«الناتو» يعتزم رفع قواته العالية التأهب إلى أكثر من 300 ألف

محادثات في مدريد اليوم لبحث التحفظ التركي عن انضمام السويد وفنلندا للحلف

الأمين العام لحلف الأطلسي خلال مؤتمر صحافي في مدريد أمس (أ.ف.ب)
الأمين العام لحلف الأطلسي خلال مؤتمر صحافي في مدريد أمس (أ.ف.ب)
TT

«الناتو» يعتزم رفع قواته العالية التأهب إلى أكثر من 300 ألف

الأمين العام لحلف الأطلسي خلال مؤتمر صحافي في مدريد أمس (أ.ف.ب)
الأمين العام لحلف الأطلسي خلال مؤتمر صحافي في مدريد أمس (أ.ف.ب)

ما زال طلب انضمام السويد وفنلندا إلى عضوية حلف شمال الأطلسي الملف الخلافي الوحيد أمام القمة التي تنطلق اليوم (الثلاثاء) في العاصمة الإسبانية بعد ساعات من انتهاء قمة الدول الصناعية السبع في ألمانيا، وذلك بسبب إصرار تركيا على الخروج عن الإجماع الذي يقتضيه قبول طلب الانضمام إلى الحلف الذي يواجه أكبر التحديات منذ تأسيسه عام 1949 في واشنطن.
وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبيرغ أمس في مدريد إنه سيجتمع اليوم بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيسة وزراء السويد ماغدالينا أندرسون والرئيس الفنلندي سولي ميلنستو لمناقشة الفيتو الذي تصرّ عليه أنقرة ضد ترشيحي هذين البلدين.
وأكد الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين أمس أن بلاده لن تتراجع عن تحفظاتها بشأن انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف، وأن تركيا تتوقع منهما اتخاذ موقف واضح لا لبس فيه ضد حزب العمال الكردستاني والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية».
وكان الحلف الأطلسي استضاف أمس الاثنين اجتماعاً على مستوى كبار الموظفين في البلدان الثلاثة المعنية، لكن من غير أن يحصل أي اختراق في الموقف التركي، حيث صرّح كالين: «بطلب من الأمين العام للحلف ستعقد في مدريد قمة رباعية بمشاركة الرئيس إردوغان والرئيس الفنلندي ورئيسة وزراء فنلندا، لكن ذلك لا يعني أننا سنتراجع عن موقفنا المعروف».
وأفاد ستولتنبيرغ، من جهة أخرى، بأن قمة مدريد ستتخذ مجموعة من القرارات التاريخية والهامة، مثل اعتماد المبدأ الاستراتيجي الجديد الذي سيتيح للحلف أن يتكيّف مع مقتضيات الواقع الجديد الذي فرضه الاجتياح الروسي لأوكرانيا والتهديدات المستمرة التي يطلقها الكرملين، وزيادة عديد القوات الأطلسية في بلدان أوروبا الشرقية، وزيادة الدعم العسكري لأوكرانيا لمساعدتها على الوقوف بوجه روسيا التي يعتبرها الحلف «أكبر تهديد أمني يواجه الدول الأعضاء في الوقت الراهن». وأضاف الأمين العام للحلف أن عدد القوات الأطلسية التي ستكون جاهزة في أعلى درجات التأهب للانتشار بسرعة في حال وقوع هجوم روسي، سوف يرتفع من 40 ألفاً إلى 300 ألف جندي. وقال إن هذه السنة ستكون الثامنة على التوالي التي يزيد فيها الأعضاء الأوروبيون وكندا موازناتهم الدفاعية بنسبة ملحوظة، كاشفاً أن الحلف سيخصص مليار دولار لتطوير البحوث في التكنولوجيا العسكرية.
ومن الملفات الأخرى المدرجة على جدول أعمال القمة الأطلسية زيادة الموازنة المشتركة المقدرة حالياً بحوالي 2.5 مليار دولار سنوياً، لتصل إلى 30 ملياراً في نهاية العقد الجاري، وذلك يهدف تعزيز البنى التحتية الدفاعية لبلدان الشرق الأوروبي، لكن بعض الدول الأعضاء، وفي طليعتها فرنسا، ترفض الموافقة الفورية على هذا الاقتراح وإطلاق يد الأمانة العامة قبل الاطلاع على المشاريع المنوي تنفيذها. لكنّ ثمة إجماعاً بين الدول الأعضاء على تخصيص ما لا يقلّ عن 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لموازنات الدفاع قبل نهاية عام 2024. ويذكر أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب كان وجّه انتقادات قاسية للحلفاء الأوروبيين لعدم تخصيصهم موازنات كافية للدفاع، وهدد بسحب بلاده من المنظمة العسكرية إذا لم تتجاوب البلدان الأوروبية برفع موازناتها الدفاعية.
إلى جانب ذلك علمت «الشرق الأوسط» من مصادر موثوقة أن المبدأ الاستراتيجي الجديد الذي ستعتمده القمة الأطلسية إطاراً لعمليات الحلف، يشير صراحة للمرة الأولى إلى «واجب الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها»، الأمر الذي فسّرته أوساط مسـؤولة في الحكومة الإسبانية بأنه يعني وضع مدينتي «سبتة ومليلة» تحت الغطاء الدفاعي الأطلسي.
يشار إلى أن المادة الخامسة من المعاهدة المؤسسة للحلف تنصّ على أن أي اعتداء ضد أحد الأعضاء يعتبر اعتداءً ضد الحلف بكامله، لكنها تحصر الاعتداء ضمن المنطقة الأوروبية الأطلسية التي تحدّها البلدان الأوروبية الأعضاء في الحلف وأميركا الشمالية والقسم الآسيوي من تركيا والجزر الواقعة شمالي مدار السرطان التي تشمل جرز الكناري وليس مدينتي سبتة ومليلة.
لكن يرى خبراء في قوانين المعاهدات أن المبدأ الاستراتيجي للحلف لا يعدّل نصّ المعاهدة التأسيسية، لكنه يشكّل رسالة سياسية قوية عبر الالتزام بالدفاع عن «كل شبر من أراضي الدول الأعضاء» على حد قول الأمين العام للحلف ستولتنبيرغ.
وتقول المصادر إن هذه الإشارة إلى الدفاع عن وحدة أراضي الدول الأعضاء ليست تنازلاً لإسبانيا، بل فرضتها الحرب الدائرة في أوكرانيا ومطامع روسيا في وضع يدها على أجزاء من هذا البلد وبعض البلدان المجاورة بذريعة وجود أقليات روسية فيها. وكان الحلف الأطلسي حذّر موسكو من أن أي اعتداء على شبر واحد من أراضي الدول الأعضاء يعتبر إعلان حرب ضد الحلف بكامله.


