Werckmeister Harmoniak
(2000)
تحفة ★★★★★
يدور فيلم المخرج المجري بيلا تار «ألحان ڤركمايستر» في حضن بلدة علاها الغبار وتركها خارج الزمن. يصل إليها «سيرك» في شاحنة كبيرة تحمل حوتاً كبيراً. يدعو السيرك أهل البلدة للتجمع في الساحة الشاسعة للفرجة. الدعوة تشمل، بالنيابة عن صاحب السيرك الذي لا نرى له وجهاً أو حضوراً، الدعوة لجميع أهل البلدة بالتغيير.
لا أحد يعترض أو يواجه الدعوة مستفسراً عن فحواها. وما تلبث البلدة أن تموج بحركة خارجة عن أي فكر محدد أو نظام. في وسط كل ذلك، إلى أن يصل شاب من خارج تلك البلدة (لارس رودولف) الذي يسعى لمعرفة ما يحدث وإمكانية مواجهته. الهلع من النتيجة يتماثل على وجهه، وسريعا مع نهاية الفيلم ما يجد نفسه وقد أصبح مطاردا من قبل سلطات المدينة.
سينما بيلا تار، لمن لم يتعرف عليها بعد، سينما لغزية، قائمة على الغموض الناتج عن كسر المخرج لكل تقليد روائي متبع، ولأن «ألحان ڤركمايستر»، ومثل أفلام أخرى للمخرج (من بينها «تانغو الشيطان»، 1994)، ليس عن قصة تسرد في خط متسلسل ومستقيم ويقرأ بوضوح، فإن المشاهد بتوليفتها الخاصة للواقعية، وحدها التي تقود العمل وتكشف عن أحداثه. العناية التي يوليها المخرج هي في تكوين مشاهده الطويلة تبعاً لنبض الحياة التي يسردها والموقع الذي يعيش فيه و-الأهم- تبعاً لنظرته للعالم الذي يتحرك فيه ذلك العالم الذي يصوره.
تتألف مشاهد تار من لقطات طويلة. المشهد الواحد لقطة واحدة لا تكترث للإيقاع بل تخلق سريعا إيقاعا خاصاً بها. إنها دعوة المخرج للتمعن بممثليه وبشخصياته وبالمفارقة أو الحدث الذي يدور في اللقطة/المشهد. «ألحان ڤركمايستر» هو عن الحياة الضبابية الخريفية الرمادية والتي تقع في طيات موت قريب للمجتمع المجري (حسب رؤية المخرج) نتيجة تلك المتغيرات المناخية في النظام السياسي. يرى المخرج أن الهوية المجرية تعرضت - بفعل تلك المتغيرات - إلى الموت وإنها لا تستطيع أن تقاوم تلك المتغيرات المادية نتيجة أطماع أكبر شأنا من قدرة الناس على المقاومة.
مشاهده بسيطة التكوين باستثناء ذلك المشهد الكبير الذي يبدأ بكاميرا على بُعد تصور قدوم مئات المتظاهرين في الليل. تبقى في مكانها والجموع تتقدم صوبها ثم تصاحبهم حالما يدخلون مستشفى (يرمز إلى المؤسسة الحكومية) ويبدأون بمهاجمه المرضى وتحطيم الأثاث والمكاتب بلا هوادة. الكاميرا تتبع من دون توقف أو انقطاع حركة مجنونة مخيفة تلتقط وجوه المرضى الخائفين. يدخل المشهد قائد المسيرة. هناك ستارة بيضاء منصبة في وسط غرفة، يزيحها القائد فيجد رجلا عجوزاً عارياً يرتجف رعباً. ينظر القائد إليه ممعناً، ثم يأمر رجاله فيترك أتباعه كل شيء ويخرجون. تتابعهم الكاميرا من بعيد ثم تلتقط ملامح شخصية لارس رودولف الذي كان مختبئا وراء الباب وقد ساد الرعب وجهه بعدما شاهد نموذجاً لما يستطيع قطيع البشر إنجازه من خراب بدافع من ثورة يبقيها المخرج غامضة السبب.
ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★
ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★