شاشة الناقد

شاشة الناقد
TT

شاشة الناقد

شاشة الناقد

- UTAMA
- عجوزان في الصحراء والزمن الصعب
- جيد ★★★
نال هذا الفيلم الآتي إنتاجاً مشتركاً بين بوليفيا وأوروغواي (بمعونة فرنسية)، الجائزة الأولى في مهرجان «صندانس» كأفضل فيلم في مسابقة الأفلام العالمية. مع عدم توفر العديد من الأفلام الأخرى التي عرضتها هذه المسابقة، من الصعب تحديد ما إذا كان الموضوع الآسر هو الذي ترك التأثير الأكبر على لجنة التحكيم.
ليس أنه الفيلم، وعنوانه بلغة أهل البلاد «بيتنا»، لا يستحق. المخرج أليخاندرو لوازيا غريزي وضع في الفيلم مناظر آسرة لحياة متقشّفة وصعبة وقاسية. فيها، سرد حكاية عجوزين من قبيلة كويشوا (من مواطني المنطقة الأصليين) يعيشان على رعي اللاما في منزل بعيد عن كل شيء. عن القرية وعن الطريق العام وعن النهر الصغير.
ليس أن المكان جديد على أفلام دول نائية بإنتاجاتها كما بجغرافيّتها، كحال أفلام منغولية وطاجكستانية وقرقيزية، لكن حضوره كحالة اجتماعية كما كجزء من جماليات الفيلم، يتكرر هنا بفضل تصوير جيد من الأرجنتينية باربرا ألفاريز التي اختبرت متطلّبات التصوير الخارجي في أماكن نائية وقاحلة كهذا الفيلم، كما الداخلي في هيئة المدن وعوالمها المختلفة.
هنا حكاية زوجين عجوزين يعيشان في بيت ناء في سنة غاب المطر عن الهطول. ليس في المنزل ما يكفي من الماء، مما يضطر المرأة للذهاب إلى القرية لملء دلوين صغيرين قاطعة في الذهاب والإياب مسافة شاقّة. الزوج، فرجينيو، ينطلق كل يوم في رعي ماشيته ولو أننا لا نعرف لماذا كونه يتوجه بها إلى صحراء تشكو من الظمأ ولا عشب فيها.
إلى المكان يصل حفيدهما كلفر (سانتوس شوكوا) الذي يعيش مع أبيه في المدينة. الجدة سيسا (لويزا كويسبي) ترحّب به، لكن جدّه فرجينيو (جوزيه كالسينا) يعامله بفتور ظاهر. عندما يقترح كلفر عليهما النزوح إلى المدينة، يواجه بصمت الجدة وغضبة الجد. هي تعوّدت أن تترك القرار لزوجها وهو لا يمكن له أن يتخيّل العيش إلا في المكان الذي يعيش فيه الآن.
فوق ذلك، هو شخص مريض ويرفض الاعتراف، ومن ثَمّ يرفض توصية الطبيب بالانتقال إلى المستشفى. يشعرنا الفيلم أن الرجل يريد أن يموت في أرضه ومكانه وهو يفعل ذلك تاركاً زوجته وحيدة وتاركاً السؤال الكبير حول بيئة طبيعية تغيّرت وما عادت تمطر في الشتاء، ووحدة قاسية على من ينتهي به الأمر معزولاً معانداً التغيير لأي سبب.
تتآلف الصورة جيداً مع الأصوات. هذه الأخيرة لا ترتفع لكي تتدخل مباشرة في الإيحاء، بل تنساب طبيعية. صوت الريح، صوت نفس فرجينيو، صوت حيوانات اللاما، صوت الموسيقى الخافتة وأي شيء آخر، يساعد على بلورة فيلم خاص ومثير حتى في سكناته. التمثيل بدوره طبيعي. الشاب شوكوا هو الممثل الوحيد ويحمل معه التشخيص المناسب كشاب محب وصادق. أما كالسينا وكويسبي فهما غير محترفين التقى بهما المخرج قبل عام من التصوير ووضعهما في إطار صورته المعبّرة عما تمر به حياتهما من تطوّر بطيء.
هناك هفوات تمر في الفيلم مثل خيوط قصيرة، مثل قدرة الشاب على تشغيل هاتفه النقال متى أراد حتى من دون شحن كون البيت بلا كهرباء (عروض صندانس).

