قناة «المشهد» بقيادة طوني خليفة تُناغم الرقمي بالتقليدي

صورة بانورامية للشرق الأوسط في المشروع الإعلامي

طوني خليفة يقود «المشهد»
طوني خليفة يقود «المشهد»
TT

قناة «المشهد» بقيادة طوني خليفة تُناغم الرقمي بالتقليدي

طوني خليفة يقود «المشهد»
طوني خليفة يقود «المشهد»

الفكرة في بال الإعلامي اللبناني طوني خليفة المُقدم على التحديات بجرأة. يتوقف عند تجربة برنامجه «سؤال محرج» عبر منصة «صوت بيروت إنترناشونال» الإلكترونية، وانتقال بثه من الديجيتال إلى الشاشة حين عُرض عبر «إل بي سي آي». توأمة الإلكتروني مع التلفزيون، فكرة مغرية لم يكف عن طرحها على مهتمين في الشأن الإعلامي. لقاءُ رؤيته مع جهة ممولة تبحث عن مشروع إعلامي جديد، يقود إلى ولادة «المشهد».
يقرأ خليفة مزاج الجمهور المُنتقل في خضم الفورة التكنولوجية من المشاهدة التقليدية إلى المنصات. جمهور الهواتف والأجهزة الذكية، والتصفح بكبسة زر. تخرج «المشهد» من هذه الروحية الثورية وتستعد للبث باندفاع.
تناقش فريق العمل بإدارة خليفة بمجموعة أسماء قبل الاستقرار على «المشهد» وتسجيلها ماركة تجارية. في حديثه الأول عن مشروعه الحلم، يقول لـ«الشرق الأوسط» بواقعية عن سؤال يتعلق بشعار القناة؛ «المشهد سيكتمل»: «الكمال لله، ولا ندعيه نحن البشر. الثغرة موجودة، فنبذل أقصى الجهد لاكتمال المشهد الإعلامي كما نراه ممكناً».
ما القناة وهويتها؟ «مزيج متكامل بين الرقمي والتلفزيوني. ما يُعرض على الشاشة، يُبث توازياً عبر المنصات، فيكون متاحاً لمن يفضلون المشاهدة التقليدية ولمن تصبح هواتفهم عالمهم». يكمل أنها قناة يرتكز أساسها على خلفية إخبارية، من دون أن تبث على مدار الساعة من أماكن الاشتعال. فهي لن تفتح هواءها لنقل عاجل ومباشر لمعارك روسيا في أوكرانيا، وخراب الأرض مثلاً، بل تغطي الحدث ضمن نشرات أخبار «على مستوى عالٍ»، مع تحليلات ومقابلات.
الأساس سياسي والأبعاد سياسية؟ جواب خليفة: «نعم، مع فتح نوافذ على شؤون المجتمع والقضايا الإنسانية، ومتابعة للمنافسات الرياضية، إلى هموم الشباب، وما يعني الناس في عالم الأعمال. هذه الهوية، مع الاهتمام النقدي بما يجري في عالمنا العربي ضمن كوميديا ساخرة لها حصة». لا برامج فنية ولا دراما؟ يبدو أن المسلسلات غائبة. «صحيح، حتى الآن. مع الوقت قد نعيد المراجعة، وإن وجدنا نقصاً فلا بد من سده، فلن نتوانى».
يعمل خليفة على بناء فريق القناة، كما اعتاد بناء فريق برامجه: «الخبرة والدماء الجديدة». في دبي، مقر التلفزيون، ورشة لا تهدأ، ومجموعة متحمسة للخروج بمحتوى لائق. يخبرنا أنه فوجئ بحجم طلبات الانتساب للمشروع؛ «فكم من تواقين للشغف الإعلامي لا يجدون فرصاً». يتفادى الدخول في أسماء إعلاميي القناة، فالبعض لم يُنه التزاماته حيال مؤسسات ينتظر فض العقد نهائياً معها، بعد الاستقالة، للانتقال إلى «المشهد». يكتفي بجملة: «أسماء وازنة، خبرتها كبيرة، تمتلئ بالطاقة».
يعلم خليفة أن الانطلاقة قد تكون البداية والنهاية معاً، حين يتدخل التعثر. يضع والفريق ثقلهم فيها. يؤمن بـ«المتر الأول من الطريق، فإن كان صحيحاً، أضمن الوصول». ليس من باب الغرور بالنفس قوله إنه لم يعتد المشي في الصف الثاني. يؤكد تمسكه بالصف الأول من منطلق إدخال الطمأنينة إلى نفوس المتحمسين في فريقه، المقبلين على مغامرة جديدة. لا يدعي استثمار التلفزيون بميزانية من ملايين الدولارات، ومع ذلك يراهن على نتائج كبرى.
نعود إلى خط القناة السياسي، فيرد بأنها لجميع الناس، «لا أجندة ولا توجهات حادة». يوضح أنها ليست رمادية سياسياً، بل تجاهر في رأي «يحترم الأرض التي تبث منها، ولا يتعارض مع علاقاتها ومصالها الخارجية. الهدف مخاطبة جميع الفئات فيشعر المتابع بأنها صادقة، لا تمثل». في الفريق «أكثر من وجهة نظر»، والجمهور المستهدف هو «الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع حضور خليجي يشمل الإمارات والسعودية ودول مجلس التعاون».
تولد «المشهد» في زمن خفوت وهج الفضائيات واتجاه العالم إلى الصناعة الرقمية. يلتمس خليفة حجم المسؤولية: «لو أنني أطلق قناة في بداية عصر البث عبر الأقمار الصناعية، لكانت المهمة أسهل. الناس تهجر الشاشة وأنا أدعوهم إليها. هنا التحدي».
يخطط من دون إنكار فظاعة الظروف إن باغتت. ينجز دوره، مع يقينه بأنه لا أحد يعرف ما تخبئه الأيام: «المنطقة تغلي. أترك للأحداث تحديد ما ينتظرنا. لا نستطيع التحكم في مسارها». المخارج مسدودة أمام سؤال بديهي يتعلق بالمنافسة. في العالم العربي قنوات إخبارية بضخامة إمبراطورية، أين «المشهد» منها وأي موقع ستحجز بين الكبار؟ يجيب كالمستعد للإجابة، فبالنسبة إليه، «من الأفضل ألا ننافس أحداً. المنافسة ستضر ولن تفيد. سيكون مثمراً أكثر لو نافسنا أنفسنا للخروج بأفضل نتيجة، وإلا فسنقع قبل الخطوة الأولى. أريد أن يلحظ المُشاهد أننا لا نشبه سوى هويتنا، عندها سينضم لنا جمهور يبادلنا كامل الثقة».
سيكون لـ«المشهد» مراسلون من جميع الدول المؤثرة، ولاحقاً قد تفتتح مكاتب ثابتة في بعض العواصم إن لمست حاجة. عبر ثلاثة أقمار صناعية، ستبث إلى العالم، «نايل سات»، و«عرب سات»، و«هوت بيرد»، تزامناً مع «لايف ستريمينغ» على منصات «السوشيال ميديا». متى الانطلاقة؟ «آمل أن تكون قبل ثلاثة منعطفات كبرى: انتخابات الرئاسة اللبنانية، وكأس العالم، وانتخابات الكونغرس الأميركي. نسعى إلى ذلك».


مقالات ذات صلة

الشرطة الهندية تداهم منازل صحافيين وناشطين

آسيا أفراد أمن هنود شوهدوا في مكتب شرطة «لودهي رود» الخاص بمكتب شرطة دلهي في نيودلهي بالهند 3 أكتوبر 2023 (إ.ب.أ)

الشرطة الهندية تداهم منازل صحافيين وناشطين

داهمت الشرطة الهندية منازل 8 صحافيين وناشطين على الأقل (الثلاثاء) ما يثير مخاوف حول حملة قمع في بلاد تشهد فيها حرية الإعلام تراجعاً.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
إعلام جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقدته «دبي للإعلام» على هامش منتدى الإعلام العربي. (الشرق الأوسط)

«دبي للإعلام» تطلق خطة تطوير شاملة لمختلف قطاعاتها الصحافية والتلفزيونية والرقمية

كشفت «دبي للإعلام» عن تفاصيل خطة تطوير المؤسسة خلال المرحلة المقبلة، وذلك ضمن مساعي مستهدفات استراتيجيتها الجديدة لتطوير مختلف قطاعات المؤسسة سواء الصحافية أو…

«الشرق الأوسط» (دبي)
يوميات الشرق الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم النائب الثاني لحاكم دبي رئيس مجلس دبي للإعلام مع الفائزين بجوائز الصحافة العربية (الشرق الأوسط) play-circle 01:24

«الشرق الأوسط» تتوج بثلاث جوائز في «الإعلام العربي»... والرميحي شخصية العام

توجت صحيفة «الشرق الأوسط» بجائزة الصحافة الاستقصائية للصحافي جمال جوهر وجائزة أفضل كاتب عمود صحافي للكاتبة سوسن الأبطح وذلك في حفل جائزة الإعلام العربي 2023.

«الشرق الأوسط» (دبي)
شمال افريقيا مجموعة من «شباب الإخوان» خلال تجمع لهم بتركيا في وقت سابق (صفحات على «فيسبوك» و«تلغرام»)

ما دلالة عودة إعلامي موالٍ لـ«الإخوان» في تركيا إلى مصر؟

كانت تركيا قد اتخذت مجموعة من الإجراءات ضد إعلاميين محسوبين على «الإخوان» كان من بينها ترحيل الغمري من أراضيها في فبراير (شباط) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق استوديوهات «أم تي في» تفتح أبوابها لطلاب الأكاديمية (أم تي في)

«أكاديمية إم تي في»... أسرار المهنة بين يديك

تحذو قناة «إم تي في» اللبنانية حذو قنوات أجنبية وعربية تسهم اليوم في تخريج جيل إعلامي مصقولة مواهبه بالعلم والمعرفة والعمل التطبيقي.

فيفيان حداد (بيروت)

في خطوة تاريخية... السعودية تنوي الترشح لاستضافة كأس العالم 2034

ملعب القدية سيكون جاهزاً خلال السنوات القليلة المقبلة (القدية)
ملعب القدية سيكون جاهزاً خلال السنوات القليلة المقبلة (القدية)
TT

في خطوة تاريخية... السعودية تنوي الترشح لاستضافة كأس العالم 2034

ملعب القدية سيكون جاهزاً خلال السنوات القليلة المقبلة (القدية)
ملعب القدية سيكون جاهزاً خلال السنوات القليلة المقبلة (القدية)

أعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم، أمس (الأربعاء)، نيته الترشح لاستضافة نهائيات كأس العالم 2034، بعد دقائق من مطالبة الاتحاد الدولي (فيفا) الدول في آسيا ومنطقة الأوقيانوس بالتقدم للاستضافة.

وقال الاتحاد السعودي إنه ينوي الترشح لاستضافة البطولة «وفق خطة شاملة يسعى من خلالها الاتحاد نحو تسخير جميع الإمكانات والطاقات لتوفير تجربة رائعة وغير مسبوقة لإسعاد عشاق كرة القدم».

ويأتي إعلان السعودية بعد دقائق من إعلان الاتحاد الدولي (فيفا) أن نسخة 2030 ستقام في المغرب وإسبانيا والبرتغال، مع إقامة أول ثلاث مباريات في أوروغواي والأرجنتين وباراغواي.

وأكد «فيفا» أن نسخة 2034 ستقام في آسيا أو منطقة الأوقيانوس، وطالب الدول في المنطقتين بالتقدم بطلبات للترشح.

وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان: «رغبة المملكة في استضافة كأس العالم 2034، تعد انعكاساً لما وصلت إليه، ولله الحمد، من نهضة شاملة على الأصعدة والمستويات كافة، الأمر الذي جعل منها مركزاً قيادياً وواجهة دولية لاستضافة أكبر وأهم الأحداث العالمية في مختلف المجالات، بما تملكه من مقومات اقتصادية وإرث حضاري وثقافي عظيم».

وأضاف: «نية الاستضافة تأتي تأكيداً على الجهود الواضحة والكبيرة التي تقوم بها المملكة في نشر رسائل السلام والمحبة في العالم، والتي تعد الرياضة أحد أهم وأبرز أوجهها، كونها وسيلة مهمة لالتقاء الشعوب بمختلف أعراقهم وتعدد ثقافاتهم، وهو ما دأبت المملكة على تحقيقه في مختلف المجالات، ومنها المجال الرياضي».

السعودية تنوي الترشح لاستضافة كأس العالم 2034 (د.ب.أ)

وتتمتع السعودية بانتفاضة كبيرة على المستوى الرياضي، وجذبت في الأشهر الأخيرة عدداً كبيراً من أبرز لاعبي كرة القدم في العالم، مثل كريستيانو رونالدو ونيمار وكريم بنزيمة.

وتعد الرياضة رافداً أساسياً لنمو الاقتصاد وازدهاره؛ حيث تحرص السعودية على الاستثمار الأمثل في القطاع الرياضي من خلال العمل المستمر على تحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، بما ينعكس على مستويات جودة الحياة لمواطني المملكة والمقيمين على أراضيها، وتوفير تجربة رائعة غير مسبوقة لعشّاق كرة القدم في العالم في عام 2034.

كانت السعودية قد نجحت في استضافة أكثر من 50 حدثاً رياضياً دولياً منذ عام 2018 في مختلف الرياضات؛ مثل كرة القدم ورياضة المحركات والغولف والرياضات الإلكترونية والتنس والفروسية وغيرها، كرّست من خلالها مكانتها بوصفها إحدى أبرز الوجهات الرياضية العالمية.

ويأتي إعلان نية الترشح لاستضافة البطولة الأهم في عالم كرة القدم بعد 6 مشاركات سابقة للمنتخب السعودي كان آخرها في عام 2022.

وشهدت كرة القدم في السعودية تطوراً كبيراً؛ حيث ازداد عدد اللاعبين بنسبة 50 في المائة واللاعبات بنسبة 86 في المائة منذ عام 2021، ووصل عدد المدربين والمدربات من 750 مدرباً في عام 2018 إلى أكثر من 5500 مدرب ومدربة حتى هذا العام، إلى جانب افتتاح أكثر من 18 مركزاً تدريبياً إقليمياً في مختلف مناطق البلاد للشباب والشابات.

وتجهز السعودية ملاعب كبرى لاستضافة بطولات كرة القدم الكبرى، حيث تبني ملاعب في شمال الرياض ووسط جدة وفي الدمام، بالإضافة إلى ملعبي القدية ونيوم.

وفي الشأن ذاته، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، أمس (الأربعاء)، إقامة كأس العالم 2030 في المغرب وإسبانيا والبرتغال، بينما ستقام أول ثلاث مباريات في أوروغواي والأرجنتين وباراغواي للاحتفال بمئوية المسابقة.

وكان الملف المشترك من المغرب والبرتغال وإسبانيا، الوحيد لاستضافة البطولة. وكان من المفترض أن يعلن «فيفا» الملف الفائز خلال العام المقبل.

وأقيمت كأس العالم لأول مرة في 1930 في أوروغواي، ونجح أصحاب الأرض في حصد اللقب.

وستكون هذه أول نسخة من كأس العالم تقام في ثلاث قارات وست دول، ما يعني أن مباريات دور المجموعات ستقام في فصول مناخية مختلفة.

وقال «فيفا»، في بيان: «وافق مجلس فيفا بالإجماع على الملف الوحيد الذي يجمع المغرب والبرتغال وإسبانيا لاستضافة البطولة في 2030، وتأهلت الدول الثلاث بطريقة مباشرة إلى النهائيات بصفتها أصحاب الضيافة».

وتابع: «إضافة إلى ذلك، ومع الأخذ في الاعتبار السياق التاريخي لأول نسخة على الإطلاق لكأس العالم وافق مجلس (فيفا) بالإجماع أيضاً على أن تستضيف مونتفيديو احتفالية استثنائية لهذه النسخة لتقام أول ثلاث مباريات على الترتيب في أوروغواي والأرجنتين وباراغواي».

ملعب الجوهرة من أشهر ملاعب السعودية (مدينة الملك عبد الله الرياضية)

وأقيمت كأس العالم 2022 في قطر وتوجت الأرجنتين باللقب، وحقق منتخب المغرب مفاجأة مدوية بالوصول إلى الدور قبل النهائي.

وقال الاتحاد الأرجنتيني إن المنتخب «سيلعب المباراة الأولى بدور المجموعات في 2030 على أرضه ووسط جماهيره».

وقال جياني إنفانتينو رئيس «فيفا»: «في عالم منقسم يتحد (فيفا) وكرة القدم».

وتابع: «وافق مجلس (فيفا) بالإجماع على الاحتفال بمئوية كأس العالم؛ حيث أقيمت النسخة الأولى في أوروغواي عام 1930 بأكثر طريقة ملائمة».

وأضاف رئيس «فيفا»: «نتيجة لذلك ستقام الاحتفالات في ثلاث دول بأميركا الجنوبية، ستنظم كل من أوروغواي والأرجنتين وباراغواي مباراة واحدة في كأس العالم 2030».

وأكد إنفانتينو أن أولى المباريات الثلاث ستقام في استاد سنتيناريو الأسطوري في مونتفيديو الذي استضاف أول مباراة في 1930.

وقال روبرت هاريسون، رئيس اتحاد باراغواي، إن الدول الثلاث من أميركا الجنوبية ستتأهل بطريقة مباشرة إلى كأس العالم، لكن لم يوضح كيف سيؤثر ذلك على تصفيات القارة.

من ناحيته، رحب العاهل المغربي الملك محمد السادس بقرار «فيفا».

وقال بيان للديوان الملكي: «يزف صاحب الجلالة الملك محمد السادس بفرحة كبيرة للشعب المغربي، خبر اعتماد مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم بالإجماع ملف المغرب وإسبانيا والبرتغال بصفته الترشيح الوحيد لتنظيم كأس العالم 2030 لكرة القدم».

وأضاف: «ويمثل هذا القرار إشادة واعترافاً بالمكانة الخاصة التي يحظى بها المغرب بين الأمم الكبرى».

ولم يسبق للمغرب أو البرتغال استضافة كأس العالم بينما نظمت إسبانيا نسخة 1982.

وقال بيدرو روتشا، رئيس اللجنة التي تدير شؤون الاتحاد الإسباني، إن بلاده متحمسة لإعادة كأس العالم بعد الفوز باللقب في 2010.

وأضاف: «أنا متأكد من أننا مع المغرب والبرتغال سننظم أفضل كأس عالم في التاريخ».

وقال فرناندو جوميز رئيس الاتحاد البرتغالي: «كل دولة من الثلاث ستجلب تقاليد حيوية وخبرات تنظيمية لا مثيل لها وقدرة على الابتكار وهذا سيترك بصمة بلا شك في مستقبل المسابقة».

وأكد «فيفا» أن كأس العالم 2034 ستقام في آسيا أو منطقة الأوقيانوس، ودعا أعضاء الاتحاد من المنطقتين للتقدم بملفات استضافة.


الفيصل: السعودية شغوفة بكرة القدم... وسنوفر تجربة غير مسبوقة في «مونديال 2034»

الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل (الشرق الأوسط)
الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل (الشرق الأوسط)
TT

الفيصل: السعودية شغوفة بكرة القدم... وسنوفر تجربة غير مسبوقة في «مونديال 2034»

الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل (الشرق الأوسط)
الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل (الشرق الأوسط)

أكد الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة رئيس اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية، أمس الأربعاء، حرص بلاده من خلال نيتها الترشح لاستضافة كأس العالم 2034 على «توفير تجربة غير مسبوقة للجميع في أنحاء العالم».

وقال وزير الرياضة، إن بلاده «جسدت خلال الأعوام الماضية مكانتها العالمية من خلال ما نشهده من نهضة وتطور على الأصعدة كافة، بدعم من قبل خادم الحرمين الشريفين، واهتمام مباشر من ولي العهد، وهو ما انعكس على النقلة النوعية الكبيرة للقطاع الرياضي».

وأضاف: «يشكل هذا الإعلان خطوة هامة وطبيعية في رحلتنا كدولة شغوفة بكرة القدم، وتجسيداً حقيقياً لمسيرة النجاح التي تشهدها السعودية»، مبيناً أنه «يؤكد التزامها في تطوير مختلف الرياضات، ومنها لعبة كرة القدم».

من ناحيته، كشف ياسر المسحل رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، أن السعودية تعمل وفق خطة شاملة يسخّر من خلالها اتحاد كرة القدم جميع الإمكانات والطاقات لتوفير تجربة رائعة وغير مسبوقة لإسعاد عشاق الرياضة في كأس العالم 2034، إذ أعلنت عن نيتها الترشح لاستضافة البطولة.

ياسر المسحل (الشرق الأوسط)

تأتي هذه الخطوة بعد النجاحات الكبيرة التي حققتها البلاد باستضافة العديد من الأحداث والفعاليات الرياضية العالمية، وضمن مساعيها لنشر السلام والمحبة في العالم من خلال الرياضة بوصفها وسيلة مهمّة لالتقاء الشعوب بمختلف أعراقهم وتعدد ثقافاتهم.

وعدّ ياسر المسحل، رئيس اتحاد الكرة، إعلان نية الترشح «لحظة مهمّة تواكب التطوّر الذي نعيشه في وطننا العظيم»، منوهاً بأنها «تجسّد شغف الشعب السعودي بكرة القدم، وسعي البلاد لتحقيق مزيد من التقدم والنمو لهذه اللعبة من خلال تنظيم هذا الحدث الاستثنائي».

وأشار إلى الدعم الذي يحظى به القطاع الرياضي عامة والاتحاد خاصة من قبل القيادة، والمتابعة المستمرة التي يجدها من قبل وزير الرياضة، منوهاً بأن هذا الاهتمام «وصل بكرة القدم السعودية لمستويات عالمية».

وبينما تعد الرياضة رافداً أساسياً لنمو الاقتصاد وازدهاره، تحرص السعودية على الاستثمار الأمثل في القطاع من خلال العمل المستمر على تحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، بما ينعكس على مستويات جودة الحياة لمواطنيها والمقيمين على أراضيها، وتوفير تجربة رائعة غير مسبوقة لعشّاق كرة القدم في العالم في عام 2034.


مانشستر يونايتد في أزمة حقيقية وتن هاغ واثق من تصحيح المسار

تن هاغ بات تحت ضغط كبير بسبب نتائج مانشستر يونايتد المتواضعة محليا وأوروبيا (ا ب)
تن هاغ بات تحت ضغط كبير بسبب نتائج مانشستر يونايتد المتواضعة محليا وأوروبيا (ا ب)
TT

مانشستر يونايتد في أزمة حقيقية وتن هاغ واثق من تصحيح المسار

تن هاغ بات تحت ضغط كبير بسبب نتائج مانشستر يونايتد المتواضعة محليا وأوروبيا (ا ب)
تن هاغ بات تحت ضغط كبير بسبب نتائج مانشستر يونايتد المتواضعة محليا وأوروبيا (ا ب)

بات المدرب الهولندي إريك تن هاغ في وضع لا يُحسد عليه بتاتاً بعد أقل من عام ونصف العام على وصوله إلى «أولد ترافورد»، وذلك نتيجة الخسارة الجديدة التي مُني بها فريقه مانشستر يونايتد الإنجليزي على أرضه ضد غلاطة سراي التركي 2 - 3 في الجولة الثانية من دور المجموعات لمسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.

وأهدى يونايتد مضيفه التركي شرف تحقيق فوزه الأول على الأراضي الإنجليزية بعد فشله في التمسك بتقدمه مرتين، لينتهي الأمر بتلقي «الشياطين الحمر» هزيمتهم الثانية، بعد أولى أمام العملاق الألماني بايرن ميونيخ 3 - 4 خارج الديار في منافسات المجموعة الأولى

وكانت خسارة مساء الثلاثاء السادسة ليونايتد في 10 مباريات خاضها هذا الموسم في مختلف المسابقات، بينها 4 في الدوري الممتاز، حيث يحتل المركز العاشر بفارق 9 نقاط عن جاره اللدود مانشستر سيتي حامل اللقب بعد 7 مراحل فقط.

ورغم سوء النتائج المترافقة مع علاقته المتوترة بمهاجم الفريق جايدون سانشو، المستبعد من التشكيلة منذ فترة، بدا مدرب أياكس الهولندي السابق واثقاً من قدرة فريقه على الخروج من الأزمة التي جعلته يخسر مباراتيه الأوليين في دوري الأبطال لأول مرة في تاريخه ويقدم أسوأ بداية موسم في الدوري الممتاز بعد خسارته 4 من مبارياته السبع الأولى.

واعتقد كثر أن يونايتد خرج من كبوته بعدما قاده تن هاغ الموسم الماضي إلى إنهاء الدوري ثالثاً والعودة بالتالي إلى مسابقة دوري الأبطال، إضافة إلى فك صيامه عن الألقاب طيلة 6 مواسم بإحرازه كأس الرابطة المحلية. ويحظى الهولندي بدعم كبير من إدارة يونايتد رغم الخسارة أمام غلاطة سراي، التي جعلت فريقه في ذيل المجموعة من دون نقاط، بينما يتصدر بايرن بـ6 وبفارق نقطتين أمام بطل تركيا و5 أمام كوبنهاغن. وعلق تن هاغ على الضغوط التي يتعرض لها، قائلاً: «عندما بدأنا المشروع التجديدي ليونايتد، علمنا أنه ستكون هناك فجوات. الموسم الماضي كان رائعاً، مذهلاً، أفضل مما كنا نتوقع».

وتابع: «في هذه اللحظة، نحن في فترة صعبة جداً كما يرى الجميع لكننا سنخرج منها متحدين. نحن نقاتل معاً، نحن متماسكون، نحن ندعم بعضنا. أنا، والمديرون، والفريق، جميعنا سنقاتل معاً. هذا ليس يونايتد الذي نعرفه. نحن نعلم أنه يتعيّن علينا فعل ما هو أفضل وبالتعاون معاً سنخرج من هذا الوضع». ولمباراة أخرى هذا الموسم، عانى الحارس الكاميروني أندريه أونانا، القادم هذا الصيف من إنتر الإيطالي، إذ ارتكب خطأ فادحاً عندما مرر الكرة باتجاه البلجيكي دريس مرتنز مهاجم غلاطة سراي الذي دخل منطقة الجزاء ليعوقه البرازيلي كاسيميرو، فحصل الأخير على بطاقة صفراء هي الثانية له ليكمل فريقه المباراة بـ10 لاعبين. بيد أن الأرجنتيني ماورو إيكاردي أهدر ركلة الجزاء بتسديدها خارج القائم بالدقيقة (78)، قبل أن يعوّض هذه الفرصة بنفسه ويسجل هدف الفوز للضيف التركي في الدقيقة 81.

وسبق للحارس الكاميروني أن أخطأ في المباراة الأولى أمام بايرن وأقرّ بمسؤوليته الكاملة عن الهدف الافتتاحي للعملاق البافاري قبل أسبوعين. وعندما تعاقد يونايتد مع أونانا في صفقة قدرت بـ47 مليون جنيه إسترليني، كان يعوّل على قدرته في التعامل مع الكرة بقدميه وإطلاق الهجمات من الخلف، وعلى خبرته في دوري الأبطال حين كان ضمن تشكيلة أياكس التي وصلت إلى نصف النهائي عام 2019 بقيادة تن هاغ، ولعب دوراً مؤثراً في وصول إنتر إلى نهائي الموسم الماضي قبل الخسارة أمام مانشستر سيتي.

ولدى سؤاله عن إمكانية إخراج الكاميروني من التشكيلة الأساسية تجنباً لمزيد من الأخطاء القاتلة، دافع تن هاغ عن حارسه بالقول: «وصل أندريه إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا وفي الموسم الماضي كان في نهائي دوري الأبطال، لديه القدرات ليكون أحد أفضل حراس المرمى في العالم».

وتابع: «لقد أظهر وسيواصل إظهار قدراته الأخطاء واردة. لقد رأينا من كثب قدراته وشخصيته العظيمة. عندما يرتكب الأخطاء، سينهض (من كبوته)».

وعن فرص فريقه في البطولة بعد تذيل المجموعة أكد تن هاغ أنه ما زال يؤمن بإمكانية التأهل إلى أدوار خروج المغلوب وأوضح: «كل شيء ما زال قائماً. لدينا 4 مباريات وسنلعب المباراتين المقبلتين أمام كوبنهاغن. كل مباراة صعبة لكننا ندرك ما علينا فعله. نعلم المطلوب منا للبقاء في المنافسة على التأهل».

ويمر يونايتد بفترة صعبة على المستوى المحلي بعد تعرضه لأسوأ بداية له في دوري الأضواء الإنجليزي منذ موسم 1989 - 1990. وأشار تن هاغ إلى أنه يأمل في التعامل مع خيبة الأمل قبل مواجهة برنتفورد في الدوري يوم السبت، حيث يسعى لتفادي الهزيمة الثالثة على التوالي على أرضه بجميع المسابقات، وقال: «علينا المحاولة مرة أخرى وامتلاك الحيوية. الضربة التي تعرضنا لها يجب أن تكون حافزاً لمباراة السبت».

ويعاني يونايتد من غيابات عدة في صفوفه، حيث يلعب من دون ظهير أيسر معروف بسبب إصابات مختلفة لكل من لوك شو وتيريل مالاسيا وسيرجيو ريجيلون، وكذلك قلب الدفاع الأرجنتيني ليساندرو مارتينيز الذي خضع لعملية جراحية في القدم قبل أيام.

وبعيداً عن أزمات يونايتد، تعرض مواطنه آرسنال لخسارة مفاجأة أمام لنس 1 - 2 لينتزع الفريق الفرنسي صدارة المجموعة الثانية بأربع نقاط مقابل 3 للفريق اللندني ونقطتين لإشبيلية الإسباني وواحدة لأيندهوفن الهولندي بعد تعادل الأخيرين 2 - 2. وجاءت الخسارة بمثابة إنذار لفريق المدرب الإسباني ميكل أرتيتا، الذي تعرض مهاجمه بوكايو ساكا لإصابة عضلية قد تغيبه لفترة.

إصابة ساكا ضربة لارسنال قبل مواجهة سيتي (د ب ا)

ودافع أرتيتا عن قراره بإشراك ساكا رغم عدم حصول اللاعب على راحة كافية عقب إصابته في مباراة بورنموث الأخيرة بالدوري الإنجليزي الممتاز، وقال: «أصيب بعد تعرضه لشد، وليس من الإجهاد، حاول لعب الكرة بكعب القدم في الشوط الأول وشعر بإصابة عضلية. شعر بأنه غير مرتاح لإكمال المباراة لذلك قمنا بتغييره». وأكد: «لا نعرف أكثر من هذا. كانت إصابة كبيرة بما يكفي لتسمح له بعدم استكمال المباراة وهذا مصدر قلق بالنسبة لنا». وأضاف: «لم يغب ساكا عن المباريات. قمنا بمنحه راحة أمام برنتفورد (في كأس الرابطة) الأسبوع الماضي هذا كل شيء».

ويستضيف آرسنال، مانشستر سيتي، حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الأحد المقبل، وتحوم الشكوك حول مشاركة ساكا». وتعد الخسارة أمام لنس هي الأولى لآرسنال هذا الموسم في مختلف المسابقات، لكنها إنذار لأرتيتا ورجاله في رحلتهم بالمسابقة الأوروبية.

على جانب آخر، عاد الإيطالي كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد الإسباني من ملعب دييغو أرماندو مارادونا معقل فريق نابولي بانتصار له معنى خاص (3 - 2)، في مباراة مثيرة تصدر على أثرها المجموعة الثالثة.

وأمضى أنشيلوتي عاماً ونصف العام في تدريب نابولي، وقاده إلى المركز الثاني في موسم 2018 – 2019، لكنه أقيل بشكل صادم من قبل رئيس النادي الإيطالي الجنوبي أوريليو دي لورينتيس في ديسمبر (كانون الأول) 2019، بعد أقل من ساعة على مساهمته في قيادة الفريق إلى الأدوار الإقصائية للمسابقة القارية العريقة، بفوزه الكبير على غنك البلجيكي 4 - 0.

ويدين ريال بفوزه الثاني، بعد الأول القاتل على أونيون برلين الألماني 1 - 0 بهدف سجله الإنجليزي جود بيلينغهام في الوقت بدل الضائع إلى الأوروغوياني فيديريكو فالفيردي الذي أطلق كرة «صاروخية» في الدقيقة 78 ارتدت من العارضة ثم الحارس أليكس ميريت سيئ الحظ ومنه إلى الشباك.

انشيلوتي انتصر على النادي الذي سبق وأقاله (رويترز)cut out

وتصدر ريال مدريد المجموعة بـ6 نقاط بعد مباراتين، متقدماً بثلاث نقاط على نابولي وبراغا ويتذيل أونيون برلين من دون نقاط.

وسجل البرازيلي فينيسيوس جونيور وبيلينغهام هدفي ريال مدريد في الشوط الأول بعدما تقدم نابولي بواسطة ليو أوستيغارد بضربة رأس. لكن الفريق الإيطالي أدرك التعادل من ركلة جزاء نفذها بيوتر جيلينسكي في الشوط الثاني، قبل أن تحسم صاروخية فالفيردي الفوز للفريق الملكي مقدماً أفضل هدية لمدربه.

وقال أنشيلوتي: «حصل منافسنا على ركلة جزاء لا نعتقد أنها صحيحة، ارتدت الكرة من قدم لاعبنا إلى يده، لا يمكنك قطع أيدي اللاعبين». وأشاد أنشيلوتي بلاعب خط الوسط المخضرم لوكا مودريتش الذي دخل منتصف الشوط الثاني وصنع هدف الفوز إلى فالفيردي، وقال: «قدم مودريتش أداءً جيداً. كنا بحاجة للمزيد من السيطرة وصنع الفارق حقاً بعد دخوله. بخبرته وكفاءته سيطرنا على المباراة».


ليفربول مرشح لانتصار جديد... وغاتوسو يختبر قدراته مع مرسيليا ضد برايتون

كلوب يحفز لاعبي ليفربول قبل خوض الجولة الثانية لبطولة يوروبا ليغ (د ب ا)
كلوب يحفز لاعبي ليفربول قبل خوض الجولة الثانية لبطولة يوروبا ليغ (د ب ا)
TT

ليفربول مرشح لانتصار جديد... وغاتوسو يختبر قدراته مع مرسيليا ضد برايتون

كلوب يحفز لاعبي ليفربول قبل خوض الجولة الثانية لبطولة يوروبا ليغ (د ب ا)
كلوب يحفز لاعبي ليفربول قبل خوض الجولة الثانية لبطولة يوروبا ليغ (د ب ا)

يسعى ليفربول الإنجليزي إلى نسيان خسارته المثيرة للجدل أمام توتنهام 1-2 في الدوري الممتاز من خلال تحقيق فوزه الثاني توالياً في مسابقة «يوروبا ليغ»، وذلك حين يستضيف سان جيلواز البلجيكي اليوم الخميس في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الخامسة.

وبعد سلسلة من سبعة انتصارات متتالية في جميع المسابقات، أحدها في «يوروبا ليغ» على مضيفه لاسك النمساوي 3-1، سقط ليفربول في عطلة نهاية الأسبوع أمام مضيفه توتنهام 1-2 في مباراة أحدثت الكثير من الجدل بعد إلغاء هدف صحيح للكولومبي لويس دياز كان سيمنح الفريق التقدم في الدقيقة 34 رغم النقص العددي في صفوفه نتيجة طرد لاعب وسطه كورتيس جونز بالبطاقة الحمراء في الدقيقة 26.

وألغي الهدف بداعي التسلل، وبعد دقيقتين فقط سجل توتنهام هدف السبق وأضاف الثاني في الوقت القاتل بنيران صديقة ليخرج فائزاً.

وأقرّت رابطة الحكام المحترفين في إنجلترا بوجود «خطأ بشري واضح وصريح كان ينبغي أن يؤدي إلى احتساب الهدف من خلال تدخل حكم (الفار)، لكن الأخير لم يحسم الأمر».

وهدد ليفربول الأحد في بيان ضمّنه كلمات قاسية وهجومية بالتصعيد وأنه «يبحث مجموعة الخيارات المتاحة»، وكتب نادي شمال-غرب إنجلترا: «من الواضح أن قوانين اللعبة لم يتم تطبيقها بشكل صحيح، الأمر الذي قوّض النزاهة الرياضية».

وعلّق المدرب الألماني لليفربول يورغن كلوب بعد خسارة فريقه في مباراة أكملها بتسعة لاعبين إثر طرد البرتغالي ديوغو جوتا أيضاً في الدقيقة 69، قائلاً: «لم أشاهد مباراة بمثل هذه الظروف الأكثر ظلماً والقرارات الأكثر جنوناً».

وسيحاول رجال كلوب النهوض أوروبيا على حساب المتواضع سان جيلواز الذي بدأ مشواره بالتعادل على أرضه مع تولوز الفرنسي، العائد إلى المشاركة القارية لأول مرة منذ موسم 2009-2010 والطامح إلى تأكيد بدايته الجيدة من خلال الفوز على ضيفه لاسك.

