بوركينا فاسو: قتلى مدنيون في هجمات مسلحة شمالي البلاد

خمسة قتلى بهجوم «إرهابي» في مالي

رجل يحمل صورة الجنرال بول هنري سانداوغو داميبا الذي يعدّ المسألة الأمنية «أولوية» لمواجهة هجمات المتطرفين بعد أن تولى زمام بوركينا فاسو منذ يناير 2022 (أ.ب)
رجل يحمل صورة الجنرال بول هنري سانداوغو داميبا الذي يعدّ المسألة الأمنية «أولوية» لمواجهة هجمات المتطرفين بعد أن تولى زمام بوركينا فاسو منذ يناير 2022 (أ.ب)
TT

بوركينا فاسو: قتلى مدنيون في هجمات مسلحة شمالي البلاد

رجل يحمل صورة الجنرال بول هنري سانداوغو داميبا الذي يعدّ المسألة الأمنية «أولوية» لمواجهة هجمات المتطرفين بعد أن تولى زمام بوركينا فاسو منذ يناير 2022 (أ.ب)
رجل يحمل صورة الجنرال بول هنري سانداوغو داميبا الذي يعدّ المسألة الأمنية «أولوية» لمواجهة هجمات المتطرفين بعد أن تولى زمام بوركينا فاسو منذ يناير 2022 (أ.ب)

قُتل ستة أشخاص على الأقل في شمال بوركينا فاسو في هجمات عدة نُسبت إلى جهاديين، وفق ما قالت مصادر عسكرية ومحلية لوكالة الصحافة الفرنسية أول من أمس. وقال مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «هجوماً إرهابياً أودى بستة مدنيين في ألغا»، وهي بلدة تقع في محافظة بام.
وأوضح أحد السكان الذي اتصلت به وكالة الصحافة الفرنسية، أن «الإرهابيين جاءوا بأعداد كبيرة وهاجموا قرية بولونغا وموقع التنقيب عن الذهب في ألغا»، اللذين تفصل بينهما مسافة كيلومتر واحد. وأكد حصيلة القتلى نفسها. وقال «أحرقوا منازل ونهبوا ممتلكات في موقع التنقيب عن الذهب»، متحدثاً أيضاً عن «إصابة أربعة أشخاص على الأقل».
وأكد المصدر نفسه، أن سكاناً غادروا القرية، متوجهين إلى مدينة كايا الكبرى على بعد نحو مائة كيلومتر. وأفاد مصدر أمني ثانٍ بأن «هجوماً دامياً» آخر وقع أيضاً ليلة أول من أمس في سيتينغا في شمال البلاد أيضاً، قرب حدود النيجر. وأشار المصدر إلى أنّ الهجوم أسفر عن «عدد من الضحايا» من دون تحديد حصيلة دقيقة.
كذلك، فر سكان سيتينغا إلى دوري، المدينة الكبيرة الأخرى في شمال بوركينا فاسو.
وأكد مسؤول محلي منتخب في دوري «وصول أكثر من ألفي شخص إلى المدينة»، موضحاً أن «السلطات والمواطنين يعملون على إنشاء مركز استقبال للنازحين».
وقتل 11 من عناصر الدرك في هجوم نفذه جهاديون مفترضون على مركز للدرك في شمال بوركينا فاسو قرب الحدود مع النيجر.
وتشهد بوركينا فاسو، ولا سيما مناطقها الشمالية والشرقية، هجمات جهادية متكررة منذ عام 2015 تشنّها حركات تابعة لتنظيمي «القاعدة» و«داعش» خلّفت أكثر من ألفي قتيل و1.9 مليون نازح. وجعل الرجل القوي الجديد للبلاد الجنرال بول هنري سانداوغو داميبا المسألة الأمنية «أولوية» بعد إطاحته الرئيس روك مارك كريستيان كابوري في نهاية يناير (كانون الثاني) بذريعة عدم فاعلية نهجه في مواجهة العنف الجهادي. وبعد فترة هدوء نسبي إثر توليه السلطة، يواجه داميبا تصعيداً في الهجمات من الجماعات المسلحة أودت بأكثر من 200 مدني وعسكري منذ منتصف مارس (آذار).
وفي باماكو، قُتل خمسة أشخاص على الأقلّ، بينهم عناصر في الجمارك ومدنيّون، في جنوب شرقي مالي، خلال «هجوم إرهابي» استهدف نقطة جمركيّة، بحسب ما قال مسؤول محلّي ومصدر عسكري لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال المسؤول المحلّي «وقع اليوم هجوم إرهابي عند مركز أمني بالقرب من كوتيالا. قُتِل خمسة أشخاص على الأقل هم عناصر في الجمارك ومدنيون».
لكنّ المصدر العسكري قال لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «هجوماً إرهابياً تسبب في مقتل سبعة مدنيين وعناصر جمارك على حاجز كوتيالا».
وأشار المصدر العسكري إلى أن «الأعداء تكبدوا خسائر أيضاً، والوضع تحت السيطرة حالياً». وأجرى الجيش المالي عملية بحث في منطقة كوتيالا، قرب الحدود مع بوركينا فاسو التي تشهد أعمال عنف تُنسَب إلى جهاديين. وكانت مالي، الدولة الفقيرة في منطقة الساحل، مسرحاً لانقلابين عسكريين في أغسطس (آب) 2020 ومايو (أيار) 2021. وتترافق الأزمة السياسية في هذا البلد مع أزمة أمنية خطيرة مستمرة منذ 2012 واندلاع تمرد لانفصاليين وجهاديين في الشمال.


مقالات ذات صلة

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

شؤون إقليمية صمت إردوغان تجاه الحوار مع أوجلان يعرضه لضغوط المعارضة (الرئاسة التركية)

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضغوطاً من المعارضة لتوضيح موقفه من الاتصالات مع زعيم حزب «العمال» الكردستاني عبد الله أوجلان في مسعى لحل المشكلة الكردية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع زيارة رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

يأتي الهجوم في وقت يصعّد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