بنس ينتظر نتائج انتخابات الخريف

في خضم جلسات الاستماع التي تعقدها لجنة التحقيق في أحداث 6 يناير (كانون الثاني) 2021، والهجوم على مبنى الكابيتول، بدا أن نائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس يسعى إلى إخراج نفسه من تداعيات هذه الأحداث، داعياً الجمهوريين إلى «التركيز على المستقبل»، وليس على «تزوير الانتخابات»، في إشارة غير مباشرة إلى تركيز الرئيس السابق دونالد ترمب المستمر على خسارته انتخابات 2020.
ويواصل بنس جولاته في كثير من الولايات الأميركية، وقال في خطاب اقتصادي أمام جمهور من مؤيديه في نادي جامعة شيكاغو بولاية إلينوي: «لقد مررنا جميعاً بكثير خلال السنوات الكثيرة الماضية؛ جائحة عالمية، واضطراب اجتماعي، وانتخابات مثيرة للانقسام، ويوم مأسوي في عاصمتنا، وإدارة على ما يبدو تدفع اقتصادنا كل يوم إلى هاوية دولة الرفاهية الاشتراكية».
وأضاف: «في الأيام الممتدة من الآن حتى يوم الانتخابات، دعونا نلقي برؤية إيجابية لمستقبل الشعب الأميركي... نعم، لنكن المعارضة الموالية. دعونا نحمّل الجانب الآخر المسؤولية كل يوم. الآن ويوم الانتخابات، نريد أن نقول نعم للمستقبل، نعم لمستقبل الحرية وقيمنا العزيزة. والحزب الجمهوري يجب أن يكون حزب المستقبل». ومع أن بنس لم يفصح صراحة عمّا إذا كان سيترشح لانتخابات الرئاسة، فإن كلماته تشير بشكل واضح إلى أنه مرشح إلى حد كبير، وليس شخصاً مهتماً بمناقشة تفاصيل ما عاشه من أحداث ذلك اليوم المشؤوم.
- التركيز على مهاجمة الديمقراطيين
تركيز بنس على مهاجمة إدارة بايدن الديمقراطية هو محاولة لشد القاعدة الجمهورية بعيداً عن الشعارات التي يتمسك بها ترمب، من دون أن يصل به الأمر إلى الإعلان صراحة عن معارضته له، تماماً كما فعل كثير من الجمهوريين الذين خاضوا معارك انتخابية أخيرة في مواجهة مرشحين دعمهم ترمب.
وبحسب مسؤولين واستراتيجيين جمهوريين، فإن بنس «يواجه رقعة سياسية شائكة». وقال ديفيد كوتشيل، الخبير الاستراتيجي الجمهوري الذي عمل في حملة جيب بوش الرئاسية في عام 2016 لصحيفة «نيويورك تايمز»: «كلما أشاد الديمقراطيون ووسائل الإعلام به لقيامه بالشيء الصحيح في 6 يناير، كلما زاد تشكك البعض في قاعدة ترمب في ولائه لزعيم الحزب... ليس هناك جانب إيجابي بالنسبة له ليتكئ عليه».
في المقابل، قال غريغ جاكوب، مستشار بنس السابق: «إذا كانت لديه أشياء أكثر دقة ليقولها، فقد لا يفعل ذلك حتى الخريف»، في إشارة إلى انتهاء انتخابات التجديد النصفية، التي يتوقع أن يحقق فيها الجمهوريون فوزاً كبيراً على الديمقراطيين.
بنس الذي يواصل منذ انتخابات عام 2020 عدم إظهار توتراته مع ترمب، والسير على حبل مشدود، في محاولة لتحقيق أقصى استفادة من الموقف الراهن الذي تعيشه البلاد، في خضم الأزمة الاقتصادية وتراجع شعبية الديمقراطيين، لم يسعَ أيضاً دون أن يصبح معارضاً صريحاً لترمب.
- بطل أم نسخة محدثة من التشدد
بالنسبة لبعض الديمقراطيين، فقد أصبح بنس بطلاً لمقاومة حملة الضغط التي شنها ترمب لإلغاء انتخابات 2020، في وقت بدا فيه أن الديمقراطية الأميركية تعاني من اهتزازات كبيرة. وبالنسبة لمجموعة كبيرة من الناخبين المناهضين لترمب في كلا الحزبين، فهو شخص فعل الشيء الصحيح أخيراً، من خلال الوقوف في وجه رئيسه السابق، لكن بعد فوات الأوان، بعدما دافع عنه لسنوات، عن طيب خاطر أو عن تجاهل لتجاوزاته السابقة. في حين أنه بالنسبة إلى قاعدة ترمب «ضعيف تخلى عن الرئاسة». لكن أصواتاً جمهورية لم تخف أيضاً رغبتها في «إنهاء حقبة ترمب، وصعود بنس». وقالت كاثي سبارو، رئيسة الحزب الجمهوري في مقاطعة هانكوك بولاية إلينوي، خلال إلقائه خطابه: «بنس إلى الرئاسة». الأمر الذي لم يعلق عليه بنس. وقالت سبارو: «لقد كان لترمب دوره، وحان الوقت ليصعد بنس، ويترشح للسباق».
ويراهن كثير من المستشارين والخبراء الجمهوريين المعارضين لترمب، على دعم القاعدة الإنجيلية التي يلقى فيها بنس احتراماً شديداً، ولعب هو نفسه دوراً كبيراً عندما ساعد دعمه لترمب في تهدئة مخاوفها من «الوافد الجديد» القادم من عالم الترفيه، عام 2016.
مع ذلك، يقاوم كثير من الديمقراطيين فكرة الإشادة ببنس، المعروف بالحذر والولاء، والذي لم ينفصل عن ترمب حتى النهاية؛ خصوصاً أن حملته الانتخابية المقبلة ستكون على الرئاسة. ويتهمونه بأنه كان ملتزماً عن كثب بترمب من دون تردد خلال بعض أكبر الخلافات خلال فترة رئاسته، بما في ذلك أول محاولة لعزله، وأنه لم يتحدث علناً حول آرائه حتى لحظات قبل بدء التصديق على الانتخابات في 6 يناير. غير أن ديفيد أكسلرود، كبير مستشاري الرئيس السابق باراك أوباما قال: «صحيح أنه لعدة أشهر قبل الانتخابات وبعد أسابيع، شارك مايك بنس جنباً إلى جنب في مؤامرات ترمب الانتخابية التي لا أساس لها... هو بالتأكيد لم يعارض. ولكن، في نهاية المطاف، سوف نتذكر اللحظة الحرجة عندما قاوم ضغوطاً هائلة، ووضع حياته حرفياً على المحك من أجل ديمقراطيتنا. ولهذا، فهو يستحق كل الجوائز التي نالها».