جرائم القتل وسرقة السيارات إلى ارتفاع في لبنان

TT
20

جرائم القتل وسرقة السيارات إلى ارتفاع في لبنان

أعادت الجريمة التي شهدتها بلدة الدوير الجنوبية، مطلع الأسبوع، وأدَّت لمقتل شخصين وإصابة خمسة؛ أحدهم في حالة خطرة، الدفع بملف الأمن إلى الواجهة، في ظل الأوضاع الاجتماعية المتردية، والسلاح المتفلّت، الذي تبدو الجهات المعنية عاجزة عن ضبطه.
صحيح أن جريمة الدوير ذات خلفيات فردية بين أفراد من عائلتين، لكن استسهال القاتل توجيه سلاحه باتجاه شخص من الذين توافدوا لحل الإشكال، وتوجيه سبع رصاصات إلى بطنه، يعزز المخاوف من تطورات دراماتيكية، وإن كانت القوى الأمنية نجحت إلى حد بعيد بضبط الوضع الأمني، رغم الأزمة المالية المتفاقمة منذ عامين، التي تنعكس على كل القطاعات وعلى كل نواحي الحياة في لبنان. ويؤكد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، أن الجريمة التي شهدتها الدوير غير مألوفة في الجنوب، ولا شك أنها نتيجة الضغوط التي يتعرض لها اللبنانيون والغضب الذي يرافق يومياتهم، ما يؤدي لانفعالات وردّات فعل غير طبيعية، معتبراً أنه «رغم ذلك يبقى الوضع الأمني ممسوكاً والوضع الاجتماعي متماسكاً». ويعتبر جابر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع الممسوك رغم الانهيار الاجتماعي هو إنجاز للقوى الأمنية اللبنانية التي تكشف مقترفي تسع جرائم من أصل عشر، فيما لا يتجاوز العدد ستّاً في الدول الأوروبية»، لافتاً إلى قيام أجهزة الاستخبارات «بعمل ممتاز، خصوصاً بعد عودة التنسيق فيما بينها». ولا يستبعد جابر أن «تتكاثر الأحداث الأمنية والجرائم ككرة ثلج، في حال استمر الوضع الاقتصادي والمعيشي على ما هو عليه، فتكثر عمليات السرقة والسلب ويزيد عدد قُطَّاع الطرق»، مطمئناً أنه «لا انفلات أو انفجار أمنياً واسع النطاق». من جهتها، تتوقع الدكتورة منى فياض، الأستاذة في علم النفس والناشطة السياسية، أن «تتواصل الانهيارات على كل الصعد، بوقت لا تتخذ السلطات المعنية أي تدابير لوقف هذا الانحدار، مع وصول سعر صفيحة البنزين إلى مستويات غير مسبوقة. أضف إليها المخاوف من انقطاع الخبز». وتعتبر فياض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن كل الاحتمالات تبقى واردة لجهة سلوك الأمور منحى أسوأ، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي ترزح تحتها العناصر الأمنية.
ويصف رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيغما»، رياض قهوجي، الوضع بـ«المتفلّت»، معتبراً أن «القوى الأمنية لا تستطيع سحب السلاح من المواطنين بسبب رفض القيادات الحزبية التي تحمي العديد من العصابات التي تمارس الخوة وتقوم بعمليات التهريب ونشاطات غير شرعية». ويضيف قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «معظم هذه العصابات المسلحة موجودة بعلم الجهات الأمنية التي لا تستطيع الاقتراب منها خوفاً من ردود الفعل السياسية. وبنهاية المطاف الأمن بالتراضي هو خدعة كبيرة تقوض هيبة وجدية دولة القانون. والسلاح غير الشرعي أكبر خطر على السلم الأهلي في لبنان مهما قيل عنه وتعددت حجج وجوده».
وكانت «الشركة الدولية للمعلومات» أفادت، قبل أيام واستناداً إلى تقارير قوى الأمن الداخلي، بأنّ «المؤشرات الأمنية سجلت خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي ارتفاعاً طفيفاً، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2021؛ فقد ارتفعت سرقة السيارات بنسبة 3.2 في المائة وجرائم القتل بنسبة 9 في المائة وجرائم السرقة بنسبة 1.2 في المائة، بينما تراجعت حالات الانتحار بنسبة 7.7 في المائة».
ولفتت إلى أنه «في مقارنة بين شهر مايو (أيار) 2021 - 2022 نتبين ارتفاعاً في جرائم سرقة السيارات بنسبة 19 في المائة، وفي جرائم القتل بنسبة 20 في المائة، بينما تراجعت جرائم السرقة بنسبة 33 في المائة، وحالات الانتحار بنسبة 38.5 في المائة». ويعول لبنان هذا الصيف على قدوم ما يزيد على مليون سائح لضخ نحو أربعة مليارات دولار في اقتصاده المتهالك، وقد تشكل أي هزة أمنية تطوراً كارثياً في هذا المجال. وتؤكد مصادر أمنية لبنانية أن «الوضع الأمني تحت السيطرة، وإن كان هناك بعض الجرائم والأحداث التي تقع هنا وهناك، إلا أن السرعة في ملاحقة المرتكبين وسوقهم إلى العدالة غير مسبوقة»، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «نجاح القوى الأمنية في الحفاظ على الاستقرار في العامين الماضيين رغم كل التحديات أشبه بأعجوبة أمنية، وليس فقط إنجازاً».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

العراق لتصحيح إقامة عمل السوريين

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT
20

العراق لتصحيح إقامة عمل السوريين

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير عراقي إنه بصدد مراجعة الوضع القانوني لإقامة العمال السوريين، بعد تطويق أعمال عنف طالت عدداً منهم في مناطق متفرقة من البلاد.

