كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار

الوزيرة الجديدة: خبرة ومهنية وتعلّق بحياة الأرياف

كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار
TT

كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار

كاترين كولونا... الخارجية الفرنسية في عهدة «شيراكية» لا من اليمين ولا اليسار

لم يشكل تعيين كاترين كولونا (66 سنة) على رأس وزارة الخارجية في فرنسا مفاجأة كبيرة، ومع أن وزيرة الخارجية الجديدة غير معروفة عند عامة الفرنسيين فإن سيرتها الذاتية حافلة بالإنجازات. ثم إن رجال السياسة وكبار موظفي الخارجية يعرفون جيداً «مدام كاترين» – كما تلقب - التي تتميز بالانضباط والمهنية، والتي تعرف عن ظهر قلب كل الملفات الساخنة بحكم خبرة طويلة مرت فيها بمناصب سفيرة وناطقة رسمية لقصر الإليزيه (مقر رئاسة الجمهورية) ووزيرة للشؤون الأوروبية.
تسلمت كاترين كولونا مهامها كوزيرة للخارجية الفرنسية خلفاً لنظيرها السابق جان إيف لو دريان الذي شغل هذا المنصب طوال السنوات الخمس الأخيرة، وبذا غدت ثاني امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ فرنسا بعد الوزيرة المخضرمة ميشيل أليو ماري.
بدأت كولونا مشوارها الدبلوماسي كمستشارة سياسية ثم إعلامية لدى السفارة الفرنسية في العاصمة الأميركية واشنطن. ووفق شهادة صديقها السفير السابق ميشال دوكلو، أسهمت فترة إقامتها ونشاطاتها في الولايات المتحدة في إتقانها اللغة الإنجليزية – التي تتكلمها بطلاقة – والتعرف على عدد من كبار السياسة الأميركيين، وبالأخص، الديمقراطيين، وتتابع عن كثب تطور العلاقات الثنائية، وهي الفترة التي تعرفت فيها أيضاً على دومينيك دو فيلبان الذي سيصبح صديقا حميماً ورفيقاً في العمل.
بعد عودة كاترين كولونا إلى فرنسا فإنها شغلت منصب مستشارة قانونية بمكتب وزير التجهيز والسكن في حكومة رولان دوما اليسارية. إلا أن أهم محطة في مشوارها السياسي جاءت بعد تعيينها ناطقةً رسمية للإليزيه عشية فوز الرئيس جاك شيراك في الانتخابات الرئاسية مايو (أيار) 1995، وهو المنصب الذي مكثت فيه أكثر من تسع سنوات محطمة رقماً قياسياً لم يصل إليه أي ناطق رسمي آخر في العالم.
- كفاءة واحترام دولي
حينذاك وصفت كاترين كولونا بالناطقة الرسمية «الصارمة» و«المجتهدة» التي تجيب على كل أسئلة الصحافيين مهما كان نوعها وتوقيتها. وكان الرئيس شيراك، بالتحديد، معجباً بعملها وحريصاً على اصطحابها معه في كل تنقلاته الخارجية. وحقاً، نقلت تقارير صحافية عديدة كيف أن الرئيس الفرنسي كان يعتمد عليها في كل صغيرة وكبيرة. وغالباً ما كان يلتفت إلى خلفه حين تغيب عن ذاكرته معلومة أو يفوته تاريخ أو اسم شخصية معينة، فكنا لا نرى الرئيس شيراك إلا ونرى وراءه «مدام كاترين» حاضرة.
على صعيد السياسة الخارجية، حظيت كاترين كولونا، ولا تزال، باحترام شخصيات عالمية مهمة كالرئيس الأميركي جورج بوش، الذي كان يناديها باسم «كاترين» مجرداً... أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقد كتب لها رسالة وداع حين تركت منصبها كناطقة رسمية للإليزيه عام 2004. وللعلم، فهي دافعت عن موقف فرنسا الرافض للهجوم الأميركي على العراق وتعد من أشد المدافعين عن وحدة أوروبا.
