بعد مرور نحو 5 أيام فقط على استعادة وزارة الثقافة المصرية لوحة «من وحي الفنارات» للفنان التشكيلي المصري عبد الهادي الجزار، وذلك بعد نصف قرن من فقدها، أعلنت الوزارة استعادة لوحتين نادرتين مفقودتين من مقتنيات الدولة تعودان للرائدين صلاح طاهر وصالح رضا.
لوحتا «الريف» للفنان الرائد صلاح طاهر، و«دائرة وجذع» للفنان صالح رضا، كانتا من مقتنيات متحف الفن المصري الحديث، وتمت إعارتهما خلال سبعينيات القرن الماضي، قبل فقدهما طوال نصف قرن، حتى تعرف أبناء صاحب شركة محمد عبد المالك للمقاولات عليهما وتسليمهما لقطاع الفنون التشكيلية، التابع للوزارة، وذلك بعد أيام قليلة من تسليمهم لوحة «من وحي الفنارات» للتشكيلي الرائد عبد الهادي الجزار، ووجهت الوزيرة التحية لهم لحرصهم على إعادة اللوحتين إلى الدولة، التي تعد المالك الفعلي لهما، وثمنت عبد الدايم إدراكهم لأهمية صون كنوز التراث الوطني، وقررت عرض اللوحتين بمتحف الفن الحديث في إضافة جديدة لمقتنياته.
وبفحص اللوحتين، تم التأكد من أنهما أصليتان، ويبلغ مقاس لوحة «الريف» للفنان صلاح طاهر 100سم في 80 سم، ولوحة «دائرة وجذع» للفنان صالح رضا، بمقاس 150 في 82 سم، وهما منفذتان بخامات الزيت على الخشب وبحالة جيدة.
وبحسب هشام محمد عبد المالك، أحد ورثة صاحب شركة عبد المالك للمقاولات، التي يعود تاريخ تأسيسها إلى بداية تسعينيات القرن الماضي، فإنه تم العثور على اللوحات الثلاث على الأرجح منذ ما يقرب من 20 عاماً خلال تولي شركة والده عملية هدم أحد العقارات التي لا يتذكر موقعه، ويقول هشام لـ«الشرق الأوسط»: «خلال عمليات الهدم نقوم بإخلاء العقارات من جميع الأشياء والمقتنيات ونحتفظ بالكثير منها في مخازننا، وعندما كنت أحاول الاستفادة من بعض المقتنيات والتحف الموجودة بمخازن شركتنا كالخشب والنجف لعمل ديكورات في الكافيه الذي افتتحناه منذ 8 أشهر، عثرت على اللوحة الأولى للفنان عبد الهادي الجزار، ولم أكن أعرف قيمتها أو اسم الفنان الذي رسمها، وعلقتها داخل الكافيه، حتى لفت انتباهي أحد الزبائن إلى أهميتها، وبدأت بالبحث عن اسم الفنان صاحبها، وعرفت أنها قيمة جداً وأنها ملك الدولة».
ورغم المغريات المادية التي تصاحب مثل هذه الأمور، فإن هشام اتفق مع شقيقيه إبراهيم ومحمود، على إعادتها إلى الدولة: ويضيف: «سألت أحد الشيوخ حول الأمر وأكد حرمانية بيعها طالما تم التأكد من أصل ملكيتها»، يؤكد هشام أن «الوازع الديني والوعي بالتراث المصري، كانا حاسماً في إعادتها للدولة، ودفعهم إلى طلب موعد من وزيرة الثقافة التي رحبت بمبادرتهم وثمنتها بشدة».
ويشير هشام الحاصل على بكالوريوس إدارة الأعمال، الذي يباشر العمل بشركة والده رفقة أشقائه، إلى أنه «بعد تسليم اللوحة الأولى إلى وزارة الثقافة المصرية، وتكريمه مع أشقائه، وعد المسؤولين المصريين بالبحث عن لوحات أخرى بالمخازن قد تكون مهمة وقيّمة مثل لوحة الجزار، وبالفعل عثر على لوحتين نادرتين مفقودتين من مقتنيات الدولة تعودان للرائدين صلاح طاهر وصالح رضا».
يؤكد هشام أنه «تعرض لحملة تشويه وتهكم من الكثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، لإعادته اللوحات إلى الدولة، لكنه يشدد على فخره ورضاه هو وأسرته بما فعله».
وتعد لوحة «من وحي الفنارات» للفنان التشكيلي المصري عبد الهادي الجزار من مقتنيات المتحف المصري للفن الحديث، أيضا، وتبين بعد فحصها، من خلال أجهزة الفحص التكنولوجية الحديثة أنها اللوحة الأصلية التي يعود تاريخها إلى عام 1964 وفقدت عام 1971.
وحقق الفنان التشكيلي عبد الهادي الجزار (1924 - 1966) المولود بالإسكندرية أعمالاً فنية نادرة أثارت دهشة كبيرة في الأوساط الفنية العالمية، ونال الجزار تقديراً كبيراً، وسجل اسمه بموسوعات إيطالية وفرنسية وعربية.
ودعت نقابة الفنانين التشكيليين المصريين «كل من لديه أعمال فنية ثمينة (لوحة فنية زيتية أو ألوان مائية أو حفر، أو تمثال خزف)، في منزله أو منزل أجداده، أو توارثها عنهم، ولا يعرف تاريخها أو قيمتها، بالتوجه بها إلى مقر النقابة داخل دار الأوبرا المصرية بجوار متحف الفن الحديث، والتقدم بطلب تقييم اللوحة للكشف عليها وتوثيقها بشهادة معتمدة من خلال لجنة عُليا من كبار الفنانين في التخصص من أعضاء النقابة».
وشددت النقابة في بيان لها على أن «هذه الدعوة توثق وتحافظ على تراث مصر من الاندثار أو التزوير أو الضياع».
ولفتت إلى أن «الآونة الأخيرة شهدت انتشار ظاهرة التزوير بشكل لافت؛ لارتفاع أسعار الفن التشكيلي خصوصاً أعمال الرواد، ومع عدم توثيق الأعمال أصبح من السهل تزويرها وبيعها، ويضيع الأصل وينتهي»، بحسب النقابة.
مصر تستعيد لوحات تشكيلية نادرة من الركام
تعود لصلاح طاهر وصالح رضا وعبد الهادي الجزار
مصر تستعيد لوحات تشكيلية نادرة من الركام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة