قال فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية، إن إجراء الاستفتاء المزمع تنظيمه في 25 من يوليو (تموز) الحالي «يعد تحديا كبيرا في وضع سياسي متقلب».
وأضاف بوعسكر خلال مؤتمر صحافي، عقده أمس، أن نحو 9 ملايين و296 ألف تونسي، باتوا مسجلين في القائمات الانتخابية للمشاركة في الاستفتاء المرتقب. مشيرا إلى زيادة عدد المسجلين في السجل الانتخابي مقارنة بالاستحقاقات الانتخابية السابقة، حيث كان عدد الناخبين في حدود سبعة ملايين. مبرزا أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لم تحدد حدا أدنى للتسجيل في العملية الانتخابية، أو نسبة مشاركة معينة.
وبخصوص الميزانية المخصصة لعملية الاستفتاء، قال بوعسكر إن حجمها سيتراوح بين 45 و50 مليون دينار تونسي (ما بين 14.5 و16 مليون دولار)، ستصرف في شكل دفعات، موضحا أنه لا وجود لأي مشكل في صرف الاعتمادات المالية، رغم أن ميزانية السنة الحالية لا تتضمن تمويلات مخصصة للاستفتاء.
أما بشأن انتداب المشرفين على الهيئات الفرعية للانتخابات، فقد أوضح بوعسكر أن مجلس الهيئة اتبع عدة إجراءات للتأكد من استقلالية موظفي الهيئات الفرعية، حيث تم الاستغناء عن بعضهم لعدم استقلاليتهم. مبرزا أن كل الهيئات الفرعية أصبحت مكتملة، وباشرت عملها بعد التحري في استقلالية رؤساء مكاتب الاقتراع ورؤساء الهيئات الفرعية.
وكان عدد من المراقبين السياسيين قد صرحوا بأن المناخ السياسي الحالي لا يمكن من إجراء استفتاء يحدد مستقبل تونس، في ظل تواصل إضراب القضاة للأسبوع الرابع على التوالي، وإقرار الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) إضرابا عاما في القطاع الحكومي بأكمله سيحدد موعده لاحقا. علاوة على تنامي جبهة المعارضة السياسية لخيارات الرئيس قيس سعيد، واتهامه بعدم احترام المسار الديمقراطي، ودعوة عدد كبير من الأحزاب السياسية الهامة إلى مقاطعة الاستفتاء.
في غضون ذلك، أكد حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (يساري) تمسكه بالرفض المبدئي للعودة إلى ما قبل تاريخ 25 يوليو 2021، ودعا إلى تصحيح الحياة السياسية «بطريقة تشاركية فعلية وجدية، تقطع مع العودة إلى الانفراد بالسلطة، والارتداد إلى ما قبل ثورة 2011». كما أكد الحزب خلال مؤتمر صحافي عقده أمس بمقره وسط العاصمة على ضرورة توفر الضمانات الكافية للتداول حول الدستور التونسي الجديد، معتبرا أنه لن يصوت على الاستفتاء الذي لا يختلف عن «المبايعة لرئيس الجمهورية في شيء، وهو ليس تصويتا على الدستور، بل على شخص قيس سعيد»، على حد تعبيره.
وفي انتظار الكشف عن محتوى الدستور الجديد الذي سيستفتى التونسيون حوله، قال أمين محفوظ، أستاذ القانون الدستوري وعضو الهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، إن إعداد الدستور «تم في ظروف صعبة، واللجنة المكلفة لإعداد هذا المشروع رفعت التحدي عاليا. وأرجو أن يكون نص مشروع الدستور الذي سيعرض على الشعب في مستوى هذه التضحيات».
ومن المنتظر أن يثير مشروع الدستور الجديد، الوارد في 140 فصلا موزعة على 12 بابا، العديد من الانتقادات والتساؤلات، خاصةً بعد أن أكد الرئيس سعيد أن الدستور الجديد سيتضمن «وظائف لا سلطات لأن السلطة للشعب» على حد تعبيره، مشيرا إلى أن تحقيق الديمقراطية يتطلب إحداث توازن بين السلطات والاستجابة لمطالب الشعب، ومؤكدا أن ما حصل منذ 2014 هو تفكيك للدولة، على حد قوله.
ومن المنتظر أن يقترح الدستور الجديد العودة إلى النظام الرئاسي، وأن يكون الرئيس هو الذي يتولى تعيين الحكومة، وأن تكون الحكومة مسؤولة أمام الرئيس لا أمام البرلمان، الذي سيكون دوره ثانويا في مرقبة أداء الحكومة، وهو ما خلف جدلا سياسيا حادا حول مستقبل المؤسسات الدستورية في تونس.
رئيس هيئة الانتخابات التونسية: الاستفتاء حول الدستور تحدٍّ كبير
رئيس هيئة الانتخابات التونسية: الاستفتاء حول الدستور تحدٍّ كبير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة