الكيانات الموازية... سلاح حوثي يهوي بالدولة ويفكك المجتمع

عودة إلى ما قبل الجمهورية... وبناء اقتصاد «طفيلي»

محمد علي الحوثي في فعالية لهيئة الأوقاف التي أنشأتها الميليشيات لصالح جناحه
محمد علي الحوثي في فعالية لهيئة الأوقاف التي أنشأتها الميليشيات لصالح جناحه
TT
20

الكيانات الموازية... سلاح حوثي يهوي بالدولة ويفكك المجتمع

محمد علي الحوثي في فعالية لهيئة الأوقاف التي أنشأتها الميليشيات لصالح جناحه
محمد علي الحوثي في فعالية لهيئة الأوقاف التي أنشأتها الميليشيات لصالح جناحه

(تقرير اخباري)
رغم سيطرتها التامة على مؤسسات الدولة بالكامل في العاصمة صنعاء ومناطق نفوذها؛ فإن الجماعة الحوثية تستحدث باستمرار كيانات وهيئات موازية تنافس هذه المؤسسات وتحل محلها، حتى باتت تهوي بالدولة وتفكك المجتمع بممارسات تجويع وبطش وقمع.
الأسبوع الماضي أصدر مهدي المشاط، رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى، قراراً بإنشاء «المؤسسة العامة للصناعات الكهربائية والطاقة المتجددة»، وعيَّن عبد الغني محمد حسين المداني رئيساً لها، بعد أن كان نائباً لوزير الكهرباء في حكومة الميليشيات، رغم تعرضه خلال الفترة الماضية لاتهامات من داخل الميليشيا الحوثية نفسها بممارسة الفساد داخل الوزارة.
ويدير المداني نحو 200 محطة توليد كهرباء تجارية في صنعاء والحديدة، تعود إيراداتها إلى حسابات خاصة بالميليشيات، إضافةً إلى إدارة عدد من المحطات التابعة للمؤسسة العامة للكهرباء.
يقول مصدر في وزارة الكهرباء في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الخطوة تأتي ضمن مخطط استراتيجي لتحويل مؤسسة الكهرباء وأصولها وشبكتها إلى قطاع تجاري استثماري يدرّ الأموال على الميليشيات، بعد إعادة تشغيلها إثر توقفها ثلاثة أعوام منذ اندلاع الحرب.
وتوقفت الكهرباء عن العمل في عام 2015 بسبب الحرب، واستعاض عنها المواطنون بمعدات الطاقة الشمسية باهظة الكلفة وقليلة الفائدة. وأفاد المصدر بأن النصيب الأكبر من تجارة الطاقة الشمسية يعود لتجار موالين للميليشيات التي استفادت من توقف محطات الكهرباء، للاستثمار في هذا الجانب.
وحسب المصدر؛ فإنه، وعند تراجع مبيعات الطاقة الشمسية بسبب تشبُّع السوق بعد ثلاث سنوات؛ عادت الميليشيات لتشغيل محطات الكهرباء في مناطق سيطرتها، وبيع الطاقة للمواطنين بعشرين ضعف أسعارها قبل اندلاع الحرب، إضافةً إلى إنشائها محطات تابعة لرجال أعمال موالين لها.
- اقتصاد ميليشاوي
لا يُعرف عدد الكيانات الموازية التي أنشأها الحوثيون، فحسب مصدر في وكالة «سبأ» للأنباء التي يسيطرون عليها؛ لا تصل إلى الوكالة جميع القرارات الصادرة عن المجلس الذي يرأسه المشاط أو من رئاسة الحكومة، إلا أن العاملين في الوكالة يفاجأون أحياناً بورود أخبار إليهم لنشرها، عن أنشطة كيانات لم يسمعوا بها من قبل.
يذكر الباحث الاقتصادي وفيق صالح لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين بدأوا منذ سيطرتهم على مؤسسات الدولة في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، بتنفيذ خطة منظمة للاستحواذ على مختلف المؤسسات الإيرادية والقطاعات الحيوية، لإنشاء اقتصاد طفيلي، على حساب القطاع الخاص المنظم والذي يعمل منذ عقود.
ويتابع صالح: «لم يكتفوا بتحصيل موارد مؤسسات الدولة، بل أسسوا هيئات إيرادية مستحدثة من أجل مضاعفة الإيرادات، وضمان استمرار تدفق الموارد اللازمة لتمويل الحرب، وإضافةً إلى هدفهم في مضاعفة الموارد والإيرادات من الهيئات المستحدثة؛ فإن للحوثيين أهدافاً أخرى».
ويسرد صالح من تلك الأهداف: «القضاء على مؤسسات الدولة التي كانت عنواناً للنظام الجمهوري، واستبدال مسميات أخرى بها، لطمس تاريخ اليمن الجمهوري بتدمير مؤسساته، وإنشاء اقتصاد طفيلي، يقتصر على النخبة الحاكمة المنتمية إلى سلالة تسيطر على صنعاء والمحافظات المجاورة، وتسخيرها لتحقيق أهداف ذات أبعاد طائفية ومذهبية وتشطيرية، في سياق ممنهج لتقويض مفهوم الدولة اليمنية وأنظمتها القانونية والإدارية».
ويوضح أن إنشاء الهيئة العامة للأوقاف جاء لتمكينها من الإشراف على العقارات الوقفية والاستثمارات، وفصلها عن إشراف وزارة الأوقاف والإرشاد، فجرى إصدار قرار بتعديل مسمى الوزارة إلى وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة، في حين أنشأت الهيئة الجديدة قطاعاً يسمى قطاع الاستثمار وتنمية الموارد.
ويشير إلى أن الغرض من هذا القطاع هو دراسة الوضع الاستثماري لكل العقارات الخاصة بالأوقاف في كل المحافظات وحجز أي أراضٍ استثمارية لصالح الهيئة مهما كان وضعها، وإنهاء عقود المتعاقدين معها.
- حجج «الحق» المزعوم
يرى الباحث فؤاد المقطري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن استحداث بعض هذه الكيانات جزء من صراع الأجنحة الحوثية، فيتم تأسيس كيان جديد موازٍ لمؤسسة حكومية تحت سيطرة أحد الأجنحة، ليتمكن جناح آخر من المنافسة في الحصول على الإيرادات وتعزيز النفوذ، ومثال ذلك هيئة الأوقاف التي نشأت بسبب صراع جناحَي أحمد حامد ومحمد علي الحوثي حول إيرادات وأنشطة وزارة الأوقاف.
وإلى جانب كون هذه الهيئة أُنشئت بسبب التنافس بين الجناحين؛ فثمة مخطط خطير من ورائها، وهو استرداد أراضٍ وعقارات يُزعم أن ملكيتها تعود إلى الأسر الحاكمة خلال فترة الحكم الإمامي قبل ثورة سبتمبر 1962.
وينبه المقطري إلى أن هناك خطة استراتيجية لحصر هذه العقارات والبدء في إجراءات السيطرة عليها من الهيئة المستحدثة؛ إضافةً إلى طرد مستخدمي أراضي وعقارات الدولة وتمكين قادة الميليشيات منها.
ويؤكد أن من الأهداف الأخرى للحوثيين في إنشاء الكيانات الموازية؛ تدمير وتفريخ مؤسسات الدولة، وخصخصتها لصالح الميليشيات، وضمان أن تعمل بطاقم وظيفي مكون من أتباعهم، وعدم تسريب أو كشف ما يدور فيها للرأي العام أو المجتمع.
ويحذّر من أن إنشاء هذه الكيانات يمثل كارثة مستقبلية في حال استمرار سيطرة الحوثيين، فهو يحقق لهم تأسيس دولة داخل الدولة، وإلحاق أنصارهم بها لضمان السيطرة التامة عليها، ومن ثم لاحقاً الاستغناء عن موظفي الدولة، وإحالتهم إلى البطالة، إضافةً إلى عدم مسؤولية هذه الكيانات عن حقوق المواطنين ومصالحهم.
وبالعودة إلى الباحث وفيق صالح الذي يكشف عن بعض الأمثلة على استحداث ميليشيا الحوثي سلطات خارج القانون، كالهيئة العامة للزكاة لتحصيل المساهمة الخيرية الإلزامية، والاستحواذ على ما تبقى من موارد اليمنيين، وهيئة إدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعافي من الكوارث «النمشا»، وربطها بشكل غير رسمي مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي الخاضعة للميليشيا... ينوه إلى أنه، وقبل إنشاء الهيئة العامة للأوقاف؛ تم تأسيس المنظومة العدلية، وهي كيان يسعى للسيطرة على المحاكم والقضاة وأمناء السر وموثِّقي عقود البيع والشراء، بهدف السيطرة على قطاع العقارات، الذي يدر عائدات سنوية ضخمة.
وكانت ما تعرف باللجان الثورية هي النواة الأولى لإنشاء وتأسيس هذه الكيانات الموازية، فعند سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء أواخر عام 2014 بدأت هذه اللجان بالإشراف على أنشطة ومهام مختلف الدوائر الحكومية ومؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية بزعم مكافحة الفساد، وبشكل تدريجي أحكمت سيطرتها عليها.
وأعقب ذلك تعيين مشرفين على هذه المؤسسات من خارجها، ومنحهم صلاحيات غير قانونية، ومن خلالهم جرى تغيير كبير في الهيكل الإداري للمؤسسات، وتعديل في مهامها، وتجيير أنشطتها ومواردها لخدمة الميليشيات وتعزيز نفوذها.
ومن الكيانات الموازية التي أنشأها الحوثيون، المؤسسة العامة للصناعات الكهربائية والطاقة المتجددة، واللجنة التأسيسية للشبكة الوطنية للتكافل الاجتماعي، والهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث، والمجلس الاقتصادي الأعلى، وهي كيانات ذات طابع اقتصادي بغرض الجباية، وهناك كيانات أخرى ذات طابع أمني وتجسسي على المواطنين مثل المركز الوطني لبناء القدرات ودعم اتخاذ القرار، والمركز الوطني للتحكيم والتسوية في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القوانين الخاصة، وهيئة رفع المظالم، والهيئة العامة لشؤون القبائل، إضافةً إلى جهازي الأمن والمخابرات، والأمن الوقائي.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
TT
20

مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)

تزامناً مع إعلان هيئة قناة السويس المصرية نجاحها في قطر ناقلة نفط تعرضت لهجوم «حوثي» قبل نحو 7 أشهر، أكدت مصر، الاثنين، أن تحقيق أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال نائب وزير الخارجية والهجرة المصري السفير أبو بكر حفني، إن «أمن البحر الأحمر وثيق الصلة بالأزمات التي تشهدها المنطقة»، مُشيراً إلى «أهمية التوصل إلى حل عادل للأزمة اليمنية، والعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، بالإضافة إلى تسوية الأزمة السودانية».

جاء ذلك في افتتاح البرنامج التدريبي الذي ينظمه «مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، بدعم من الحكومة اليابانية، بعنوان «مكافحة التهديدات العابرة للحدود: نحو تعزيز الأمن البحري في منطقة البحر الأحمر».

ويشارك في البرنامج التدريبي عدد من الكوادر المدنية والأمنية المعنية بالدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ومنها السعودية، واليمن، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والأردن، ومصر، وفق الإفادة.

وأشار حفني، في كلمته خلال مراسم افتتاح البرنامج التدريبي، إلى «تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة على استقرار منطقة البحر الأحمر وتصاعد التوتر بها على نحو غير مسبوق». وقال إن «الحفاظ على أمن البحر الأحمر وحرية الملاحة فيه، مسؤولية جماعية تتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً مكثفاً»، وأضاف: «مصر تؤكد دوماً محورية إدماج الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن في أي مبادرات تُعنى بالمنطقة».

وشدد نائب وزير الخارجية المصري على «أهمية تفعيل مجلس الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، باعتباره إطاراً إقليمياً ضرورياً لتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول المشاطئة».

تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)
تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، غيرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أخيراً، إن إيرادات قناة السويس تراجعت نحو من 40 إلى 50 في المائة، بسبب «الأزمات» على حدود البلاد المختلفة، بعد أن كانت تدرّ نحو 10 مليارات دولار سنوياً.

في سياق متصل، قال أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس المصرية، في إفادة رسمية، الاثنين، إن ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان، والتي هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية العام الماضي، جرى قطرها بنجاح عبر القناة بعد إنقاذها من البحر الأحمر.

ووفق البيان، «جرت عملية القطر بواسطة 4 قاطرات تابعة للهيئة في رحلتها عبر قناة السويس ضمن قافلة الجنوب، مقبلة من البحر الأحمر ومتجهةً إلى اليونان».

وأوضح رئيس الهيئة أن «تجهيزات عملية قطْر الناقلة استلزمت اتخاذ إجراءات معقدة على مدار عدة أشهر لتفريغ حمولة الناقلة البالغة 150 ألف طن من البترول الخام قبل السماح بعبورها القناة، وذلك لخطورة وضع الناقلة بعد تعرضها لهجوم بالبحر الأحمر في أغسطس (آب) الماضي، أسفر عن حريق هائل بغرفة القيادة، وغرفة الماكينات، وغرف الإعاشة، وتعطل أجهزة التحكم والسيطرة، بشكل يصعب معه إبحار الناقلة وتزداد معه مخاطر حدوث التلوث والانسكاب البترولي أو الانفجار».

ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)
ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)

وأضاف ربيع أن «عملية تفريغ الحمولة في منطقة غاطس السويس خضعت لإجراءات معقَّدة قامت بها شركتا الإنقاذ AMBERY وMEGA TUGS المعينتين من مُلَّاك الناقلة، حيث عملتا من خلال خطة عمل مشتركة، بالتعاون وتحت إشراف كامل من فريق الإنقاذ البحري التابع للهيئة، على تفريغ الحمولة بناقلة أخرى مماثلة، وفق معدلات تفريغ وحسابات دقيقة منعاً لحدوث أي تضرر أو انقسام في بدن الناقلة».

وأوضح أن «عملية القطْر استغرقت نحو 24 ساعة، بمشاركة 13 مرشداً في مناطق الغاطس والقناة، وجرت على عدة مراحل».

وأكد ربيع «جاهزية قناة السويس للتعامل مع حالات العبور الخاصة وغير التقليدية من خلال منظومة عمل متكاملة»، مشيراً إلى «ما تتيحه الهيئة من حزمة متنوعة من الخدمات البحرية والملاحية التي تلائم متطلبات العملاء المختلفة في الظروف الاعتيادية والطارئة».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024، بحسب التصريحات الرسمية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

بدوره، قال خبير الشؤون الأفريقية اللواء محمد عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحدث في البحر الأحمر يجب النظر إليه من منظور جيوسياسي، لا سيما أن ما يحدث فيه يؤثر في دول عدة حول العالم، كونه أحد ممرات الملاحة العالمية التي كانت ولا تزال محل تنافس عالمي»، وأشار إلى «أهمية تعاون الدول المشاطئة لحماية أمن البحر الأحمر واستقراره». وأضاف: «إنهاء الصراعات في المنطقة أحد أهم شروط استعادة استقرار البحر الأحمر».

ووفق تقرير للبنك الدولي الشهر الماضي، «أدى تعطيل النقل البحري في البحر الأحمر إلى زيادة كبيرة في تكاليف الشحن العالمية بنسبة 141 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مقارنةً بما قبل الأزمة».

كما شهدت قناة السويس ومضيق باب المندب انخفاضاً حاداً في حركة السفن، حيث تراجعت بنسبة تصل إلى 75 في المائة بحلول أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024، مقارنةً بانخفاض 50 في المائة تم توثيقه في مايو (أيار) 2024، وفق التقرير.