وبعدما بدأ مشواره بالخسارة في الدوري أمام موناكو 2-3، يطمح المدرب الإيطالي «المقاتل» جينارو غاتوسو إلى تحقيق فوزه الأول مع فريقه الجديد مرسيليا الفرنسي حين يظهر للمرة الأولى على «ستاد فيلودروم» لمواجهة برايتون الإنجليزي بقيادة مواطنه روبرتو دي زيربي في منافسات المجموعة الثانية.

وتعاقد مرسيليا الذي ما زال يتغنى حتى الآن بأنه الفريق الفرنسي الوحيد الفائز بدوري أبطال أوروبا (1993)، مع نجم وسط ميلان ومدربه السابق خلفاً للإسباني مارسيلينو الذي كان أصلاً غائباً عن مباراة الجولة الأولى التي تعادل فيها الفريق المتوسطي مع مضيفه أياكس أمستردام الهولندي 3-3 بعدما كان متخلفاً 0-2 و1-3.

وأبدى الإسباني بابلو لونغوريا رئيس مرسيليا ثقته بغاتوسو وقال: «أعلم أنه الشخص المناسب للمهمة. لقد أشرف على فرق في إيطاليا خلال منتصف الموسم حين كانت في مواقف صعبة ونجح دائماً في تحسين الأمور».

وبعد الخسارة أمام موناكو في الدوري، شدد غاتوسو على ضرورة استعادة التركيز سريعاً من أجل المهمة القارية، قائلاً: «من الواضح أنه ليس لدينا المتسع من الوقت نتيجة مشاركتنا الأوروبية، لكن يتوجب علينا أن نلعب وأن نحترم مباريات من هذا النوع». وأضاف: «كان من الأفضل لو لم نضطر إلى خوض يوروبا ليغ. ليس لدينا المتسع من الوقت لكن علينا التعامل مع الأمر وأن نفهم بأسرع وقت ممكن ما نحن بحاجة للقيام به».

ولن تكون مهمة مرسيليا والمدرب الإيطالي البالغ 45 عاماً سهلة ضد برايتون الطامح إلى تعويض سقوطه افتتاحاً على أرضه أمام أيك أثينا اليوناني 2-3 وتحقيق فوز تاريخي في مشاركته الأولى على الإطلاق في المسابقة القارية.

ورغم استعادته توازنه بعد الخسارة أمام أيك أثينا بالفوز على بورنموث 3-1 في الدوري الممتاز، عاد فريق دي زيربي لينتكس مجدداً بالخسارة أمام تشيلسي 0-1 في الدور الثالث لمسابقة كأس الرابطة ثم في الدوري أمام أستون فيلا بنتيجة ثقيلة جداً 1-6.

وفي العاصمة الإيطالية، يُمني روما النفس بمواصلة استفاقته بقيادة مهاجمه الجديد البلجيكي روميلو لوكاكو الذي سجل أربعة أهداف بقميص الفريق محلياً وقارياً، حين يتواجه فريق المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو مع سيرفيت السويسري في المجموعة السابعة التي يتشارك صدارتها بثلاث نقاط مع سلافيا براغ التشيكي الباحث بدوره عن انتصاره الثاني على حساب ضيفه شيريف تيراسبول المولدافي.

وفي ظل المستوى الرائع الذي يقدمه في بداية هذا الموسم وفوزه ضمن جميع المسابقات بسبع من مبارياته الثماني والتعادل في الأخرى على أرض العملاق البافاري بايرن ميونيخ في الدوري المحلي، يبدو باير ليفركوزن الألماني بقيادة مدربه تشابي ألونسو مرشحاً للعودة من ملعب مولده النرويجي بانتصاره الثاني في المجموعة الثامنة التي افتتحها باكتساح هاكن السويدي 4-0.

ويمني فياريال الإسباني النفس بتعويض سقوطه في الجولة الأولى للمجموعة السادسة أمام باناثينايكوس اليوناني 0-2 من خلال الفوز على ضيفه رين الفرنسي، لكن المهمة لن تكون سهلة ضد فريق لم يخسر أياً من مبارياته الثماني الأخيرة في جميع المسابقات، بينها الفوز افتتاحاً على مكابي حيفا الإسرائيلي بثلاثية نظيفة.

ويخوض رين الذي كان خروجه من الدور الثاني والثلاثين لمسابقة الكأس المحلية على يد مرسيليا الخسارة الوحيدة له هذا الموسم، لقاءه مع فياريال وعينه على ما ينتظره الأحد في الدوري على أرضه أمام باريس سان جيرمان حامل اللقب.

وفي المجموعة الأولى، يبحث كل من فرايبورغ ووستهام الإنجليزي عن فوزه الثاني حين يتواجهان على ملعب الأول، وذلك قبل المباراة المرتقبة للفريق الألماني مع ضيفه العملاق بايرن ميونيخ الأحد في الدوري المحلي.

وأكد كريستيان ستريتش، المدير الفني لفرايبورغ أن مواجهة وستهام ستكون مميزة للغاية، وقال: «أنا سعيد لأننا سنقيس مستوانا أمام فريق إنجليزي قوي. الدوري الممتاز هو أقوى بطولة، لقد لعبت كرة القدم لفترة ولم يسبق لي مواجهة فريق إنجليزي في مباراة تنافسية، هذا شيء مميز للغاية».


65 عاماً على ولادة الجمهورية الفرنسية الخامسة... مرونة وقدرة على التكيّف

خلال احتفال الفرنسيين بعيدهم الوطني في 14 يوليو بالعاصمة الفرنسية باريس (أ.ف.ب - أرشيفية)
خلال احتفال الفرنسيين بعيدهم الوطني في 14 يوليو بالعاصمة الفرنسية باريس (أ.ف.ب - أرشيفية)
TT

65 عاماً على ولادة الجمهورية الفرنسية الخامسة... مرونة وقدرة على التكيّف

خلال احتفال الفرنسيين بعيدهم الوطني في 14 يوليو بالعاصمة الفرنسية باريس (أ.ف.ب - أرشيفية)
خلال احتفال الفرنسيين بعيدهم الوطني في 14 يوليو بالعاصمة الفرنسية باريس (أ.ف.ب - أرشيفية)

عاشت فرنسا خلال 65 عاماً من تأسيس الجمهورية الفرنسية الخامسة في 4 أكتوبر (تشرين الأول) 1958، نظاماً شهد استقراراً سياسيا بشكل عام، تمتع فيه رئيس الجمهورية بصلاحيات كبيرة، وتراجعت فيه حدة الصراعات البرلمانية التي طبعت تاريخ جمهوريات فرنسية سابقة. وقد أثبتت هذه الجمهورية حتى اليوم مرونة وقدرة على التكيّف.

فما أبرز أسباب استمرارية الجمهورية الخامسة، وما أبرز محطاتها؟

مرونة وقدرة على التكيّف

السبب الرئيسي وراء طول عمر الجمهورية الخامسة التي ما زالت معتمدة حتى اليوم، هو مرونتها وقدرتها على التكيف. فعلى الرغم من أنها لم يتم التشكيك فيها رسمياً منذ التصديق على دستورها، فإنها استمرت في الإصلاح والتطور، وفق تقرير نشرته الأربعاء صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

تمكن نظام الجمهورية الخامسة من الرد على أزمة سياسية عميقة وصراعات تدور حول الحرب الجزائرية. وفي 13 مايو (أيار) 1958، وافقت الحكومة الفرنسية على مهام خاصة للجنرال شارل ديغول، الذي أصبح رئيساً للحكومة. وقد لعب ديغول دوراً رئيسياً في وضع دستور جديد تمت الموافقة عليه من خلال استفتاء في 28 سبتمبر (أيلول) 1958، الذي بدأت معه الجمهورية الخامسة في 4 أكتوبر من العام نفسه.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي خطاباً بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لإعلان الدستور الفرنسي لعام 1958 في المجلس الدستوري (المجلس الدستوري) في باريس 4 أكتوبر 2023 (رويترز)

بميلاد الجمهورية الخامسة دُفنت الجمهورية الرابعة. فوفق «لوفيغارو»، جاء دستور 1958، ليضع حداً لنظام تهيمن عليه الجمعية العامة (البرلمان) و«النظام الحزبي» الذي فشل في حل أزمة الحرب الجزائرية. وكان المقصود من الدستور أولاً وقبل كل شيء، الرد على النظام البرلماني الذي منع فرنسا من المقاومة في الحرب العالمية الثانية حيث تعرضت لهزيمة 1940 أمام النازيين، وهي هزيمة أنهت نظام الجمهورية الفرنسية الثالثة البرلماني.

ميشيل ديبري حافظ الأختام الفرنسي (وزير العدل) يقدم دستور الجمهورية الخامسة بعد ختمه في 6 أكتوبر 1958 (أ.ف.ب - أرشيفية)

تعديلات دستورية

من عام 1960 إلى عام 2008، تم تنقيح نظام الجمهورية الخامسة أربعاً وعشرين مرة، تمت إعادة كتابة أو تعديل 66 مادة من القانون الأساسي.

جاء أول تعديل دستوري، بتاريخ 4 يونيو (حزيران) 1960، ليسمح باستقلال المستعمرات الأفريقية السابقة، بحسب التعديل على المادة 86 من الدستور، حسبما أوضح موقع المجلس الدستوري الفرنسي.

وجاءت تعديلات أخرى لاحقاً، منها للسماح بالتصديق على بعض الاتفاقات الدولية (حق اللجوء في عام 1993، والمحكمة الجنائية الدولية في عام 1999). وكانت تعديلات أخرى أكثر حسما؛ حيث ساهمت في تعديل نص وروح وممارسات المؤسسات، بدءاً بالمراجعات المتعلقة بالمهام الرئاسية نفسها، وفق «لوفيغارو».

المجلس الدستوري الفرنسي في باريس 3 مايو 2023 (رويترز)

أول التعديلات المرتبطة بالرئاسة هو أن انتخاب رئيس الدولة أصبح يتم بالاقتراع العام المباشر، وليس من خلال هيئة تضم 80 ألف ناخب. وتم اعتماده في استفتاء في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 1962 بأغلبية 76.97 في المائة من أصوات الشعب الفرنسي. هذه هي نقطة التحول الأكثر جذرية في نظام الجمهورية الخامسة وفق «لوفيغارو». فحتى لو لم يتم تعديل أي مادة أخرى تتعلق بصلاحيات الرئيس والحكومة والبرلمان، فإن الاقتراع الشعبي يمنح الشرعية لرئيس الدولة، وبالتالي السلطة، ما يجعله الشخصية التي ينطلق منها كل شيء، والتي يعود إليها كل شيء.

الرئيس الفرنسي جاك شيراك في مارس 2007 (أ.ف.ب - أرشيفية)

وجرى تعديل رئيسي للدستور بالانتقال من ولاية لرئيس الجمهورية مدتها سبع سنوات إلى ولاية مدتها خمس سنوات، بعد استفتاء على التعديل في 24 سبتمبر 2000 على عهد الرئيس جاك شيراك نال أغلبية كبيرة جداً (73.21 في المائة صوتوا «نعم»، ولكن مع امتناع قياسي للتصويت بلغ 69.81 في المائة). ولأن الولاية الرئاسية وولاية النواب أصبحتا الآن متزامنتين، ولأن الانتخابات التشريعية تجري منذ عام 2002 في أعقاب الانتخابات الرئاسية، فإن الأغلبية البرلمانية أصبحت أكثر من أي وقت مضى امتدادا بسبب طريقة التصويت، للأغلبية الرئاسية. على الأقل، كان هذا صحيحا حتى عام 2022 عندما حصل ماكرون، الذي أعيد انتخابه رئيسا، على أغلبية نسبية فقط، حسب «لوفيغارو».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحتفل بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2022 (أ.ف.ب)

فاعلية بوجه الأزمات

وفق معهد «مونتين» الفرنسي للدراسات، قدمت الجمهورية الخامسة الفرنسية أدلة عديدة على فاعليتها. ففي مواجهة أزمات مثل الانقلاب العسكري عام 1961، والثورة الاجتماعية عام 1968، تمكنت الجمهورية من التغلب عليها بالأدوات الدستورية: الصلاحيات الكاملة التي مُنحت لرئيس الجمهورية عبر المادة 16 في الحالة الأولى، وحل الجمعية الوطنية في الحالة الثانية.

وبحسب «المجلة السياسية والبرلمانية» الفرنسية في تقرير صدر الأربعاء، فإنه في عام 1968، سمحت صلاحية «الحل» الرئاسية التي منحتها للجنرال ديغول بطي صفحة أسابيع عدة من المظاهرات. وعندما حدثت وفاة الرئيس بومبيدو في عام 1974، ضمن الدستور استمرارية دولة قوية من خلال تولي رئيس مجلس الشيوخ الرئاسة مؤقتاً. وفي الأعوام 1986 و1993 و1997، تمكنت الجمهورية من التغلب على «اختبار الحقيقة» مع «التعايشات» المختلفة («التعايش» يكون بين رئيس جهورية ورئيس حكومته لا ينتميان إلى الحزب السياسي نفسه).

شارل ديغول رئيس الجمهورية الفرنسية آنذاك خلال مقابلة أجريت معه في 7 يونيو 1968 (أ.ف.ب - أرشيفية)

ويكمن السبب الأساسي لهذه الفاعلية في أن السلطة تُسند بشكل واضح إلى الشعب، وبشكل رئيسي إلى رئيس الجمهورية عن طريق الانتخاب المباشر، وفق معهد «مونتين» للدراسات، وتتبع الأغلبية الانتخابية أغلبية برلمانية تدعم أغلبية حكومية، ويتزامن انتخاب هذه الأغلبيات الثلاث، مع بعض الاستثناءات. وبات هذا التزامن متناسقا أكثر مع تقليص الولاية الرئاسية إلى خمس سنوات (عام 2000) وإجراء الانتخابات النيابية الحاسمة «التشريعية» مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية.

متظاهرون فرنسيون في باريس 12 فبراير 2022 (رويترز)

ديمومة أنظمة فرنسية معاصرة

من حيث الديمومة، تعد الجمهورية الفرنسية الثالثة، التي ولدت بعد حرب عام 1870، وانتهت بهزيمة فرنسا أمام ألمانيا عام 1940، الوحيدة بين الجمهوريات الفرنسية التي استمرت لمدة أطول من الجمهورية الخامسة: سبعين عاماً. وإذا أُخذ بعين الاعتبار أن تأسيس الجمهورية الثالثة تم فعلياً من خلال القوانين الدستورية الصادرة في فبراير (شباط) 1875، يكون عمر الجمهوريتين الثالثة والخامسة متساوياً ﺑ65 عاماً.

في المقابل، عاشت إمبراطوريتا نابليون الثالث ثمانية عشر عاماً (1852 - 1870) وإمبراطورية نابليون الأول بقيت أقل من أحد عشر عاماً (1804 - 1815)، ومَلَكية يوليو وعلى رأسها الملك لويس فيليب استمرت ما يقرب من ثمانية عشر عاماً (بين ثورة 1830 وثورة 1848). واثنا عشر عاماً للجمهورية الفرنسية الأولى (1792 - 1804)، واثنا عشر عاماً للجمهورية الرابعة (1946 - 1958).

طائرات ألفا التابعة للقوات الجوية الفرنسية تحلق فوق شارع الشانزليزيه خلال العرض العسكري التقليدي ليوم الباستيل (اليوم الوطني الفرنسي) في باريس 14 يوليو 2017 (رويترز)

في مجتمع سريع التغير، تواجه الجمهورية الفرنسية الخامسة اليوم تحديات عديدة. وسيحاول رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، وفق تقرير «المجلة السياسية والبرلمانية»، إطلاق سلسلة من الإصلاحات الدستورية في الأشهر المقبلة ليواجه مسائل مثل مطالب استقلال كاليدونيا الجديدة عن فرنسا، والحكم الذاتي لجزيرة كورسيكا، واللامركزية، ودعوة الرئيس إلى الاستفتاء (في القضايا الكبرى).


غرناطة الإسبانية تحتضن اجتماعين للمجموعة السياسية والاتحاد الأوروبيين

ملفات عديدة وساخنة أمام قادة أوروبا في غرناطة الإسبانية (رويترز)
ملفات عديدة وساخنة أمام قادة أوروبا في غرناطة الإسبانية (رويترز)
TT

غرناطة الإسبانية تحتضن اجتماعين للمجموعة السياسية والاتحاد الأوروبيين

ملفات عديدة وساخنة أمام قادة أوروبا في غرناطة الإسبانية (رويترز)
ملفات عديدة وساخنة أمام قادة أوروبا في غرناطة الإسبانية (رويترز)

اجتماعان رئيسيان ستشهدهما مدينة غرناطة الإسبانية يومي الخميس والجمعة: الأول، للمجموعة السياسية الأوروبية التي تضم 47 دولة، وهو اجتماعها الثالث منذ انطلاقتها. والثاني خاص بقادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27 الذين يلتقون الجمعة في المدينة التاريخية الإسبانية في اجتماع غير رسمي للتهيئة لقمتهم المنتظرة نهاية العام.

وفي العرض الذي قدمته مصادر الرئاسة الفرنسية للقمتين، بدا بوضوح تداخل الملفات المطروحة للمناقشة التي تبدو غالبيتها شائكة وتحتاج إلى كثير من المشاورات لتقريب المواقف منها.

تعميق مفهوم المجموعة

تقول المصادر الفرنسية إن قادة مجموعة الـ47 سيسعون في غرناطة إلى تعميق «مفهوم» المجموعة التي رأت النور بناء على اقتراح من الرئيس إيمانويل ماكرون. وكان أحد الأهداف المتوخاة منها توفير «منصة» للدول الأوروبية الراغبة في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي «وهي كثيرة» لكن لا تتوفر لها المعايير التي تمكنها من الانضمام في الوقت الراهن.

ومن حيث المبدأ، توفر المجموعة الجديدة «فضاء للحوار والتضامن» بين الدول الأوروبية من داخل وخارج الاتحاد خصوصاً على خلفية الحرب التي تقودها روسيا على أوكرانيا منذ عام ونصف العام. وأشارت مصادر الإليزيه إلى أن غرض غرناطة الأول «استمرار السعي للتوصل إلى أوروبا الكبرى» التي تتجاوز الإطار الأوروبي المؤسساتي القائم حالياً (أي الاتحاد الأوروبي)، بينما التحدي الثاني يقوم على تسريع التوصل إلى «أجندة أمن وسلام» تقوم على التعاون في قطاعات الطاقة والأمن والبنى التحتية والأمن السيبراني وتسهيل التحرك بين مكوناتها.

أما الهدف الثالث فعنوانه تشجيع وتسهيل الحوار المباشر بين المسؤولين الأوروبيين من خلال المنصة التي تشكلها «المجموعة».

ومن المرتقب في ميدان الأمن السيبراني، وفق الإليزيه، توقيع اتفاق ثلاثي فرنسي - سلوفيني - مونتينغري لإيجاد «مركز لتطوير القدرات السيبرانية في دول البلقان الغربي وحماية البنى التحتية».

الوضع الأمني في القوقاز

أما الملف الذي ينتظر أن يتم تحقيق تقدم بشأنه فيتناول تسهيل التنقل الإنساني بين دول المجموعة من خلال برنامج «اكتشف أوروبا» الخاص بالشباب. بيد أنه إلى جانب هذه الملفات المهمة، ثمة موضوع أمني سيطرح نفسه بقوة على قادة «المجموعة» وقادة «الاتحاد» ويتناول، من جهة، الوضع المتفجر شمال كوسوفو والحاجة إلى تعزيز الحوار بين صربيا وكوسوفو، ومن جهة ثانية الوضع الأمني في القوقاز على خلفية الهجوم التركي على منطقة كاراباخ الأرمينية واحتلالها والهجرات التي تسببت بها.

أما قمة الاتحاد الأوروبي الجمعة، فمن المفترض، وفق المصادر الرئاسية الفرنسية، التحضير لقمة ديسمبر (كانون الأول) المقبلة، خصوصاً ما تسميه هذه المصادر «الأجندة الاستراتيجية» التي ستؤطر أنشطة الاتحاد حتى الانتخابات النيابية الأوروبية المقبلة.

وتتناول الباقة الأولى من المناقشات تفحّص ما تُسمى «أجندة فرساي» التي تم تبينها خلال الرئاسة الفرنسية للاتحاد خلال الأشهر الستة الأولى من العام الماضي. وتتناول الأجندة ملفات الطاقة وخفض التبعية للغاز والبترول الروسيين والمسائل الدفاعية والصناعية. وتريد باريس أن تكون «أجندة فرساي» بمثابة «البوصلة» التي ترسم خريطة الطريق للمستقبل الأوروبي.

قضية المهاجرين

لكن الملف الأهم اليوم الذي يشكل التحدي الأول للاتحاد عنوانه التعامل مع الهجرات المتدفقة على الشواطئ الأوروبية الإيطالية والإسبانية واليونانية والمالطية والقبرصية بوصفها تشكل «الحدود الخارجية للاتحاد». وفي هذا الصدد، حقق الأوروبيون تقدماً ملموساً من خلال اتفاق سفراء الاتحاد في بروكسل الأربعاء حول نص رئيسي لإصلاح سياسة الهجرة في أوروبا، متغلبين على التحفظات الإيطالية.

عملية إنقاذ مهاجرين في البحر متوجهين إلى جزيرة لامبدوسا الإيطالية في 18 سبتمبر الماضي (د.ب.أ)

ويهدف القانون الذي تجري مناقشته إلى تنسيق استجابة مشتركة في حال تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي، كما حدث في أثناء أزمة اللاجئين 2015 – 2016، ما يسمح خاصة بتمديد مدة احتجاز المهاجرين على الحدود الخارجية للتكتل.

وسيتعين الآن التفاوض على النص الذي يعد الجزء الأخير من «ميثاق اللجوء والهجرة» مع أعضاء البرلمان الأوروبي. وتم التغلب في الساعات الأخيرة على التحفظات الألمانية فيما تبقى إيطاليا رافضة لما تقوم به المنظمات غير الحكومية في إنقاذ المهاجرين.

ويريد الأوروبيون التسريع في إقرار خطة النقاط العشر التي طرحتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قبل أسبوعين لدى زيارتها لجزيرة لامبدوسا الإيطالية التي تشهد تدفقاً غير مسبوق من المهاجرين القادمين إليها من شواطئ شمال أفريقيا، خصوصاً من تونس وليبيا.

توسيع الاتحاد الأوروبي

ولا يقل أهمية ملف توسيع الاتحاد والإصلاحات الداخلية المنتظرة التي يُفترض أن تقدم المفوضية الأوروبية دراسة عنها. وثمة 3 عناصر رئاسية، أولها بدء مفاوضات الانضمام الرسمية مع أوكرانيا ومولدافيا.

وثاني العناصر، النظر في التقدم الذي حققته دول البلقان الغربية (ألبانيا، البوسنة، كوسوفو، مقدونيا الشمالية، صربيا، ومونتينغرو).

يبقى أن الحرب في أوكرانيا لن تغيب عن مناقشات القادة الأوروبيين بعد المخاوف التي ظهرت من إمكانية تراجع الدعم للمجهود الحربي الأوكراني، كما برز ذلك في الولايات المتحدة الأميركية، والتخوف من أن يطال التراجع دول القارة القديمة.

وسبق لفون دير لاين أن دعت إلى التفاهم على حزمة دعم متعددة المصادر لكييف من 50 مليار يورو. وسيكتفي القادة الأوروبيون بالتشاور دون الوصول إلى مرحلة اتخاذ القرارات التي ستحل في ديسمبر المقبل.


ولي العهد السعودي يتلقى رسالة من أمير قطر

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر (واس)
TT

ولي العهد السعودي يتلقى رسالة من أمير قطر

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر (واس)

تلقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، رسالة خطية، من الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، تتعلق بالعلاقات الأخوية بين البلدين.

تسلّم الرسالة، المهندس وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، خلال استقباله في مقر الوزارة بالرياض، الأربعاء، بندر العطية، سفير دولة قطر لدى المملكة.

واستعرض الجانبان خلال الاستقبال أوجه العلاقات الثنائية، كما ناقشا الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.


الحكومة البريطانية: كيسنجر لا يحبذ مؤتمر سلام... والمصريون لا يريدون السوفيات «مستشاراً وحيداً»

رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث ووزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر في لندن 12 ديسمبر 1973 (غيتي)
رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث ووزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر في لندن 12 ديسمبر 1973 (غيتي)
TT

الحكومة البريطانية: كيسنجر لا يحبذ مؤتمر سلام... والمصريون لا يريدون السوفيات «مستشاراً وحيداً»

رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث ووزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر في لندن 12 ديسمبر 1973 (غيتي)
رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث ووزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر في لندن 12 ديسمبر 1973 (غيتي)

تسلّط وثائق حكومية بريطانية رُفعت عنها السرية، الضوء على الاتصالات التي أجرتها حكومة المحافظين آنذاك مع الإدارة الأميركية للتعامل مع تداعيات «حرب أكتوبر». وتشير هذه الوثائق إلى أن وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر توصل إلى «تفاهم غير رسمي» مع الاتحاد السوفياتي لـ«ضبط النفس» في خصوص إمدادات السلاح التي تُرسل لطرفي الحرب. وفي حين كان تركيز كيسنجر في البداية على تحقيق وقف النار، لاحظ البريطانيون أن الأميركييين والسوفيات لم يفكّروا فيمن سيشرف على الالتزام به، خصوصاً على الجبهة المصرية، حيث الوضع «بالغ التعقيد».

وإذا كانت المحاضر السرية تناولت وقف النار وجهود عقد مؤتمر سلام، وهي فكرة لم يكن كيسنجر «محبذاً لها»، فإن جزءاً كبيراً منها كان يتعلق بحظر النفط العربي على دول غربية في أعقاب حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وهو أمر استدعى من البريطانيين بدء تحضيرات لفرض ترشيد على استهلاك الوقود.

كما تكشف الوثائق أن حكومة المحافظين كانت تشكو من «لوبي» مؤيد لإسرائيل في وسائل الإعلام البريطانية وترى أن مؤيدي الدولة العبرية في المملكة المتحدة يقدمون موقفها من نزاع الشرق الأوسط على نحو غير صحيح من خلال تصويرها وكأنها تخضع لضغوط العرب. وكان لافتاً، في هذا الإطار، أن حكومة إدوارد هيث، التي كانت في السلطة خلال حرب أكتوبر، رأت أن قبول وجهة نظر إسرائيل من دون نقد، لا يفيد مصالحها أو مصالح بريطانيا، وأن التأييد الشعبي لها بوصفها «ضحية» أمام العرب «سيتبخر» إذا تضرر الاقتصاد البريطاني نتيجة سياساتها.

يوم الثلاثاء 23 أكتوبر 1973، عقدت حكومة إدوارد هيث اجتماعاً في 10 داونينغ ستريت تناول جزء منه الحرب العربية - الإسرائيلية. تضمن محضر الاجتماع المصنف «سرياً»، أن وزير الخارجية والكومنولث السير أليك دوغلاس - هيوم قال لزملائه إنه «التقى وزير الخارجية الأميركي في مساء اليوم السابق عندما توقف الدكتور كيسنجر في لندن في طريق عودته إلى واشنطن بعد زيارته لموسكو وتل أبيب. بدا واضحاً من محادثات الروس والأميركيين أنهم من خلال تركيز جهودهم على الوصول إلى اتفاق لوقف النار، فإنهم لم يفكروا كثيراً بالحاجة إلى من سيشرف عليه. في حال تم تحقيق وقف للنار على الجبهة السورية، فلن تكون هناك صعوبة عملية كبيرة في المحافظة عليه بما أن السيطرة الملحوظة للإسرائيليين (في الجولان) هي سيطرة متصلة بعضها ببعض.

على الجبهة الجنوبية، في المقابل، الوضع معقد جداً، والقوات المصرية إلى شرق قناة السويس خسرت خطوط إمدادها من الغرب. وقف النار هناك يجب اعتباره بالتالي هشاً إلى حد كبير، وهو (وزير الخارجية البريطاني) حض ناصحاً الدكتور كيسنجر على أن يتم الترتيب مع الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور (كورت) فالدهايم على تقوية آلية الإشراف على الهدنة في الأمم المتحدة واستخدامها فوراً للإشراف على وقف النار والمساعدة في التعامل مع الصعوبات على الأرض».

نصائح من كيسنجر

أضاف محضر الجلسة نقلاً عن وزير الخارجية: «بدا الدكتور كيسنجر أنه لا يحبذ عقد مؤتمر سلام. بدا أنه والقادة الروس يأملون في أن يجتمع العرب والاسرائيليون مع بعضهم في مفاوضات مباشرة، على أن تتدخل الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي عندما يكون ذلك ضرورياً للتقدم بالمفاوضات. أشار الدكتور كيسنجر إلى المزاج الحالي لدى الطرفين، وكان واضحاً أنه واعٍ إلى أن مهمة إطلاق مفاوضات ستكوت صعبة. أظهر الدكتور كيسنجر بعض التردد في شأن موضوع إمدادات السلاح من الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، لكنه أعطى الانطباع بأنهما ربما توصلا إلى تفاهم غير رسمي بالتزام ضبط النفس، وقال إنه يتوقع أن يرى انخفاضاً في تدفق الأسلحة الروسية في المستقبل القريب. في شأن موضوع إمدادات النفط، قال الدكتور كيسنجر إنه غير مستعد (لقبول) الابتزاز نتيجة الضغوط العربية. لكنه أقر بأن أوروبا ربما ستعاني بشكل أخطر بكثير من الولايات المتحدة، وهو يقترح إرسال ما وصفها برسالة تصالحية للدول العربية المنتجة للنفط وللرئيس المصري السادات يقول فيها إن إنزال عقوبات بالدول الأوروبية لا يخدم القضية العربية. سيشير أيضاً إلى أنه دون المساعي الخيّرة للولايات المتحدة سيكون من المستحيل الوصول إلى حل عادل لمشكلة الشرق الأوسط».

ويتابع نص محضر الجلسة: «قال رئيس الوزراء (هيث)، ملخصاً العرض الموجز (للموقف في الشرق الأوسط)، إننا سنكون بحاجة إلى تقديم أفكار أخرى للحكومتين الأميركية والسوفياتية. من الضروري أن ينخرط الدكتور فالدهايم في البحث عن حل. آلية الأمم المتحدة للإشراف على الهدنة ربما تكون المصدر الوحيد الفوري للمساعدة في محاولة الحفاظ على وقف النار. لقد حصل فعلاً بعض القتال، وإذا لم تحصل إعادة تموضع للقوات فإن مخاطر النزاع ستبقى، مهما كانت رغبة المصريين والإسرائيليين في تفادي ذلك. وهذا الأمر بدوره قد يعتمد على بدء المفاوضات».

حظر النفط و«اللوبي» الإسرائيلي

ويكشف ملحق سري بمحضر جلسة أخرى لمجلس الوزراء عُقدت يوم 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 1973، أن حكومة هيث كانت تستعد لبدء فرض ترشيد إمدادات النفط إلى محطات الوقود في ضوء حظر النفط الذي أعلنته دول عربية.

وينقل المحضر عن وزير الخارجية دوغلاس هيوم قوله في الاجتماع إن «التقارير الأولية عن المناقشات التي حصلت في القاهرة في اليوم السابق (في 7 نوفمبر) بين الرئيس السادات ووزير الخارجية الأميركي الدكتور كيسنجر، تشير إلى أنهما اتفقا على السعي إلى ترتيبات يتم بموجبها فتح الطريق أمام الجيش الثالث المصري تحت إشراف مراقبي الأمم المتحدة، ويتم تبادل للسجناء، وخلال 10 أيام إلى 15 يوماً يبدأ مؤتمر سلام. مستشار الدكتور كيسنجر، السيد سيسكو، نقل المقترحات إلى إسرائيل. الدكتور كيسنجر بدا أنه يعتقد أن رئيسة وزراء إسرائيل، السيدة (غولدا) مائير، ستقبلها، رغم أنها خلال زيارتها الأخيرة لواشنطن كانت متعنتة ولم يتم تحقيق تقدم معها.

رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث ونظيرته الإسرائيلية في لندن 12 نوفمبر 1973 (غيتي)

النية هي أن مؤتمر السلام يجب أن يكون بحضور الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور فالدهايم، المتصارعون، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. لقد علمنا من المصريين أنهم يفضّلون مؤتمراً أوسع نوعاً ما، بما أنهم لا يرغبون في أن يكون الاتحاد السوفياتي مستشارهم الوحيد. ولكن ليس من المستحسن لنا وللفرنسيين أن نحاول في الوقت الحالي أن نشارك في المؤتمر، رغم أن هذا الاحتمال يمكن أن يُثار في وقت لاحق. المؤن الأميركية من العتاد الحربي للإسرائيليين، والمؤن السوفياتية للمصريين، انخفضت إلى مستويات متدنية نسبياً. بحلول هذا الوقت، المعدات التي خسرها الطرفان تم على الأرجح استبدالها. كل من الطرفين لا يطلب منا أن نستأنف الإمدادات».

الجسر الهولندي

وينقل المحضر عن مستشار دوقية لانكستر الوزير جون ديفيز (الوزير المسؤول عن العلاقات من المجموعة الأوروبية) قوله إن اجتماع مجلس وزراء المجموعة الاقتصادية الأوروبية الذي انعقد في وقت سابق من الأسبوع في بروكسل، «هيمنت عليه قضية النزاع بين العرب وإسرائيل وتداعيات ذلك على إمدادات أوروبا من النفط». بيان وزراء خارجية «مجموعة الدول التسع» (ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، وبلجيكا، ولوكسمبورغ، والدنمارك، وآيرلندا، والمملكة المتحدة)، رغم أنه قوبل بانتقادات واستقبال سيئ من وسائل الإعلام، فإنه مثّل إنجازاً معتبراً في تضامن المجموعة (الأوروبية) وكذلك مساهمة مفيدة في البحث عن تسوية في الشرق الأوسط. المملكة المتحدة وفرنسا لديهما الآن موقف ثابت في المجموعة يمكن على أساسه تثبيت جهودهما لإقناع الدول العربية بتخفيف حظرها على إمدادات النفط إلى هولندا. رغم أنه لم تظهر مؤشرات حتى الآن على أن نقصاً خطيراً في الوقود يحصل في أوروبا، فإن الوضع غير مؤكد للغاية. نصف إمدادات النفط التي تصل في العادة إلى هولندا، يتم توجيهه لإعادة التصدير إلى ألمانيا الغربية وبلجيكا. وحكومتا هذين البلدين قلقتان جداً من احتمال أنه في حال استمر انقطاع إمدادات النفط عن هولندا، فإن الرأي العام قد يُرغم الحكومة الهولندية على منع الصادرات. ولكن يبدو أن نقطة الأزمة لن يتم الوصول إليها قبل نحو 10 أيام».

ويتابع المحضر: «في النقاشات تم التلميح إلى أنه رغم أن التفكير من جديد يجب أن يُعطى الآن لترتيبات المشاركة (في الإمدادات النفطية) بموجب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن الحكومة الهولندية أقرت في شكل غير علني بأن أي محاولة من قبل شركائها في المجموعة الاقتصادية الأوروبية لتحويل إمدادات النفط الخام إلى روتردام، في تحدٍ للحظر العربي، سيكون أمراً بالغ الخطورة.

ولكن في الوقت الراهن من المستحسن ألا تتم محاولة وقف التدفق الطبيعي للمواد البترولية بين الدول الأعضاء في المجموعة. ولكن الفرصة لا يجب أن تضيع من خلال تحويل تضامن المجموعة (الأوروبية) في خصوص هذه المسألة إلى فائدة، وذلك عبر الاحتجاج أمام الدول العربية على الاستخدام السياسي لسلاح النفط ضد أوروبا. لقد ذُكر أن الدول المنتجة فوجئت وشعرت بالرضا لعدم وجود أي رد منسق من الحكومات المستهلكة في أعقاب الزيادات الأخيرة في الأسعار، ولكن لا يجب أن يُتركوا للافتراض أن عملهم هذا لن يواجه تحدياً. ولكن في المقابل تم تسجيل أن الحكومتين الإيرانية والسعودية أوضحتا، رداً على طلباتنا، أنهما تنظران إلى هذه التطورات في ضوء تاريخ طويل من استغلال مصادرهما من قبل الدول الغربية. ورغم أن الموقف الذي تم الوصول إليه في المجموعة الاقتصادية الأوروبية يوفر أساساً متيناً يمكن عليه تطوير مقاربة مشتركة أمام منتجي النفط، ولكن هذه العملية يجب أن تأخذ وقتها. ولا يجب النسيان أنه حتى بدايات الثمانينات على أقل تقدير، عندما تبدأ إمدادات النفط من بحر الشمال بجعلنا في اكتفاء ذاتي إلى حد كبير، فإننا كبقية أوروبا سنواصل الاعتماد بشكل كبير على الشرق الأوسط. القدرة العملية لكل منتج أساسي للنفط هي القدرة القصوى لتلبية الطلب حالياً. الدول العربية في وضع يتيح لها ليس فقط إزعاجنا بإرغامنا على ترشيد البترول وتحديد الواردات، ولكن أيضاً لشل الصناعة، والتسبب في ضرر واسع باقتصادنا وببطالة ضخمة».

