خالد الفيصل: أصوات مغرضة تقلل من الدور السعودي في الحج

الأمير خالد الفيصل خلال تفقده التجهيزات للحجاج قبل بدء الموسم هذا العام (الشرق الأوسط)
الأمير خالد الفيصل خلال تفقده التجهيزات للحجاج قبل بدء الموسم هذا العام (الشرق الأوسط)
TT

خالد الفيصل: أصوات مغرضة تقلل من الدور السعودي في الحج

الأمير خالد الفيصل خلال تفقده التجهيزات للحجاج قبل بدء الموسم هذا العام (الشرق الأوسط)
الأمير خالد الفيصل خلال تفقده التجهيزات للحجاج قبل بدء الموسم هذا العام (الشرق الأوسط)

وقف الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، على الاستعدادات في المشاعر المقدسة لاستقبال ضيوف الرحمن، كما ترأس اجتماع لجنة الحج المركزية بمشعر منى، مقدماً شكره للقيادة الحكيمة لما توليه من رعاية واهتمام بالحرمين الشريفين وما وفرته من إمكانات لخدمة ضيوف الرحمن.
وقال الأمير خالد الفيصل، في حوار مع «الشرق الأوسط» إن هناك دوافع سياسية لأولئك الذين يشككون في الدور السعودي لخدمة ضيوف الرحمن، رغم يقينهم بالدور والعمل المبذول، لذلك لا نلتفت إلى هذه الأصوات المُغرضة فنحن مشغولون بتأدية رسالتنا السامية وهي خدمة قاصدي المقدسات.
وتحدث الأمير خالد الفيصل، عن خطط الحج التي تقوم بها أكثر من 41 جهة حكومية، والتوسع في قطاعات مختلفة، إذ جرى تجهيز 35 قطاراً سعة كل قطار 417 راكباً لنقل الحجاج بين مكة المكرمة وجدة بواقع 30 رحلة يومياً قابلة للزيادة وفي المشاعر سينقل قطار المشاعر 210 آلاف حاج، فيما تم توفير 16 ألف حافلة حديثة لنقل 790 ألف حاج، فيما جهزت وزارة الصحة 18 مستشفى في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بطاقة تفوق 3700 سرير يساندها 171 مركزاً.
وكشف أمير مكة المكرمة، أنه سيجري هذا العام إصدار مليون بطاقة تحمل خصائص جديدة، ومنها رمز شريطي يُمكن من معرفة بيانات الحاج ومعلوماته الشخصية وعنوان السكن والمعلومات الصحية، كما تساعد على الحد من الحج غير النظامي، كما نجحت الأجهزة الأمنية من القبض على 30 مخالفاً أعلنوا وسوقوا لحملات حج وهمية حتى هذه اللحظة.
- خطة الحج
وشدد الأمير خالد الفيصل، على أن حكومة بلاده تحرص في كل موسم حج على تقديم أفضل وأرقى الخدمات لضيوف الرحمن في «التسكين، والنقل، والإعاشة، والتفويج» وأضاف قائلاً: «يأتي ذلك انطلاقاً من الميزة التي خص الله بها هذه البلاد، وهي خدمة الحجيج والمعتمرين وهذا شرفٌ لا يضاهيه شرف»، وقال: «في لجنة الحج المركزية نعمل على تنفيذ توجيهات القيادة التي تؤكد دوماً على وجوب بذل قصارى الجهد لخدمة القادمين للأراضي المقدسة»، وتحقيقاً لذلك تعقد اللجنة اجتماعات طيلة العام لمناقشة الخطط وتقييم الخدمات، ونُقيم الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن فور الانتهاء من الموسم، ونعزز هنا المكتسبات والإيجابيات، ووضع الحلول للملاحظات المرصودة وصولاً لتطوير الخدمات والارتقاء بها من أجل إرضاء قاصدي أقدس البقاع وأطهرها.
وأضاف الفيصل، أن هناك أكثر من 41 جهة حكومية تعمل على قدم وساق لخدمة ضيوف الرحمن مُسخرة كوادرها البشرية وإمكاناتها المادية لهذا الغرض النبيل، واستعرض هنا بعض الجهود والمشاريع في المشاعر المقدسة، إذ جرى تسليم كافة المواقع لشركات الطوافة، وإصدار ما يزيد على 2300 تصريح للمباني المُعدة لإسكان الحجاج في مكة المكرمة، تستوعب مليوناً ونصف المليون حاج، بالإضافة إلى مشروع تطوير المنطقة المحيطة بجبل الرحمة والذي تبلغ مساحته 200 ألف متر مربع، ويتضمن إنشاء مواقف عامة للحافلات والسيارات، إلى جانب إنارة الجبل والمنطقة المحيطة به، كما تم الانتهاء من التشغيل التجريبي والصيانة اللازمة لأنظمة ومباني منشأة الجمرات للتأكد من جاهزيتها.
- تطوير الخيام