مقالات ذات صلة

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

العالم موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

أكد سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) نشر وحدات عسكرية إضافية في أوروبا الشرقية، وقام بتدريبات وتحديثات للبنية التحتية العسكرية قرب حدود روسيا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، اليوم الأربعاء. وأكد باتروشيف في مقابلة مع صحيفة «إزفستيا» الروسية، أن الغرب يشدد باستمرار الضغط السياسي والعسكري والاقتصادي على بلاده، وأن الناتو نشر حوالى 60 ألف جندي أميركي في المنطقة، وزاد حجم التدريب العملياتي والقتالي للقوات وكثافته.

العالم إسبانيا تستدعي سفير روسيا إثر «هجوم» على حكومتها عبر «تويتر»

إسبانيا تستدعي سفير روسيا إثر «هجوم» على حكومتها عبر «تويتر»

أعلنت وزارة الخارجية الإسبانية، الجمعة، أنها استدعت السفير الروسي في مدريد، بعد «هجمات» شنتها السفارة على الحكومة عبر موقع «تويتر». وقال متحدث باسم الوزارة، لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن الغرض من الاستدعاء الذي تم الخميس، هو «الاحتجاج على الهجمات ضد الحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم {الناتو} يؤكد تسليم أوكرانيا كل المركبات اللازمة لهجوم الربيع

{الناتو} يؤكد تسليم أوكرانيا كل المركبات اللازمة لهجوم الربيع

أعلن القائد العسكري الأعلى لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، أن جميع المركبات القتالية، التي وعد حلفاء أوكرانيا الغربيون بتسليمها في الوقت المناسب، تمهيداً لهجوم الربيع المضاد المتوقع الذي قد تشنه كييف، قد وصلت تقريباً. وقال الجنرال كريستوفر كافولي، وهو أيضاً القائد الأعلى للقوات الأميركية في أوروبا، إن «أكثر من 98 في المائة من المركبات القتالية موجودة بالفعل». وأضاف في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب يوم الأربعاء: «أنا واثق جداً من أننا قدمنا العتاد الذي يحتاجون إليه، وسنواصل الإمدادات للحفاظ على عملياتهم أيضاً».

العالم الناتو يؤكد تسليم كل المركبات القتالية اللازمة لهجوم الربيع الأوكراني

الناتو يؤكد تسليم كل المركبات القتالية اللازمة لهجوم الربيع الأوكراني

أعلن القائد العسكري الأعلى لحلف شمال الأطلسي (الناتو) أن جميع المركبات القتالية، التي وعد حلفاء أوكرانيا الغربيون بتسليمها في الوقت المناسب، تمهيداً لهجوم الربيع المضاد المتوقع الذي قد تشنه كييف، قد وصلت تقريباً. وقال الجنرال كريستوفر كافولي، وهو أيضاً القائد الأعلى للقوات الأميركية في أوروبا، إن «أكثر من 98 في المائة من المركبات القتالية موجودة بالفعل». وأضاف في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي الأربعاء: «أنا واثق جداً من أننا قدمنا العتاد الذي يحتاجون إليه، وسنواصل الإمدادات للحفاظ على عملياتهم أيضاً».

العالم مقاتلات ألمانية وبريطانية تعترض طائرات روسية فوق البلطيق

مقاتلات ألمانية وبريطانية تعترض طائرات روسية فوق البلطيق

اعترضت مقاتلات ألمانية وبريطانية ثلاث طائرات استطلاع روسية في المجال الجوي الدولي فوق بحر البلطيق، حسبما ذكرت القوات الجوية الألمانية اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. ولم تكن الطائرات الثلاث؛ طائرتان مقاتلتان من طراز «إس يو – 27» وطائرة «إليوشين إل – 20»، ترسل إشارات جهاز الإرسال والاستقبال الخاصة بها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