احتدام صراع الرئيس اللبناني وحاكم «المركزي»

محاولة جديدة فاشلة لاعتقال رياض سلامة

رياض سلامة (رويترز)
رياض سلامة (رويترز)
TT

احتدام صراع الرئيس اللبناني وحاكم «المركزي»

رياض سلامة (رويترز)
رياض سلامة (رويترز)

بلغت المواجهة بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وفريق رئيس الجمهورية ميشال عون ذروتها، بعد قيام أحد الأجهزة الأمنية بمداهمة منزل الحاكم ليل الثلاثاء لاعتقاله، مستنداً إلى مذكرة إحضار جديدة أصدرتها المدعية العامة في جبل لبنان غادة عون بحقه، وطلبت فيها من جهاز أمن الدولة الانتقال إلى منزله وتنفيذها فوراً لكن المحاولة باءت بالفشل.
وطرح اقتحام منزل سلامة مجدداً الكثير من التساؤلات، خصوصاً أنه حصل بنفس التوقيت الذي كان يجري فيه مقابلة تلفزيونية على إحدى المحطات اللبنانية في محاولة للقبض عليه على الهواء مباشرة، ليتبين لمن نفذ المهمة أن المقابلة مسجلة في وقت سابق وجرى بثها ليلاً. وأوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن القاضية عون «انتقلت بنفسها إلى موقع المنزل في الرابية (جبل لبنان) لمواكبة مهمة الدورية الأمنية، لكنها عادت أدراجها بعد أن أبلغها حارس المبنى والسكان أن سلامة غير مقيم في هذا المنزل، ولم يتردد إليه منذ فترة طويلة». وأكد المصدر أن القاضية عون «انتقلت اليوم (أمس) بمواكبة أمنية مجدداً إلى منزل سلامة الذي سبق ووضعت إشارة قضائية عليه، وفتشته بشكل دقيق أجرت جردة على موجوداته». ولفت إلى أن هذه القاضية «تلاحق سلامة في خمسة ملفات في جبل لبنان، وتجد نفسها الآن بموقع القوي، مستندة إلى قرار النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي أحال سلامة إلى النيابة العامة في بيروت وطلب الادعاء عليه».
الخلافات الحادة بين الفريقين بدأت تبرز بشكل أكبر، بعدما حمل رياض سلامة رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه وحلفاءهما من دون أن يسميهم، مسؤولية الانهيار المالي، وأكد في المقابلة التلفزيونية، أن مصرف لبنان «أنفق على مؤسسات الدولة منذ أواخر العام 2010، بداية حكومة نجيب ميقاتي التي شكلها تحالف التيار العوني و«حزب الله»، ما يزيد على 62 مليار دولار، وهذه الأموال دفعت بموجب قوانين صادرة عن المجلس النيابي ومراسيم للحكومات، بينها 26 مليار دولار على قطاع الكهرباء الذي تسلمه وزراء التيار الوطني الحر منذ العام 2009».
وظل الغموض يلف قرار غادة عون المفاجئ، لجهة تسطير مذكرة إحضار بحق حاكم «المركزي» ليلاً وخلال مشاهدتها للمقابلة التلفزيونية، إلا أن عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر المحامي وديع عقل قال لـ«الشرق الأوسط»، إن القاضية عون «كانت استدعت سلامة إلى جلسة تحقيق في مكتبها في قصر العدل ظهر يوم الثلاثاء، لكنه لم يحضر جلسة الاستجواب، ولم يرسل معذرة تبرر غيابه، ما استدعى إصدار مذكرة إحضار جديدة بحقه خلال النهار وقبل ساعات من بدء المقابلة، وكلفت جهاز أمن الدولة بتنفيذها». وشدد على أن سلامة «لن يفلت من الملاحقة القضائية مهما تهرب ومهما طلب الحماية».
ورداً على تلميح حاكم البنك المركزي إلى أن «البعض في الداخل دس معلومات ملفقة ضده أمام القضاء الأوروبي»، اعترف المحامي وديع عقل أنه كان «سبباً وراء تحريك عدد من الملفات ضده في الخارج، وأنه سلط الضوء على حجز أبنية يملكها في أوروبا قام بتصويرها وعرضها على وسائل التواصل الاجتماعي».
وبمعزل عن التفسيرات السياسية التي تُعطى لقرارات القاضية عون المحسوبة على رئيس الجمهورية وفريقه، لفت القيادي في التيار الوطني الحر، إلى أن «إدارة النيابة العامة التمييزية لملف سلامة القضائي كانت دقيقة، وأن هناك الكثير من الأدلة والمستندات التي أوصلت إلى قناعة حقيقية للادعاء عليه»، مشيراً إلى أن «ما حصل في النيابة التمييزية يعزز قدرات القاضية عون على المضي بملاحقته». وأضاف المحامي عقل «يكفي أنه ملاحق في سبع دول أوروبية، وهناك أكثر من عشرة مدعين عامين وقضاة تحقيق أجانب حركوا الدعاوى ضد سلامة، لا يمكن أن يكونوا مسيسين جميعاً».
وكان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وصف سلامة بأنه «حرامي»، لكن الأخير رد على هذا الاتهام معتبراً أن باسيل «هو الأعرف بهذا التوصيف»، متهماً رئيس التيار الوطني الحر من دون أن يسميه بأنه يسعى للسيطرة على البنك المركزي، قائلاً: «هناك من يحاول وضع يده على المصرف المركزي، وأنا واجهت هذه المحاولة، ولا أستطيع إعطاء أسماء، ولكن من الواضح من تكون هذه الجهات».
ولا تطال حملة العهد وفريقه «مصرف لبنان» وحده، بل شملت مصارف لبنانية كبرى تولت القاضية عون المحسوبة على رئيس الجمهورية ملاحقتها تباعاً، واعتبر المحامي صخر الهاشم الوكيل القانوني لعدد من المصارف اللبنانية، أن «الملاحقات القضائية بحق سلامة والمصارف تنطلق من ملفات فارغة وقائمة على شبهات هشة، لا تستند إلى أي مرتكز قانوني، بدليل الخلافات القائمة بين النيابات العامة في بيروت، وتقاذفها ملف سلامة ورفض الادعاء عليه تحسباً من تبعاته». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحريك عشرات الدعاوى ينطلق من أهداف سياسية معروف من يقف خلفها، والمقصود بها تهديم القطاع المصرفي». وقال: «في الظروف الحالية لا أحد يستطيع إقالة رياض سلامة أو الإطاحة به»، مشدداً على أن «الخطأ الذي ارتكبه رياض سلامة أنه امتثل إلى قرارات السلطة السياسية سواء المراسيم الحكومية أو القوانين الصادرة عن المجلس النيابي التي ألزمته تمويل الدولة، وكان يفترض به أن يرفض تنفيذها وتتحمل الحكومات المسؤولية أمام الشعب»، لافتاً إلى أنه «لو امتنع المصرف المركزي عن تمويل الدولة وسداد العجز لكانت الدولة أفلست منذ عشر سنوات».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«ضغوط وعراقيل» تكبح التفاؤل بـ«هدنة غزة»

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)
إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

«ضغوط وعراقيل» تكبح التفاؤل بـ«هدنة غزة»

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)
إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

رغم تواصل جهود الوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، بتحفيز أميركي قوي، عاد الحديث عن «ضغوط وعراقيل»، ما يفتح تكهنات كثيرة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام، عبر جولات سابقة عادةً «ما تعثَّرت في محطاتها الأخيرة».

قد لا يصل الأمر إلى تعثر كامل، بل إلى تأخير ومماطلة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدفع توقيت الاتفاق إلى أقرب ما يمكن من سقف 20 يناير (كانون الثاني)، موعد تنصيب دونالد ترمب رئيساً لأميركا، آملاً في تحقيق مزيد من المكاسب ومواصلة الاستهداف العسكري لغزة و«حماس»، التي أكدت أمس انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان... وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».