كذلك كانت من أبرز الملتحقين بحكومة دو فيلبان للمساعدة في حلحلة أزمة الاستفتاء الأوروبي عام 2005. ورغم أنها لم تكشف يوماً عن انتمائها السياسي ولم تنضم لأي تشكيلة حزبية، لا من اليمين ولا من اليسار، فإنها أعربت غير مرة عن إعجابها بسياسات جاك شيراك حتى قيل بأنها «شيراكية» في القلب. ومن جهة ثانية، قالت بأنها لم تصرح يوماً عن مواقف رسمية لم تكن مقتنعة بها إزاء قضايا كالعلمانية والعراق والنزاع في الشرق الأوسط أو أوروبا... وإن اختيار الرئيس (شيراك) كان الأصح.
وفي سياق متصل، مع أن كولونا تلقت طلبات كثيرة وجهها الناشرون من أجل كتابة مذكراتها، ولا سيما، تفاصيل غير معروفة عن مشوارها السياسي مع الرئيس شيراك، فإنها كانت ترفض باستمرار مشددة في كل مرة على القول بأنها كانت «في خدمة الدولة... ولا يصح أن يستغل هذا الأمر لأغراض شخصية». وهنا نشير إلى أن عدة شخصيات قبلها كانت استغلت فرصة وجودها في موقع بهه الحساسية لإصدار سير ذاتية، كما فعل جاك أتالي - مثلاً - الذي كتب عن ذكرياته مع الرئيس الأسبق فرنسوا ميتران حين كان مستشاراً له ولاقت «سيرته» نجاحاً تجارياً واسعاً.
في أي حال، تجربة العمل مع رئيس من اليمين لم تمنع كاترين كولونا من العمل مع وزراء من اليسار مثل رولان دوما وهوبير فيدرين وموريس فور. ثم إن الرئيس شيراك أصر على بقائها في منصبها كناطقة رسمية حين قدمت استقالتها عام 2002، فقبلت التمديد لسنتين إضافيتين. وبعد انتهاء مهامها عام 2004 أقام لها حفلة تكريمية حضرتها ابنته كلود وزوجته برناديت التي كانت نادراً جداً ما تحضر حفلات تكريم المتعاونين، وتلقت فيه كولونا هدية هي عبارة عن شاشة تلفزيون بلازما.
محطة... مع السينما
بعد المهمة التي أحبتها كاترين كولونا بشغف، رغم كونها «مرهقة جداً»، بحسب شهادتها الشخصية، فإنها توجهت إلى مجال بعيد كل البعد عن السياسة هو مجال السينما حيث تولت مقاليد المركز الوطني للسينما.
في حينه كانت ترغب في قطيعة وتحديات جديدة. وفور تسلمها المنصب الجديد في «المركز» أعلنت أن بين أولوياتها ستكون محاربة القرصنة وتدعيم الاستثناء الثقافي الفرنسي. ويذكر المقربون من الوزيرة الجديدة وعارفوها أنها عاشقة للسينما الإيطالية، ولا سيما أعمال المخرج فريديكو فيليني، أما فيلمها المفضل فهو «ثمانية ونصف» الذي اضطلعت ببطولته النجمة كلوديا كاردينالي. والواقع أن كولونا بقيت في منصب بالمركز الوطني للسينما سنة واحدة، التحقت بعدها بصديقها رئيس الوزراء دومينيك دو فيلبان، الذي استدعاها لتشغل منصب وزيرة للشؤون الأوروبية (2005 – 2007) على إثر الأزمة التي خلقتها نتائج الاستفتاء على الدستور الأوروبي... التي رفض فيها الفرنسيون المشروع الأوروبي بنسبة 55 في المائة.
وبعد سنتين من العمل سفيرة فرنسا لدى منظمة «اليونيسكو» (2008 - 2010)، تركت كولونا السياسة من جديد لتلتحق بالفرع المالي لمجموعة برونزويك العالمية حيث شغلت منصب شريكة إدارية لمكتب المجموعة في العاصمة الفرنسية باريس. إلا أنها عادت على إثرها إلى السلك الدبلوماسي من جديد من خلال منصبي سفيرة فرنسا لدى إيطاليا (2014 - 2017) ثم لدى بريطانيا (2019 - 2022)، وتخلل الفترة بينهما (2017 - 2019) توليها منصب مندوب فرنسا الدائم لدى منظمة التجارة والتعاون الأوروبية.
- تحديات المنصب الجديد
تعيين كولونا أخيراً وزيرة للخارجية، يوم 20 مايو الماضي، جاء في ظروف خاصةً منها إعلان موظفي وزارة الخارجية الفرنسية الإضراب احتجاجاً على برنامج إصلاحات يهدد بتسريح عدد منهم، وتقليص امتيازاتهم المهنية، إضافة إلى إغلاق عدة قنصليات في أماكن مختلفة من العالم... وهذا حدث نادر جداً، بل إنها المرة الثانية فقط في تاريخ فرنسا فقط التي يعلن فيها إضراب من هذا النوع. وحسب شهادة السفير السابق في روسيا جان غلينياستي لصحيفة «الفيغارو» قد يكون هذا هو «التحدي الأول الذي سيواجه الوزيرة الجديدة... مع احتمال أن تنجح في اجتيازه بسلام بفضل سمعتها الجيدة وحنكتها الدبلوماسية».
الملف الآخر الذي ينتظر الوزيرة هو «الملف المالي» في ضوء تدهور العلاقات بين فرنسا ومالي، وطرد سلطات باماكو السفير الفرنسي جويل ماير بسبب تصريحات جان إيف لو دريان، وزير الخارجية السابق، الذي وصف المجلس العسكري المالي بـ«الحكومة غير الشرعية». وللتذكير يتمركز حوالي 2400 جندي فرنسي في مالي من أصل 4600 عسكري تنشرهم باريس في منطقة «الساحل والصحراء» الأفريقية. هذا، وقد بدأت العلاقات الثنائية تتأزم بعد طلب السلطات المالية من فرنسا سحب قواتها بحجة قلة رضاها عن العمليات التي نفذتها في هذه المنطقة لوقف زحف الجماعات المسلحة لتنظيم «القاعدة»، ومنها عملية «برخان» وعملية «سيرفال». وفي المقابل، تنظر باريس بعين القلق إلى المباحثات الأخيرة التي أجرتها أطراف مالية رسمية مع نظراء روسيين في الكرملين. وبالتالي، يتوقع أن تنكب الوزيرة كولونا على هذا الملف بالتعاون مع زميلها وزير الجيش سيبستيان لوكورنيو، وأيضاً الرئيس إيمانويل ماكرون بنفسه، نظراً لأهميته بالنسبة لفرنسا والمنطقة ككل. ثم هناك ملفات مهمة أخرى تنتظر البت موضوعة على طاولة رئيسة الدبلوماسية الفرنسية الجديدة، في طليعتها: الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، والأزمة في ليبيا، والوضع في لبنان، وذلك بسبب نفوذ فرنسا الكبير في هذه المناطق.
- ملف أوكرانيا
لكن الملف الأكثر أهمية وإلحاحاً لباريس راهناً يبقى مسألة الحرب الروسية الأوكرانية، ولذا افتتحت الوزيرة كولونا مهامها على رأس «الكيه دورسيه» (مقر وزارة الخارجية في وسط باريس) بزيارة أوكرانيا، وبالذات مدينة بوتشا التي أصبحت رمزاً لفظائع الحرب التي تنسبها أوكرانيا لروسيا بعد انسحاب الجنود الروس... واكتشاف مئات الجثث من المدنيين العزل. وبعد زيارة كولونا لهذه المدينة الصغيرة المنكوبة شددت الوزيرة على أن «فرنسا ستقف إلى جانب أصدقائها وحلفائها الأوكرانيين، وستبذل قصارى جهدها لإعادة السلام». ومع أنها لم تؤكد لنظرائها الأوكرانيين موافقة باريس على طلبهم الأساسي المتمثل بتسليم أوكرانيا أسلحة حربية جديدة، مكتفية بالإجابة بأن «الطلب في طور الدراسة»، إلا أنها أعلنت عن مساعدة لإعادة بناء هذه المنطقة بحوالي ملياري دولار.
وفي الشأن نفسه، كانت كولونا، قبل الزيارة التي قام بها الرئيس ايمانويل ماكرون لكييف يوم الخميس، هي المسؤولة الفرنسية الأعلى التي تزور أوكرانيا منذ بدء العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير (شباط) الفائت. وهي رغم إعلانها على إثر الندوة الصحافية التي عقدتها مع نظيرها الأوكراني عن رغبة بلادها في «لعب دور الوسيط» بين موسكو وكييف، فإن المراقبين السياسيين يستبعدون هذا الاحتمال بسبب انحياز فرنسا لأوكرانيا وإمدادها لها بالأسلحة والمساعدات.
أخيراً، سواءً كان مصدرها من اليمين أو اليسار، فكل آراء الساسة الفرنسيين اتفقت على أن كاترين كولونا قد تكون «المرأة المناسبة في المكان المناسب» خلال هذه العهدة الثانية من ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون، وهذا بفضل خبرتها الواسعة في التفاوض والمباحثات الدبلوماسية وحل الأزمات التي تأكدت قدرتها مراراً. وضمن هذا الإطار نذكر أنها قادت مباحثات «البريكست» في مواجهة نظرائها البريطانيين وتمكنت من انتزاع موافقتهم على منح الصيادين الفرنسيين تصاريح للصيد في المياه البريطانية. وفي الفترة التي شغلت فيها كولونا منصب سفيرة فرنسا في لندن، فإنها احتفظت بالحزم والمرونة في آن معاً إبان فترة تأزم العلاقات الفرنسية البريطانية. إذ شهدت هذه الفترة عدة مناوشات كلامية بين البلدين في ملفات اعتبرت شائكة كملف الصيد، والمهاجرين غير الشرعيين في بحر المانش، والعقود الأسترالية للغواصات، والبروتوكول الخاص بآيرلندا الشمالية، ولقاحات أسترازينيكا... وهذا بجانب كونها في واجهة الأحداث إبان الأزمة الفرنسية الأميركية عام 2003 بخصوص غزو العراق.
بطاقة هوية
- ولدت كاترين كولونا في منطقة لوش بمحافظة إندر أي لوار (وعاصمتها مدينة تور في غرب وسط فرنسا)، لأب محام وأم أستاذة. وبعد الزواج، قرر والداها التخلي عن نشاطهما المهني وصخب المدينة للاستقرار مختارين العيش في المزرعة العائلية مع الجدة وسط الحقول الخضراء والهواء النقي.
- والد كاترين، الذي ولد في قرية بجزيرة كورسيكا، كان يعتبر أن العيش في الريف سيسمح بتوفير متعة وملاذ آمن لابنتيه كاترين وآن ماري. وفعلاً تلقت كاترين وأختها الكبرى تربية علمانية اتسمت بدفء الأواصر والحوار المتبادل.
- حصلت كاترين على شهادة في الحقوق من جامعة تور «فرنسوا رابليه» العريقة، وتابعت دراساتها في معهد العلوم السياسية «سيانس بو» في باريس وتخصصت في الإدارة من المدرسة العليا للإدارة «إينا» - وهي إحدى أهم المعاهد الجامعية الفرنسية.
- لم تتزوج ولم تنجب أطفالا. وتمتاز بشخصية كتومة، فهي تتفادى الأضواء ولا تتكلم عن حياتها الخاصة ولا يعرف لها أي علاقات عاطفية.
- تتذكر آن ماري (الأخت الكبرى) أن أختها الصغرى كاترين كانت طفلة فطنة ومضحكة، غالباً ما ترافق والدها لاصطياد الأرانب البرية أو طائر الدراج أو لتصليح معدات المزرعة. وهذه الطبيعة أكدتها كاترين نفسها حين صرحت لصحيفة «ليبيراسيون» بأنها «ريفية... برغماتية ومتعلقة بالأرض»، كما أنها تعترف في الوقت نفسه بأن حياتها مملوءة بالمفارقات، إذ تقول للصحيفة ذاتها «أحب الطبيعة لكنني أعيش في الصالونات، وأنا مثقفة لكني أحب العمل اليدوي... وكأنني منذ البداية أفعل ما لم يكن مقرراً لي أن أفعله...».
- تستقل كاترين كولونا مرتين في الشهر «القطار السريع» لزيارة والدها، الذي لا يزال على قيد الحياة، والاستمتاع بهدوء الريف. وهناك تمضي وقتها في تقليم الأشجار أو صنع الأثاث المنزلي، وكان آخر القطع كان مصباحا من طراز الأربعينيات وطاولة من الخشب.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


