روسيا تتأهب لحسم «معركة سيفيرودونيتسك»... وتكثّف ضرباتها ضد «الأسلحة الغربية»

حذرت من الدعوات لتأجيج «مواجهة نووية»... وأكدت أن الحوار مع واشنطن «في مأزق»

منزل مدمر بالكامل بفعل القصف في بلدة ليسيشانسك بشرق أوكرانيا أمس (أ.ف.ب)
منزل مدمر بالكامل بفعل القصف في بلدة ليسيشانسك بشرق أوكرانيا أمس (أ.ف.ب)
TT

روسيا تتأهب لحسم «معركة سيفيرودونيتسك»... وتكثّف ضرباتها ضد «الأسلحة الغربية»

منزل مدمر بالكامل بفعل القصف في بلدة ليسيشانسك بشرق أوكرانيا أمس (أ.ف.ب)
منزل مدمر بالكامل بفعل القصف في بلدة ليسيشانسك بشرق أوكرانيا أمس (أ.ف.ب)

نجح الانفصاليون الموالون لروسيا في تحقيق تقدم ملموس أمس، في سيفيرودونيتسك، المدينة الاستراتيجية الواقعة في إقليم لوغانسك بشرق أوكرانيا والتي تشهد مواجهات ضارية منذ أسابيع. وأقرت رئاسة الأركان الأوكرانية بأن القوات المدعومة بغطاء ناري روسي ووحدات من المتطوعين تمكنت من إبعاد الجيش الأوكراني من وسط المدينة، في حين بدا أن مئات الجنود المحاصرين في مجمع ازوت الصناعي يستعدون لتسوية تضمن خروجهم من المصنع الذي بات واحدا من آخر معاقل المقاومة الأوكرانية في المدينة.
وأفاد الجيش الأوكراني في إحاطة إعلامية صباح أمس، بأن «العدو شن بدعم مدفعي هجوماً على سيفيرودونيتسك فحقق نجاحاً جزئياً وطرد وحداتنا من وسط المدينة»، مؤكداً أن المعارك «متواصلة». وتعد سيفيرودونيتسك آخر المدن الرئيسية في لوغانسك التي لم تحكم موسكو بعد سيطرتها عليها بشكل كامل.
وكان حاكم منطقة لوغانسك، الأوكراني سيرغي غايداي، أعلن أول من أمس، أن القوات الروسية عزلت سيفيرودونيتسك كلياً بمنع عبور أي رجال أو ذخائر، وقال إن  روسيا تستخدم كل قدراتها لـ«الاستيلاء على المدينة خلال 48 ساعة». ووصف الوضع فيها بأنه «في غاية الصعوبة».
من جهته، أكد قائد الجيش الأوكراني فاليري زالوجني أن «كل متر من الأرض... مكسو بالدماء، لكن ليس بدمائنا فقط، بل كذلك بدماء المحتل». ولفت إلى أن روسيا «تستخدم المدفعية على نطاق واسع وللأسف لديها تفوق بنسبة عشرة مدافع مقابل واحد».
وتفتح السيطرة على سيفيرودونيتسك لموسكو الطريق نحو مدينة كبرى أخرى في دونباس هي كراماتورسك، ما سيشكل محطة تقرب روسيا من تحقيق هدف السيطرة الكاملة على هذه المنطقة الغنية بالمناجم.
وتزامنت هذه التطورات مع إعلان سفير لوغانسك لدى روسيا روديون ميروشنيك أن المدنيين بدأوا مغادرة مصنع أزوت في سيفيرودونيتسك. وكتب ميروشنيك في منشور على قناته عبر «تيليغرام»: «بدأ المدنيون بمغادرة مصنع آزوت عبر الحاجز الثاني لجمعية آزوت الكيماوية الذي لا يخضع لسيطرة التشكيلات المسلحة الأوكرانية». وأشار إلى أنه «يجري استقبالهم ونقلهم إلى مكان آمن». ولفت إلى أن عناصر التشكيلات المسلحة الأوكرانية المتبقية تتمركز في عدد من الأبنية بمنطقة البوابة الأولى، وتندلع اشتباكات معها من حين لآخر. وأكد أن المحاصرين «ما زالوا يحتجزون مئات المدنيين كرهائن، ومع تضييق البقعة التي تتم محاصرتهم بها سيتمكن المدنيون من المغادرة».
وسبق ذلك إعلان وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية نقلا عن مصادر مطلعة بأن المسلحين الأوكرانيين المحاصرين في مصنع آزوت قدموا اقتراحا بالإفراج عنهم وتأمين خروجهم مع الرهائن. وقال المصدر: «لقد دخلوا في مفاوضات معنا، وشرطهم هو إطلاق سراحهم إلى ليسيتشانسك المجاورة مع رهائن مدنيين. بالطبع، هذا لا يناسبنا»، مضيفا أن هناك حوالي ثلاثمائة مقاتل وأكثر من ألف مدني، منوها بأن كل سبل الخروج المحتمل للمتطرفين مسدودة.
وكان ميروشنيك، أعلن أن «مطالب المتطرفين من آزوت بالخروج غير مقبولة»، وأشار إلى أن المسلحين «يضمن لهم البقاء أحياء في حال أطلقوا سراح الرهائن وألقوا أسلحتهم».
في غضون ذلك، أعلنت موسكو أن قوات لوغانسك نجحت أيضا في السيطرة على منطقتين جديدتين على أطراف الإقليم الانفصالي. وأفاد بيان عسكري بأن «قوات جمهورية لوغانسك التي شنت هجوما على مدينة باخموت، سيطرت على منطقتين مأهولتين بالسكان وهما فيدروجينيا وميدنايا غورا، فيما تستمر المعارك للسيطرة على منطقة روتي».
وتتقدم قوات الانفصاليين من دونيتسك ولوغانسك في وقت واحد من اتجاهين، الأول من سفيتلودارسك من دونيتسك والآخر من بوباسنايا في لوغانسك، بمساندة المدفعية الروسية التي تضرب مواقع القوات الأوكرانية.
 في الأثناء، أعلنت موسكو أن دونيتسك المجاورة تعرضت لضربات المدفعية الأوكرانية أمس، وقالت إن 3 أشخاص على الأقل قتلوا بينهم امرأة وطفل وأصيب 4 آخرون جراء قصف القوات الأوكرانية سوقا مزدحمة وسط دونيتسك أمس. وقال المركز المشترك للمراقبة والتنسيق إن القوات الأوكرانية أطلقت 5 صواريخ غراد على منطقة كويبيشيفسكي في دونيتسك.
 من جانبه، أفاد عمدة دونيتسك، أليكسي كوليمزين، بأنه بسبب قصف القوات الأوكرانية لمنطقة كييفسكي بالمدينة، اشتعلت النيران في خط أنابيب غاز، كما تضرر أحد المشافي.  على صعيد متصل، أفادت وزارة الدفاع الروسية في إيجاز يومي، بأن القوات الجوية تمكنت من استهداف وتدمير كميات كبيرة من الأسلحة الأوروبية والأميركية التي تم تسليمها إلى كييف، بقصف صاروخي في منطقة دونيتسك. وقال الناطق العسكري إيغور كوناشينكوف، إن الطيران العملياتي والتكتيكي استهدف خلال اليوم الماضي، موقع قيادة للجيش الأوكراني، ومحطة رادار لنظام الصواريخ المضادة للطائرات بالقرب من دونيتسك، بالإضافة إلى 63 نقطة تتمركز فيها القوات الأوكرانية والمعدات العسكرية.
 كذلك أسفرت الضربات الجوية وفقا للناطق العسكري عن «مقتل أكثر من 120 عنصرا من القوميين المتطرفين، وتدمير دبابتين وسبع قطع مدفعية ميدانية». وأكد كوناشينكوف أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية أسقطت 8 طائرات بدون طيار في مقاطعة نيكولايف، ومقاطعة خاركوف، بما في ذلك طائرات من طراز «بيرقدار». ووفقا لبيانات وزارة الدفاع الروسية، أسفرت العمليات العسكرية في أوكرانيا منذ انطلاقها عن تدمير 201 طائرة، 130 طائرة هليكوبتر، 1196 طائرة مسيرة، 338 وحدة من أنظمة الصواريخ مضاد للطائرات، 3525 دبابة ومركبات قتالية مصفحة أخرى، 515 قاذفة صواريخ متعددة، 1933 مدفعية ميدانية، بالإضافة إلى 3583 وحدة من الآليات العسكرية الخاصة. على صعيد آخر، حذر برلمانيون روس أمس، مما وصفوه «دعوات لتأجيج حرب نووية في أوروبا» على خلفية دعوات سياسيين في بولندا لتزويد أوكرانيا بأسلحة نووية. وقال رئيس مجلس الدوما (النواب) الروسي، فياتشيسلاف فولودين، إن دعوة وزير الخارجية البولندي السابق وعضو البرلمان الأوروبي الحالي رادوسلاف سيكورسكي، إلى تزويد كييف بتقنيات نووية تعكس خطورة مساعي «بعض السياسيين الأوروبيين إلى استفزاز صراع نووي في القارة الأوروبية». وأضاف أنه «بسبب مثل هؤلاء الأشخاص، من الضروري ليس فقط تحرير أوكرانيا من الأيديولوجية النازية، ولكن أيضا ضمان وضع البلاد غير النووي». وكان سيكورسكي قال إن «كييف تخلت عن إمكاناتها النووية بعد توقيع مذكرة بودابست في عام 1994... أعتقد أننا، سيكون لنا الحق في منح أوكرانيا رؤوسا نووية حتى تتمكن من حماية استقلالها».
بدوره، قال فلاديمير جباروف النائب الأول لرئيس اللجنة الدولية لمجلس الاتحاد الروسي (الشيوخ) إن التصريحات حول إمكانية نقل الأسلحة النووية إلى أوكرانيا «تتجاوز الواقع وتدل على اضطرابات عقلية». وزاد أنه «لا يحق لأي سياسي الإدلاء بمثل هذه التصريحات». وتابع جباروف بأن «هناك اتفاقا على عدم انتشار الأسلحة النووية. يجب على العالم أن يفهم ما الذي يهدده عندما تقع هذه الأسلحة في أيدي سياسيين غير مؤهلين» وأضاف أن «الغرب غض الطرف مرارا عن الوفاء بالتزاماته بما في ذلك في مجالات التعاون الدولي، لكننا الآن نتحدث عن الأمن الجماعي، وهو أمر مهم بنفس القدر للجميع».
في السياق، لفت السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنطونوف إلى أن قنوات الحوار بين موسكو وواشنطن باتت في «أسوأ مراحلها»، وقال خلال حفل أقيم بالسفارة الروسية بمناسبة العيد الوطني لروسيا الذي صادف الأحد، إن الحوار السياسي بين روسيا والولايات المتحدة «وصل إلى مأزق». وأكد السفير أن «روسيا منفتحة على التعامل الدبلوماسي المبني على أساس الاحترام المتبادل والمساواة، وخاصة الآن عندما يواجه العالم مثل هذا العدد الكبير من التحديات التي تتطلب الردود المنسقة من جانب المجتمع الدولي بأسره».


مقالات ذات صلة

قديروف: هجوم مسيّرة أطلقتها أوكرانيا يسقط مدنيين في عاصمة الشيشان

أوروبا رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف (رويترز)

قديروف: هجوم مسيّرة أطلقتها أوكرانيا يسقط مدنيين في عاصمة الشيشان

نقلت «وكالة الإعلام الروسية» عن رمضان قديروف رئيس الشيشان قوله اليوم الأربعاء إن طائرة مسيّرة أطلقتها أوكرانيا هاجمت العاصمة غروزني وتسببت في سقوط مدنيين.

«الشرق الأوسط» (غروزني)
أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (رويترز)

«الناتو» يدعو الغرب لتوفير «دعم كافٍ» لأوكرانيا لـ«تغيير مسار» الحرب

حضّ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، الأربعاء، أعضاء الناتو على تزويد أوكرانيا بما يكفي من أسلحة لـ«تغيير مسار» الحرب.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
TT

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

تم اختيار مراقب من الأمم المتحدة لقيادة تحقيق خارجي في مزاعم سوء سلوك جنسي ضد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وفقا لما علمته وكالة أسوشيتد برس أمس الثلاثاء.

ومن المرجح أن يثير هذا القرار مخاوف تتعلق بتضارب المصالح نظرا لعمل زوجة المدعي العام السابق في الهيئة الرقابية.

وقدم خان تحديثات حول التحقيقات الحساسة سياسيا التي تجريها المحكمة في جرائم حرب وفظائع في أوكرانيا وغزة وفنزويلا، وغيرها من مناطق النزاع خلال اجتماع المؤسسة السنوي هذا الأسبوع في لاهاي بهولندا. لكن الاتهامات ضد خان خيمت على اجتماع الدول الأعضاء الـ124 في المحكمة الجنائية الدولية.

فقد كشف تحقيق لوكالة أسوشيتد برس في أكتوبر (تشرين الأول) أنه بينما كان خان يعد أمر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو، كان يواجه في الوقت ذاته اتهامات داخلية بمحاولة الضغط على إحدى مساعداته لإقامة علاقة جنسية معها، واتهامات بأنه تحرش بها ضد إرادتها على مدار عدة أشهر.

وفي اجتماع هذا الأسبوع، قالت بايفي كاوكرانتا، الدبلوماسية الفنلندية التي تترأس حاليا الهيئة الرقابية للمحكمة الجنائية الدولية، للمندوبين إنها استقرت على اختيار مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، حسبما أفاد دبلوماسيان لوكالة أسوشيتد برس طلبا عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة المحادثات المغلقة.

وأعربت منظمتان حقوقيتان مرموقتان الشهر الماضي عن قلقهما بشأن احتمال اختيار الأمم المتحدة لهذا التحقيق بسبب عمل زوجة خان، وهي محامية بارزة في حقوق الإنسان، في الوكالة في كينيا بين عامي 2019 و2020 للتحقيق في

حالات التحرش الجنسي. وقال الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومبادرات النساء من أجل العدالة القائمة على النوع، في بيان مشترك إنه يجب أن يتم تعليق عمل خان أثناء إجراء التحقيق، ودعتا إلى «التدقيق الشامل في الجهة أو الهيئة المختارة للتحقيق لضمان عدم تضارب المصالح وامتلاكها الخبرة المثبتة».

وأضافت المنظمتان أن «العلاقة الوثيقة» بين خان والوكالة التابعة للأمم المتحدة تتطلب مزيدا من التدقيق. وقالت المنظمتان: «نوصي بشدة بضمان معالجة هذه المخاوف بشكل علني وشفاف قبل تكليف مكتب الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة بالتحقيق».