100 عام على صدور أول كتاب في الأدب الحديث منذ توحيد السعودية

«أدب الحجاز» جمعه ورتبه محمد سرور الصبان وضم نتاج 16 أديباً

محمد سرور الصبان
محمد سرور الصبان
TT

100 عام على صدور أول كتاب في الأدب الحديث منذ توحيد السعودية

محمد سرور الصبان
محمد سرور الصبان

في 1923، ظهر كتاب «أدب الحجاز» كأول إصدار أدبي حديث تشهده البلاد. ومؤلف الكتاب هو محمد سرور الصبان (1898 - 1972)، أحد رواد الحركة الثقافية والأدبية في السعودية، وصدر عن المطبعة العربية بمصر، وطبع على نفقة المكتبة الحجازية في مكة المكرمة.
وأشار الصبان في مقدمة الكتاب إلى أنه «صفحة فكرية وجيزة من شعر الشبيبة الحجازية ونثرها، لهذا العهد، ولأول مرة في التاريخ الأدبي لهذه البلاد، بعد فترة طويلة وقرون كثيرة، قضى بها سوء الطالع لهذه الأمة ولهذا الوطن، أن يكون علم الأدب فيها غريباً، والأديب مبتذلاً».
ضم الكتاب تراجم موجزة ونماذج من الشعر والنثر لـ16 أديباً في الحجاز، وجاء في قسمين، قسم المنظوم والمنثور، وتضمن مختارات لبعض أدباء الحجاز، مثل عبد الوهاب آشي، محمد حسن عواد، محمد عمر عرب، محمد سعيد العامودي، محمد البياري، محمد علي رضا، عبد الوهاب النشار، عبد الله فدا، وآخرين، والبقية ترجمة للصبان وإضافة بعض المقاطع.
يقول المؤرخ محمد القشعمي لـ«الشرق الأوسط»: «شهدت تلك الفترة بواكير الازدهار الأدبي والثقافي في السعودية الناشئة، بالتزامن مع توسع الدولة في تمكين المجتمع من التعليم، وازدهار الحركة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وقد ظهرت كتب مهمة خلال تلك المرحلة، ومنها كتاب محمد حسن عواد (خواطر مصرحة) الذي أحدث ضجّة كبيرة، وفُصل على إثرها عواد، من عمله في مدرسة الفلاح؛ لأنه تكلم في قضايا مختلفة مثل التلقين في التدريس، وتعليم المرأة، وعن أدوار العلماء في الفضاء العام، مطالباً بتحجيمها، وقد حظي بردود وتعقيبات على صفحات جريدة (أم القرى) لنقض أفكاره ومناقشة أطروحاته، ومن ذلك كتاب (من وحي الصحراء)، لعبد الله بن عمر بلخير، مترجم الملك عبد العزيز ومن أوائل من وضع أسس الإعلام في السعودية، ومحمد سعيد عبد المقصود خوجة، الذي كانت له أدوار مهمة في طرح قضايا المجتمع الملحة، وأظهر فكراً تقدمياً في مقالاته، والكتاب الرائد، الذي ظهر عام 1355 للهجرة، ضم ترجمات لأوائل الأدباء في السعودية».
من جهته، قال الدكتور عبد الله الحيدري، أستاذ الأدب وعضو اللجنة العلمية لقاموس الأدب والأدباء في السعودية، إن «الأربعينات الهجرية من القرن الماضي، شهدت أوّليات في مجال نشر الكتب وإصدار الصحف، وبالنظر إلى هذه المدة الطويلة، قرن من الزمان، توجد مجموعة من ملامح مرحلة البدايات والصعوبات، ومن ذلك اقتصار الإنتاج على الأعمال الجماعية التي يغلب أن يكون التأليف فيها لاثنين وأكثر، ومن ذلك طباعة الأعمال خارج المملكة، بالنظر لمحدودية المطابع في البلاد أو ندرتها؛ إذ اتجه عدد من المؤلفين إلى بيروت والقاهرة ودمشق وعدن، التي شهدت طباعة بعض الكتب السعودية المبكرة، ومنها دواوين أحمد محمد جمال، وأحمد عبد الغفور عطار، وحسن القرشي، وطاهر زمخشري، وعبد الله بن خميس، وعبد الرحمن العبيد وعبد الله عبد الجبار، ممن طبعوا خارج المملكة.
وأضاف الحيدري لـ«الشرق الأوسط»: «شهد الإنتاج الأدبي السعودي بعد ذلك، نمواً في أجناسه كافة، وبدأت المطابع تظهر في العديد من المدن السعودية، وظهرت بعض دور النشر النشطة، ونشأت الأندية الأدبية عام 1995، وبعدها بسنوات محدودة ظهرت دار تهامة في جدة التي دشنت مرحلة جديدة ونشطة من حركة الطباعة والنشر في السعودية، وأسهمت الأندية الأدبية وبعض دور النشر النشطة في إثراء الساحة الثقافية، وصدرت كتب كثيرة جداً، اهتمت بنشر أعمال الرواد الراحلين».
بعد ذلك نشأت اتجاهات نشر أخرى، تختلف عن سابقتها، مثل اهتمام بعض الجهات بإصدار الأعمال الأدبية الكاملة، ومن ذلك ما نهضت به إثنينية عبد المقصود خوجة في جدة، وأشار الحيدري إلى أن لها أعمالاً جليلة وبصمات واضحة، في إصدار الأعمال الكاملة لعدد من الأدباء السعوديين، مثل حمزة شحاته، وحسين سرحان، وأحمد إبراهيم الغزاوي، وعزيز ضياء، ومحمد حسين زيدان، وأحمد السباعي، وعاصم حمدان، وغيرهم من الأدباء، وأصبحت مراجع مهمة بين يدي الباحثين؛ لأن إنتاجهم سابقاً كان متفرقاً وصدر على مختلف السنوات والدور، ونشأ عن ذلك صعوبات تواجه الباحثين في دراسة آثار هؤلاء، في حين يسّرت جهود عبد المقصود خوجة بعد ذلك الحصول على تلك الأعمال.
ولفت الحيدري إلى أن صدور الأعمال الموسوعية التي نهضت بها جهات رصينة في السعودية خلال الثلاثين سنة الماضية، شكلت واحدة من المنعطفات المهمة في هذا المجال.
وأضاف الحيدري «في الخمسين سنة الماضية، نجد نمواً كبيراً وواضحاً في الأعمال الأدبية، بسبب عناية الجامعات العربية والسعودية، بالمنتج الأدبي السعودي، ووجدنا ما يقرب من 900 رسالة جامعية، نوقشت وأنجزت في المدة بين عام 1966 وحتى اليوم، درست الإبداع الأدبي السعودي بمختلف فنونه».
وأضاف «هذه المنعطفات خلال قرن كامل، تؤكد أن هناك حراكاً نشطاً في مجال الإنتاج الأدبي السعودي، رافقته حركة نشطة من دور النشر والطباعة في السعودية، التي نشأت في مختلف مدن المملكة، وإنشاء كرسي الأدب السعودي قبل عقد وإصداره ما يزيد على 100 كتاب، وجهات أخرى جديدة دخلت مجال النشر وتحقيق التراث، وهو استمرار في الحركة الأدبية والطباعية التي تشهدها السعودية منذ قرن وحتى الآن».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.