بدر عبد العاطي... «مهندس العلاقات الأوروبية» يترأس «الخارجية المصرية»

بدر عبد العاطي... «مهندس العلاقات الأوروبية» يترأس «الخارجية المصرية»
TT

بدر عبد العاطي... «مهندس العلاقات الأوروبية» يترأس «الخارجية المصرية»

بدر عبد العاطي... «مهندس العلاقات الأوروبية» يترأس «الخارجية المصرية»

متعهداً بـ«استكمال مسيرة من سبقوه»، تسلّم الدبلوماسي المخضرم الدكتور بدر عبد العاطي مهام عمله وزيراً للخارجيّة والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، ضمن حكومة الدكتور مصطفى مدبولي الجديدة التي أدّت اليمين الدستورية في الثالث من يوليو (تموز) الحالي.

عبد العاطي، الذي لقبته الصحافة المحلية بـ«مهندس العلاقات المصرية - الأوروبية»، ووصفه سياسيون بـ«الرجل العصامي المجتهد»، تسلّم زمام الدبلوماسية المصرية في ظرف استثنائي يجعله مضطراً للتعامل مع تحديات عدة؛ بغية «الدفاع عن مصالح بلاده وأمنها القومي». وهو الهدف الذي وضعه الوزير الجديد نصب عينيه، مؤكداً في أول تصريحاته الصحافية بصفته وزيراً للخارجيّة اعتزامه «مواصلة مسيرة تعزيز العلاقات مع شركاء بلاده الإقليميين والدوليين والدفاع عن القضايا العربية والأفريقية في مختلف المحافل»، مقتنعاً بأن «الدبلوماسية المصرية العريقة قادرة على أن ترسو بالبلاد على بر الأمان وسط التحديات الإقليمية والدولية المتفاقمة».

ويقود عبد العاطي دفة السياسة الخارجية المصرية، وسط تعويل كبير على خبراته الدبلوماسية العملية التي امتدّت لنحو 35 سنة، وامتزجت بدراسة أكاديمية للعلوم السياسية، مع توقعات بأن تكون طريقته في الأداء أقرب لمدرسة وزير الخارجية الأسبق rnعمرو موسى.

باحث ودبلوماسي

ولد بدر عبد العاطي في الثامن من فبراير (شباط) عام 1966 في مدينة أسيوط بصعيد مصر، لأسرة متوسطة بسيطة. وكان متفوقاً في كل مراحل دراسته، الأمر الذي أهله للالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، التي تعد إحدى «كليات القمة»، نظراً لاشتراطها حصول الطالب على درجات مرتفعة في امتحان الثانوية العامة.

تخرّج عبد العاطي في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية حاصلاً على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية عام 1987. وبدأ حياته المهنية باحثاً في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» خلال الفترة بين1987 و1989، والمركز واحد من أهم مراكز الأبحاث السياسية في الشرق الأوسط. وفي تلك الفترة كتب عبد العاطي العديد من الأوراق البحثية في مجال السياسة الدولية. غير أن وظيفة الباحث السياسي لم ترض طموحه المهني، ما دفعه للتقدم لاختبارات التوظيف بوزارة الخارجية في عام 1989، وهي الاختبارات التي نجح فيها بتفوق كعادته، وكان «الأول على دفعته رغم عدم امتلاكه واسطة ذات شأن»، بحسب تأكيد أصدقائه.

تنقلات بين القاهرة وعواصم عالمية

عمل بدر عبد العاطي في وظيفة ملحق بوزارة الخارجية المصرية حتى عام 1991، قبل أن ينتقل إلى العمل سكرتيراً ثالثاً في السفارة المصرية بتل أبيب حتى عام 1995، وهناك كان مسؤولاً عن شؤون إسرائيل الداخلية وعملية السلام في الشرق الأوسط. وعقب انتهاء عمله في تل أبيب عاد عبد العاطي إلى ديوان وزارة الخارجية بالقاهرة، بعدما ترقّى لدرجة سكرتير ثانٍ، وعمل مساعداً لوزير الخارجية لشؤون التعاون الاقتصادي الإقليمي في الشرق الأوسط.

خلال تلك الفترة، حرص عبد العاطي على صقل مهاراته الدبلوماسية العملية بالدراسات الأكاديمية، حيث حصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة القاهرة عام 1996، وقد ركز موضوعها على السياسة الخارجية المصرية تجاه فلسطين. وجاء حصوله على الدرجة العلمية الأكاديمية في العام ذاته الذي كان فيه عضواً في الوفد المصري إلى المؤتمر الاقتصادي للشرق الأدنى والأوسط وشمال أفريقيا بالقاهرة.