وأكدت الحكومة العراقية أنها لاحقت المتورطين بأعمال العنف ووصفتها بـ«المشينة»، والتي وقعت بذريعة أن بعض العمال يوالون النظام الجديد في سوريا ورئيسه أحمد الشرع.

وشدد صباح النعمان، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، في بيان صحافي، على أن «السلطات العراقية لن تتهاون مع مرتكبي هذه الأفعال المُشينة، التي وصفها بأنها انتهاك صارخ للقيم الإنسانية والأخلاقية، فضلاً عن مخالفتها للقانون العراقي».

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر تعرض عمال سوريين للعنف من قبل مجموعة ملثمة، ما أثار جدلاً واسعاً.

وقال وزير العمل العراقي أحمد الأسدي، في تصريح متلفز، إن «وجود العمالة السورية غير قانوني في العراق لأن معظمها دخل البلاد عن طريق التهريب أو جاء من إقليم كردستان».

وأوضح الأسدي، أن «سلطات العمل في العراق اتخذت قرارات بتصحيح وضع العمالة الأجنبية في مناسبات عديدة، لكنها لم تشمل السوريين الذين دخلوا البلاد بطريقة قانونية». وأضاف: «هناك تواطؤ في عمل بعض لجان التفتيش مع الشركات التي لديها عمالة أجنبية».

وطبقاً لمعلومات وزير العمل العراقي، فإن معالجة العمالة السورية في العراق تتطلب تدخلاً سياسياً لتصحيح أوضاعهم نتيجة التداخل بين الشقين الإنساني والقانوني.

وقال مراقبون عراقيون إن حوادث العنف المتفرقة التي تعرض لها العمال في العراق كشفت أن عدداً منهم بلا غطاء قانوني، وهو ما يستدعي تحرك البلدين.

ومن المتوقع أن يبحث وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال زيارته المرتقبة إلى بغداد مشكلة الوجود غير القانوني لمئات آلاف السوريين الذين يوجدون في مختلف المدن العراقية، نصفهم في المطاعم.

ولجأ عدد كبير من السوريين إلى إقليم كردستان وانتقل قسم منهم لاحقاً إلى بغداد ومدن أخرى.

ودخل غالبية السوريين إلى الأراضي العراقية بطرق مختلفة دون أوراق رسمية، في حين يوجد عدد محدود منهم لا يتجاوز 20 ألف سوري تقريباً، مسجلون قنصلياً، بينهم 7 آلاف حاصلون على الإقامة العراقية، بحسب تقارير نشرتها سلطات النظام السوري المخلوع، في أكتوبر (تشرين الأول) 2024.

من اليسار وزراء خارجية سوريا أسعد الشيباني والعراق فؤاد حسين والأردن أيمن الصفدي وتركيا هاكان فيدان ولبنان يوسف رجّي بعد اجتماع في عمان يوم 9 مارس 2025 (أ.ف.ب)
من اليسار وزراء خارجية سوريا أسعد الشيباني والعراق فؤاد حسين والأردن أيمن الصفدي وتركيا هاكان فيدان ولبنان يوسف رجّي بعد اجتماع في عمان يوم 9 مارس 2025 (أ.ف.ب)

«أزمة عابرة»

سياسياً، أكد قيادي في تحالف «الإطار التنسيقي» الحاكم، أن الحكومة تجاوزت أزمة عابرة مع الإدارة الجديدة في سوريا، بعد تطويق أعمال عنف محدودة ضد الأشقاء السوريين.

وقال السياسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة العراقية أدانت ما حصل للعاملين السوريين واتخذت بناء على تعليمات صارمة من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني حملة أمنية لملاحقة المعتدين وتقديمهم للعدالة، فضلاً عن تصحيح وضع العمالة السورية في العراق».

وحول زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى العراق التي تأجلت أكثر من مرة، قال السياسي إن «الأجواء كانت ولا تزال مهيأة لإجراء الزيارة لكن التأجيل جاء من الجانب السوري بسبب منشورات معارضة في مواقع التواصل الاجتماعي».

وأوضح السياسي أن «المجال العام في العراق مفتوح لجميع التيارات والمواقف المؤيدة والمعارضة، وهي لا تغير من تحضيرات الحكومة العراقية لتأمين مستلزمات الزيارة، التي نأمل أن تكون قريبة، ومن المفترض أنها لا تؤثر على قرارات الحكومة السورية».

وقال السياسي: «العراق مقبل على استضافة القمة العربية الدورية خلال شهر مايو (أيار)، الأمر الذي يتطلب توفير الأجواء المناسبة لعقد هذه القمة، وسط حضور عربي مميز يشمل جميع القادة، بمن فيهم الرئيس السوري أحمد الشرع».

وتصاعدت لهجة عدائية تجاه الإدارة السورية الجديدة بين أوساط التحالف الشيعي الحاكم، رغم أن الحكومة تحاول الحفاظ على سياسة معتدلة مع دمشق.