ازدياد توقعات الركود البريطاني مع تنامي التضخم

الإضراب يشل القطارات... وأزمة في «هيثرو»

بدأ أمس (الثلاثاء) أكبر إضراب تشهده بريطانيا في 30 عاماً لعمال سكك الحديد (رويترز)
بدأ أمس (الثلاثاء) أكبر إضراب تشهده بريطانيا في 30 عاماً لعمال سكك الحديد (رويترز)
TT

ازدياد توقعات الركود البريطاني مع تنامي التضخم

بدأ أمس (الثلاثاء) أكبر إضراب تشهده بريطانيا في 30 عاماً لعمال سكك الحديد (رويترز)
بدأ أمس (الثلاثاء) أكبر إضراب تشهده بريطانيا في 30 عاماً لعمال سكك الحديد (رويترز)

بعد 6 سنوات من قرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، يرى المستثمرون أن بريطانيا تواجه أزمة اقتصادية، وأنها تتجه نحو الركود مع ارتفاع معدل التضخم وتراجع الجنيه الإسترليني إلى مستويات تاريخية.
وذكرت وكالة «بلومبرغ» أن نحو 3 أرباع الذين شملهم المسح المعروف باسم «بلومبرغ إم إل آي في بلس»، قالوا إنهم يتوقعون مستقبلاً سيئاً لاقتصاد بريطانيا في ظل ارتفاع الأسعار مع تباطؤ النمو الاقتصادي وتدهور العلاقة مع الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري للندن.
وقال أكثر من 80 في المائة ممن شملهم المسح إنهم يتوقعون ركود الاقتصاد خلال عام، في حين قال أغلبهم إنهم يتوقعون تراجع الجنيه الإسترليني إلى مستويات الأيام الأولى لجائحة فيروس «كورونا المستجد»، وأن الأيام المقبلة أسوأ بالنسبة إلى الأسهم والسندات البريطانية.
يأتي ذلك في الوقت الذي يتجه فيه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون نحو إشعال جولة جديدة من النزاع التجاري مع الاتحاد الأوروبي بسبب سعيه إلى التخلي عن بعض القواعد المنظمة للعلاقات التجارية بين الجانبين التي تم إقرارها عقب خروج بريطانيا من الاتحاد.
في الوقت نفسه؛ أصبح ارتفاع الأسعار نتيجة مشكلات سلاسل الإمداد والحرب الروسية ضد أوكرانيا أكبر هاجس اقتصادي في بريطانيا، إلى جانب المخاوف من تدهور معدلات نمو الاقتصاد.
وبينما يتفاقم الوضع الاقتصادي، بدأ يوم الثلاثاء أكبر إضراب تشهده بريطانيا في 30 عاماً لعمال السكك الحديدية مع خروج عشرات الآلاف من العاملين بسبب خلاف حول الأجور والوظائف مما قد يمهد الطريق لإضرابات واسعة النطاق في مجال الصناعة بأنحاء البلاد.
واحتشد منذ الفجر بعض مما يزيد على 40 ألفاً من عمال السكك الحديدية، الذين يعتزمون الإضراب أيام الثلاثاء والخميس والسبت، عند حواجز أقاموها مما أصاب شبكة السكك الحديدية بالشلل وترك المحطات الرئيسية خالية من الرواد. كما أن مترو أنفاق لندن مغلق في أغلبه بسبب إضراب منفصل.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي يتعرض لضغوط من أجل عمل المزيد للأسر التي تواجه أصعب الظروف الاقتصادية في عقود، إن الإضرابات ستضر بالأعمال التي تحاول التعافي من جائحة «كوفيد19».
وقالت نقابات العمال إن إضرابات عمال السكك الحديدية ربما تشكل بداية «صيف السخط» حين يتحرك مدرسون وعاملون في المجالين الطبي والتخلص من النفايات، وحتى المحامين، لتنظيم إضرابات مع اقتراب وصول التضخم إلى 10 في المائة بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والوقود.
وقال مايك لينتش، الأمين العام لعمال السكك الحديدية والبحرية والنقل، لـ«سكاي نيوز»: «العمال البريطانيون بحاجة لزيادة في الأجور... يحتاجون أماناً وظيفياً وظروفاً مواتية واتفاقاً شاملاً بوجه عام».
ويوجه نواب المعارضة انتقاداً للحكومة بسبب رفضها الاشتراك في المحادثات لتسوية الخلاف. وانتعش الاقتصاد البريطاني في البداية بقوة بعد جائحة «كوفيد19» لكن مزيجاً من نقص العمالة وخلل في سلاسل التوريد والتضخم ومشكلات في التجارة بعد خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي أدى إلى تحذيرات من حدوث ركود.
وبالتزامن، طالبت إدارة مطار هيثرو في العاصمة البريطانية لندن، بعض شركات الطيران بإلغاء عدد من رحلاتها المجدولة يوم الاثنين. وقال متحدث باسم مطار هيثرو في رسالة نصية إن سلطات المطار طلبت إلغاء نحو 10 في المائة من إجمالي عدد الرحلات المقررة بالنسبة إلى صالتي الركاب الثانية والثالثة. جاءت هذه الخطوة على خلفية تداعيات الخلل الذي تعرض له نظام نقل الحقائب في المطار مطلع الأسبوع الحالي. وأشارت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إلى أن قرار الإلغاء سيؤثر على نحو 30 رحلة طيران.
وكان مطار «غاتويك» في لندن أيضاً قد أعلن في الأسبوع الماضي اعتزامه إلغاء مئات الرحلات الجوية في ذروة فصل الصيف بسبب نقص العمالة، وذلك بعد إعلان مطار «سيخبول» الدولي في العاصمة الهولندية أمستردام عن خطوة مماثلة.
وذكر «غاتويك»؛ وهو ثاني أكبر مطار في بريطانيا، أنه سوف يحدد عدد الرحلات الجوية بواقع 825 رحلة يومياً في يوليو (تموز)، و850 رحلة في أغسطس (آب) المقبلين، «من أجل ضمان معايير خدمة أفضل وأكثر اعتمادية».
وأضاف المطار في بيان أوردته وكالة «بلومبرغ» أن «عدداً من الشركات؛ بما فيها شركات الخدمة الأرضية، تعاني من نقص حاد في العمالة، ولذا؛ فإن التشغيل بالوتيرة المعتادة سوف يتسبب في اصطفاف طوابير أكبر وتأخيرات وإلغاء رحلات في اللحظة الأخيرة».
وقالت سلطات مطار دبلن في آيرلندا إنها تعتزم تعويض بعض الركاب الذين لم يلحقوا بطائراتهم بسبب امتداد صفوف إنهاء إجراءات السفر في المطار نتيجة نقص العمالة.


