الرقمنة تغيّر العالم... من القطارات الآلية إلى إنتاج اللقاحات

تطويرات «سيمنز» تحدد ملامح العصر الجديد

الرقمنة تغيّر العالم... من القطارات الآلية إلى إنتاج اللقاحات
TT

الرقمنة تغيّر العالم... من القطارات الآلية إلى إنتاج اللقاحات

الرقمنة تغيّر العالم... من القطارات الآلية إلى إنتاج اللقاحات

اشتهرت شركة «سيمنز» الألمانية بتطويرها للقطار الآلي الأوّل في العالم الذي أدار محرّكاته للمرّة الأولى في هامبورغ الألمانية، في أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وعلى عكس القطارات الأحادية الخطّ الموجودة في المطارات، أو خطوط المترو الآلية القليلة المتوافرة حول العالم –التي تعمل على مساراتها الخاصّة فقط– يشارك قطار هامبورغ الآلي مساراته مع قطارات تقليدية يقودها بشر. ويناور هذا القطار الأوّل من نوعه في زحمة سكّة الحديد ويلتزم بجدول مواعيد القطارات بالثانية، ويعمل بطريقة أكثر فاعلية على صعيد الطاقة.
يستطيع «إس - بان» الرقمي، الذي طُوّر في إطار مشروع مشترك بين شركتي «سيمنز» و«دويتشه بان» ومدينة هامبورغ، أن يقلّ ركّاباً أكثر بمعدّل 30% من القطارات التقليدية، ويسهم في نفس الوقت بخفض استهلاك الطاقة بمعدّل 30%.
يرتكز نجاح هذا القطار الآلي على عنصرٍ واحد أساسي هو الرقمنة التي تعتمد على ما يُسمّى «نظام تشغيل آلي للقطارات»، بالإضافة إلى كومبيوتر يتلقّى معلومات مستمرّة حول أوقات العمل، وأوامر الإشارة، والحدود القصوى للسرعة من أجهزة الاستشعار وعلب الإشارة.
يشكّل هذا الاستخدام للرقمنة مثالاً واحداً فقط على العمل الرقمي الذي تقوم به شركة «سيمنز» اليوم، ويعدّ قطار «إس - بان» واحداً من ابتكارات جديدة كثيرة شاركت بها «سيمنز» في «جوائز أفكار تغيّر العالم 2022» الذي تنظّمه مجلّة «فاست كومباني»، وأسهمت بفوزها بجائزة «الشركة التي تغيّر العالم» لهذا العام.
تتعدّى الرقمنة التي تعمل «سيمنز» على تعميمها صناعة النقل، لتشمل مجال نوعية الهواء في الأماكن المقفلة في أنظمة إدارة المباني، ومجال العناية الصحية حول العالم من إنتاج اللقاحات إلى صناعة الأجهزة الطبية.
تعمل الشركة الألمانية حالياً في إنتاج برامج رقمية للقاحات، وفازت بجهودها الرقمية في فئة الاستجابة للجائحة بعد مساعدتها لشركة «بايونتك» المنتجة للقاح «كورونا» التجريبي على تحويل منشأتها في ماربورغ الألمانية إلى مصنع لإنتاج لقاحات الحمض الريبي المرسال المضادّة لـ«كوفيد - 19».
وعملت «سيمنز» أيضاً على مشروعٍ آخر يهدف إلى الحفاظ على صحّة المباني سمته «دايناميك فاف أوبتيمايزيشن»، وهو عبارة عن برنامج رقمي يستخدم التعلّم الآلي والذكاء الصناعي للتحكّم بأنظمة التدفئة والتبريد بما يتناسب مع أولويات المباني –سواء لتقليل انتقال الفيروس أو خفض استخدام الطاقة. فقد أظهرت الجائحة أهمية نوعية الهواء في الأماكن المقفلة عندما يتعلّق الأمر بانتقال الفيروس، وسلّطت أزمة المناخ الضوء على التأثير البيئي لمبانينا: إذ تسهم العمليات التشغيلية في المباني، كالكهرباء وأنظمة التدفئة والتبريد، في نحو 28% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وتزعم «سيمنز» أنّ استخدام المبنى لهذه التقنية من شأنه أن يطبّق أفضل مستوى من التهوية، ودرجة الحرارة، وضوابط الرطوبة، للحفاظ على سلامة واستدامة البيئات الداخلية في المدارس والمكاتب.

- «فاست كومباني»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

بدء تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن في السعودية

الاقتصاد مقر هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية في الرياض (الموقع الإلكتروني)

بدء تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن في السعودية

بدأ تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن للهواتف المتنقلة والأجهزة الإلكترونية في السوق، لتكون من نوع «USB Type - C».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

كشف تقرير دولي عن عدد من التحديات التي قد تواجه الاقتصاد الرقمي في العام المقبل 2025، والتي تتضمن الابتكار الأخلاقي، والوصول العادل إلى التكنولوجيا، والفجوة…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا تتميز سمكة «موبولا راي» بهيكلها العظمي الغضروفي وأجنحتها الضخمة ما يسمح لها بالانزلاق بسهولة في الماء (أدوبي)

سمكة تلهم باحثين لتطوير نموذج مرشّح مياه صناعي!

طريقة تغذية سمكة «موبولا راي» تدفع باحثي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتطوير أنظمة ترشيح فعالة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)

السعودية تسجل 44 % انخفاضاً في الهجمات الإلكترونية حتى نوفمبر مقارنة بـ2023

تواجه السعودية التحديات السيبرانية باستراتيجيات متقدمة مع معالجة حماية البيانات وأمن السحابة وفجوات مواهب الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)

خاص كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تشكيل الأمن السيبراني في 2025؟

«بالو ألتو نتوركس» تشرح لـ«الشرق الأوسط» تأثير المنصات الموحدة والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية على مستقبل الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر
TT

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

تلتمع «بارفيه» السمّان (وهي لحم مسحون لطير السمّان) على صحني، مقترنة بقرص من الذرة المقلية. وللوهلة الأول، يبدو هذا كنوع من طعام العشاء الفاخر الذي ستجده في العديد من المطاعم الراقية: عجينة غنية وردية مغطاة بالفلفل المخلل، وزهرة صالحة للأكل، ولمحة من الكوتيجا (الجبن المكسيكي المعتّق).

لحم طير مختبري

ولكن العرض التقليدي لهذا اللحم يحجب حقيقة أعمق، فهذه الوجبة غير تقليدية، بل وراديكالية. ومن بعض النواحي، تختلف عن أي شيء شهده العالم في أي وقت مضى.

لم تُصنع عجينة اللحم الموجودة على طبقي بالطريقة التقليدية مع كبد الإوزّ. لقد تمت زراعة اللحم من خلايا النسيج الضام لجنين السمان الياباني الذي تم حصاده منذ سنوات، وتم تحفيزه وراثياً على التكاثر إلى الأبد في المختبر. وقد قُدم لي هذا الطبق في فعالية «أسبوع المناخ» في نيويورك من قبل جو تيرنر، المدير المالي في شركة «فاو» الأسترالية الناشئة للتكنولوجيا الحيوية.

إن تسمية السمان «اللحم المستزرع في المختبرات» تعد تسمية خاطئة. فهذه النسخة الشبيهة بالهلام من السمان كانت تُزرع في مصنع حقيقي للحوم الخلوية، وهو الأول والأكبر من نوعه. وعلى وجه التحديد زرعت في خزان طوله 30 قدماً، وسعته 15 ألف لتر في مصنع «فاو» في سيدني، حيث، حتى كتابة هذه السطور، يمكن للشركة إنتاج 2000 رطل (الرطل 152 غراماً تقريباً) من السمان كل شهر.

وهذه كمية ضئيلة مقارنة بالكميات المتوفرة في مرافق اللحوم التقليدية، لكنها تمثل خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة إلى التكنولوجيا التي - على مدى العقد الماضي - أسست سمعتها بالكامل تقريباً على تقديم قطع صغيرة شهية في جلسات التذوق الصحفية الفردية.

نجاحات وإخفاقات

وقد بدأت «فاو» للتو أعمالها هذه مع ما يقرب من 50 مليون دولار من تمويل شركات أخرى مثل «بلاكبيرد فينشرز»، و«بروسبيرتي 7»، و«تويوتا فينشرز» (التي رعت فاعلية أسبوع المناخ). وقامت الشركة حديثاً بتركيب مفاعل بيولوجي كبير آخر سعته 20 ألف لتر هذه المرة، أكبر بنسبة 33 في المائة من الأول. ومع تشغيل المفاعلين على الإنترنت، تُقدر الشركة أنها سوف تنتج قريباً 100 طن من السمان المستزرع كل عام.

قد يبدو كل ذلك متناقضاً مع التقارير السابقة، إذ وصف مقال استقصائي نشرته أخيرا صحيفة «نيويورك تايمز» كيف أن قطاع اللحوم المستزرعة الناشئ قد خرج عن مساره بسبب العقبات الاقتصادية والتقنية، رغم سنوات من الضجيج، وسلسلة من الموافقات التنظيمية البارزة، و3 مليارات دولار من الاستثمار.

جمعت شركة «أب سايد فودز»، ومقرها في بيركلي، بولاية كاليفورنيا، أكثر من 600 مليون دولار لتقييم نموذج لشريحة دجاج تبين أنها يمكنها أن تصنعه يدوياً فقط في أنابيب اختبار صغيرة، في حين أن محاولة شركة «إيت جاست»، ومقرها في كاليفورنيا لبناء مصنع للحوم أكبر 50 مرة من مصنع «فاو» انتهت بدعاوى قضائية ومشاكل مالية والقليل للغاية من الدجاج المستزرع.

وقد وعدت الجهات الداعمة لهذا القطاع بمحاكاة اللحوم التي نشأنا على تناولها، اللحم البقري والدجاج، من دون المعاناة التي تعرضت لها الحيوانات والطيور، ومن دون انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولكن اليوم لم يعد هناك أي منتج متاح إلا بالكاد في هذه الصناعة. لقد حان الوقت، كما كتبتُ، للاعتراف بحقيقة أن هذا الحلم قد مات.

تطويرات غير مألوفة

كيف تستعد شركة «فاو» لشحن المنتجات بكميات كبيرة؟ بالتخلي عن المألوف واعتماد غير المألوف. إذ وبدلاً من محاولة إنتاج قطع الدجاج الصغيرة والبرغر، ركزت «فاو» على ما يمكن أن تقدمه الخزانات الفولاذية الكبيرة المليئة بالخلايا بشكل موثوق به في المدى القصير: منتجات غريبة ومميزة مخصصة لسوق السلع الفاخرة، وهي فئة جديدة من الأطعمة التي يسميها جورج بيبو الرئيس التنفيذي لشركة «فاو»: «اللحوم الغريبة».

اللحوم الغريبة هي انحراف عمّا وعدت به صناعة اللحوم الخلوية بالأساس. سيكون الأمر مكلفاً، في البداية. ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت شركة «فاو» تبيع بارفيه السمان لأربعة مطاعم في سنغافورة مقابل 100 دولار للرطل. وسوف تتميز هذه اللحوم بمذاق وقوام غير موجودين في الطبيعة. وسوف تُصنع من الحيوانات التي لم يعتد الناس أكلها. فكروا في التمساح، والطاووس، وطائر الغنم، وغيرها. في العام الماضي، تصدرت «فاو» عناوين الأخبار العالمية بعد «كرات اللحم الضخمة» - وهي نموذج أولي ضخم وفريد مختلط مع خلايا الفيل والحمض النووي لحيوان الماموث الصوفي - مما أدى إلى ظهور مقطع ذائع الانتشار في برنامج «العرض الأخير» مع ستيفن كولبرت. في نهاية المطاف، تأمل «فاو» في أن يمنحها إنشاء سوق فاخرة قوية للحوم الغريبة الفرصة لخفض التكاليف تدريجياً من خلال مواصلة البحث والتطوير، رغم أنها سوف تحتاج أولاً إلى تطبيع فكرة تناول الأنواع غير التقليدية.

غرائب الأطباق

عندما أنظر إلى طبق بارفيه السمان خاصتي، يدهشني أنني لم أتناول السمان من قبل. أتناول قضمة، ويكون الطعم خفيفاً ومليئاً مثل الزبدة المخفوقة، مع ملاحظات بطعم معدني دقيق أقرنه بالكبد. إنها تمثل بداية عصر جديد غامض، عصر ستكون فيه اللحوم المستزرعة متوافرة أخيراً، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها أي شخص.

* مجلة «فاست كومباني»

ـ خدمات «تريبيون ميديا»