وبعدها، عام 1997 التحق عبد العاطي بالسفارة المصرية في طوكيو في وظيفة سكرتير ثاني، وكان مسؤولاً في الوقت ذاته عن الشؤون الأفريقية وعملية السلام في الشرق الأوسط وإيران. قبل أن يعود مرة أخرى إلى ديوان وزارة الخارجية عام 2001، سكرتيراً أول، مع احتفاظه بالمسؤولية عن الشؤون الأفريقية وعملية السلام في الشرق الأوسط. وفي تلك الفترة استكمل دراسته الأكاديمية، فحصل على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة القاهرة عام 2003، كما عمل محاضراً في «أكاديمية ناصر العسكرية». وأيضاً، في ذلك العام انتقل إلى الولايات المتحدة الأميركية للعمل مستشاراً سياسياً في سفارة بلاده في واشنطن، وكان مسؤولاً عن ملفي الشؤون الأفريقية والكونغرس. ثم عاد إلى مصر عام 2007، لكن هذه المرة بصفته رئيساً لقسم فلسطين بوزارة الخارجية.

في عام 2008، أصبح عبد العاطي نائباً لرئيس البعثة الدبلوماسية المصرية في بروكسل، وظل هناك حتى عام 2012، حين عاد إلى مصر ليشغل منصب نائب وزير الخارجية المسؤول عن الاتحاد الأوروبي وأوروبا الغربية واتحاد التنسيق الوطني في البحر الأبيض المتوسط. ويرى مراقبون أن أسباب تنقل عبد العاطي في هذه المناصب المتعددة تعود أولاً إلى «جهده وعمله الدؤوب»؛ لأنه رجل «غير روتيني»، يمارس عمله بحب.

الناطق الرسمي

من جهة ثانية، على الرغم من كل الوظائف السابقة، لم يبرز اسم عبد العاطي على الساحة المحلية إلا عقب تعيينه ناطقاً باسم وزارة الخارجية في يونيو (حزيران)، وهي الوظيفة التي ظل فيها حتى عام 2015. وهذه الفترة جعلته يحتك بالأوساط الإعلامية، لا سيما مع «حرصه الدائم على التواصل ليلاً ونهاراً»، وفق كلام صحافيين وإعلاميين عاصروه في تلك الفترة. أيضاً، وبينما تثير طريقته الحماسيّة في الاشتباك مع الأحداث السياسية إعجابَ البعض كونها تكسب العمل الدبلوماسي «زخماً إعلامياً»، فإن البعض الآخر ربما يخشون «حدّته» في التعامل مع بعض القضايا أحياناً. وهم في هذا يستندون إلى حوار تلفزيوني أجراه عبر الهاتف عندما كان ناطقاً باسم الخارجية، أظهر خلاله حدة في الرد، في مسعى للتأكيد على سرعة استجابة وزارته لاتصالات المصريين العالقين في ليبيا.

... وسفيراً لدى ألمانيا

في سبتمبر (أيلول) عام 2015، عيّن عبد العاطي سفيراً لمصر لدى ألمانيا، في فترة كانت تشهد فتوراً في العلاقات بين البلدين عقب «ثورة 30 يونيو» التي أطاحت بحكم «الإخوان» في مصر عام 2013. وفي مايو (أيار) 2016، استدعته وزارة الخارجية الألمانية لـ«إبداء عدم فهمها السبب وراء إغلاق مكتب مؤسسة ألمانية في القاهرة». وطالبت بإعادة فتح مكتب مؤسسة «فريدريش نومان» المرتبطة بحزب الديمقراطيين الأحرار الليبرالي.

وبالفعل، عمل عبد العاطي لمدة أربع سنوات أمضاها في ألمانيا بين عامي 2015 و2019 على استعادة العلاقات بين القاهرة وبرلين. وظهر مدافعاً عن صورة بلاده، وموجّهاً انتقادات علنية لمنظمات حقوقية دولية انتقدت أوضاع حقوق الإنسان في مصر. وبالنسبة لعبد العاطي، فإن العلاقات مع ألمانيا «تقوم على شراكة استراتيجية حقيقية، ووضع مربح يجلب منافع متبادلة، وهي ليست علاقة بين مانح ومتلقٍّ».

وبالفعل، شهدت العلاقات بين البلدين تطوراً ملحوظاً إبان فترة عمل عبد العاطي؛ إذ زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ألمانيا أربع مرات. وزارت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل مصر مرتين. كما وُقعت أول اتفاقية بين القاهرة وبرلين لتعزيز التعاون في مجال مكافحة «الهجرة غير المشروعة».

ويبدو أن تقدير نجاح عبد العاطي في ألمانيا لم يكن مقصوراً على المصريين، ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2020 منحته ألمانيا وسام «صليب الاستحقاق الأكبر»؛ لأنه «برهن خلال فترة عمله سفيراً لمصر في ألمانيا، على مدى أهمية مواصلة تعزيز العلاقات بين البلدين»، وفق سفير ألمانيا في القاهرة في ذلك الوقت سيريل نون.

حملة انتقادات

في المقابل، تعرّض عبد العاطي خلال فترة عمله سفيراً لمصر في ألمانيا لانتقادات وحملات «تشويه» تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ونقلتها وسائل إعلام محلية، وصلت حد اتهامه بـ«الاختلاس» والادعاء بأنه جرى إبعاده عن منصبه في برلين، الأمر الذي دفع وزارة الخارجية المصرية لإصدار بيان في مايو 2017، أكّدت فيه «نفيها القاطع توجيه أي اتهامات بالاختلاس لسفير مصر في برلين، أو تسجيل إحدى سيارات السفارة باسم السفير المصري»، ليبقى عبد العاطي سفيراً لبلاده لدى ألمانيا سنتين أُخريين بعد هذه الواقعة.

ورداً على تلك الاتهامات، أصدرت الجالية المصرية في ألمانيا بياناً في الشهر ذاته، أعربت خلاله عن «رفضها لحملة التشويه التي يتعرّض لها عبد العاطي»، مؤكدة أنه «أفضل من تولى هذا المنصب الرفيع في توقيت حرج للغاية، ونجح بامتياز في تحسين صورة مصر والمصريين وإعادة العلاقات المصرية - الألمانية إلى سابق عهدها».

الشراكة الأوروبية

ومن ثم، بعد انتهاء عمله في ألمانيا عاد عبد العاطي إلى القاهرة، حيث شغل منصب مساعد الوزير للشؤون الأوروبية. ثم اختير سفيراً لدى بلجيكا ودوقية لوكسمبورغ، ومندوباً لمصر لدى «الاتحاد الأوروبي» وحلف شمال الأطلسي «الناتو»، خلال مارس (آذار) 2022. وحقاً، لم تمنعه علاقاته الطيبة مع أوروبا من توجيه انتقادات للغرب ولميوله من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهي انتقادات تناقلتها وسائل إعلام غربية أبرزت اتهامه للغرب بالانحياز لإسرائيل، ما يضر بسمعته في الشرق الأوسط.

هذه الانتقادات للسياسات الغربية لم تقف - بدورها - حائلاً دون تحسين علاقات بلاده مع أوروبا، وهي العلاقات التي يعدّها عبد العاطي «مهمة» لاعتبارات عدة؛ ذلك أنه يرى أن «أوروبا تحتاج إلى مصر بوصفها دولة محوَرية وركيزة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وبوابة الدخول إلى القارة الأفريقية، إضافة إلى دورها في مكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة. وفي المقابل، تحتاج مصر لأوروبا بوصفها شريكاً مهماً في التنمية والتحديث، ومصدراً رئيساً للاستثمار والتكنولوجيا والتدريب وأكبر سوق مصدر للسياحة إلى مصر». وفعلاً نجح عبد العاطي في تعزيز علاقات مصر مع الاتحاد الأوروبي، وكان له دور بارز في المباحثات التي أدت في النهاية إلى ترفيع العلاقات بين الجانبين إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية والشاملة»، خلال قمة مصرية - أوروبية استضافتها القاهرة في مارس الماضي.

إنها حقبة جديدة في العمل الدبلوماسي المصري بدأت بتولي بدر عبد العاطي حقيبة الخارجية، وبينما لا يُنتظر أن تشهد الفترة المقبلة تغيّرات في السياسة الخارجية المصرية، المرتبطة بمدرسة دبلوماسية عريقة وثوابت لا تتغير بتغير الأشخاص، يتوقع مراقبون نشاطاً متزايداً في ملفات عدة على رأسها الشراكة مع أوروبا، إضافة إلى الملفات الرئيسة الأخرى على أجندة السياسة المصرية مثل فلسطين وليبيا والسودان و«سد النهضة» الإثيوبي. القاهرة: فتحية الدخاخني