هل غربت الشمس على علاقة بريطانيا بالكومنولث؟

(تحليل إخباري)

TT

هل غربت الشمس على علاقة بريطانيا بالكومنولث؟

في وقت بدء وصول الوزراء إلى كيغالي عاصمة رواندا، لم تهبط الطائرة التي كانت تقل لاجئين آتية من بريطانيا، حيث أوقفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إقلاعها.
وتنقل وكالة الأنباء الألمانية عن الباحث في الشؤون الدولية بمعهد تشاتام هاوس (المعهد الملكي للشؤون الدولية) ديفيد لورانس، إن ما حدث كان صورة سيئة لبريطانيا، في وقت اجتمعت فيه دول الكومنولث للمشاركة في منتدى أعمال الكومنولث لعام 2022.
ومع اجتماع دول الكومنولث، قد يتساءل الكثيرون حتى عن الغرض من الكومنولث، خصوصاً أن رئيس وزراء أستراليا الجديد أعلن أنه لن يشارك في المنتدى.
وأوضح لورانس أنه منذ استفتاء البريكست عام 2016 شابت علاقات بريطانيا بشركائها في الكومنولث والأراضي البريطانية الخارجية الواقعة وراء البحار، كوارث علاقات عامة ومشكلات قانونية، وآخرها في جامايكا، حيث قوبلت زيارة ملكية بمحتجين يطالبون بتعويضات عن أيام العبودية.
وفي مناطق أخرى، عارضت حكومة جزر فيرجين البريطانية مدعومة بمحتجين محليين، بشدة الحكم المباشر من لندن، بينما تخلصت باربادوس من الملكية بنجاح وأصبحت جمهورية. كما أن برمودا وجزر كايمان دخلت في نزاع مع لندن بشأن زواج المثليين.
كما عانت المملكة المتحدة من هزائم محرجة شديدة في كل من الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية بشأن قانونية احتلالها المستمر لجزر تشاغوس، وتجنبت التحدي المباشر لدعم الهند الضمني للغزو الروسي لأوكرانيا على أمل ضمان عقد صفقة تجارية.
ويرى لورانس أن جائحة (كوفيد - 19) أدت أيضاً إلى زيادة تعميق الانقسامات، حيث إن الكثير من الدول النامية تشعر بصورة منطقية تماماً بأن الدول الأكثر ثراءً لم تزودها باللقاحات والإمدادات الطبية.
وليس من المرجح أن تنتهي هذه التحديات، ومن المحتمل أنه مع انتهاء حكم الملكة، سوف تنتهز الحركات الجمهورية في دول الكومنولث الخمس عشرة فرصتها حيث ما زالت تعتبر الملكة رأس الدولة فيها.
وقال لورانس في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس، إن الكومنولث ما زال يعني شيئاً بالنسبة للكثيرين في أنحاء العالم، وللكثيرين من البريطانيين؛ فهو كيان مهم. ولأسباب تاريخية - ليست جميعها جيدة - تجد المملكة المتحدة نفسها متصلة بشبكة عالمية حقيقية من الدول التي في الجانب الأكبر منها تشاركها القيم ونظم الحكم نفسها.
وجدير بالذكر أن مجموعة السبع، والاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي (الناتو) - وهي الكيانات الأكثر أهمية بالنسبة للسياسة الخارجية للمملكة المتحدة في السنوات الأخيرة - تتكون أساساً من دول غنية.
ولكن الكومنولث في حاجة إلى التغيير لمواجهة التحديات المتمثلة في فضاء جغرافي سياسي أكثر انقساماً وتنافسية، حيث لم يعد من الممكن افتراض التفوق الغربي.
وهناك سؤال رئيسي بالنسبة للمملكة المتحدة وهو ما الذي لديها لتقدمه لدول الكومنولث والمناطق وراء البحار، والتي يعتمد الكثير منها على الصين بالنسبة للاستثمارات والتجارة، وعلى روسيا بالنسبة للمواد الخام والأسلحة.
وإحدى فرص الإصلاح تتمثل في الموقع حيث إن أنشطة الكومنولث تتركز تماماً تقريباً في لندن. وهو أمر ليس فقط مكلفاً بل أيضاً يعزز النهج الإمبريالي الرمزي تجاه نظم الحكم التي تفترض ضرورة أن يقرر كل شيء في بريطانيا، ويمنح المواطنين الشباب البريطانيين الفرصة لأن يكون لهم رأي في مستقبل الكومنولث أكثر من قادة الدول الأعضاء.
وسوف يكون نقل المقر خارج لندن أمراً مهماً للغاية. وتعتبر الهند، لكونها أكبر ديمقراطية في العالم وحليفاً رئيسياً على الحدود مع الصين، مرشحة بقوة لاحتضان المقر رغم أن اصطفاف حكومتها القومية الهندوسية الحالية الضمني مع روسيا يعني أن هذا أمر غير محتمل الحدوث في أي وقت في القريب العاجل.
وهناك خيار أكثر قبولاً، وهو نقل مختلف العمليات والعاملين إلى عواصم مختلفة لدول الكومنولث مثل جوهانسبرغ، أو دكا، أو كينغستون.
وهناك خيار ثانٍ وهو التجارة. فمن المفترض أن المملكة المتحدة تعتبر نصيراً للتجارة الحرة ولكنها أخفقت في سد الفجوة التجارية الناجمة عن البريكست. إذ فقد المصدرون البريطانيون أكبر سوق لهم، وتواجه الواردات مشاكل الروتين والتأخيرات، بينما موقع المملكة المتحدة يعني أنه ما زال هناك اعتماد أساسي على سلاسل الإمداد الأوروبية بالنسبة للطعام الطازج والتصنيع في الوقت المناسب.
وفيما يتعلق بالهجرة، فإنه نظراً لأن المملكة المتحدة كانت عضواً في الاتحاد الأوروبي، فإن سياستها الخاصة بالهجرة كانت تمنح الأولوية للأوروبيين وليس لمواطني الكومنولث رغم أن ما يقال إن بريطانيا تدين أكثر للمواطنين في مستعمراتها القديمة.
وسوف يساعد منح تأشيرة الكومنولث والمناطق وراء البحار لتسهيل الأمر على الأفراد للقيام بزيارة المملكة المتحدة والدراسة والعمل فيها في سد فجوة المهارات ما بعد البريكست وتحسين العلاقات المتوترة مع الشركاء الرئيسيين.