يقول الأمير خالد الفيصل، إن سقف الطموحات والعمل من أجل التطوير وجعل الرحلة الإيمانية لضيف الرحمن أكثر راحة وسهولة، لا سقف له، والجهات ذات العلاقة تعمل بشكل مستمر على تطوير منظومة الحج بأكملها ومن بين ذلك تنفيذ مشروع تطوير المخيمات بمشعر منى تحت إشراف الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، ويقع على مساحة نصف مليون متر مربع، ويشمل ما نسبته 20 في المائة من المخيمات الحالية، أيضاً أعمال تطوير البنية التحتية بمشعر عرفات في مرحلته الأولى وسوف تكتمل هذه المشاريع خلال الأعوام القليلة المقبلة.
- الخدمات والجهات
في هذا الصدد شدد الأمير خالد الفيصل، على أن كافة الجهات تعمل على رفع طاقتها التشغيلية في موسم الحج، وفي هذا الصدد هيأت وزارة الصحة 18 مستشفى في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بطاقة تفوق 3700 سرير يساندها 171 مركزاً صحياً بالإضافة للمستشفيات الميدانية ومستشفيات جدة والطائف، وفي جانب الكهرباء تم تنفيذ مشاريع لتعزيز الطاقة الكهربائية في مكة المكرمة والمشاعر بقيمة تتجاوز 3 مليارات ريال، أما بالنسبة للمياه فالمستهدف ضخ قرابة 20 مليون متر مكعب من المياه خلال شهر ذي الحجة، وفي جانب الخدمات البلدية تم تجهيز 28 مركز خدمة يعمل بها أكثر من 7400 عامل مسنودين بما يزيد على 65 ألف مُعدة.
- الحجاج والتدابير الصحية
يصل عدد الحجاج هذا العام إلى مليون حاج منهم 150 ألفاً من الداخل و850 ألفاً من الخارج، والحديث للأمير خالد الفيصل، الذي قال إنه فيما يخص الدول الأكثر قدوماً فإن ذلك يعتمد على الطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة والمسجد الحرام بالإضافة إلى عدد سكان كل دولة، وقد أقرت دول منظمة المؤتمر الإسلامي نصيب كل دولة ليكون ألف حاج لكل مليون نسمة، ولا يخفى على الجميع أن حج هذا العام وللسنة الثالثة على التوالي استثنائي من حيث أعداد الحجاج بسبب جائحة كورونا التي لا تزال تلقي بظلالها على العالم، لذا فإن رفع عدد الحجاج جاء استناداً إلى الحصص المخصصة للدول، مع الأخذ بالتوصيات الصحية حرصاً على سلامة حجاج بيت الله الحرام، وضمان سلامتهم وأمنهم.
وعن التدابير الصحية، قال أمير مكة المكرمة، هناك لجان متخصصة تراقب الوضع الصحي عالمياً، ومن مهام عملها دراسة تداعيات الجائحة وأي أمراض أو تفشيات وبائية وسن آليات وتدابير وقائية تضمن سلامة ضيوف الرحمن وفق أسس وضوابط واضحة ومقننة، ولا بُد هُنا من الإشارة إلى أن المملكة أثبتت - بفضل الله - ثم بحكمة قيادتها وهمة أبنائها قدرتها الفائقة على التعامل مع هذه الأوبئة، ولعلي أستشهد هُنا بما حدث على الصعيد العالمي فقد تسببت الجائحة في إيقاف وإلغاء مناسبات عديدة، بينما شعيرة الحج وفي ذروة انتشار الفايروس لم تتوقف، وأدى المسلمون مناسكهم خلال العامين الماضيين، دون تسجيل أي إصابات بأمراض وبائية ولله الفضل والمنة.
- مبادرة طريق مكة
هذه المبادرة طرحت لأهداف كثيرة ومتعددة ولعل في مقدمتها هي إيجاد المناخ المناسب للحاج للعبادة وأداء مناسك الحج، لذا طرحت «الشرق الأوسط» سؤالاً مباشراً على أمير مكة المكرمة، حول زيادة عدد الدول المستفيدة، فرد قائلاً: في كل عام يجري إضافة دول جديدة إلى هذه المبادرة الرامية لتقديم أرقى الخدمات لضيوف بيت الله الحرام.
وتابع الأمير الفيصل، أن هذه الخدمات تكون من خلال إنهاء إجراءات دخولهم للمملكة من مطارات دولهم، حيث يتم استقبالهم عند وصولهم للمملكة في صالة خاصة، ونقلهم لمقار إقامتهم دون الانتظار في المطار، واليوم تستفيد منها 5 دول، وبالتأكيد سيتم التوسع فيها خلال الأعوام المقبلة فالتسهيل على ضيف الرحمن يتسنم اهتمامات قيادة هذه البلاد.
- التقنية في الحج
خطت السعودية في هذا الجانب خطوات متسارعة وهامة، وهو ما أشار إليه الأمير خالد الفيصل، بقوله: «إننا بدأنا منذ سنوات في تسخير التقنية لخدمة ضيف الرحمن وأن تكون كافة الأعمال المرتبطة به تقنية منذ وصوله إلى أراضي المملكة وحتى مغادرته إلى بلاده سالماً غانماً بإذن الله، ومن أبرز الأعمال في هذا الجانب بطاقة الحج الذكية التي أطلقت منذ أعوام ويجري تطويرها بشكل مستمر وتُسهم في تنظيم رحلة الحاج منذ الوصول وحتى المغادرة».
وأضاف أن هذه البطاقة تحوي معلومات عن مخيمات الحجيج، ومواعيد النقل ومواقع التجمع، كما تساعد في تنظيم وإدارة الحشود، وفي هذا العام سوف يتم إصدار مليون بطاقة تحمل خصائص جديدة، ومنها رمز شريطي يُمكن من معرفة بيانات الحاج ومعلوماته الشخصية وعنوان السكن والمعلومات الصحية، كما تساعد على الحد من الحج غير النظامي، أيضاً سوف يتم إصدار بطاقات للعاملين في الحج مزودة بخاصية الاستجابة السريعة وتمكنهم من التواصل مع الحجاج وإرشادهم ومباشرة الحوادث وتحديث ملف صحة الحاج وبيانات السكن ومعلومات الناقل.
- القدوم والمغادرة
يعد المنفذ الجوي المحطة الأكثر قدوماً للحجاج، وعملت الجهات المعنية على تهيئته وهو ما أكده أمير مكة المكرمة، إذ قال إنه جرى التوسع في صالات الحجاج بالمطار المخصصة لاستقبال ضيوف الرحمن عند قدومهم لتصبح 34 صالة سفر مكيفة ومجهزة بـ498 منصة لإنهاء إجراءات السفر والجوازات، كما جرى توفير 116 موقفاً للحافلات بهذا المجمع والتي تُقل الحجيج إلى المشاعر المقدسة.
وعن المغادرة، قال الفيصل، إن الجهات المعنية وضعت جداول زمنية للقدوم والمغادرة والتفويج، وفي هذا العام سوف يجري التنسيق بين شركات الحج والعمرة وهيئة الطيران المدني لاستقبال حقائب الحجاج في صالة مخصصة تم إنشاؤها في مكة المكرمة بهدف شحن الحقائب، وتسريع إنها إجراءات السفر ليصل الحاج إلى المطار ويغادر بكل يسر وسهولة وسرعة بإذن الله.
- نقل الحجاج في المشاعر
في هذا الجانب استعرض الأمير خالد الفيصل، جملة من وسائل النقل التي تخدم الحاج، وتحدث أولاً عن الخدمات التي يقدمها قطار الحرمين لضيوف الرحمن بين مدينتي جدة ومكة المكرمة، وقال إنه جرى تجهيز 35 قطاراً سعة كل قطار 417 راكباً لنقل الحجاج بين مكة المكرمة وجدة بواقع 30 رحلة يومياً قابلة للزيادة في حال دعت الحاجة إلى ذلك، أما بالنسبة لنقل الحجيج في المشاعر المقدسة فسوف ينقل قطار المشاعر 210 آلاف حاج، فيما تم توفير 16 ألف حافلة حديثة لنقل 790 ألف حاج، كما تم تجهيز 9 محطات في مكة المكرمة لتمكين ضيوف الرحمن من أداء الصلوات الخمس في المسجد الحرام، كذلك تم وضع خطط لنقلهم يومي 10 و11 من ذي الحجة عبر 5 مواقع في أطراف مشعر منى من وإلى المسجد الحرام.
- الحملات الوهمية
تضرب الجهات المعنية بيد من حديد على من يقدم حملات وهمية أو يتلاعب في خدمة الحجاج، وهو ما أكده أمير منطقة مكة المكرمة، عندما شدد في هذا الحوار «أنه لا تهاون في إيقاع العقوبات بحق المتلاعبين والمتحايلين على أنظمة الحج وتحقيقاً لذلك تتابع الجهات الأمنية مشكورة الإعلانات التي تحاول الاحتيال على الراغبين في الحج، وللحد من ذلك خصصت وزارة الحج المسار الإلكتروني وتطبيق اعتمرنا لطلب أداء الفريضة والتي تمكن الراغبين في أداء الفريضة من معرفة شركات الحج المرخصة واختيار ما يناسبهم منها، وقد أثمرت الجهود الأمنية حتى الآن عن القبض على 30 مخالفاً أعلنوا وسوقوا لحملات حج وهمية».
- التشكيك
في هذه الفترة من كل عام تخرج أصواتاً نشاز تردد ذات العبارات المستهلكة والتي لا تخرج عن التشكيك في دور السعودية لخدمة الحج، وكان لزاماً في خضم هذه الأسئلة أن يطرح هذا السؤال على الأمير خالد الذي قال: «لا نستغرب خروج هذه الأصوات في كل عام ومن ينتهجون هذا الأسلوب دوافعهم في ذلك سياسية بحتة، والباحثون عن تقزيم جهود المملكة والتقليل من الخدمة المقدمة للحجاج والمعتمرين وقاصدي المقدسات، يعلمون جيداً مقدار الجهود التي تُقدم لضيوف الرحمن، وجميع القطاعات تعمل دون كللٍ لتطويرها بشكل مستمر ولن يثنينا عن ذلك شيء، وكما ذكرت في إجابة سابقة أن هذا شرفٌ خص الله به هذه البلاد قيادة وحكومة وشعباً، لذا لن نلتفت إلى هذه الأصوات المُغرضة فنحن مشغولون بتأدية رسالتنا السامية وهي خدمة قاصدي المقدسات وتوفير كل السبل ليؤدوا مناسكهم في طمأنينة ويسر».