- BEAVIS AND BUTT - HEAD DO THE UNIVERSE
- العودة غير الحميدة للغبي والأغبى
- وسط ★★
«بيفيز وبت - هَد» شخصيّتان وردتا من حلقات تلفزيونية على «MTV”، وتسللا إلى العروض السينمائية سنة 1996 بفيلم عنوانه «Beavis and Butt‪ - ‬Head Do America”، الفارق ليس في الزمن وحده، بل في أن الحياة نفسها تجاوزتهما. ما هو ماثل على الشاشة صورة باهتة من الفيلم السابق.‬
هما، لمن لا يعرف بعد، شخصيّتان كاريكاتيريّتان عن أغبى شخصين في العالم. شابان لا يفهمان شيئاً بمقياس ذكاء لا يعلو عن الصفر كثيراً، وبقدرة على السقوط في أي حفرة من حفر الحياة من دون أن يدركا ذلك.
هذا على الأقل ما كانا عليه سابقاً. إخراج مايك جَدج لهما واكب بدعة ابتكرت الضحكات على نحو متوالٍ مدموجة بموضوع سياسي ساخر. البطلان في «يفعلان أميركا» يجدان نفسيهما في البيت الأبيض ليكشفا، من دون علم أو قصد، عن خفاياه ومشاكله.
هنا هما في وضع مختلف (وتحت إخراج بليد من جون رايس وألبرت كاليروز). بعد تمهيد نجدهما يحوّلان مختبراً جامعياً إلى حقل نفايات، يأمرهما القاضي بالانخراط في وكالة «ناسا» لعلّهما يتحوّلان إلى شخصيّتين فاعلتين. ليس المطلوب أن نصدّق الكوميديا عندما تُبنى كاريكاتيرياً وعلى نحو ساذج، لكن هناك ضوابط معيّنة يمكن معها قبول الساذج، ليست موجودة هنا. فالمشرفة التي تختارهما للاشتراك في رحلة فضائية، لا بد أنها، من غير قصد الفيلم، أكثر غباءً منهما. ينجحان في التسبب بكارثة لكنهما يعودان إلى الأرض ليكتشفا أن شخصيّتين فضائيّتين تشبهما تماماً لاحقتهما إلى تكساس.
ما يتبع ليس مهماً الخوض فيه، لأن ما سبق ليس مهماً تحليله. لكن الشيء الواحد الذي يبرهن الفيلم عليه، هو أن الفيلم السابق بدا كما لو أن العالم مستعد لمجاراة هاتين الشخصيّتين ولو من باب التماثل وقبولهما على ما هما عليه من بلاهة. اليوم يختلف الوضع كثيراً، وما لم يُثر انتباه صانعيه هو أنهما باتا من خارج الحركة الثقافية الشعبية نفسها. وإذ يخترع الفيلم لهما شخصيتين مشابهتين لكن بمقياس ذكاء أعلى، فإن المرء يتوقع معالجة مختلفة تعترف بالزمن الحاضر لكن ذلك يبقى بعيداً عن المنال. تبقى لهما لحظات مضحكة، بلا ريب، لكنها لحظات طائشة يختفي منها الوميض السابق (عروض تجارية).

ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★ ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

غياب مُريب لأفلام التاريخ العربي والإسلامي

«أسد الصحراء» (فالكون إنترناشيونال)
«أسد الصحراء» (فالكون إنترناشيونال)
TT

غياب مُريب لأفلام التاريخ العربي والإسلامي

«أسد الصحراء» (فالكون إنترناشيونال)
«أسد الصحراء» (فالكون إنترناشيونال)

يُقيم «مهرجان القاهرة» الذي بدأ دورته الـ45 يوم أول من أمس، ندوة خاصة عن المخرج والمنتج مصطفى العقاد الذي كان رحل في مثل هذه الأيام ضحية عملية إرهابية في عمّان قبل 19 سنة.

مُخرج «الرسالة»، عن نشأة الإسلام، و«عمر المختار»، عن مناضل في سبيل استقلال بلاده، كانا، ولا يزالان، أكبر إنتاجين عربيين- عالميين عرفته السينما.

المناسبة تستحق الاهتمام أولاً لإعادة التّذكير بمخرج عربي اخترق الجدار الصّامت حول تاريخ العرب والإسلام في فيلميه «الرسالة» (1976)، و«أسد الصحراء» (1980). وثانياً، لأنه المخرج العربي الوحيد الذي نجح في تحويل أحداث تاريخية عربية إلى الشاشة بنظام 70 مللم بانافيجين كما أفلام البريطاني ديڤيد لين، وفي مقدّمتها «لورنس العرب» (1962) الذي جمع ممثلين عالميين (أنطوني كوين، وبيتر أو تول، وأليك غينس، وجاك هوكينز، وكلود رينز) إلى جانب عمر الشريف وجميل راتب من مصر.

بعد عرضه الخاص في «مهرجان القاهرة» سينطلق في عروض عربية عديدة في جدّة، والدوحة، ودبي، والقاهرة والسعي جارٍ لتوسيع الرقعة عربياً وعالمياً.

مصطفى العقاد يتوسط عبد الله غيث وأنطوني كوين خلال تصوير «الرسالة» (فالكون إنترناشيونال)

خبرات ومواهب

لم يكن سهلاً على الممثلين الذين ظهروا في فيلمي العقاد تسليمَ مقادير مهنتهم آنذاك لمخرج عربي غير معروف، كلّ ما كان لديه لتقديمه - لجانب طموحه - أنه اشتغل مساعد إنتاج وإخراج في بعض المحطات التلفزيونية الأميركية. لكن العقاد فاز بالثقة سريعاً مع احتمال أن يكون الموضوعان المثاران في هذين الفيلمين عنصرَي جذب إضافي. الأول دار حول رسالةٍ (عن الدين الإسلامي) لم يتعرّف عليها الغرب في فيلم سابق، بل بقيت مودوعة في دراسات أكاديمية وكتب. الثاني ثورة ليبية ضدّ الاستعمار الإيطالي صاغها العقاد بعناية وتوازن. وراعى فيه جودة التقديم أيضاً.

