بعد أقلّ من يوم على الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولز ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي إلى كييف، وافقت المفوضية الأوروبية الجمعة على توصية بقبول ترشيح أوكرانيا لعضوية الاتحاد الأوروبي، ورفعها إلى القمة التي ستنعقد في بروكسل الأسبوع المقبل. وكانت ذراع الاتحاد التنفيذية التي ترأسها أورسولا فون دير لاين خلصت في تقريرها، إلى أن «أوكرانيا التي تنعم بالسلام وبنظام يستوفي المعايير الديمقراطية الغربية، سيكون لها موقعها في الاتحاد الأوروبي».
وتطلب المفوضية من الحكومة الأوكرانية بالمقابل وضع جدول زمني واضح بالإصلاحات العميقة التي من شأنها إحداث تغيير حقيقي في البلاد، ويبعدها نهائياً عن روسيا. وفي حين وافقت المفوضية أيضاً على طلب ترشيح مولدوفا، اكتفت بالإحاطة علماً بطلب جورجيا وتعهدت بالتجاوب مع طموحاتها في المستقبل.
وأعلنت فون دير لاين أمام الصحافيين بعد أن رأست اجتماعاً لأعضاء المفوضية في بروكسل «قررت المفوضية رفع توصية إلى المجلس الأوروبي بإعطاء أوكرانيا وضع الدولة المرشحة لعضوية الاتحاد، شريطة أن تقوم بمجموعة من الإصلاحات المهمة». وأضافت رئيسة المفوضية «أظهرت أوكرانيا بوضوح رغبتها وتصميمها على التكيّف مع الاتحاد وشروط الانضمام إليه». وقالت فون دير لاين، إن «قرار المفوضية حول طلبات الترشيح الثلاثة كان ثمرة تحليل دقيق ومفصّل لجدارة كل بلد وحيثياته، واستيفائه المعايير السياسية والاقتصادية اللازمة للترشّح إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، وقدراته على التكيّف مع التشريعات التي وضعها الاتحاد منذ سبعين عاماً». وأضافت «كل يوم نشاهد الأوكرانيين يموتون من أجل الانضمام إلى أوروبا. نريد لهم أن يعيشوا معنا الحلم الأوروبي».
وأعربت فون دير لاين عن أملها في أن تحظى التوصية بموافقة الزعماء الأوروبيين يومي الخميس والجمعة المقبلين في القمة، التي يعود لها اتخاذ القرار النهائي حول هذا الموضوع الذي يقتضي إجماع الدول الأعضاء للموافقة عليه. وأشارت رئيسة المفوضية، إلى أنه لتسهيل اتخاذ القرار في القمة، تشترط التوصية للمباشرة في المفاوضات مع أوكرانيا إجراء سلسلة من الإصلاحات قد تستغرق سنوات. ومن بين هذه الإصلاحات، استقلالية السلطة القضائية ونظام اختيار أعضاء المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء، ومحاربة الفساد، وإخضاع أصحاب الثروات الكبيرة لأحكام قانون المراقبة المالية المطبّق في بلدان الاتحاد الأوروبي. وشدّدت فون دير لاين على ضمانات احترام حقوق الأقليات، وهو موضوع يكتسي أهمية خاصة بالنسبة للسكان الناطقين بالروسية في أوكرانيا. ولم تكشف رئيسة المفوضية عن المزايا التي قيل، إن الاتحاد مستعد لمنحها لأوكرانيا ومولدوفا خلال الفترة التي تدومها عملية الانضمام، مثل الاستفادة من بنود الدفاع المشترك، وقال، إن هذا القرار يعود للقادة الأوروبيين، وإنه ليس مدرجاً على جدول أعمال القمة المقبلة.
ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي القرار الذي اتخذته المفوضية بأنه «خطوة تاريخية تقرّب أوكرانيا من النصر». في حين أشاد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا بالقرار، معتبراً أنه «دليل واضح على القدرة القيادية الأوروبية» و«دفعة هائلة للتحولات المستقبلية في أوكرانيا». وكتب على «تويتر»: «التاريخ الأوروبي يسير قدماً».
وبعد التصريحات التي أدلى بها الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف واصفاً الزعماء الأوروبيين خلال زيارتهم كييف بأنهم «أكلة ضفادع ولحوم مجففة وسباغيتي»، قال أمس ديميتري بيسكوف، الناطق الرئاسي الروسي، إن الكرملين يتابع عن كثب ترشيح أوكرانيا لعضوية الاتحاد الأوروبي؛ لأن الكتلة الأوروبية في طريقها لتصبح منصة عسكرية. وأضاف، أن «الانضمام إلى الاتحاد خطة مختلفة، لكنه يستدعي منا أقصى الحذر في ضوء المعلومات التي لدينا حول النقاش الدائر بهدف تعزيز الدفاع في الاتحاد».
من جهتها، اتهمت وزارة الخارجية الروسية الاتحاد الأوروبي بـ«التلاعب» بكييف. وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا «نرى كيف يتلاعب المجتمع الغربي منذ سنوات عديدة بفكرة أن تشارك أوكرانيا في هياكل الاندماج الخاصة به (...) ومذاك الحين، أوكرانيا أصبحت أسوأ»، مضيفة أن كييف «لن يكون لها مستقبل مشرق».
في موازاة ذلك، قال رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي بعد عودته أمس من كييف، إن «موسكو تكذب بشأن أنابيب الغاز، وتستخدم الغاز والحبوب لأغراض سياسية وعسكرية» بعد أن أعلنت شركة النفط الإيطالية «إيني» أنها تبلغت من شركة «غازبروم» الروسية خفضها إمدادات الغاز بنسبة 50 في المائة لأسباب تتعلّق بصيانة الأنابيب.
وقال دراغي، إنه لا يستبعد أن ترسل إيطاليا المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا في الأسابيع المقبلة، علماً بأن ثمة معارضة شديدة داخل الحكومة الائتلافية التي يرأسها لمواصلة إرسال أسلحة إلى كييف. وأضاف رئيس الحكومة الإيطالية، أن أي حل دبلوماسي للأزمة لا يمكن أن يتجاهل إرادة الشعب الأوكراني «الذي يجب أن يكون قادراً على الدفاع عن نفسه». وكشف دراغي، عن أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى إيجاد حل لمشكلة الحبوب الأوكرانية عن طريق قرار يصدر عن مجلس الأمن لتنظيم ممرات آمنة للسفن عبر البحر الأسود بإشراف الأمم المتحدة، محذراً من الاستمرار في المماطلة وتضييع الوقت «لأننا أصبحنا على أبواب كارثة إنسانية هائلة وتداعيات أمنية وخيمة».
«المفوضية» تدعم ترشح أوكرانيا للانضمام إلى «الأوروبي» بشروط
موسكو تدين «تلاعب» المجتمع الغربي بكييف
«المفوضية» تدعم ترشح أوكرانيا للانضمام إلى «الأوروبي» بشروط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة