شاشة الناقد

مشهد من «ضد الثلج»
مشهد من «ضد الثلج»
TT

شاشة الناقد

مشهد من «ضد الثلج»
مشهد من «ضد الثلج»

- AGAINST THE ICE
- مغامرات رجلين و865 يوماً فوق الثلج
- ★★★
«ضد الثلج» فيلم دنماركي لبيتر فلينث مبني على أحداث حقيقية بدأت في العام 1910 واستمرت لأكثر من عامين لتكوّن تجربة حياة صعبة لا تتكرر كثيراً، وإن فعلت اليوم فليس على هذا المدى الزمني البعيد. الكابتن إينار ميكلسن (نيكولاي كوتر - وولداو الذي شارك في كتابة السيناريو أيضاً) انطلق في الأول من الشهر الثالث من ذلك العام مع مساعده يورجنسن (غيزلي أورن غارورسون) في رحلة كان من المتوقع لها أن تستمر لبضعة أشهر يثبّتان خلالها ملكية الدولة الدنماركية للمنطقة القطبية قبل قيام الأميركيين بالوصول إليها واعتبارها أميركية.
التشويق الذي سيحيط بنا من مطلع الفيلم يأتي طبيعياً كون منطلقاته بسيطة وواضحة: الكابتن ومساعده غير الخبير سينطلقان بعربتين تجرهما الكلاب لاجتياز ألوف الأميال فوق صقيع لا ينتهي وفي ظروف جوية صعبة وعزلة كاملة ومخاطر متوقعة. هذا هو الوعد الذي يوفره الفيلم بلا تكلّف وهو مبني من طبيعة المهمّة التي سيقوم الرجلان بها وما سينتظرهما من أحداث. من حين إلى آخر يوضح لنا الفيلم عدد الأيام التي بدأ إحصاؤها منذ اليوم الأول للرحلة في الأول من مارس (آذار) من ذلك العام: 48 يوماً، 84 يوماً، 132.164 وما بعد.
خلال ثلاثة أرباع الساعة الأولى من الفيلم يتعرّضان لخطر السقوط من فوق حافة جبلية. يخسران كلابهما واحداً إثر آخر (بعضها من الإجهاد) يواجهان دباً هائجاً ويفقدان أكثر من نصف متاعهما. بعد ذلك هما في طريق العودة إلى حيث انطلقا ليعاودا الالتقاء بباقي أعضاء الفريق الذي كان آثر البقاء، هناك يكتشفان أن أفراد البعثة عادوا للعاصمة، حيث تقدّموا لرئيس الوزراء (الجيد تشارلز دانس) بطلب إرسال فريق إنقاذ بحثاً عنهما.
من منتصف الفيلم وصاعداً هناك لحن مختلف يرقص الفيلم على نغمه. حالة انتظار وتوقع تتخللها رحلة لمائتي ميل آخر على المخرج اختصارها، لكن أهميّتها في أن الكابتن لم يوافق على اقتراح مساعده بترك ورقة تُعلم أياً كان بأنهما ما زالا على قيد الحياة. يزيد الطين بلّة أن الكابتن بدأ يهلوس بحبيبته التي تركها وراءه والتي تتراءى له في وحدته والوضع المتأزم الذي يمر به. عند هذا الحد ينوء الفيلم بما حمل ويبدو واضحاً أن مشاهد الهلوسة هي زيادة عما يحتاج إليه الفيلم من متاع.
هذا ما يضر الفيلم بأسره للأسف. هو دراما من المغامرات المستندة إلى وقائع لم يعرف السيناريو تركيبة فعلية تمنع انقسامها إلى حالتين أولاهما أقوى من الأخرى.

- INTERCEPTOR
- امرأة أشرار و16 صاروخاً نووياً
- ★★
لا يمكن لهذا الناقد إلا الإعجاب بالديناميكية والاحترافية التي ينفّذ من خلالهما المخرج الجديد ماثيو رايلي (في ماضيه أعمال قليلة) هذا الفيلم المبني على جنوح خيالي نموذجي: كابتن رولينز (إلسا باتاكي) تصل إلى قاعدة مائية في منتصف المحيط الفاصل بين الولايات المتحدة وروسيا لتنضم إلى الفريق العسكري الذي يؤمن حماية الولايات المتحدة من أي هجوم روسي نووي. إنه «المعترض» كما يقول العنوان. أجهزته قادرة، حال كبس أزرار ملوّنة، إطلاق قذائف تصطاد الصواريخ المعادية وتفجّرها في الأجواء قبيل وصول تلك الصواريخ لأهدافها. الصاروخ الواحد يحتاج إلى عشرين دقيقة وإذا مرّت نصف هذه الدقائق فإن الدفاعات لن تنفع.
ما هو إلا وقت قليل قبل أن تكتشف الكابتن بأن القاعدة محتلّة من قِبل عصبة إرهابيين تعمل لحساب الروس. تنجح في فصل غرفة القيادة عن باقي أقسام الموقع وتتواصل مع رئيسة الجمهورية وقائد القوّات الأميركية تلفزياً. في بعض المراحل يتابع هؤلاء من أماكنهم اقتحام الإرهابيين (بقيادة واحد باسم بيڤر يؤديه آرون غلينن) لغرفة القيادة والمعركة العنيفة التي تقع بين الكابتن وباقي أفراد العصبة تنجح في حصيلتها استعادة السيطرة على الغرفة وإقفال الباب في وجه من تبقّى من الأعداء. الآن لديها بضع ثوانٍ قبل أن تضغط على ذلك الزر للتصدي للصاروخ الأول. من ناحيته، يستطيع قائد الإرهابيين عبر حاسوبه إصدار الأوامر بإطلاق الخمسة عشر صاروخاً آخر دفعة واحدة... ليس هناك من مشكلة. الكابتن الحسناء ستطلق 15 صاروخاً مضاداً تنقذ بها الولايات المتحدة من هذا الهجوم النووي.
على جنوح هذا الخيال هناك طروحات مهمّة حول قصور أميركا في إثبات حقوق مواطنيها وبذل ضابط تقني مهاجر من الهند لمساعدة الكابتن ودفع حياته ثمناً لذلك في صورة إيجابية لدور المهاجرين.
وحديث عن تعرض الكابتن (في أحداث تقع قبل بداية القصّة) لتحرّش رئيسها بها وكيف دفعت ثمن الشكوى التي قدّمتها للجهات العليا. هناك أيضاً تنفيذ جيد من المخرج ومونتيره روان ماهر ومواقف مسلية ولو إنها كاذبة.

- ضعيف ★ I وسط ★★ I جيد ★★★ I ممتاز ★★★★ I تحفة ★★★★★


مقالات ذات صلة

أزمة «الملحد» تعيد الملاحقات القضائية للسينما المصرية

يوميات الشرق الملصق الترويجي لفيلم «الملحد» (الشركة المنتجة)

أزمة «الملحد» تعيد الملاحقات القضائية للسينما المصرية

أعادت أزمة إيقاف ترخيص فيلم «الملحد» وإلغاء طرحه في دور السينما والمنصات جدل «الملاحقات القضائية للسينما المصرية» للواجهة مجدداً.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد عز (إدارة المهرجان)

أحمد عز: تخليت عن عملي في السياحة من أجل «مذكرات مراهقة»

ذكريات متعددة، وخطوات صعبة في البدايات، استعادها الممثل المصري أحمد عز خلال ندوة تحدث فيها عن مسيرته الفنية ضمن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما «أسد الصحراء» (فالكون إنترناشيونال)

غياب مُريب لأفلام التاريخ العربي والإسلامي

يُقيم «مهرجان القاهرة» الذي بدأ دورته الـ45 يوم أول من أمس، ندوة خاصة عن المخرج والمنتج مصطفى العقاد الذي كان رحل في مثل هذه الأيام ضحية عملية إرهابية في عمّان

محمد رُضا‬ (لندن)
سينما لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)

شاشة الناقد: حرب ومجرم

حسب المخرج السويدي غوران أوغو أولسن فإن هذا الفيلم استغرق 5 سنوات قبل إتمامه. 200 دقيقة من أرشيف التلفزيون السويدي الذي تابع الوضع الفلسطيني- الإسرائيلي

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الملحد» واجه أزمات متعددة (الشركة المنتجة)

مصر: إلغاء ترخيص فيلم «المُلحد» ومنع عرضه في دور السينما

قال المحامي مرتضى منصور إن القضاء الإداري في مصر أصدر قراراً بإلغاء ترخيص فيلم «الملحد» ومنع عرضه في جميع السينمات.

داليا ماهر (القاهرة )

أفلام الرعب الحديثة تمنحنا شعوراً كاذباً بالأمان

«مخيف 3»: الوحش في ثياب سانتا كلوز (سينيڤيرس إنترتايمنت)
«مخيف 3»: الوحش في ثياب سانتا كلوز (سينيڤيرس إنترتايمنت)
TT

أفلام الرعب الحديثة تمنحنا شعوراً كاذباً بالأمان

«مخيف 3»: الوحش في ثياب سانتا كلوز (سينيڤيرس إنترتايمنت)
«مخيف 3»: الوحش في ثياب سانتا كلوز (سينيڤيرس إنترتايمنت)

الفيلم الذي اعتلى القمّة هذا الأسبوع عنوانه «Terrifier 3»، وهو فيلم رعب عن قاتل يرتدي ثياب «سانتا كلوز» ويصطاد ضحاياه في «عيد الميلاد». في الجوار من بانكوك وحتى القاهرة، ومن أوسلو إلى طوكيو حفنة كبيرة من أفلام الرعب من بينها، على سبيل المثال فقط «لا تتكلم شراً» (Speak No Evil)، «ابتسم 2» (Smile 2)، «لا تدعه يفلت» (Never Let Go)، «رأس أبي» (Daddy‪’‬s Head)، و«بوغمان» (Bogman) من بين أخرى كثيرة. كل واحد من هذه الأفلام هو إما عن وحوش غير منظورة أو عن بشر مُصابين بعاهات نفسية خطرة.

من الطبيعي التساؤل عن السبب. ليس السبب في وجود هذا الكمّ الكبير من الأفلام المنتمية إلى هذا النوع (قرابة 90 فيلماً أميركياً يذهب معظمها إلى المنصّات إما مباشرة، أو بعد عروض سينمائية قصيرة) فهي متوفرة لأن هناك جمهوراً كبيراً لها، بل لماذا هذا الإقبال عليها.

أفلام الأذى

قبل سنوات قليلة كتب هذا الناقد جواباً على هذا السؤال مفاده أن الناس تحب أن تخاف لأنها تدرك أن ما يقع على الشاشة لا يمكن أن يؤذيهم. سيخيفهم، إذا كان الفيلم جيداً، لكن العنف والقتل والطعن (الذي هو أكثر عنفاً من القتل بإطلاق النار، لذلك لا نجد في هذه الأفلام وحشاً أو شريراً يقتل بمسدس) سيبقى على الشاشة ولن ينتقل إلى الجمهور الذي يشاهد وهو يتسلى بالـ«بوب كورن».

هذا كان صحيحاً ولا يزال. لكنَّ هناك أسباباً أخرى نشطة، وتلك الطمأنينة الطاغية ليست سوى حالة ظاهرة. هناك المزيد مما يجعل انجذاب الجمهور الذي لا يتجاوز الثلاثين سنة من العمر غالباً مشدوداً إلى هذه النوعية من الأفلام.

لكن قبل الخوض في ذلك، ليس هناك من فعلٍ بلا رد فعل. لذا يحمي المشاهد نفسه إما بوجبة طعام مع مشروب ما، أو تلجأ الفتاة إلى كتف صديقها حتى تحتمي به، مما يجعله يشعر بتفوّق ذكوري، أو يُغمض عينيه حتى لا يرى.

‫هذا من البديهيات. الأعمق إيذاءً هو الخروج من الأفلام (على تكرار مشاهدتها) بدرجة أقل من الثقة بالنفس وبالمحيط المجتمعي. الخوف من السير ليلاً، حتى في أحياء آمنة. الخوف من الغرباء حتى ولو كانوا مسالمين. الخوف من الوحدة أو اللجوء إليها، وكل ذلك وسواه تحسباً لأن يتكرّر ما شوهد في أفلام الرعب. في أسوأ الأحوال سيصبح أكثر انطواءً، كما في تفسير نشرته مجلة «Psychology Today» قبل عامين.‬

في أكثر من فيلم حديث يتلاعب الموضوع الماثل مع قناعتك

المجرم الذي عاد

حبكات مختلفة ومشاهد معيّنة تتوارد فيما لو كانت الأشجار القريبة تُخفي قاتلاً راصداً كما في (In a Violent Nature) «في طبيعة عنيفة» لكريس ناش. أو فيما لو ارتاب أحدنا بعائلة انتقلت إلى المنزل المجاور أو أخرى استضافته (Longlegs) «سيقان طويلة». القاتل المتسلسل الذي لا يعرف الرأفة قد يكون زميلاً في العمل أو شبحاً في الظلام (Oddity) «حادث غريب»، أو دمية تُبث فيها الروح.

حسب مجلة «The Scientist» (في عدد صدر هذا الأسبوع) تتأثر الأعصاب في جزءٍ من الدماغ مسؤول عن التصرف عدائياً من حيث لا يدرك المُشاهد. من صفات هذا التأثير أن يشعر المُشاهد المُدمن على هذه الأفلام بالتوتر والخوف والغبطة معاً.

‫كل هذا يؤدي بنا إلى إعادة البحث عن الأسباب. هنا لن نجد أسباباً لها علاقة بالفن على الرغم من أن كثيراً منها جيد التنفيذ (وكلما كان جيد التنفيذ ازداد خطره)، كما الحال في «The Shining»، أو «In a Violent Nature»، أو «‬‪28 ‬»، و‫حتى سلسلتي «هالووين»، و«كابوس شارع إيلم»، (Nightmare at Elm Street).‬

هناك احتمال أن بعض المدمنين على هذه الأفلام لديهم خلفيات مريعة وقعت لهم تركتهم غير قادرين على نسيانها ما يدفعهم للانتقال إليها مجدداً (على طريقة «المجرم الذي لا بد أن يعود إلى مكان الجريمة»).

الشعور بأن هناك مسافة آمنة يجعل البعض الآخر يُقبل على تلك الأفلام ليشعر بالثقة. الحالة هنا تُشبه حالة أحدنا إذا ما وقف أمام قفصٍ فيه حيوان مفترس، وهذا قفز فجأة كما لو كان يريد الوصول إليه مخترقاً القضبان. في الوهلة الأولى سيقفز الشخص إلى الوراء غريزياً لأنه يريد أن يحمي نفسه تماماً. بعد ذلك سيبتسم مستعيداً ثقته بأن لا شيء سيحدث له ما دام الخطر موجوداً داخل القفص وليس خارجه.

الخوف هو رد فعلٍ طبيعي. دائماً ما نحاول درء أي خطرٍ محدق. قد نتعرض له.

في أكثر من فيلم حديث يتلاعب الموضوع الماثل مع قناعتك. تهز إيمانك الروحاني (The Omen)، تحذّرك من طفل يسكنه شيطان، أو من قوى غيبية ترصد أنفاسك (Quiet Place‪:‬ Day One). تقترح عليك أن الدنيا ليست آمنة والمستقبل كذلك.