقع الاتفاقية في دار رئاسة الوزراء أمس الأحد نيابة عن الحكومة الأردنية وزير المالية أمية طوقان، وعن الجانب الأميركي مديرة مكتب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الأردن بيث بيغ، كما وقع رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور والسفيرة الأميركية في عمان أليس ويلز الإعلان المتعلق بهذه الاتفاقية.
وبموجب الاتفاقية ستقوم الوكالة الأميركية بإصدار ضمانات تشمل مائة في المائة من الالتزامات المترتبة من أصل الدين والفوائد المستحقة عليه وحسب أجل استحقاق السندات لأجل 7 سنوات و5 سنوات.
ويأتي توقيع هذه الاتفاقية ثمرة للتعاون الأردني والأميركي واستمرار الولايات المتحدة بدعمها للأردن اقتصاديا في ظل الظروف والتحديات الأمنية والاقتصادية التي تمر بها المنطقة.
وأعرب النسور في كلمة خلال حفل التوقيع عن عميق شكره وتقديره لحكومة وشعب الولايات المتحدة الأميركية على الالتزام والثقة بالأردن، خصوصا في ظل الظروف الإقليمية والاقتصادية الاستثنائية.
وأكد أن ضمان القرض هذا هو دليل على دعم الولايات المتحدة الأميركية الثابت لحكومة وشعب المملكة الأردنية الهاشمية وبما يفي بالالتزام الذي قطعه الرئيس أوباما للملك. وأشار إلى أن ضمان القرض الثالث سيساعد الاقتصاد الأردني على التكيف مع التحديات المتزايدة التي تفرضها الأوضاع في الإقليم ومنها انقطاع إمدادات الغاز والنزاعات في العراق وسوريا مثلما سيساهم في تمكين الحكومة الأردنية من الاقتراض من الأسواق العالمية بأسعار فائدة منافسة.
ولفت إلى أن هذا الاقتراض سيساعد الحكومة لتمويل النفقات والخدمات المتزايدة في قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة مثلما سيعزز عملية التصحيح المدعومة من مجتمع المانحين الدولي وصندوق النقد الدولي للبقاء على المسار الصحيح وتخفيض المستويات الحالية للدين العام.
من جهتها أكدت السفيرة ويلز أن هذه الاتفاقية وهي الثالثة التي توقعها الولايات المتحدة مع الأردن تعد أكبر اتفاقية ضمان قروض توقعها الولايات المتحدة مع أي دولة، كما أكدت أن هذه الاتفاقية ستمكن الأردن من الاقتراض من الأسواق العالمية بنفس سعر الفائدة التي تحصل عليها الولايات المتحدة الأميركية، مشيرة إلى أن اتفاقيتي القرضين السابقين ستوفران على الأردن نحو 500 مليون دولار نتيجة سعر الفائدة المنخفضة.
وأعادت التأكيد على التزام الولايات المتحدة الأميركية بدعم الأردن وبما يمكنه من المحافظة على الاستقرار وتحقيق الازدهار الذي ينشده. من جهته أكد طوقان أن الاحتياجات التمويلية للمملكة تتطلب بالإضافة إلى الإيرادات المحلية قروضا ومنح لتغطية النفقات التشغيلية والرأسمالية وخدمة المديونية.
ولفت إلى أن الاتفاقية تؤمن للأردن مبلغ 5.‏1 مليار دولار بأسعار فائدة نحو 5.‏2 في المائة، «وهو سعر منخفض لو ذهبنا إلى الأسواق الدولية دون الكفالة الأميركية»، مؤكدا أن هذا دعم كبير من الولايات المتحدة الأميركية للأردن ورسالة للأسواق المالية على الثقة بقدرة الأردن على خدمة مديونيته وإدارتها.
يشار إلى أن صافي الدين العام في نهاية عام 2014 بلغ نحو 556.‏20 مليار دينار أو ما نسبته 8.‏80 من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2014 مقابل بلوغه نحو 097.‏19 مليار دينار أو ما نسبته 1.‏80 من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2013 أي بارتفاع مقداره 7.‏0 نقطة مئوية.
ويتضمن صافي رصيد الدين العام قيمة ما تم اقتراضه لتغطية العجز النقدي المتراكم لشركة الكهرباء الوطنية الذي يقارب 64.‏4 مليار دينار، أي ما يعادل نحو 1.‏18 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية 2014، مما يظهر أن الأثر المالي لاقتراض شركة الكهرباء الوطنية قد أدى إلى زيادة صافي رصيد الدين العام من نحو 2.‏62 في المائة إلى نحو 8.‏80 من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2014.
ويأتي هذا الإصدار لسندات اليورو بوند ضمن خطة التمويل التي أقرها قانون الموازنة العامة لعام 2015 ولا يعتبر مديونية جديدة فوق خطة التمويل التي تم إقرارها مثلما يحقق هذا التمويل التوازن بين الدين الداخلي والخارجي والاتجاه نحو الاقتراض الخارجي لتمويل عجز الموازنة والتخفيف على الاقتراض الداخلي وعدم مزاحمة القطاع الخاص في الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشاريعه من خلال السوق المحلية.



هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.