الإعلام وإسرائيل

ويتابع المحضر: «في ضوء هذه الخلفية، تم الأخذ في عين الاعتبار أن الدرجة التي نحن فيها بالنسبة إلى الاعتماد على الإمدادات النفطية من الدول العربية، تثير أسئلة صعبة عند تقديم السياسات الحكومية للشعب. هناك صدقية كبيرة يتم إعطاؤها لرواية الأحداث التي توحي بأن الحكومة خضعت لابتزاز منتجي النفط العرب من أجل تبني موقف خسيس بالنسبة إلى النزاع بين العرب وإسرائيل، في تجاهل للتعاطف الشعبي مع إسرائيل والقلق على استمراريتها».

ويواصل المحضر أن «الإعلام، الذي بدا منفتحاً في شكل كبير على التأثير الإسرائيلي، قدّم فقط جانباً واحداً من القضية وتجاهل الجهود الحكومية المتواصلة التي تم التعبير عليها أولاً في خطاب وزير الخارجية في هاروغيت في أكتوبر 1970، من أجل إقناع حكومة إسرائيل بأنه لا يمكن أن يكون هناك تسوية دائمة في الشرق الأوسط ما دامت تسعى إلى حماية حدودها بالسيطرة على الأراضي العربية بقوة السلاح. ولكن الحكومة (البريطانية) لم تنصح أبداً إسرائيل بأن تنسحب انسحاباً غير مشروط من تلك الأراضي من دون ضمان لأمنها. لقد تم الإيحاء بأن موقف الحكومة من هذه المسألة لا يتم تقديره تقديراً حسناً سواء من المجتمع اليهودي في هذا البلد ولا من الرأي العام في شكل أكبر. لا يجب أن يُهمل أي جهد من أجل جعل هذا الموقف مفهوماً. ومن أجل هذه الغاية سيكون في المفيد تقديم شرح وافٍ عن هذه المسائل لأعضاء مجلس الوزراء، بما في ذلك الحقائق والاعتبارات التي تدفع الحكومة إلى (اعتماد) هذه السياسة. إضافة إلى ذلك، تمت الإشارة إلى أنه على رغم أن المصالح الضرورية لأمن إسرائيل يجب أن تُدعم، وعلى رغم أن وضعها كضحية لعداء عربي متواصل وتعرضها لهجمات متواصلة منذ إنشائها يجب أن يحظى ذلك بدرجة من التعاطف، ولكن أن يتم تقديم الدعم على هذا الأساس لكل عمل مبالغ فيه من الإسرائيليين، أو قبول وجهة نظرهم في شأن الأوضاع من دون نقد، لن يفيد كثيراً مصالحهم الضرورية، أو مصالحنا. في الواقع، من مصلحتهم أن تكون هناك دول غربية قادرة على ممارسة تأثير على العرب. رغم ذلك، هناك لوبي كبير وفاعل يعمل في هذا البلد لدعم قضية إسرائيل. ومن الصعب أن يتم الاستماع إلى وجهة نظر متوازنة. من المهم أن يفهم المجتمع اليهودي وغيره أن التعاطف الشعبي مع إسرائيل سيتبخر بسرعة إذا جلب التصلب من جهتها تجاه تسوية سلمية أضراراً باقتصادنا من خلال عرقلة إمدادات النفط لنا».

ورقة حقائق للوزراء

اختتم رئيس الوزراء، بحسب المحضر، المناقشات بالقول «إن الحكومة أخذت علماً بآخر تطورات الشرق الأوسط وكذلك بنتائج اجتماع مجلس وزراء المجموعة الاقتصادية الأوروبية. تتم المراقبة عن قرب لإمداداتنا النفطية، واللجنة الوزارية الخاصة بالاستراتيجية الاقتصادية ستراجع هذا الوضع في وقت لاحق اليوم. نوايا المنتجين العرب يتم التأكد منها (حالياً)، وهناك اتصال وثيق بشركات النفط. تحضيرات طارئة لتقييد استهلاك النفط في هذا البلد على وشك الاكتمال. ترشيد النفط يمكن أن يتم استحداثه خلال مهلة ثلاثة أسابيع في حال كان ذلك ضرورياً. قرار التوزيع (توزيع المشتقات النفطية) يمكن أن يُتخذ خلال أيام قليلة. في خصوص القضايا الأوسع التي أثيرت في مناقشات مجلس الوزراء، تم إبداء قلق من أن موقف الحكومة الذي تم التزامه في شكل متواصل منذ عام 1970، ليس مفهوماً في شكل واسع، بل ويتم تقديمه في شكل مغاير. الوزراء يرغبون في استخدام أي فرصة متوفرة من أجل تشجيع حصول تقدير شعبي أوسع لسياسة الحكومة، والاعتبارات التي تملي هذه السياسة. من أجل هذه الغاية، سيكون من المفيد أن يوزع وزير الخارجية والكومنولث ورقة تحدد الحقائق في شكل مفصل وتشير إلى زملائه الوزراء ما هو الخط الذي يمكن التزامه في النقاشات العمومية. الورقة يجب أن تقدم إرشاداً لسياستنا في خصوص إمدادات السلاح ورداً على الانتقادات أننا منعنا الولايات المتحدة من استخدام منشآت في إطار جهدها لتقديم الدعم لإسرائيل. وزير التجارة والصناعة يجب أن يوزع ورقة بخصوص موقفنا من إمدادات النفط، ويشرح فيها الدرجة التي نعتمد فيها على النفط العربي، والضمانات التي تلقيناها، والإجراءات الاحتياطية المتخذة سواء في هذا البلد أو في بقية الدول المستهلكة».


فرنسا بعد انطلاق المعارك: الأوروبيون هُمّشوا... والفلسطينيون سيدفعون ثمناً لاحقاً

رئيس الاتحاد السوفياتي ليونيد بريجنيف (يسار) يلتقي الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في الكرملين يوم 22 مايو 1972 (غيتي)
رئيس الاتحاد السوفياتي ليونيد بريجنيف (يسار) يلتقي الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في الكرملين يوم 22 مايو 1972 (غيتي)
TT

فرنسا بعد انطلاق المعارك: الأوروبيون هُمّشوا... والفلسطينيون سيدفعون ثمناً لاحقاً

رئيس الاتحاد السوفياتي ليونيد بريجنيف (يسار) يلتقي الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في الكرملين يوم 22 مايو 1972 (غيتي)
رئيس الاتحاد السوفياتي ليونيد بريجنيف (يسار) يلتقي الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في الكرملين يوم 22 مايو 1972 (غيتي)

على الرغم من أن القانون الفرنسي ينص على فتح الأرشيف بعد فترة لا تتجاوز الثلاثين عاماً، فإن البحث في الأرشيف الوطني الفرنسي عما دار في المراسلات الدبلوماسية العسكرية بين سفراء في العواصم المعنية وبين الإدارة المركزية في باريس خلال حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 لم يكن بالأمر السهل.

فمن جهة، ينقسم الأرشيف قسمين: دبلوماسي وعسكري، وصعوبة الجزء الأول أن الفترة التاريخية المعنية (أكتوبر/تشرين الأول 1973) ليست مؤرشفة إلكترونياً، وبالتالي يتعين البحث في آلاف الوثائق عن المعلومة التي تلقي ضوءاً جديداً على الحرب، غير أن المفاجأة التي تنتظر الباحث أنه حتى في إطار الأرشيف المفتوح ثمة جزء منه «غير متاح للمراجعة»؛ وهو ما يرجعه مسؤولون إلى «حساسية» بعض الوثائق التي لا يفرج عنها قبل مرور سبعين عاماً وربما أكثر من ذلك، واختصار المدة مرهون بالموافقة على طلب رسمي مُعلل قد يٌقبَل أو يُرفَض.

ووفق ما تبين لـ«الشرق الأوسط»، فإن كل ما يتناول الجوانب العسكرية والدفاعية «الحساسة»، مثل المبيعات العسكرية الفرنسية، وتقييمات المخابرات أو ما يمس شخصيات ما زالت حية ومتحفظاً عليها، فضلاً عن أن الأرشيف الخاص بوزارة الدفاع والجيش يرتع في قلعة «فانسان» الواقعة على مدخل العاصمة الشرقي، والوصول إليه يتطلب إذناً خاصاً من وزارة الدفاع، ورغم تقديم طلب بهذا المعنى، فإن الموافقة لم تأت.

ورغم الصعوبات، فإن «الشرق الأوسط» تمكنت من الوصول إلى مئات الوثائق التي تكشف جانباً مهماً من السياسة والمواقف الفرنسية والتي تُلقي ضوءاً كاشفاً على اهتمامات باريس.

كان جورج بومبيدو رئيساً للجمهورية الفرنسية، وبيار ميسمير رئيساً للحكومة، وميشال جوبير وزيراً للخارجية، عندما اندلعت المعارك، ومنذ 19 يونيو (حزيران) 1973، قرع جوبير نواقيس الخطر مُحذراً من حرب قادمة في كلمة له مدوية أمام النواب، حيث نبّه من «توافر الشروط كافة التي ستفضي إلى مأساة كبرى إذا ما استمر الوضع (في الشرق الأوسط) على حاله».

الرئيس الفرنسي السابق جورج بومبيدو ورئيس حكومته بيار ميسمير بباريس في أكتوبر 1973 (غيتي)

ويُظهر الأرشيف الفرنسي المتاح كماً هائلاً من المعلومات والتحليلات والتواصل مع عواصم العالم، وعلى رأسها واشنطن وموسكو، والمواكبة اليومية لتطورات الحرب منذ اندلاعها في السادس من أكتوبر 1973 وحتى توقف إطلاق النار وما بعده.

يتحدث تقرير سري بتاريخ 20 أكتوبر عن «وصول مجموعة من الضباط والجنود الجزائريين إلى جنوب لبنان من سوريا للقيام بعمليات عسكرية إلى جانب الفلسطينيين لإشغال القوات الإسرائيلية ولتخفيف الضغط عن الجبهة السورية».

لكن اللافت أيضاً «مضمون تقرير وصل إلى الخارجية الفرنسية، ومن مصادر لم تكشف هويتها عن اقتراح قدمه الزعيم الكردي مسعود بارزاني إلى الرئيس العراقي آنذاك (أحمد حسن البكر) بإرسال 2000 مقاتل كردي إلى الجبهة السورية». بيد أن هذا الاقتراح بقي حبراً على ورق ولم يتم الأخذ به.

تقييم النتائج

يسلط تقرير سري صادر عن الأمانة العامة لوزارة الدفاع الفرنسية، في 23 أكتوبر مع بدء انتهاء الأعمال القتالية، الضوء على «الخلاصات» الأولى التي يمكن رصدها من الحرب، وأولاها أن العرب (مصر وسوريا) هما «من اتخذتا المبادرة وتغلبتا على عقدة النقص ونجحتا في السنوات التي سبقت من التحضير لعمليات منسقة، وحافظتا على مسار انطلاق العمليات العسكرية. أما بالنسبة إلى إسرائيل، فإن التحليل أشار إلى أربع نقاط، أولها أن القوات العسكرية الموجودة على الخطوط الأولى في الجبهتين استطاعت، إلى حد ما، امتصاص الضربة الأولى. كما نجحت إسرائيل في تعبئة قوات الاحتياط المدربة تدريباً جيداً خلال ثلاثة أيام، وعملت بقوة من أجل استعادة المبادرة كما أفلحت في نقل ثقل قواتها سريعاً من جبهة الجولان إلى سيناء».

صورة تقرير سري فرنسي في 23 أكتوبر 1973 يتناول تقييم النتائج الأولية للحرب (الشرق الأوسط)

ويشير التقرير إلى أنه «لم يكن بوسع أي من الطرفين أن يقوم بعمليات واسعة النطاق إلا في فترة زمنية محدودة «بسبب الاستهلاك السريع للأسلحة الحديثة» وصعوبة استبداله في وقت قياسي، فضلاً عن النقص في العسكريين ذوي المؤهلات العالية كالطيارين وقادة الدبابات... والخلاصة اللاحقة تفيد بأن أياً من الطرفين ما كان مؤهلاً لهذه الحرب من غير مشاركة الدولتين الكبريين (الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي) وأن وقف الحرب كان أيضاً بين أيديهما»، وفق التقييم الفرنسي.

واختم التقييم بأن «الخاسرين طرفان: الفلسطينيون لأنهم سيدفعون ثمن الترتيبات اللاحقة، والأوروبيون الذين أبقوا على الهامش وعانوا من الصدمة البترولية الأولى».

مخاوف باريسية

في برقية تحمل الرقم 1664/1668موجهة من السفير الفرنسي في القاهرة إلى الإدارة المركزية بتاريخ 24 أكتوبر، عقب التصويت على القرار 338 في مجلس الأمن الدولي الذي وضع حداً للحرب الذي تم التفاهم حوله بين واشنطن وموسكو، عبّر الأخير عن القلق من أن «يعمد والروس والأميركيون، باستناد كل جانب إلى (زبائنه)، إلى تحويل الشرق الأوسط منطقة مطلقة لتقاسم النفوذ بينهما» واستبعاد أوروبا.

وجاء في البرقية، أن مصر، عندما أطلقت الأعمال القتالية، «كانت تعي أنها غير قادرة بقواتها العسكرية وحدها على تحرير أراضيها، وأنها كانت تسعى إلى دفع الدولتين إلى الاهتمام بالشرق الأوسط بعد الخيبة التي أصابتها من غياب الاهتمام بنزاع عمره 25 عاماً إبان القمة التي عُقدت (بين نيكسون وبريجنيف) في شهر أبريل (نيسان)».

رئيس الاتحاد السوفياتي ليونيد بريجنيف (يسار) يلتقي الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في الكرملين يوم 22 مايو 1972 (غيتي)

وتضيف البرقية، أن «دعوة الدول الكبرى للحلول محل الأطراف المعنية يعني التخلي طوعاً عن الاستقلال الحقيقي». وخلاصة البرقية، أن ما حصل قد تم على حساب الأوروبيين «حيث لم يتم التشاور معنا في موضوع وقف إطلاق النار؛ ولذا علينا أن نقوم بكل ما هو ممكن حتى نكون جزءاً من مفاوضات (السلام) من خلال التأكيد على أن شيئاً يمكن أن يتم خارج الأمم المتحدة ومن غير تدخل مجلس الأمن».

هذا التخوف من التهميش يُعدّ إحدى علامات الديبلوماسية الفرنسية، حيث إن باريس سعت دوماً ليكون لها دور في منطقة تعدّ جوارها القريب. ففي تقرير بتاريخ 9 أكتوبر عن الاجتماع الذي ضم في باريس الرئيسين الفرنسي بومبيدو والإيطالي ألدو مورو، جاء أن الأول عبّر عن شيء من الخيبة في أن تكون الأمور محصورة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي من غير أن ينسى إسرائيل التي قال عنها: إنها «لا تتراجع حتى في حال ممارسة الضغوط عليها». وليس سراً أن علاقة الرئيس الفرنسي بإسرائيل كانت بالغة السوء؛ كون أن بومبيدو واصل سياسة الجنرال ديغول الذي فرض حظراً صارماً على مبيعات الأسلحة لإسرائيل بعد مهاجمتها مطار بيروت الدولي في عام 1968.

ما سبق غيض من فيض، والإحاطة بكل ما يتضمنه الأرشيف الفرنسي من معلومات وتحليلات تتناول الجوانب السياسية والديبلوماسية والعسكرية يحتاج إلى مؤلفات. لكن، رغم ذلك، وفي ما خص فرنسا تحديداً، ثمة كثير من النقاط ما زالت طي الكتمان وهي محفوظة، حتى اليوم، بعيداً عن أعين الصحافة والباحثين. بيد أن الاطلاع على الأرشيف بالغ الإفادة؛ لأنه يبين ما يحصل في اجتماعات الغرف المغلقة، حيث تقال الأمور بصراحة متناهية بعيداً عن التصريحات العلنية التي تخفي أكثر مما تكشف.


أشرف مروان... رجل الرواية الواحدة

أشرف مروان... رجل الرواية الواحدة
TT

أشرف مروان... رجل الرواية الواحدة

أشرف مروان... رجل الرواية الواحدة

عندما نشر جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) الشهر الماضي، كتاباً يتطرق جزئياً لحرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، تضمن وثيقتين تتعلقان بلقاء أشرف مروان، صهر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وسكرتير سلفه الرئيس أنور السادات للمعلومات، مع رئيس الموساد، في ذلك الوقت، تسفي زامير، لإبلاغه بموعد الهجوم المصري على سيناء؛ كانت تلك هي المرة الأولى، التي تفصح فيها إسرائيل «رسمياً» عن أمر يتعلق بعلاقة مروان بأجهزتها الاستخباراتية.

وظل الحديث عن «بابل» أو «الصهر» أو «الملاك»، وهي أسماء شفرية للجاسوس الذي سرب للإسرائيليين موعد الهجوم المصري، بعيداً عن الدوائر الرسمية، وقاصراً على تسريبات صحافية أو كتب مسؤولين سابقين.

وبقي اسم ذلك الجاسوس سراً تحوم حوله التسريبات لسنوات طويلة، وظهرت تدريجياً على مدى سنوات عبر مذكرات لمسؤولين إسرائيليين؛ مثل: غولدا مائير رئيسة الوزراء في الفترة (1969: 1974)، وإيلي زعيرا (رئيس المخابرات العسكرية خلال الفترة 1972: 1974)، وموشيه ديان (وزير الدفاع 1967: 1974).

ولم يُكشف عن اسم مروان، إلا في عام 2004 على يد الباحث الإسرائيلي أهارون بيرجمان، نقلاً عن إيلي زعيرا، الذي نشر في العام نفسه كتابه «الأسطورة مقابل الحقيقة: حرب يوم كيبور الإخفاقات والدروس»، وذكر فيه أن مروان كان عميلاً، وأبلغ إسرائيل بموعد بداية حرب أكتوبر.

وبقي ذاك الكشف رواية من جانب واحد دون تأكيد رسمي، وظل الأمر جزءاً من صراع محتدم ومتواصل إلى اليوم بين الأجهزة الإسرائيلية بشأن المسؤول عن التقصير، الذي قاد إلى إخفاق إسرائيل في عام 1973.

ورغم أن وثائق كتاب «الموساد» لا تقدم جديداً عما سربته إسرائيل على مدى سنوات، لكن يقدم للمرة الأولى وثيقة يرفض فيها «الموساد» اعتبار مروان «عميلاً مزدوجاً»، كما يرفض تعامل مصر معه وكأنه «ذلك البطل القومي، الذي نجح في نقل أهم معلومة حول العدو الإسرائيلي»، وبالنسبة للموساد فإن عمل مروان كان «في خدمة إسرائيل».

صمت مصري ورسائل

في مواجهة الروايات الإسرائيلية بشأن مروان ولمن كان ولاؤه الحقيقي، التزمت مصر صمتاً رسمياً، إلا أن مصدراً مصرياً مطلعاً قال لـ«الشرق الأوسط» إن الأحاديث الإسرائيلية المتكررة بشأن مروان، «تعكس حالة التنافس بين الأجهزة الأمنية في إسرائيل»، مؤكداً أن «الكل في إسرائيل يحاول أن يبرئ نفسه عبر محاولة الظهور كبطل».

وشدد المصدر، الذي طلب عدم نشر هويته، على أنه «لا يجب أن ننشغل بمعارك تصفية الحسابات، ولا يجب أن نعتمد عليها في كتابة التاريخ العسكري والأمني».

ويبدو أن الموقف المصري المتحفظ بات بمثابة استراتيجية ثابتة التزمت بها مصر على مدى سنوات طويلة في مواجهة تسريبات إسرائيلية موسمية بشأن مروان، لكن التعامل المصري مع الرجل الذي ظل غامضاً في حياته وفي رحيله، لم يخلُ من إشارات موحية، فلم توجه له أية اتهامات مصرية، بل تمتع بحرية السفر والإقامة، وحافظ على علاقات وطيدة مع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، وكان مروان ضمن لائحة محدودة الأسماء حضروا حفل زواج نجل الرئيس المصري الأسبق، في بداية أكتوبر 2003.

ونُشرت صورة وقتها لعناق حار بين مبارك ومروان، وهو ما دفع الصحافي الإسرائيلي رونين بيرجمان لكي يكتب في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن هذه الصورة «تثبت أن مروان كان عميلاً مزدوجاً».

فشل عسكري واستخباراتي

ويرى الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن ما يصفه بـ«إعادة تدوير الرواية الإسرائيلية» سواء بشأن حرب أكتوبر أو مروان تمثل «تجسيداً للفشل العسكري والاستخباراتي في إسرائيل». لافتاً إلى تأثير الانقسامات الداخلية الأمنية والسياسية الإسرائيلي خلال المرحلة الراهنة على إعادة طرح ما وصفه بـ«المهاترات».

وبشأن إصرار مصر على التزام الصمت إزاء الرواية الإسرائيلية بشأن أشرف مروان طيلة سنوات، قال فهمي لـ«الشرق الأوسط»، إن الكشف عن الوثائق أو طرح تسريبات «لا يمثل ثقافة مصرية»، مشدداً على أن الأجهزة المصرية «تتعامل مع مثل هذه القضايا وفق رؤيتها، ولا تنساق وراء محاولات جرها لمعارك هامشية».

ورأى اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالجيش المصري، وأستاذ العلوم الاستراتيجية بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا، أن مروان «بطل مصري شارك في تنفيذ خطة الخداع الاستراتيجي التي استبقت بها مصر الحرب». معتبراً أيضاً أنه «شارك في إبعاد رئيس الموساد الإسرائيلي عن فريق إدارة العمليات في تل أبيب قبيل ساعات من اندلاع الحرب».

وقال سالم لـ«الشرق الأوسط» إن «إسرائيل متهمة باغتيال مروان في أعقاب تأكدها من دوره الحاسم في الحرب وخداع أجهزتها الأمنية».

 

لغز الوفاة

ورغم أن محكمة التحقيق العلنية البريطانية قضت في يوليو (تموز) 2010 بأن الوفاة «غير معروفة الأسباب»، وأن الأدلة التي قدمتها الشرطة وشهادات الشهود «لا تدعم أي فرضية بشأن وفاته»، ولم توجه التحقيقات اتهاماً لأية جهة بالوقوف وراء مقتل مروان بعد ظهر الأربعاء 27 يونيو (حزيران) 2007، عندما سقط من شرفة منزله في حي راق بالعاصمة البريطانية لندن ليفارق الحياة عن 63 عاماً؛ فإن زوجته منى جمال عبد الناصر اتهمت (الموساد) الإسرائيلي بقتله.

وضاعف مشهد جنازة مروان من الغموض بشأنه، إذ رتبتها أجهزة رسمية، وسط حضور من كبار رجال الدولة، تقدمهم جمال مبارك نجل الرئيس المصري آنذاك.

«مسألة» هيكل

لكن الجنازة لم تكن مشهد الختام في سيرة «الرجل الغامض»، ففي أعقاب الإطاحة بحكم مبارك عام 2011 نشر الصحافي المصري الراحل محمد حسنين هيكل، كتاباً من جزأين عن عصر مبارك، وحكى أنه تلقى عبر نواب عرب في «الكنيست» وثائق بتحقيقات برلمانية إسرائيلية بشأن قضية العميل «بابل»، وأنه رأى بنفسه وثائق رسمية طبق الأصل من محاضر سرية للرئاسة المصرية، وأشارت التحقيقات إلى أن ذلك العميل قدمها للموساد، وأكد هيكل صحة الأوراق المصرية بحكم قربه من الرئيس السادات في ذلك الوقت.

وحكى هيكل عن لقاء جمعه مع مروان في لندن قبل أشهر من رحيله، حيث واجهه بما يتردد عنه، فأخرج له مروان قصاصة من جريدة «الأهرام»، نشرت نص ما قاله السادات في تكريم مروان عندما ترك منصبه في رئاسة الجمهورية، وقال: «ألا تكفيك شهادة أنور السادات حين يقول إنني قدمت خدمات كبيرة لمصر؟».

وتابع مروان، وقد بدا عليه الحرج - والرواية لهيكل - «هل تتصور أن صهر جمال عبد الناصر جاسوس، وأنت كنت أقرب الأصدقاء إليه وتعرفه؟» فرد هيكل: «دعني أكون واضحاً معك، لا شهادة حسن سير وسلوك من أنور السادات، ولا صلة مصاهرة مع جمال عبد الناصر تعطيان عصمة لأحد، نحن أمام مشكلة حقيقية تقتضي وضوحاً مقنعاً حقيقياً». وفي الكتاب نفسه، يقول هيكل إن «كرامة البلد وسمعة أشرف مروان نفسه تتطلبان تحقيقاً رسمياً مصرياً في الموضوع، بواسطة هيئة رفيعة المستوى، تضم عناصر قضائية، وبرلمانية، على أن تمثل فيها المخابرات العسكرية والمخابرات العامة، وظني أنه من دون ذلك لا تستقيم الأمور».