«أنصف الناس من نفسك»... شعار «محاكم تفتيش» حوثية تستهدف المنظومة القضائية

تمثل انتهاكاً لحصانة القضاة وتجاوزاً لنصوص الدستور والقانون اليمني

TT

«أنصف الناس من نفسك»... شعار «محاكم تفتيش» حوثية تستهدف المنظومة القضائية

في أحدث خطوة نحو استكمال جناح القيادي محمد علي الحوثي السيطرة على السلطة القضائية في مناطق سيطرة الميليشيات، أعلن أخيراً عن تشكيل لجان إدارية لمراقبة ومحاسبة القضاة والموظفين والفصل في الشكاوى المقدمة ضدهم من المتخاصمين، بعد أن نصّب نفسه رئيساً لما تسمى «المنظومة العدلية».
قرار ابن عم زعيم الجماعة الحوثية، تسبب في صدمة في الأوساط الخاضعة للميليشيات، حيث رأت في هذه الخطوة انتهاكاً لحصانة القضاة وتجاوزاً لنصوص الدستور والقانون اليمني، في حين رأت مصادر سياسية أن ذلك إعلان باستكمال سيطرة جناح ما تسمى «اللجنة الثورية» على السلطة القضائية بعد أن تفرد القيادي الآخر أحمد حامد بكامل السلطة التنفيذية، مع هيمنة القيادي الثالث عبد الكريم الحوثي، وهو عم زعيم الجماعة على قطاع الأمن والمخابرات. وكان محمد الحوثي نشر في حسابه على «تويتر» صورة من توجيه منسوب إلى ما يسمى رئيس هيئة التفتيش القضائي يقول فيه، إنه وبناءً على توجيهات مهدي المشاط، رئيس مجلس حكم الانقلاب في مناطق سيطرة الحوثيين، بشأن تفعيل مبدأ «أنصف الناس من نفسك» يتم تشكيل لجان شكاوى في المحاكم الابتدائية والاستئنافية تتولى استقبال شكاوى الناس ضد القضاة والموظفين وفحصها والفصل في تلك الشكاوي.
وفي الغالب ستشكل هذه اللجان من عناصر جهاز الأمن الداخلي لميليشيات الحوثي؛ ولهذا ستكون أشبه بمحاكم التفتيش ضد القضاة والموظفين بدلاً عن هيئة التفتيش القضائي المعنية قانوناً بتقييم أداء القضاة والعاملين في النيابة.
وقال المحامي اليمني عبد الرقيب الحيدري في معرض تعليقه على الأمر «إن أحدهم نصّب نفسه سلطة رقابة وإشراف وتوجيه على السلطة القضائية والآن يخترع وصفات بمسمى قرارات وتعاميم ولجان إدارية تراقب أعمال القضاء وتحاسب أعضاء السلطة القضائية» في إشارة إلى محمد الحوثي ابن عم زعيم الميليشيات. وطالب المحامي الحيدري نقابة المحامين بأن تصدر بياناً تستنكر وترفض التدخل في أعمال القضاء وتقويض وانتهاك استقلاله من قبل سلطات الميليشيات، عبر ما تسمى المنظومة العدلية.
أما المحامي عبد الكريم المصري، فوجّه رسالة إلى ما يسمى مجلس القضاء الأعلى وأعضاء السلطة القضائية في مناطق سيطرة الميليشيات طالبهم فيها بالحفاظ على ما تبقى من الدستور والقوانين النافذة؛ لأن السلطة القضائية «تذبح من الوريد إلى الوريد والعدالة تنتهك في محرابها ومن القائمين عليها أولاً ومن القائمين على السلطة التنفيذية»، بحسب تعبيره.
وذكر المحامي المصري، أنه «لولا ضعف أعضاء السلطة القضائية وعدم دفاعهم عن حقوقهم لما وصلت أوضاعهم وأوضاع القضاء إلى هذا الهوان»، وقال «إن الطامة الكبرى تشكيل لجان من قِبل موظفين إداريين لمراقبة ومحاسبة القضاة وتقبل الشكاوى ضدهم»، حيث تضرب الجماعة الحوثية «بالدستور والقوانين عرض الحائط».
من جهتها، وصفت مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» ما يحدث بأنه «تتويج لجهود عامين من عمل محمد الحوثي للسيطرة الكاملة على السلطة القضائية والجهاز المساعد لها بما يجعله طرفاً فاعلاً في صراع الأجنحة داخل قيادة الميليشيات بعد أن استفرد أحمد حامد الذي يشغل منصب مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي بكامل السلطة التنفيذية والقطاع التجاري».
وفي حين استفرد وزير داخلية الميليشيات عبد الكريم الحوثي بالجهاز الأمني والمخابرات، رأت هذه المصادر، أنه «كلما زادت دعوات السلام وتحركات الإقليم والمجتمع الدولي نحو استئناف محادثات السلام، حرص قادة هذه الأجنحة الحوثية على تعزيز قوتهم داخل سلطة الانقلاب لضمان الحصول على أكبر قدر من المكاسب المالية والنفوذ؛ وفي الاتجاه الآخر حتى لا يتم استبعادهم في أي تسوية مرتقبة».
ومنذ استحداث ما تسمى «المنظومة العدلية» عمل محمد الحوثي على تغيير الأمناء الشرعيين الذين يتولون تحرير عقود البيع والشراء بالذات في قطاع العقارات؛ وذلك بهدف ملاحقة أملاك المعارضين وحتى ما ورثوه من آبائهم لمصادرتها، ومن ناحية أخرى من أجل إعادة النظر في عقود الانتفاع بالأراضي والعقارات، المملوكة للدولة، وبما يمكنه من مصادرة مساحات واسعة من الأراضي ومضاعفة مبالغ الإيجارات أو الضغط على المنتفعين لتسليمها ومن ثم القيام بصرفها لآخرين من التجار القريبين من هذا الجناح الحوثي.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.