«شهيدان» في تفجير «العنود» منعا الانتحاري من تنفيذ مخططه

الأربش عاد من أميركا وعقد قرانه قبل يومين وشارك في حملة «نبي الرحمة»

{السلفي} الاخير بين عبد الجليل الاربش ومحمد العيسى
{السلفي} الاخير بين عبد الجليل الاربش ومحمد العيسى
TT

«شهيدان» في تفجير «العنود» منعا الانتحاري من تنفيذ مخططه

{السلفي} الاخير بين عبد الجليل الاربش ومحمد العيسى
{السلفي} الاخير بين عبد الجليل الاربش ومحمد العيسى

تحول شاب سعودي عاد للتو من الولايات المتحدة في إجازة، حيث يدرس هناك في كلية الهندسة، إلى بطل في نظر آلاف الشباب السعوديين، بعد أن تصدى ببسالة لانتحاري كان يهم بتفجير نفسه في مسجد العنود، الذي كان يكتظ بالسكان.
ويبدو أن رجال الأمن الموجودين في المكان، كشفوا هوية الجاني، الذي فرّ (بحسب شهود عيان) ناويًا الدخول إلى قسم النساء لإيقاع مذبحة هناك. لكن الشاب عبد الجليل لاحقه ومنعه من الدخول سواء لقسم النساء أو لقسم الرجال الذي أراد الفرار إليه. ففجر نفسه مما أدى لاستشهاد ثلاثة من الشباب كانوا يحيطون بالإرهابي، وهم: عبد الجليل الأربش (22 عامًا)، ومحمد العيسى (18 عامًا)، وهادي سلمان الهاشم (20 عامًا).
وقال عضو مجلس الشورى السابق، الدكتور أحسان بوحليقة: «مكثت في المسجد ثلاث ساعات بعد التفجير، ولاحظت تنسيقًا متكاملاً بين الأمن والأهالي».
وحسب شهود عيان فإنه عندما شعر الانتحاري بأن أمره كُشف، سارع إلى تفجير العبوة الناسفة التي أخفاها داخل ملابسه، فتسببت في مقتل بعض المحيطين من حوله، وكان من بينهم الشاب عبد الجليل الأربش.
وقالت وزارة الداخلية في بيان، إن «الجهات الأمنية تمكّنت من إحباط محاولة تنفيذ جريمة إرهابية لاستهداف المُصلين بجامع العنود بمدينة الدمام، وذلك في أثناء أدائهم صلاة الجمعة؛ حيث تمكّن رجال الأمن من الاشتباه في سيارة عند توجّهها إلى مواقف السيارات المجاورة للمسجد، وعند توجّههم إليها وقع انفجارٌ في السيارة نتج عنه مقتل ٤ أشخاص يُعتقد أن أحدهم على الأقل كان قائد السيارة، واشتعال نيران في عددٍ من السيارات».
يذكر أن عبد الجليل الأربش فقد احتفل قبل يومين بعقد قرانه، وكان يهم بإكمال مراسم الزفاف بعد شهر رمضان، وكان إمام المسجد، السيد علي الناصر السلمان هو من تولى إبرام عقد الزواج له.
وقد كان الشابان عبد الجليل الأربش، وقريبه (ابن خالته) محمد العيسى، صديقان متلازمان، على الرغم من أن الأربش كان طالبا في كلية الطب في الولايات المتحدة، فإنه على صلة وثيقة بمحمد العيسى. وقبل الصلاة، التقيا في بهو المسجد، وراحا يلتقطان صورة (سيلفي) تجمعهما، ولم يكن يدر في خلدهما أنهما يوثقان لقاءهما الأخير. وقد بدا والد الأربش، كما والد العيسى، متماسكين وراحا يبلغان المعزين بأنهما يفضلان استقبال (التهاني) لكون ابنيهما عرجا مع «الشهداء».
وأظهرت تسجيلات تم تداولها على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي والد الشاب عبد الجليل، جمعة طاهر الأربش، وهو يتلقى (فيما يبدو) اتصالاً من إمام المسجد السيد علي الناصر يعزيه، لكنه يبادر بطلبه أن يقدم له التهاني، وقال: «لقد ذهب ولدي فداء للمصلين، وأنا فخور بشهادته».
وكان عبد الجليل ناشطًا في حملة نظمها مبتعثون سعوديون في الولايات المتحدة حملت عنوان «نبي الرحمة»، وهدفت إلى تعريف المجتمع الأميركي بشخصية النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وغطت 52 مدينة أميركية، تم فيها تقديم وردة مغلفة وبطاقة بها حديث نبوي مترجم باللغة الإنجليزية، تكشف الصورة الإنسانية والأخلاقية لنبي الرحمة، عليه السلام. في حين أظهر تسجيل آخر والد حسن العيسى، والد الشاب محمد العيسى وهو يخرّ ساجدًا أمام المسجد، معبرًا عن شكره لله لرحيل ولده دفاعًا عن المصلين.
ورغم أجواء الحزن والغضب، فإن الغالبية من المصلين، كالسكان المحليين أعربوا عن سعادتهم لأن الجريمة لم تشق طريقها نحو النجاح رغم الخسائر الباهظة التي قدمت لإفشالها.
من بين الشباب المتوفين هادي سلمان عيسى الهاشم وهو من أهالي قرية الدالوة في الأحساء، وهو مقيم في الدمام، والدالوة كانت قبل أقل من سبعة أشهر على موعد مع الإرهاب الذي ضرب مأتمًا حسينيًا هناك.



«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
TT

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية، وحاجياتهم الحيوية الملموسة»، متهماً «التصورات المتطرفة» بالمراهنة على تطلعات آيديولوجية تبرر التضحية بطموحات الشعوب في سبيل مشروعات ترى التدمير إنجازاً والتنمية تهمة.

وأشار «اعتدال»، الذي يتّخذ من الرياض مقرّاً له، في تقرير نشر عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، الأربعاء، إلى عدد من الأسباب التي تدفع الفكر المتطرّف إلى مهاجمة الدول المستقرة، لافتاً إلى اعتبارات متطرّفة عدة مقابل ما يقدّمه الاستقرار للتنمية والأمن والمستقبل.

الأزمات «لحظات عابرة»

الدول المستقرّة، وفقاً للتقرير، تعدّ كل أزمة «لحظةً عابرة» ينبغي تجاوزها للعودة إلى مهامها الأساسية القائمة على العناية بجودة الحياة وضمان الأمن، بينما تُعدّ الأزمات «جزءاً من عقيدة التطرف بمختلف مشاربه»، وبيّن أن الاستقرار «محك واقعي لمدى صدق الوعود والعهود التي يطلقها المتطرفون عبر خطابهم الترويجي والاستقطابي»، وللاستدلال على أن «المتطرّفين» لا يملكون أي مشروع حقيقي غير الدعوة إلى التدمير والصراع، أوضح «اعتدال» أن خُلُو العالم من الأزمات، وشيوع الاستقرار بين الدول، «سيحرمهم لا محالة من الوضع المعلق الذي تخلقه الصراعات».

وضمن الأسباب التي تدفع الفكر المتطرف إلى مهاجمة الدول المستقرة، يرى التقرير أن «الاستقرار يُمَتَّنُ حالة الولاء بين المجتمعات وبين الدول»، عادّاً أن ذلك يحول دون «تنامي المشاعر السلبية والانفعالات المريضة والحاقدة بين الناس، مما يُعدّ حرماناً للمتطرفين من مادتهم الأساسية».

ويعتقد يوسف الرميح، وهو مستشار أمني سعودي، أن الفكر المتطرّف «يحاول استهداف الدول المستقرة والدول المضطربة على حدٍّ سواء».

دوافع واختلافات

ويرى الرميح أن «الدول المستقرة ليس لديها هامش للأفكار المضطربة، مما يدفع بالمتطرفين إلى محاولة الاصطياد في الماء العكر واختراق المجتمعات عبر استهداف مواطنين، خصوصاً الشباب، ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات العامة، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي؛ بهدف خلخلة هذا النظام العام في المجتمع».

يذكر أن «اعتدال» يضطلع بمهام رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف، وحجب منافذه بمختلف أشكالها وتعطيل مصادر تغذيتها. وقد دُشّن من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وعدد من قادة الدول خلال في مايو (أيار) عام 2017 بالرياض.