أمرت محكمة في مدينة ديار بكر ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا أمس (الخميس) بحبس 16 صحافياً يعملون لحساب وسائل إعلام موالية للأكراد بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية. والصحافيون الـ16 من بين 21 صحافياً أُلقي القبض عليهم في مداهمات جرت فجر 8 يونيو (حزيران) الحالي، في ديار بكر، وهم يعملون في شبكات تلفزيون وشركات إنتاج قريبة من حزب الشعوب الديمقراطية (المؤيد للأكراد في تركيا)، حيث وُجِّهت إليهم تهمة الانتماء إلى الذراع الإعلامية لحزب العمال الكردستاني، الذي تعدّه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «تنظيماً إرهابياً».
ووُضع الصحافيون قيد الحجز الاحتياطي منذ القبض عليهم، وتم تمديد حبسهم إلى أن قررت المحكمة أمس حبس 16 منهم، بينهم الرئيس المشارك لجمعية للصحافيين، سردار ألطان، بتهمة «الانتماء إلى منظمة إرهابية»، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني، وتم الإفراج عن الباقين مع إخضاعهم للرقابة القضائية. وينتمي الصحافيون إلى وكالتَي أنباء «ميزوبوتاميا» الكردية و«جين نيوز» النسائية، وقُبض عليهم في سلسلة مداهمات جرت في ولاية ديار بكر. ولم يتم إبلاغ محاميهم في البداية بأسباب اعتقالهم، إلا أن وسائل الإعلام الرسمية أفادت بأن اعتقالهم جاء بسبب عملهم كمراسلين ومنتجين لقناتي «ستيرك تي في» و«ميديا خبر تي في»، وهما شبكتا تلفزيون كرديتان مقرّهما أوروبا، وتعدّهما أنقرة داعمتين لجماعات إرهابية، في إشارة إلى حزب «العمال الكردستاني»، المصنّف منظمة إرهابية، واتحادات كردية أخرى. وقال محامون إن مكتب المدعي في ديار بكر استجوب الصحافيين بشأن مضمون تقاريرهم، التي تتعلق بالاستعدادات للانتخابات البرلمانية والرئاسية التركية التي ستُجرى في يونيو من العام المقبل.
ورأى ممثل منظمة «مراسلون بلا حدود» في تركيا، إيرول أوندر أوغلو، أن اعتقال هؤلاء الصحافيين وتوقيفهم يدفع إلى الاعتقاد بوجود «مناورة ما» قبل الانتخابات لقطع الطريق على الطبقة السياسية الكردية وحرمانها من وسيلة تعبير، كما تأتي في وقت تقول فيه تركيا إنها تحضِّر لهجوم ضد مناطق سيطرة المسلحين الأكراد في شمال سوريا. وأدى اعتقال الصحافيين الأكراد إلى موجة غضب واستنكار في أوساط الصحافيين والكتاب والأكاديميين والمنظمات الحقوقية، الذين طالبوا بالإفراج الفوري عنهم، وبالعمل على رفع الضغوط التي تتعرض لها حرية الصحافة والتعبير في البلاد.
ودعا صحافيون وكتاب وأكاديميون وحقوقيون، في بيان أصدروه (الأحد)، إلى مقاومة محاولات إسكات وسائل الإعلام، لافتين إلى زيادة الضغوط على الصحافيين الأكراد على وجه الخصوص، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ورأوا أن اعتقال الصحافيين في مداهمات لمنازلهم، بلا جريمة سوى كتابة الأخبار وتقييد أيديهم لساعات، ليس مجرد انتهاك لحرية الصحافة فحسب؛ بل يعدّ أيضاً انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية.
وقال رئيس جمعية حقوق الإنسان التركية، أوزتورك تورك دوغان، إن «الصحافة خدمة عامة... هؤلاء المراسلون هم من يخبرون بقية تركيا والعالم بما يحدث في المدن ذات الغالبية الكردية على وجه الخصوص. ومن غير المقبول تجاهل حق الناس في الحصول على المعلومات».
وتندد منظمات حقوقية بانتظام بتراجع حرية الصحافة في تركيا التي تحتل المرتبة 149 من أصل 180 حسب تصنيف حرية الصحافة للعام 2022 الذي تنشره منظمة «مراسلون بلا حدود». ويتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حزب الشعوب الديمقراطية، ثالث أكبر أحزاب البرلمان التركي، بأنه «الواجهة السياسية» لحزب العمال الكردستاني. ومنذ 2016 تم توقيف مئات الأعضاء ونواب الحزب، بينهم رئيساه المشاركان السابقان صلاح الدين دميرطاش وفيجان يوكسكداغ، رغم الاحتجاجات الأوروبية.
وأقام المدعي العام الجمهوري منذ أشهر دعوى قضائية لإغلاق الحزب وحظر النشاط السياسي لأكثر من 600 من قياديه وأعضائه بعد أن اتهمه إردوغان، وحليفه رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي، بأنه ذراع سياسية للعمال الكردستاني.
في الوقت ذاته، يشرع البرلمان التركي قريباً في مناقشة مشروع قانون يتضمن عقوبات بالسجن بهدف مكافحة نشر وترويج «المعلومات المضللة» عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أعده حزبا «العدالة والتنمية» الحاكم وحليفه حزب «الحركة القومية». ويتضمن مشروع القانون، الذي أقرته لجنة الشؤون القانونية والدستورية بالبرلمان، معاقبة من ينشر أخباراً كاذبة من أجل إثارة القلق والخوف والذعر بالحبس من سنة إلى 3 سنوات، وزيادة العقوبة بمقدار النصف في حال كانت هذه الجريمة في إطار نشاط تنظيمي. ومن المقرر طرح مشروع القانون للمناقشة في الجلسة العامة للبرلمان لإقراره قبل عطلته الصيفية التي تبدأ الشهر المقبل.
محكمة تركية تسجن 16 صحافياً كردياً بـ{الإرهاب}
البرلمان يناقش تقييد نشر المعلومات عبر مواقع التواصل
محكمة تركية تسجن 16 صحافياً كردياً بـ{الإرهاب}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة