«حديقة المنتقبات» للنساء فقط في دلهي

أثر باق من العهد المغولي.. كان سابقًا استراحة لنساء الأسرة الملكية

الحديقة تأسست على يد ابنة الإمبراطور المغولي شاه جهان في القرن السابع عشر الميلادي
الحديقة تأسست على يد ابنة الإمبراطور المغولي شاه جهان في القرن السابع عشر الميلادي
TT

«حديقة المنتقبات» للنساء فقط في دلهي

الحديقة تأسست على يد ابنة الإمبراطور المغولي شاه جهان في القرن السابع عشر الميلادي
الحديقة تأسست على يد ابنة الإمبراطور المغولي شاه جهان في القرن السابع عشر الميلادي

في مواسم الصيف الملتهبة تخلع راضية وريحانا النقاب بمجرد أن تطأ أقدامهما الحديقة، المسموح فيها بالدخول للنساء والأطفال فقط، في مدينة دلهي الصاخبة والمزدحمة التي يعود تاريخها إلى العصر المغولي.
وربما كانت حديقة المنتقبات، أو «برده باغ» وهو الاسم الشائع لها، هي آخر ما تبقى من بين عدد كبير من الحدائق في دلهي، التي كانت جزءا بارزا من الثقافتين المغولية والراجبوتية (قبيلة من المحاربين الهنود).
ويعد هذا المكان أثرا باقيا إلى الآن من العهد المغولي، وقد كان في ما سبق استراحة لنساء الأسرة الملكية المغولية.
تزين عبارة «للنساء فقط» مدخل حديقة برده باغ، الواقعة في داريا غانج، عند نقطة التقاء دلهي القديمة والجديدة. ووراء أسوار الحديقة، التي يزورها عشرات النساء والأطفال بانتظام تطل الجنة، فهي مكان يمكن فيه للنساء خلع البرقع والحجاب، والاستمتاع بلفحات الهواء البارد المتجدد على أوجههن، وممارسة الرياضة وتجاذب أطراف الحديث مع صديقاتهن.
«نأتي إلى هنا منذ 20 عاما»، تقول ريحانا، التي كانت بصحبة طفليها، وقد خلعت الحجاب، وأطلقت العنان لشعرها.
كما يمارس عدد من النساء رياضة اليوغا. تقول صافيا، وهي معلمة تبلغ من العمر 30 عاما «نمارس اليوغا بينما يلعب الأطفال في الجوار، وليس ثمة خوف من ممارسة بعض أوضاع اليوغا الصعبة، لأن الجميع حولنا هم من النساء. إنني لا أرتدي النقاب، لكني أشعر بالحرية عندما آتي إلى هذا المتنزه البعيد عن منازلنا المكتظة في شوارع دلهي القديمة».
ويقطن دلهي سكان غالبيتهم من المسلمين الذين تدور حياتهم ما بين العمل والمسجد المحلي، كما هو الحال منذ سنوات. ويقال إن الحديقة تأسست على يد ابنة الإمبراطور المغولي شاه جهان في القرن السابع عشر الميلادي، عندما نقل عاصمته من أغرا إلى شاه جهان آباد، دلهي القديمة حاليا.
خصصت جهنارا بيغم، ابنة شاه جهان، العديد من الحدائق للنساء. وفي واقع الأمر كانت حديقة «برده» جزءا من حديقة جديدة جميلة صممتها جهنارا بيغم، وكانت تضم كذلك سراي أو نزلا وأشجار فاكهة من جميع أنحاء العالم. وتتوافر أشجار التمر الهندي والياسمين وغير ذلك من الأشجار الخضراء بكثرة، ويعود تاريخها إلى العصر الذهبي للحديقة.
وشأن أي شيء آخر في شاهان آباد، عاصمة العهد المغولي، والتي يطلق عليها دلهي القديمة الآن، فهناك حكايات كثيرة تروى عن الأميرة الغامضة، جهنارا، وهي حكايات يمكن أن يستمع إليها المرء من كل بائع متجول وكل فقير وكل رجل دين، بل وكل ساكن. وتقول الحكاية إن فكرة بناء الحديقة نشأت عندما كانت جهنارا تسير متخفية في شوارع داريبا كالان، الفضية اللامعة، مع واحد من عشاقها، حيث كانت ترغب في أن تنعم بالخصوصية.
وقبل ذلك، كان معظم المسافرين يجدون ضالتهم في دور الضيافة المملوكة للنبلاء. لكن هذه البيوت كانت صغيرة، وحصرية. ومن ثم أمرت جهنارا ببناء نزل داخل الحديقة. وهي جزء من حديقة أكبر مقسمة بعناية وعليها لافتة تقول إن المكان مخصص فقط للسيدات والأطفال.
يبيع سليمان خان (75 عاما) البراقع في ناحية مينا بازار القريبة، وهي سوق مغولية قديمة تعود لأيام ما قبل التقسيم. وقد كشف خان كيف أنه كان يرى النساء المسلمات من الأسرة الملكية ومن الطبقات العليا، يرفلن في الشادور، ووجوههن مغطاة، وهن يصبغن جمالهن وسحرهن على الحديقة ذات الأسوار الأربعة خلال ساعات النهار، لأنها لم تكن مزودة بإضاءة في فترات المساء.
يقول سليمان خان إن «البرقع لم يكن واسع الانتشار في تلك الأيام، لكن أعدادا كبيرة من النساء والأطفال كانوا يأتون لزيارة الحديقة». وهو يضيف أن والده كان يحكي له أنه كان يستمع لضحكات وغناء السيدات من خارج الحديقة التي كانت تخضع لحراسة مشددة من شرطة الآداب الملكية، التي كانت تعمل على منع دخول أو حتى تسلل العشاق الصغار وأولئك الذين كانوا لا يأبهون لضربات السياط أو السجن.
«وعلى الرغم من أن نظام الحديقة ليس مطبقا بحذافيره الآن، فإن النساء والأطفال من دون شك يحتاجون إلى حديقة خاصة بهم حيث يمكنهم الاستجمام والبقاء بعيدا عن الأعين المتطفلة والمضايقات من العناصر غير الاجتماعية. إنها منطقة للاستجمام وقضاء أوقات الفراغ بالنسبة إلى النساء في العاصمة الوطنية»، بحسب سوباش أريا، عمدة بلدية جنوب دلهي، الذي تقع ضاحية داري غانج لإشرافه. ويضيف أريا أن حديقة «برده باغ»، التي ترمز للحقبة المغولية المجيدة، تخضع لعملية ترميم مستمرة لحفظها من الاندثار. ويقول إن «فكرة حديقة برده باغ كانت موجودة في المجتمعات الإسلامية التقليدية في أنحاء العالم في العصور الحديثة. وخلال العصور الوسطى في الهند جاء التزام السيدات المسلمات بنظام حديقة برده باعتباره جزءا لا يتجزأ من دينهم. ولا سبيل إلى إنكار أن النظام كانت له فائدته في العصور الوسطى عندما كانت الحروب متكررة وكان الغزاة يأخذون كل أقارب الخصوم، وبخاصة، النساء».
وتقول روكسانا طيب، المشاركة في تطوير الحديقة، إن «النساء الذين كانوا يذهبون إلى برده كانوا يحتاجون إلى الهواء المتجدد، ومن ثم كن يستطعن الاستلقاء على العشب أو الركض أو التأرجح، من دون حضور الرجال». وتضيف أن «حضور الرجال كان يعتبر عاملا ذا تأثير مثبط للروح الأنثوية، فلا يمكن لأحد أن يتوقع أن تقوم إحدى الأميرات بالركض أو اللعب أمامهم». وتمضي إلى القول إنه «على الرغم من ذلك فإن هذه أول حديقة من نوعها في دلهي يتم تطويرها بعناية، ويستخدمها المجتمع بشكل مكثف». والحديقة ليست مقصورة على المسلمين، فالنساء من الطوائف الأخرى يستطعن التردد عليها كذلك.
تقول سيما (32 عاما)، وهي سيدة تترد على الحديقة مع أطفالها، إن «الرقعة الخضراء الممتدة للحديقة هي السلوى في هذه الناحية شديدة الازدحام، بحيث يصبح اللون الأخضر ضربا من الرفاهية».
أما فريدة خانوم، أستاذة التاريخ الإسلامي في معهد الدكتور ذاكر حسين للدراسات الإسلامية، فتقول إن الحديقة الوحيدة المخصصة للنساء فقط هي بمثابة إضافة لمدينة دلهي، تستحق الترحيب. وقالت السيدة خانوم إن «هؤلاء النساء ينتمين لخلفية ثقافية ووضع اجتماعي لا يسمحان بالاختلاط مع الرجال، حتى من الناحية الاجتماعية، كما هو الحال بالنسبة إلى النساء من مناطق أخرى بالمدينة». وتضيف أن «فكرتها القائمة على وجود فضاء خاص مختلفة.. لدي اليوم ملاذ من الإحباط والهموم اليومية. أنا آتي إلى هنا وأنسى العالم».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.