مقالات ذات صلة

مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

الاقتصاد مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

مليون طفل بريطاني جائع... ودعوات لتحرك عاجل

قالت أكبر شبكة لبنوك الطعام في بريطانيا إن عدد الطرود الغذائية التي وزعتها زاد 37 بالمائة إلى مستوى قياسي بلغ ثلاثة ملايين طرد في عام حتى مارس (آذار) الماضي، إذ يعاني عدد متزايد من الناس بسبب أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة. وقالت «ذا تراسل تراست» التي تدعم 1300 مركز لبنوك الطعام في أنحاء المملكة المتحدة، يوم الأربعاء، إن أكثر من مليون طرد غذائي جرى تقديمها لأطفال، بزيادة نسبتها 36 بالمائة خلال عام واحد. وأضافت أنه على مدار عام لجأ 760 ألف شخص لأول مرة إلى بنوك الطعام التابعة لها، بزيادة 38 بالمائة على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد «ستاندارد آند بورز» ترفع تقديراتها لآفاق الدين البريطاني

«ستاندارد آند بورز» ترفع تقديراتها لآفاق الدين البريطاني

رفعت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندارد آند بورز» (إس آند بي) تقديراتها لآفاق الدين البريطاني على الأمد الطويل من «سلبية» إلى «مستقرة»، مؤكدة أنها لا تفكر في خفضها في الأشهر المقبلة، وأبقت على درجتها لتصنيف الدين السيادي (إيه إيه/إيه-1). وقالت الوكالة في بيان، إن هذه النظرة المستقرة «تعكس الأداء الاقتصادي الأخير الأمتن للمملكة المتحدة واحتواء أكبر للعجز في الميزانية خلال العامين المقبلين». وأكدت خصوصاً أن «الإجراءات السياسية للحكومة على جبهة العرض وتحسن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي يمكن أن يدعما آفاق النمو على الأمد المتوسط رغم القيود الهيكلية الحالية»، لكن الوكالة حذرت من «المخاطر الناشئة عن ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ثقة المستهلك البريطاني لأعلى معدلاتها منذ حرب أوكرانيا

ثقة المستهلك البريطاني لأعلى معدلاتها منذ حرب أوكرانيا

ارتفع مؤشر ثقة المستهلك في بريطانيا خلال أبريل (نيسان) الجاري إلى أعلى معدلاته منذ نشوب حرب أوكرانيا. وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن مؤشر ثقة المستهلك الذي تصدره مؤسسة «جي إف كيه» للأبحاث التسويقية ارتفع في أبريل الجاري ست نقاط، ليصل إلى سالب ثلاثين، ليسجل بذلك ثالث زيادة شهرية له على التوالي، وأعلى ارتفاع له منذ 14 شهرا. وتعكس هذه البيانات أن المستهلك البريطاني أصبح أكثر حماسا بشأن الآفاق الاقتصادية وأكثر استعدادا للإنفاق على مشتريات أكبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد بريطانيا متفائلة بـ«نمو صفري»

بريطانيا متفائلة بـ«نمو صفري»

رغم أن الاقتصاد البريطاني لم يسجل أي نمو خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، قال وزير المالية البريطاني جيريمي هانت يوم الخميس، إن التوقعات الاقتصادية «أكثر إشراقاً مما كان متوقعاً»، مضيفاً أنه من المفترض أن تتجنب البلاد الركود. وأظهرت بيانات رسمية، أن الاقتصاد البريطاني فشل في تحقيق النمو كما كان متوقعاً في فبراير؛ إذ أثرت إضرابات العاملين في القطاع العام على الإنتاج، لكن النمو في يناير (كانون الثاني) كان أقوى مما يُعتقد في البداية؛ مما يعني تراجع احتمالية حدوث ركود في الربع الأول قليلاً. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية يوم الخميس، إن الناتج الاقتصادي لم يشهد تغيراً يذكر على أساس شهري في فبراير.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ارتفاع الصادرات والإنتاج الصناعي في ألمانيا يفوق التوقعات لشهر نوفمبر

رافعة ترفع حاوية شحن في محطة «إتش إتش إل إيه» بمنطقة ألتنفيردر على نهر إلبه في هامبورغ (رويترز)
رافعة ترفع حاوية شحن في محطة «إتش إتش إل إيه» بمنطقة ألتنفيردر على نهر إلبه في هامبورغ (رويترز)
TT

ارتفاع الصادرات والإنتاج الصناعي في ألمانيا يفوق التوقعات لشهر نوفمبر

رافعة ترفع حاوية شحن في محطة «إتش إتش إل إيه» بمنطقة ألتنفيردر على نهر إلبه في هامبورغ (رويترز)
رافعة ترفع حاوية شحن في محطة «إتش إتش إل إيه» بمنطقة ألتنفيردر على نهر إلبه في هامبورغ (رويترز)

ارتفعت الصادرات والإنتاج الصناعي في ألمانيا بشكل أكبر من المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، إلا أن التوقعات لأكبر اقتصاد في منطقة اليورو لا تزال بعيدة عن التفاؤل.

وأظهرت بيانات من مكتب الإحصاء الاتحادي، الخميس، أن الصادرات شهدت زيادة بنسبة 2.1 في المائة في نوفمبر مقارنة بالشهر السابق، متفوقة بذلك على التوقعات التي كانت تشير إلى زيادة بنسبة 2 في المائة وفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز».

ورغم انخفاض الصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 1.7 في المائة على أساس شهري، فإن الصادرات إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي قد سجلت زيادة ملحوظة بنسبة 6.9 في المائة.

وفي تفاصيل البيانات، ارتفعت صادرات السلع إلى الولايات المتحدة بنسبة 14.5 في المائة مقارنة بأكتوبر (تشرين الأول)، كما ارتفعت الصادرات إلى المملكة المتحدة بنسبة 8.6 في المائة. في المقابل، انخفضت الصادرات إلى الصين بنسبة 4.2 في المائة. كما أظهرت البيانات انخفاضاً في الواردات بنسبة 3.3 في المائة على أساس تقويمي وموسمي مقارنة بشهر أكتوبر.

وقد سجل ميزان التجارة الخارجية فائضاً بلغ 19.7 مليار يورو (20.30 مليار دولار) في نوفمبر، مقارنة بفائض قدره 13.4 مليار يورو في أكتوبر.

في الوقت نفسه، ارتفع الإنتاج الصناعي في ألمانيا بنسبة 1.5 في المائة في نوفمبر مقارنة بالشهر السابق، وفقاً لما ذكره مكتب الإحصاء الاتحادي. وكان المحللون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقعون زيادة بنسبة 0.5 في المائة.

وقال كارستن برزيسكي، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في «آي إن جي»: «هذا الانتعاش في النشاط الصناعي للأسف جاء متأخراً جداً لتجنب ربع آخر من الركود أو حتى الانكماش».

وعند المقارنة مع نوفمبر 2023، انخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر 2024 بعد التعديل لتأثيرات التقويم. كما أظهرت المقارنة الأقل تقلباً بين ثلاثة أشهر وثلاثة أشهر أن الإنتاج انخفض بنسبة 1.1 في المائة خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة.

ورغم الارتفاع في الإنتاج الصناعي في نوفمبر، فإن المستوى العام للناتج كان لا يزال منخفضاً للغاية وفقاً للمعايير التاريخية: فقد كان أقل بنسبة 8 في المائة عن مستواه قبل غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 وأقل بنسبة 15 في المائة من أعلى مستوى سجله في نوفمبر 2017، كما أشارت فرانزيسكا بالماس، كبيرة خبراء الاقتصاد الأوروبي في «كابيتال إيكونوميكس».

وأفاد مكتب الإحصاء الاتحادي يوم الأربعاء بأن الطلبات الصناعية قد انخفضت بنسبة 5.4 في المائة في نوفمبر مقارنة بالشهر السابق، مما يعكس ضعف الطلب في الاقتصاد.

وقالت بالماس: «مع مواجهة الصناعة لعدة رياح معاكسة هيكلية، من المتوقع أن يستمر القطاع في معاناته هذا العام».