تحالف المعارضة السودانية يكمل مسودة الحوار مع العسكريين

تفاؤل شعبي حذر... وترقب قلق لنهاية الأزمة السياسية

من احتجاجات السودانيين وسط الخرطوم (أ.ب)
من احتجاجات السودانيين وسط الخرطوم (أ.ب)
TT

تحالف المعارضة السودانية يكمل مسودة الحوار مع العسكريين

من احتجاجات السودانيين وسط الخرطوم (أ.ب)
من احتجاجات السودانيين وسط الخرطوم (أ.ب)

تسود السودان حالة من التفاؤل الحذر بقرب وصول الفرقاء المدنيين والعسكريين لاتفاق، يحتمل أن ينهي الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية الطاحنة، التي تعيشها البلاد منذ انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذلك على خلفية الحوار الذي يجري بين تحالف المعارضة الرئيسي «الحرية والتغيير» والمكون العسكري، والذي ينتظر التوصل من خلاله إلى رؤية تعيد البلاد إلى مسار الانتقال الديمقراطي.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر متطابقة أن اللجنة المكلفة من قبل تحالف قوى إعلان «الحرية والتغيير» فرغت من إعداد «مسودة رؤية لإنهاء الانقلاب»، ينتظر أن يتم التوافق عليها في اجتماع المجلس المركزي للتحالف مساء أمس، قبل تقديمها للجنة المكونة من قبل المكون العسكري في مجلس السيادة الانتقالي، وذلك للتباحث بشأن إجراءات استعادة الانتقال الديمقراطي.
وأفلحت مبادرة أميركية - سعودية مشتركة في إنهاء القطيعة بين تحالف المعارضة الرئيسي، الممثل في «قوى إعلان الحرية والتغيير»، والمكون العسكري، ونتج عن ذلك «اجتماع الخميس» الشهير بين الطرفين في منزل السفير السعودي، علي بن حسن جعفر بحضوره، وحضور مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية مولي في.
وعقد الطرفان جلسة حوار غير رسمية، قالت قوى إعلان الحرية والتغيير عقبها إن الطرف العسكري اعترف بالأزمة، ولمح إلى استعداده لحلّها، فيما طلبت المسؤولة الأميركية من العسكريين تسليم السلطة للمدنيين، ورهنت استئناف المساعدات للسودان بتكوين حكومة مدنية ذات مصداقية.
واستجاب الطرفان لطلب السفير السعودي بتسمية عنصري اتصال من كل طرف لمتابعة سير المفاوضات؛ حيث سمى المكون العسكري الفريق أول، شمس الدين كباشي، عضو مجلس السيادة الانتقالي ممثلاً له، فيما سمى تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المحامي طه عثمان، عضو سكرتارية تجمع المهنيين ممثلاً له.
ونقلت مصادر صحافية أمس أن الرجلين عقدا اجتماعاً ليلة الاثنين، بحثا خلاله نقاطاً تشكل موضع جدل بين الطرفين، وذلك قبل تسليم «الحرية والتغيير» لرؤيتها لحل الأزمة إلى المكون العسكري للتباحث حولها.
وأثار قبول «الحرية والتغيير» التفاوض مع العسكريين موجة من التفاؤل وسط قطاع واسع من المواطنين الذين اكتووا بنيران الأزمة، وظل بعضهم يتساءل عن المدة الزمنية التي يمكن تنتهي فيها الأزمة وتعود المدنية، فيما شنّ مناوئون للحوار مع العسكريين، ويمثلهم «الحزب الشيوعي» وبعض لجان المقاومة، إضافة إلى المنتمين لنظام الإسلاميين المعزول، هجوماً عنيفاً على قوى إعلان الحرية والتغيير، واعتبروها «قوى هبوط ناعم»، كما اتهموها بالاتجار بدم الثوار من أجل العودة لكراسي الحكم التي فقدوها، وأنها ترتكب خطأ «تجريب المجرب».
وأعلنت قوى إعلان الحرية في أكثر من منبر أنها لا ترغب في شراكة جديدة مع العسكريين، مثيلة للشراكة التي أفرزتها الوثيقة الدستورية، ونتجت عنها حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، وأنها لا ترغب في العودة للحكم، موضحة أن هدفها من الجلوس إلى العسكريين هو «استعادة الحكم المدني»، وتكوين حكومة انتقالية من كفاءات مهنية، تقود البلاد في مرحلة الانتقال وصولاً لانتخابات حرة نزيهة.
من جهة أخرى، تواصلت الاحتجاجات الشعبية المطالبة باستعادة الحكم المدني، والثأر لـ«الشهداء» ومحاسبة رموز نظام الإسلاميين؛ حيث شهد عدد من أحياء الخرطوم حملات «تتريس للشوارع» استمرت منذ يومين في عدد من أحياء الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، واستخدمت الشرطة فيها الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
ومنذ 25 أكتوبر الماضي، تعيش البلاد حالة من اللا استقرار، نتجت عنها أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية طاحنة، أدت لفشل العسكريين في تكوين حكومة وتسمية رئيس وزراء، فيما ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وتضاعفت معها أسعار السلع والخدمات أضعاف المرات، وحدث شحّ في حصيلة البنك المركزي من النقد الأجنبي بسبب وقف المساعدات الدولية الداعمة للانتقال في السودان، مع تردي مريع في الأمن، بما في ذلك العاصمة الخرطوم ومدن البلاد الأخرى، وعلى وجه الخصوص في إقليم دارفور، الذي شهد مقتل العشرات في نزاعات محلية، اتهمت قوات نظامية بالضلوع فيها.
واستخدمت الأجهزة الأمنية عنفاً مفرطاً تجاه المتظاهرين السلميين، أدى لمقتل 101 متظاهر وإصابة أكثر من 4 آلاف، معظمهم بالرصاص الحي أو الرصاص المتشظي، أو توجيه مقذوفات الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لأجساد المحتجين مباشرة، مع حدوث حالات عنف جنسي واعتقالات شملت المئات. بيد أن الاحتجاجات لم تتوقف طوال الثمانية أشهر الماضية، وأفلحت في أكثر من مرة في الوصول للقصر الرئاسي.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.