مقالات ذات صلة

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

العالم شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

أعلنت شرطة لندن، الثلاثاء، توقيف رجل «يشتبه بأنه مسلّح» اقترب من سياج قصر باكينغهام وألقى أغراضا يعتقد أنها خراطيش سلاح ناري إلى داخل حديقة القصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

قال قصر بكنغهام وصناع شاشة جديدة من المقرر استخدامها خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الأسبوع المقبل إن الشاشة ستوفر «خصوصية مطلقة» للجزء الأكثر أهمية من المراسم، مما يضمن أن عيون العالم لن ترى الملك وهو يجري مسحه بزيت. فالشاشة ثلاثية الجوانب ستكون ساترا لتشارلز أثناء عملية المسح بالزيت المجلوب من القدس على يديه وصدره ورأسه قبل وقت قصير من تتويجه في كنيسة وستمنستر بلندن في السادس من مايو (أيار) المقبل. وقال قصر بكنغهام إن هذه اللحظة تاريخيا كان ينظر إليها على أنها «لحظة بين الملك والله» مع وجود حاجز لحماية قدسيته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

قدّم رئيس هيئة «بي بي سي» ريتشارد شارب، أمس الجمعة، استقالته بعد تحقيق وجد أنه انتهك القواعد لعدم الإفصاح عن دوره في ترتيب قرض لرئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون. وقال شارب، «أشعر أن هذا الأمر قد يصرف التركيز عن العمل الجيد الذي تقدّمه المؤسسة إذا بقيت في المنصب حتى نهاية فترة ولايتي». تأتي استقالة شارب في وقت يتزايد التدقيق السياسي في أوضاع «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

قدّم نائب رئيس الوزراء البريطاني، دومينيك راب، استقالته، أمس، بعدما خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّه تنمّر على موظفين حكوميين. وفي نكسة جديدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّ راب، الذي يشغل منصب وزير العدل أيضاً، تصرّف بطريقة ترقى إلى المضايقة المعنوية خلال تولّيه مناصب وزارية سابقة. ورغم نفيه المستمر لهذه الاتهامات، كتب راب في رسالة الاستقالة الموجّهة إلى سوناك: «لقد طلبتُ هذا التحقيق، وتعهدتُ الاستقالة إذا ثبتت وقائع التنمّر أياً تكن»، مؤكّداً: «أعتقد أنه من المهم احترام كلمتي». وقبِل سوناك هذه الاستقالة، معرباً في رسالة وجهها إلى وزيره السابق عن «حزنه الشديد»، ومشيداً بسنوات خدمة

«الشرق الأوسط» (لندن)

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
TT

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)

انقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية اليوم (السبت) بعد أن جلب نظام ضغط منخفض رياحاً مدمرة وأمطاراً غزيرة، مما أثار تحذيرات من حدوث فيضانات، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت شركة الكهرباء «أوسجريد» على موقعها الإلكتروني صباح اليوم إن الكهرباء انقطعت عن نحو 28 ألف شخص في سيدني، عاصمة الولاية وأكبر مدينة في أستراليا، كما انقطعت الكهرباء عن 15 ألف شخص في مدينة نيوكاسل القريبة ومنطقة هانتر.

وكشف جهاز خدمات الطوارئ بالولاية على موقعه الإلكتروني أنه تلقى ألفين و825 اتصالاً طلباً للمساعدة منذ أمس (الجمعة)، معظمها يتعلق بأشجار متساقطة وممتلكات تضررت بسبب الرياح.

وذكرت هيئة الأرصاد الجوية في البلاد أن تحذيرات من الفيضانات والرياح المدمرة والأمطار الغزيرة صدرت في العديد من أجزاء الولاية، مضيفة أن من المحتمل أن تهب رياح تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة فوق المناطق الجبلية.

وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أن هذه التحذيرات تأتي بعد أن تسببت العواصف في الأسبوع الماضي في سقوط الأشجار وخطوط الكهرباء وتركت 200 ألف شخص من دون كهرباء في نيو ساوث ويلز.