1000 عام من الاستشراق السويدي

اختلفت دوافعه وأسباب دراسته لحياة شعوب الشرق وتقاليدها

1000 عام من الاستشراق السويدي
TT

1000 عام من الاستشراق السويدي

1000 عام من الاستشراق السويدي

على صفحة الغلاف الأخيرة من كتاب «الاستشراق السويدي» للباحث العراقي سعيد الجعفر، الصادر مؤخراً عن دار المأمون ببغداد، يطالعنا تساؤل عن سبب اهتمام السويد، وهي أمة صغيرة، تقبع في شمال أوروبا، بالشرق الإسلامي. نتلمس الجواب ونحن نطالع نصوص هذا الكتاب الذي تتوفر فيه المسوغات كافة التي تجعل منه مصدراً مهماً يسد نقصاً كبيراً في المكتبة العربية التي احتوت على كم كبير من المصادر التي تقدم لكثير من الممتهنين والمهتمين بعلاقات الشعوب والروابط التاريخية، التي وشجت علاقاتها، معارف ومعلومات لأنماط مختلفة من حركات الاستشراق في ألمانيا وإنجلترا والولايات المتحدة الأميركية وروسيا، لكنها افتقرت إلى معرفة الاستشراق السويدي، الذي تمتد جذوره إلى قرون كثيرة، وهو لا يقل أهمية عن الحركات الاستشراقية الكبيرة الأخرى، بل يكاد يتجاوزها لاختلاف دوافعه وأسباب دراسته لحياة شعوب الشرق وعاداتها وتقاليدها الاجتماعية.
لقد تعرض الاستشراق بشكل عام والغربي بشكل خاص، الذي تصدر المشهد لفترة طويلة من الزمن، إلى انتقادات شديدة عبر مراحل مختلفة، اشتدت في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وذلك ما بعد الكولونيالية، أو بعد انتهاء الاستعمار المباشر الذي جثم على بلدان الشرق. وتركزت الانتقادات على أن غالبية المستشرقين سواء الألمان والإنجليز والأميركان كانوا على صلة وثيقة بالسلطات الاستعمارية التي زودوها بالمعارف والمعلومات عن بلدان وشعوب آسيا والشرق الأدنى وغيرها، ما سهل السيطرة عليها. ولعل ما طرحه أستاذ الفلسفة في جامعة السوربون، المصري أنور عبد الملك، في العام 1962 من أن بروز حركات التحرير الوطنية في آسيا، التي أسهمت في استقلال دولها، وضع عملية الاستشراق في أزمة حقيقية، كان ذلك أول انتقاد يوجه إلى الاستشراق الغربي. لكن كما هو معروف كان الانتقاد الأكثر لذعاً وتوسعاً وسخونة ذلك الذي ذهب إليه المفكر والمؤرخ الفلسطيني إدوارد سعيد، في كتابه «الاستشراق» الذي أثار منذ صدوره العام 1978 وما يزال جدلاً واسعاً بين الأوساط الثقافية والاستشراقية. اعتبر إدوارد سعيد الاستشراق خطاباً ما زال بمقدوره استنساخ نفسه، على مدى الأزمنة. الأمر الذي أنذر بعواقب سيئة بالنسبة للشعوب التي كان مهتما بهاً، فقد ظلت النظرة النمطية التي نظر فيها الغرب إلى بلدان آسيا وأتاح لنفسه قهرها وقمعها، فيما سوّق نفسه باعتباره مثالاً للتنوير والعقلانية والحداثة.
لم ينصف الاستشراق الغربي الشعوب التي ذهب إليها لدراسة طبيعتها وتقاليدها، فقد كانت لديه دوافع مغرضة حسبما أشار سعيد. ولكن مقابل ذلك كان الاستشراق الروسي، الذي اعتبر منصفاً وليست له دوافع استعمارية. بيد أن الاستشراق الروسي كانت تقوده ذهنية آيديولوجية، رغم أنها لم تؤثر سلباً على طبيعة العلاقات مع بلدان الشرق.
جدير بالذكر أن كتاب إدوارد سعيد «الاستشراق» لم يترجم إلى السويدية إلا في العام 1993، أي بعد ما يقرب من 3 عقود من صدوره بالإنجليزية، وقد كتبت مقدمة الترجمة السويدية الصحافية والباحثة في شؤون الشرق سيغريد كاله، التي عاشت فترة من الزمن في بلدان عربية، ومنها العراق، وهي ابنة المستشرق الشهير ساج نيبرغ. وفي مقدمتها لكتاب إدوارد سعيد كتبت: «بعد هذا الكتاب بات مصطلح الاستشراق يحمل نغمة غير محببة، بعد أن كانت كلمة مستشرق كلمة فخر ونوعاً من الامتياز أن تعيش هناك».
كتاب «الاستشراق السويدي» لسعيد الجعفر، يختزل على مدى 340 صفحة من القطع الكبير، مسيرة إنسانية وثقافية واسعة، من خلال اختياره لنصوص من كتب ومصادر لأبرز المهتمين السويديين بمعرفة الشعوب ودراسة أنماط حياتها والتعرف على فنونها وآدابها، سواء في التاريخ القديم، والحديث المعاصر، بكل ما تحويه من مواقف وعلاقات وأفكار وتأثيرات ثقافية، أدبية وفنية، بين السويديين وشعوب بلدان شرق البحر المتوسط، في بلاد ما بن النهرين وبلاد الشام. وكلها غير معروف عنها سوى النزر القليل، سواء في الأوساط الثقافية السويدية أو الشرق أوسطية.
إذن فالاستشراق السويدي، برغم تأثره بالفكر الغربي في فترة ما، لم تكن وراءه نوايا أخرى غير جمع المعلومات والمخطوطات الخاصة بالشعوب والبلدان الأخرى البعيدة، ذلك كون السويد لم يكن لها ماضٍ كولونيالي كما يشير «يان يربه» المستشرق السويدي، وأحد المتخصصين في علم الإسلاميات. لكن يان يربه لا ينفي في مقدمته لكتاب «الاستشراق السويدي»، كون الدافع وراء الاهتمام بالشرق كان أيضاً سياسياً في فترة من الفترات؛ حيث تناغمت السويد مع الدولة العثمانية، إبان القرن السابع عشر، لمواجهة التهديد الروسي، لكلا البلدين وكانت السويد قد أرسلت مبعوثاً إلى إسطنبول في العام 1657 لمحاولة التوصل إلى تعاون عسكري مشترك. وبالفعل تم ذلك. وقد حصلت السويد على مكانة خاصة لدى البلاط العثماني.
وفي تلك الفترة أرسلت السويد أيضاً باحثين إلى مناطق كثيرة تابعة للدولة العثمانية البعيدة، من بينها إسطنبول ومصر والجزيرة العربية؛ حيث جمعوا المخطوطات ودرسوا اللغات. وعندما انهزمت السويد أمام روسيا في معركة بالتوفا في العام 1709 واستسلم الجيش السويدي هرب الملك كارل الثاني عشر لاجئاً إلى تركيا وأقام فيها تحت حماية السلطان أحمد الثاني.
ولكن بعيداً عن الدافع السياسي، ثمة عوامل أخرى دفعت السويد إلى الاستشراق، منها ظهور أفكار جديدة حول العلوم الطبيعية والتقدم على الصعيد الاقتصادي وإمكانية معرفة التقنيات المستخدمة في الزراعة. ومن خلال هذا الكتاب، الذي احتوى على ترجمة وتحرير نصوص مختارة لعدد من المستشرقين والمؤرخين والرحالة السويديين الذين زاروا بلاد الشام ومصر والعراق وغيرها، يطلع الباحث الجعفر قارئه على الدوافع المعرفية لمستشرقين ومستعربين ومختصي لغات وفنانين وأدباء اهتموا بهذا الجزء من العالم وكتبوا من وحي إلهامه كالشاعر غونار إيكلوف الذي تأثر بالصوفية وشاعرها محيي الدين بن عربي، كما أن الطبيب والباحث البيولوجي الشهير في جامعة إبسالا، كارل فون لينيه، أرسل طلبته إلى الشرق في بعثات لدراسة النباتات والحيوانات، وتدوين مشاهداتهم وما يطلعون عليه من عادات الشعوب وتقاليدها، وكل هذا تطور إلى تنظيم الرحلات الثقافية والسياحية وغيرها. وفي يومنا هذا يشير سعيد الجعفر إلى عدد من الشخصيات المهمة التي لعبت وما تزال تلعب دوراً مهماً فيما بعد الاستشراق، أمثال كارين أودال، والدبلوماسي إنغمار كارلسون المهتم بالحوار الأوروبي الإسلامي، الذي كتب ضد أطروحة صراع الحضارات، التي جاء بها صاموئيل هينتغتون.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)
رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)
TT

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)
رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة بحفل مميَّز في قلب جدة التاريخية، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر»، وأُقيمت فعاليات ثقافية وفنّية بارزة.

وشهد الحفل تكريم نجمتين عالميتين تقديراً لمسيرتيهما الاستثنائية، هما الأميركية فيولا ديفيس والهندية بريانكا شوبرا؛ فقدّمت الكاتبة والمخرجة السعودية هناء العمير الجائزة لديفيس، وتولّت الأميركية سارة جيسيكا باركر تقديم الجائزة لتشوبرا. كما انضمَّت أسماء لامعة مثل البريطانية إيميلي بلنت، والمصرية منى زكي، والأميركية فان ديزل، إلى قائمة المُكرَّمين، احتفاءً بمكانتهم الرائدة في صناعة السينما.

وعرض المهرجان «مودي: ثلاثة أيام على حافة الجنون» للمخرج جوني ديب، فيلماً ختامياً للدورة، وهو يروي حكاية الرسام والنحات الإيطالي أميديو موديلياني خلال خوضه 72 ساعة من الصراع في الحرب العالمية الأولى.

«مودي: ثلاثة أيام على حافة الجنون» لجوني ديب يختم المهرجان (تصوير: بشير صالح)

ترأس لجنة تحكيم الأفلام الروائية المخرج الأميركي الشهير سبايك لي، إلى جانب أعضاء مثل البريطانية - الأميركية ميني درايفر، والأميركي دانيال داي كيم. واختير فيلم «الذراري الحمر» للمخرج التونسي لطفي عاشور لجائزة «اليُسر الذهبية» بكونه أفضل فيلم روائي، أما «اليُسر الفضية» لأفضل فيلم طويل، فنالها فيلم «إلى عالم مجهول» للفلسطيني مهدي فليفل، بالإضافة إلى جائزة خاصة من لجنة التحكيم نالها فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» لخالد منصور.

أسماء لامعة حضرت المهرجان في دورته الرابعة (تصوير: بشير صالح)

من جهته، قال مخرج «الذراري الحمر» لطفي عاشور لـ«الشرق الأوسط»، إنّ الفيلم ليس مجرّد عمل سينمائي، بل رسالة إنسانية إلى العالم والأسر مفادها ضرورة احتضان الأطفال والاهتمام بهم. وتابع: «الأطفال نعمة من الله، علينا الحفاظ عليها. المطلوب وقف تعنيفهم أو إهمالهم أو تحميلهم أعباء لا طاقة لهم بها. الفيلم لا يروي قصة مستوحاة من واقع تونس فحسب، وإنما يقدّم تجربة عالمية تمسُّ جميع المجتمعات التي تعاني الإهمال والعنف ضدّ الطفولة».

المخرج التونسي لطفي عاشور يتسلَّم جائزة «اليسر الذهبية» عن فيلمه «الذراري الحمر» (غيتي)

شكَّلت سوق «البحر الأحمر السينمائي» منصّةً محوريةً لدعم الإنتاجات الإقليمية والدولية، فاستضافت 24 مشروعاً في مراحل التطوير و8 مشروعات في مرحلة ما بعد الإنتاج. وشهدت السوق فعاليات عدّة مثل «حديث السوق»، وجلسات التواصل المهني، بحضور ممثلين عن صناعة السينما من السعودية وفرنسا ودول أخرى.

في هذا السياق، قالت رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي»، جمانا الراشد: «تشرّفنا هذا العام باستقبال العالم في البيت الجديد للسينما، من موقع مهرجاننا الجديد في البلد، بجدة التاريخية. على مدار الأيام الماضية، رحّبنا بضيوفنا من جميع أنحاء العالم، واحتفينا معاً بقوة السينما، مقدّمين منصّة تزخر بالروايات العالمية المتنوّعة».

وأضافت: «نجحنا في هذه الدورة بعرض 122 فيلماً من 85 دولة، كما استضفنا مجموعة واسعة من اللقاءات المثمرة، والاتفاقات الاستراتيجية، والشراكات الواعدة، والابتكارات المُلهمة ضمن الفعاليات؛ ونلتزم بتعزيز مستقبل مُشرق لصناعة السينما في المنطقة، وفَتْح آفاق جديدة للإبداع والتميُّز السينمائي».

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي المُكلَّف لـ«مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي»، محمد بن عايض عسيري: «عقدنا خلال الدورة الرابعة من المهرجان شراكات ومبادرات تهدف إلى الارتقاء بالأصوات السينمائية على الصعيدَيْن المحلّي والإقليمي؛ وكلنا ثقة بأنّ هذه الجهود ستُثمر في دوراته المقبلة».

وأبرزت القنصلية الفرنسية في جدة التعاون السعودي - الفرنسي بإحياء حفل ختامي في مقرّها، إذ اجتمع صنّاع السينما من البلدين، إلى جانب شخصيات بارزة من المؤسّسات الثقافية والتعليمية، لتعزيز الشراكات في مجال التدريب والإنتاج. وأكد قنصل فرنسا بجدة، محمد نهاض، أهمية هذه الجهود التي تشمل مبادرات مثل مسابقة «تحدّي الفيلم 48 ساعة» لتحفيز الشباب.

القنصل الفرنسي محمد نهاض يتسلّم درعاً لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا (غيتي)

شكَّل الحفل منصّةً للتواصل بين الخبراء والمبدعين لتعزيز التبادل الثقافي بين البلدين، مع تأكيد التعاون في مجال السينما.

ومن أبرز أنشطة القنصلية ضمن المهرجان، الجناح الفرنسي في «السوق» الذي عرض مشروعات سينمائية فرنسية وسعودية مشتركة، ووفَّر فرصاً للتواصل مع منتجين ومخرجين سعوديين، وورشات عمل مشتركة تدريبية لصنّاع الأفلام الشباب بالتعاون مع محترفين فرنسيين، إلى جانب مبادرات تعليمية، مثل عقد شراكات مع المؤسّسات التعليمية في فرنسا لتقديم برامج تدريبية للسعوديين في مجالَي السينما والإخراج.

وفي كلمته خلال الحفل الختامي، أكد قنصل عام فرنسا بجدة، محمد نهاض، التزام فرنسا بدعم السينما السعودية، مشيراً إلى أنّ التعاون بين البلدين يمتدّ إلى مجالات عدّة، منها التعليم السينمائي، والإنتاج المشترك، وتطوير الكفاءات المحلّية. كما توقّف عند أهمية مبادرة «تحدي الفيلم 48 ساعة» المعنيّة بتحفيز المواهب السعودية الشابة لإنتاج أفلام قصيرة ضمن مدّة محدودة.

«البحر الأحمر» يؤكد التزامه المستمر إثراء المشهد السينمائي العالمي (أ.ف.ب)

وأيضاً، أكد الحضور أنّ «مهرجان البحر الأحمر» أصبح منصّة محورية للقاء الثقافات وتعزيز الشراكات بين فرنسا والسعودية. ويأتي هذا التوجُّه ضمن استراتيجيات أوسع لتعزيز التعاون الثقافي بين البلدين، مدعوماً بزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المملكة، وتوقيع اتفاقات في مجالَي الفنون والإبداع.

بفضل الدعم الواسع من الجهات الراعية والشركاء المحلّيين والدوليين، يتطلّع «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائية عالمية.

بهذا الإصرار، ختم فعالياته، مؤكداً على التزامه المستمر إثراء المشهد السينمائي العالمي، وترسيخ مكانة السعودية، خصوصاً مدينة جدة، مركزاً للإبداع الثقافي والفنّي.