تأخر محاكمة البشير يثير جدلاً وشكوكاً في السودان

رئيس هيئة الاتهام لـ«الشرق الأوسط»: محامو الدفاع يلجأون لـ«تكتيكات تعطيلية»

البشير في إحدى جلسات محاكمته في سبتمبر 2020 (رويترز)
البشير في إحدى جلسات محاكمته في سبتمبر 2020 (رويترز)
TT

تأخر محاكمة البشير يثير جدلاً وشكوكاً في السودان

البشير في إحدى جلسات محاكمته في سبتمبر 2020 (رويترز)
البشير في إحدى جلسات محاكمته في سبتمبر 2020 (رويترز)

أثار التأخر والمماطلة في محكمة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير و27 من أركان نظامه، جدلاً وشكوكاً في السودان، نظراً إلى قرب دخول المحكمة عامها الثالث، إذ بدأت المحكمة في 21 يوليو (تموز) 2020، ويواجه البشير وعدد من أعوانه تهمة «الانقلاب» على الحكومة الديمقراطية في 1989 التي تتراوح عقوبتها بين أحكام بالسجن المؤبد أو الإعدام، فيما تلاحق محكمة الجنايات الدولية البشير واثنين من كبار معاونيه بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في إقليم دارفور بغرب السودان.
وقال المواطن (ع، م)، الذي طلب عدم ذكر اسمه، «لم نكن نتوقع أن تستمر محاكمة البشير وأعوانه من الإسلاميين كل هذه الفترة، وهذا يجعلنا نشكك في قدرة القضاء السوداني على الحكم في القضية، في وجود السلطة الحالية. ويضيف (ع، م) «الأفضل أن يتم تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية، لأن الشارع السوداني لن يقبل أي حكم لا يقتص للجرائم التي ارتكبها نظام البشير في حق الشعب».
وأثار البطء الذي لازم إجراءات سير القضية في المحكمة، الكثير من الشكوك لدى السودانيين ومخاوفهم من إفلات رموز النظام المعزول من المحاسبة على الجرائم التي ارتكبوها خلال فترة حكمهم التي امتدت 30 عاماً. ودرجت الاحتجاجات المستمرة في الشارع السوداني على المطالبة بتسريع المحاكمة وإنهائها، لكي تبدأ محاكمة البشير في تهم تتعلق بدعمه للإرهاب وقتل المتظاهرين إبان الحراك الشعبي الذي أدى إلى إسقاطه في 11 أبريل (نيسان) 2019.
وكانت المحكمة قد قبلت مستندات اتهام في مواجهة البشير وبقية المتهمين، تكشف تورطهم في التخطيط وتنفيذ الانقلاب العسكري في عام 1989، إلا أنها لم تبت فيها بسبب التأجيل المتكرر للجلسات، والذي أصبح الكثيرون يشكون في أنه متعمد لكسب الوقت. وقال رئيس هيئة الاتهام، عبد القادر البدوي، لـ«الشرق الأوسط» إن المحامين يلجأون لتكتيكات تعطيلية، مثل كثرة الطلبات للمحكمة، والتي تتسبب في تعطيل الإجراءات وتحقيق العدالة.
وأضاف أن كل محام في هيئة الدفاع درج على تكرار تلك الطلبات، إذا كان بسبب مرض بعض المتهمين، أو عدم قدرة بعضهم على الجلوس في قاعة المحكمة لفترات زمنية طويلة، بالإضافة إلى الرد عليها من قبلنا. وهذا كله يأخذ وقتاً طويلاً من جلسات المحكمة، ويتسبب في تأخيرها. وتابع أن «هيئة الاتهام لا ترفض أن تستمع المحكمة للدفاع، حتى تتم محاكمة عادلة، ومن حق كل طرف أن يقدم مستنداته، وهدفنا ليس أن نسوق الناس إلى المشانق، وإنما تحقيق العدالة الكاملة».
وأوضح البدوي أن الدعوى لا تزال «في مرحلة استجواب المتحري في القضية»، مشيراً إلى أن المحكمة قبلت المستندات التي تقدمنا بها، وهي عبارة عن لقاءات مع عدد من المتهمين في البلاغ، وستعمل على تقييمها في مرحلة لاحقة، وهذا من صلاحياتها. وأوضح رئيس هيئة الاتهام أن قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991 يعتبر «الانقلاب» جريمة يعاقب عليها القانون، وأن هيئة الاتهام حريصة على أن توصل المحاكمة إلى نهايتها. وأشار البدوي إلى سابقة قضائية لمحاكمة قيادات نظام الرئيس السوداني الأسبق، جعفر محمد نميري، لقيامهم بانقلاب عام 1969 وتقويض النظام الدستوري، وصدور حكم من المحكمة في مواجهتهم، مشيراً إلى أن كل القوانين الجنائية والعسكرية تجرم «الانقلاب» وتحاكم كل من يقوم به.
ويقول قاضي محكمة عامة، فضل حجب اسمه، إن القضية لم تصل إلى مرحلة متقدمة للعديد من الأسباب التي أدت إلى تأخر صدور الحكم ضد البشير وأعوانه، وذكر منها محاولات هيئة الدفاع المستمرة لتعطيل الإجراءات باستئناف أي قرار يصدر من المحكمة، ولعل أبرزها طلب سقوط الحكم بالتقادم، والطعن في القضاة الذين أدى إلى تغيير 3 منهم حتى الآن، وادعاء بعض المتهمين بالمرض. وأشار القاضي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تهاون المحكمة في حسم محامي الاتهام، لأن قانون المحاماة يعطى المحامين حرية حركة وحصانة عالية داخل قاعة المحكمة. واستبعد القاضي أن تكون هنالك أي أسباب سياسية وراء تأخر الفصل في الدعوى، لكنه يرى أنها بدأت معطوبة.
واستولى البشير على السلطة بانقلاب عسكري في 30 يونيو (حزيران) 1989 بالتعاون مع زعيم الحركة الإسلامية حينها، حسن الترابي، وشارك في تنفيذه العشرات من منسوبي الحركة الإسلامية في السودان من العسكريين والمدنيين. وتولى البشير منصب رئيس مجلس قيادة «ثورة الإنقاذ»، وخلال العام ذاته أصبح رئيساً للبلاد.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

38 قتيلاً جراء هجوم لـ«الدعم السريع» في غرب السودان

تصاعد الدخان جراء الصدامات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
تصاعد الدخان جراء الصدامات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
TT

38 قتيلاً جراء هجوم لـ«الدعم السريع» في غرب السودان

تصاعد الدخان جراء الصدامات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
تصاعد الدخان جراء الصدامات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أسفر هجوم شنته «قوات الدعم السريع» السودانية بطائرة مسيّرة عن 38 قتيلاً على الأقل في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب)، وفق حصيلة محدثة أعلنها ناشطون محليون اليوم (الأحد).

وأعلنت «تنسيقية لجان المقاومة - الفاشر» في بيان «ارتفاع حصيلة مجزرة حي أولاد الريف بالفاشر إلى 38 شهيداً» منذ وقوع الهجوم في وقت متأخر أمس.