ضربة لطموحات كردستان النفطية والغازية

حقل هافانا للغاز غرب مدينة كركوك بشمال العراق (أ.ف.ب)
حقل هافانا للغاز غرب مدينة كركوك بشمال العراق (أ.ف.ب)
TT

ضربة لطموحات كردستان النفطية والغازية

حقل هافانا للغاز غرب مدينة كركوك بشمال العراق (أ.ف.ب)
حقل هافانا للغاز غرب مدينة كركوك بشمال العراق (أ.ف.ب)

يبدو أن قرار المحكمة الاتحادية في العراق بشأن الثروات النفطية والغازية في إقليم كردستان، إلى جانب صواريخ «الكاتيوشا» التي استهدف مؤخراً شركة «دانة غاز» الإماراتية العاملة في محافظة السليمانية، في طريقهما فعلياً إلى تقويض وعرقلة طموحات الإقليم الكردي في مجالي النفط والغاز، وهي طموحات كانت ستدعم استقلاله ماليا واقتصاديا عن الحكومة الاتحادية في بغداد وربما تمهّد لاستقلاله سياسياً في شكل أكبر عن الدولة العراقية. ويأتي ذلك في وقت عبّر رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، أمس، عن قلقه إزاء ما وصفها بـ«الهجمات الإرهابية» المتكررة على الإقليم وبناه التحتية.
وجاءت عرقلة طموحات الإقليم المحتملة بعد إعلان شركة «شلمبرجر» الأميركية لخدمات حقول النفط، أمس (الاثنين)، التزامها بقرارات المحكمة الاتحادية العراقية المتعلقة بنفط إقليم كردستان، بالتزامن مع إعلان شركة «دانة غاز» الإماراتية، تعليق العمل بشكل مؤقت في مشروع توسيع حقل «كورمور» الغازي بعد تعرضها لهجمات بصواريخ «كاتيوشا» خلال الأسبوع الماضي (للمرة الثالثة في غضون أربعة أيام).
وطبقاً لوثيقة موجهة إلى وزير النفط في الحكومة الاتحادية إحسان عبد الجبار، أعلنت شركة «شلمبرجر» الأميركية «التزامها بقرار المحكمة الاتحادية المرقم 59 والمتضمن عدم التعامل مع إقليم كردستان فيما يخص الملف النفطي»، إلى جانب تأكيدها أنها «لن تقدم على أي مناقصات في قطاع النفط والغاز في إقليم كردستان العراق».
وكانت المحكمة الاتحادية أبطلت، منتصف فبراير (شباط) الماضي، العمل بقانون النفط والغاز في إقليم كردستان الذي كان يتيح له التعاقد والاستثمار وبيع النفط من حقول الإقليم بعيداً عن الحكومة الاتحادية.
وفي وقت سابق، أعلنت شركة «بيكر هيوز» الأميركية هي الأخرى عزمها الالتزام بقرارات المحكمة الاتحادية بشأن نفط إقليم كردستان.
من جانبه، توقّع أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة نبيل المرسومي، أمس، انعكاس قرار انسحاب «شلمبرجر» سلباً على الإقليم. وقال المرسومي في تدوينة عبر «فيسبوك»، إن «(شلمبرجر) هي أكبر شركة في العالم لخدمات حقول النفط، توظف نحو 100 ألف شخص يمثلون أكثر من 140 جنسية يعملون في أكثر من 85 دولة حول العالم، والشركة تقدم حزمة من المنتجات والخدمات من خلال تقييم تشكيل الحفر الموجه والتحفيز، وحفر الآبار، والبرمجيات، وإدارة المعلومات وخدمات البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات».
وأضاف، أن «هذا القرار سلبي على إنتاج النفط في كردستان، خاصة أن شركة (شلمبرجر) مع شركة (هاليبرتون) الأميركية للطاقة (التي يبدو أنها في طريقها إلى الانسحاب) لديهما عقود عمل في حقول نفطية شمالية منها (طقطق)، و(طاوكي)، و(جمجمال)، و(كورمور)، و(خورماله)».
بدورها، وبالتزامن مع قرار شركة «شلمبرجر» النفطية، أعلنت شركة «دانة غاز» الإماراتية، أمس، تعليق العمل بشكل مؤقت في مشروع توسيع حقل «كورمور». وقالت الشركة في بيان، إن «الهجمات الصاروخية على الحقل لم تسفر عن خسائر بشرية أو مادية، رغم سقوط صاروخين آخرين على حقل كورمور بإقليم كردستان العراق يومي الجمعة والسبت الماضيين، بعد حادثة الـ22 من يونيو (حزيران) الحالي». وأضافت، أن «عمليات الإنتاج في الحقل مستمرة، وسنتخذ إجراءات أمنية أكثر شدة، لكن قررنا تعليق العمل بشكل مؤقت في مشروع توسيع حقل كورمور». وأشار بيان الشركة إلى أن «حكومة الإقليم اتخذت كل السبل من أجل تشديد الإجراءات الأمنية في الحقل، منها جلب المزيد من القوات الأمنية لحماية الحقل والمؤسسات».
إلى ذلك، أصدر رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، أمس، بياناً شديد اللهجة، انتقد فيه الهجمات التي تشنها جماعات إرهابية ضد الإقليم. وقال بارزاني في بيان «يساورني القلق، كسائر المواطنين في أنحاء كردستان كافة، إزاء الهجمات الإرهابية المتكررة في الأشهر الأخيرة على شعبنا والبنية التحتية العامة». وأضاف «لقد لجأ الجبناء الذين ينفذون تلك الهجمات إلى الاعتداءات الإجرامية لأنهم فقدوا تعاطف الرأي العام في باقي أنحاء البلاد، وبدلاً من التركيز على المستقبل والتكامل الاقتصادي مع بقية العالم لخلق فرص عمل للشباب، تطلق تلك الجماعات الخارجة على القانون صواريخ على قرانا وعلى المدنيين عامة».
وتابع «لقد تحدثتُ عبر الهاتف مع الشركاء السياسيين الرئيسيين في إقليم كردستان والعراق، إلى جانب أصدقائنا في الخارج. وخلال مكالمتي مع رئيس الوزراء الاتحادي السيد مصطفى الكاظمي، شددت على الحاجة إلى تشكيل قوة مشتركة من البيشمركة والقوات العراقية لملء أي فراغ قائم في المناطق المتنازع عليها التي تستخدمها الجماعات الخارجة عن القانون لزعزعة استقرار البلاد بأسرها بشكل متهور».
وفي حين أشار القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري، في وقت سابق، بأصابع الاتهام إلى ميليشيات لم يسمّها وحمّلها مسؤولية الهجمات الأخيرة على منشآت الغاز والنفط في الإقليم، قالت ما تسمى «الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية»، أول من أمس، إن «استهداف شركات في محافظة السليمانية عمل تخريبي تقف خلفه جهات خارجية بغرض تقويض الجهود المبذولة للخروج من أزمة البلاد الحالية».
وتتهم بعض الجهات العربية في محافظة كركوك عناصر حزب العمال الكردستاني التركي المعارض لأنقرة بالوقوف وراء الهجمات الأخيرة ضد شركة «دانة غاز» في محافظة السليمانية، بالنظر للصراع الدائر بينها وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني.


مقالات ذات صلة

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي أربيل تتكبد 850 مليون دولار شهرياً

أربيل تتكبد 850 مليون دولار شهرياً

كشف مصدر مسؤول في وزارة المالية بإقليم كردستان العراق، أن «الإقليم تكبد خسارة تقدر بنحو 850 مليون دولار» بعد مرور شهر واحد على إيقاف صادرات نفطه، وسط مخاوف رسمية من تعرضه «للإفلاس». وقال المصدر الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه لـ«الشرق الأوسط»: إن «قرار الإيقاف الذي كسبته الحكومة الاتحادية نتيجة دعوى قضائية أمام محكمة التحكيم الدولية، انعكس سلبا على أوضاع الإقليم الاقتصادية رغم اتفاق الإقليم مع بغداد على استئناف تصدير النفط».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي استنكار عراقي لـ«قصف تركي» لمطار السليمانية

استنكار عراقي لـ«قصف تركي» لمطار السليمانية

فيما نفت تركيا مسؤوليتها عن هجوم ورد أنه كان بـ«مسيّرة» استهدف مطار السليمانية بإقليم كردستان العراق، أول من أمس، من دون وقوع ضحايا، وجهت السلطات والفعاليات السياسية في العراق أصبع الاتهام إلى أنقرة. وقال الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، في بيان، «نؤكد عدم وجود مبرر قانوني يخول للقوات التركية الاستمرار على نهجها في ترويع المدنيين الآمنين بذريعة وجود قوات مناوئة لها على الأراضي العراقية».

المشرق العربي نجاة مظلوم عبدي من محاولة اغتيال في السليمانية

نجاة مظلوم عبدي من محاولة اغتيال في السليمانية

نجا قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، مساء أمس، من محاولة اغتيال استهدفته في مطار السليمانية بكردستان العراق. وتحدث مصدر مطلع في السليمانية لـ «الشرق الأوسط» عن قصف بصاروخ أُطلق من طائرة مسيّرة وأصاب سور المطار.

المشرق العربي الحزبان الكرديان يتبادلان الاتهامات بعد قصف مطار السليمانية

الحزبان الكرديان يتبادلان الاتهامات بعد قصف مطار السليمانية

يبدو أن الانقسام الحاد بين الحزبين الكرديين الرئيسيين «الاتحاد الوطني» و«الديمقراطي» المتواصل منذ سنوات طويلة، يظهر وبقوة إلى العلن مع كل حادث أو قضية تقع في إقليم كردستان، بغض النظر عن شكلها وطبيعتها، وهذا ما أحدثه بالضبط الهجوم الذي استهدف مطار السليمانية، معقل حزب الاتحاد الوطني، مساء الجمعة.

فاضل النشمي (بغداد)

«لقاء العقبة» يدعم حكومة «جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

«لقاء العقبة» يدعم حكومة «جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أكَّدت لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا، في اجتماعها بمدينة العقبة الأردنية، أمس، الوقوف إلى جانب الشعب السوري وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الانتقالية، واحترام إرادته وخيارته، داعية إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية جديدة «جامعة».

وشدَّد البيان الختامي الصادر عقب الاجتماع، على دعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية، بما فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية.

في غضون ذلك، قال أحمد الشرع، زعيم «هيئة تحرير الشام»، إنَّ جماعته ليست بصدد الدخول في صراع مع إسرائيل، عادّاً أنَّ «التذرعات التي كانت تستخدمها إسرائيل قد انتهت»، بحسب ما أورد تقرير لوكالة «أسوشييتد برس». أمَّا «وكالة الصحافة الفرنسية» فنقلت عنه قوله: «الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة».

وقال الشرع في مقابلة بثها التلفزيون السوري: «لقد تجاوز الإسرائيليون قواعدَ الاشتباك»، في إشارة إلى الغارات المستمرة منذ أيام التي دمَّرت قواعد وأسلحة للجيش السوري المنهار.

وجاء كلامه فيما أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أنَّ بلاده أقامت «اتصالاً مباشراً» مع «هيئة تحرير الشام»، في الوقت الذي أعادت فيه تركيا فتح سفارتها في دمشق بعد أكثر من 12 عاماً من إغلاقها.