«الرسالة» تم بنسختين منفصلتين واحدة عربية أمّ تمثيلها بعض أفضل الخبرات المصرية والمغاربية والسورية واللبنانية، وواحدة بالإنجليزية وكلاهما كانا نجاح عمل مدروس رغم صعوبة تنفيذه.

الفيلم الثاني حكى أن هناك ثورات أخرى وقعت خلال احتلال أجزاءٍ من العالم العربي وأن الموت الجماعي حاذى سواه ممّا حول العالم.

ما إن وقّع أنطوني كوين وإيرين باباس على العقد المبرم لهما، حتى تداعى الآخرون أمثال مايكل أنسَارا وداميان تومس ومايكل فورست.

لاحقاً، عندما خرج «الرسالة» إلى عروض عالمية شملت بلداناً عربية وغربية عديدة، حتى صار من الأسهل جذب نجوم آخرين تقدَّمهم، مرّة ثانية، أنطوني كوين في دور عمر المختار. حينها قال كوين لهذا الناقد في مقابلة: «لم أكن أعرف شيئاً عن التاريخ العربي. العقاد فتح عينيّ على هذا التاريخ المجهول بفيلميه، وبرؤية ثاقبة، وكيفية إنتاج مناسب لفيلم تاريخي كبير. بصفتي ممثلاً أرى أن كلّ شيء كان في مكانه الصحيح».

«المسألة الكبرى» (المؤسسة العامة للسينما والمسرح)

محاولات غير مجزية

لا يمكن إغفال حقيقة أن الأفلام التاريخية - الدينية العربية كان لها حضور سابق لـ«الرسالة». نتحدّث عن «واإسلاماه» للأميركي أندرو مارتون الذي أُنتج في مصر سنة 1961 وخاض بطولته كلٌ من لبنى عبد العزيز (في دور شجرة الدر)، وأحمد مظهر ورشدي أباظة ويوسف وهبي ومحمود المليجي وكاريوكا وعماد حمدي وفريد شوقي.

قبله بعشر سنوات أقدم إبراهيم عز الدين على تحقيق «ظهور الإسلام» بإمكانات محدودة مع كوكا وعماد حمدي وأحمد مظهر وسراج منير بين آخرين. ثم بعد 10 سنوات على ظهور «واإسلاماه» أنجز صلاح أبو سيف «فجر الإسلام». الذي استفاد من خبرة أبو سيف ولو أنه في النهاية بقي إنتاجاً محلياً للسوق العربية.

هناك أيضاً «الناصر صلاح الدين» ليوسف شاهين (1963)، الذي وظّف فيه المخرج أفضل طاقاته وطواقمه ما ساهم، بجانب اسمه المعروف، في انضمام هذا الفيلم إلى باقي ما ذُكر في عالمٍ عربيٍّ كان يتطلّع إلى مثل هذه الأفلام الترويجية لموضوعاتها باهتمام كبير يناسب كل ذلك الجهد الذي شهدته هذه الأعمال.

أدركت السينما العراقية أن هناك طريقاً لإنتاجات تصبو للعالمية بموازين ونُظم إنتاج برهن العقاد أنها ممكنة. في هذا الصّدد حقّق المخرج صلاح أبو سيف «القادسية» في عام 1981 بطلب من الحكومة خلال الحرب العراقية الإيرانية. الفيلم جاء كبير الإنتاج كما أُريد له أن يكون، ركيكاً في نواحيه الفنية، ودعائياً فيما تبقى.

مؤسسة السينما العراقية التي أنتجته كانت التفتت سنة 1980 إلى المخرج المصري الآخر توفيق صالح، وأصرّت على أن يُنجِز «الأيام الطويلة»، الذي عاد إلى تاريخٍ أقرب ليسرد جزءاً من سيرة حياة الراحل صدّام حسين.

في عام 1983 حقّق العراقي محمد شكري جميل «المسألة الكبرى» (1983) عن ثورة العراقيين ضد الاحتلال البريطاني. جلب المخرج مدير التصوير جاك هيلديارد، الذي كان عمل مع العقاد على فيلميه، والممثل أوليڤر ريد الذي كان اشترك في بطولة «أسد الصحراء»، لكن هذه الأفلام بقيت محدودة الانتشار ولم تتجاوز حدود العرض في بعض الدول العربية.

ما حدّ من انتشار هذه الأفلام عالمياً هو معضلة إنتاجات عربية كثيرة حينها، هي سطو «القضية» على المعالجة الفنية، هذا إلى جانب أن العقاد فَهِم وهضم قواعد الإنتاجات العالمية أكثر من سواه.