مقالات ذات صلة

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

الخليج الأمير سعود بن مشعل أكد ضرورة تكثيف التنسيق بين كافة القطاعات لتهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

نحو تهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات وتسهيل طرق الحصول عليها وتحسين المرافق التي تحتضن هذه الشعيرة العظيمة، أعلنت السعودية عن بدء التخطيط الزمني لحج 1446هـ.

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا الحجاج المصريون النظاميون يؤدون مناسك الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)

مصر تلغي تراخيص شركات سياحية «متورطة» في تسفير حجاج «غير نظاميين»

ألغت وزارة السياحة والآثار المصرية تراخيص 36 شركة سياحة، على خلفية تورطها في تسفير حجاج «غير نظاميين» إلى السعودية.

أحمد عدلي (القاهرة)
الخليج 7700 رحلة جوية عبر 6 مطارات نقلت حجاج الخارج إلى السعودية لأداء فريضة الحج (واس)

السعودية تودّع آخر طلائع الحجاج عبر مطار المدينة المنورة

غادر أراضي السعودية، الأحد، آخر فوج من حجاج العام الهجري المنصرم 1445هـ، على «الخطوط السعودية» من مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة للطرفين عقب توقيع الاتفاقية (مجموعة السعودية)

«مجموعة السعودية» توقّع صفقة لشراء 100 طائرة كهربائية

وقّعت «مجموعة السعودية» مع شركة «ليليوم» الألمانية، المتخصصة في صناعة «التاكسي الطائر»، صفقة لشراء 100 مركبة طائرة كهربائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الثوب الأغلى في العالم بحلته الجديدة يكسو الكعبة المشرفة في المسجد الحرام بمكة المكرمة (هيئة العناية بشؤون الحرمين)

«الكعبة المشرفة» تتزين بالثوب الأنفس في العالم بحلته الجديدة

ارتدت الكعبة المشرفة ثوبها الجديد، الأحد، جرياً على العادة السنوية من كل عام هجري على يد 159 صانعاً وحرفياً سعودياً مدربين ومؤهلين علمياً وعملياً.

إبراهيم القرشي (جدة)

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)