«مارانجوني»... البداية في دبي والعين على السعودية

عندما التحقت ستيفانيا فالونتي بمعهد مارانجوني للتصميم والأزياء في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 مديرة عامة، كان أول قرار اتخذته هو فتح فرع جديد في دبي. قرار سيُضيف إليها بلا شك، كما سيُوسع مسؤولياتها بحكم أن المعهد له 9 فروع أخرى منتشرة في 3 قارات، كلها تحت السيطرة والإدارة المباشرة للمقر الرئيسي بميلانو.
كانت مستعدة للتحدي؛ فهي أول امرأة تتبوأ هذا المنصب منذ تأسيس المعهد في عام 1935 وبالتالي تعرف جيداً أن الأنظار ستكون موجهة إليها انتظاراً لما ستقوم به من إنجازات. ما لم تتوقعه أن يتزامن تنصيبها مع جائحة «كورونا». أقل ما يمكن أن يقال هو أن التوقيت لم يكن في صالحها خصوصاً أن تدريس الموضة وفنون التصميم ككل لا يقتصر على النظري فحسب، بل يحتاج إلى تدريبات ميدانية تشمل التفاعل الإنساني ولمس الأقمشة كما إلى التسويق وإدارة الأعمال وغيرها.
تشرح ستيفانيا أن الانتظار إلى أن تنجلي الأزمة أو تجميد فكرة الافتتاح المُقرر في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، لم يكونا واردين. فشوط كبير من الأبحاث والتقصي تم إنجازه فعلياً، وأكد أن دبي أرضية خصبة ومتعطشة لاحتضان معهد بهذا الوزن. فأهمية أي عاصمة موضة في العالم تُقاس بمعاهدها الأكاديمية، باعتبارها الوقود الذي يزودها بقوتها الإبداعية، ويمنح المتخرجين فيها فرصهم للعمل.

الرقمنة وشبكات التواصل الاجتماعي كانت وسيلة للتواصل مع الطلبة خلال جائحة كورونا في كل الفروع

تقول إنها كانت مستغربة أن المنطقة لم تتوفر على معهد عالٍ لتعليم فنون الموضة والتصميم لحد الآن، وهي المعروفة بشغفها بكل شيء جديد وأنيق. طمأنها استبيان أجرته شركة استشارية من المنطقة استعانت بها لجس نبض السوق ومدى استعداده للمشروع، مع مجموعة من الطلاب المحتملين والمهتمين بالموضة على حد سواء، أن اسم «مارانجوني» معروف لشريحة كبيرة منهم. ليس هذا فحسب، بل يحظى باحترام من دون أن تحتاج للترويج له. تُعلق: «لا أخفيك أن نتائج الاستبيان الإيجابية شجعتني أكثر على المضي في تنفيذ المشروع بغض النظر عن المصاعب». تجدر الإشارة إلى أن المعهد خرج أربعة أجيال من الدفعات من 5 قارات لحد الآن، وكان بداية انطلاق لأكثر من 45 ألف متخصص في صناعة الترف، بمن في ذلك دومينيكو دولتشي وأليساندرو سارتوري وبولا كاديمارتوري وجيلدا أمبروسيو وجولي دي ليبران ونيكولا بروجنانو. كل عام يستقبل نحو 4 آلاف و700 طالب من 107 دول في فروعه المترامية بين ميلان (مدرسة الموضة ومدرسة التصميم)، وفلورنسا (مدرسة الموضة والفنون)، وباريس ولندن ومومباي وشانغهاي وشنتشن وميامي.
تشير ستيفانيا أنها لم تواجه أي مصاعب لوجيستية تُذكر. المشكلة الوحيدة كانت الجائحة التي غيرت العالم ككل ومشهد الموضة والتعليم على وجه الخصوص من ناحية فرضها أدوات جديدة للتواصل مع الطلبة. كانت الرقمنة سلاحها، لحماية ماء الوجه من جهة، وتدارُك تأثيراتها السلبية من جهة أخرى. طوعتها بسرعة لخلق نموذج تعليمي يواكب العصر. «كانت الطريقة الوحيدة أمامي أن أغير الاتجاه تماماً بالاستثمار في التكنولوجيا حتى أضمن استمرارية الفصول الدراسية عن بُعد وبالتالي استمرار برامجنا ومشاريعنا» حسب قولها.
أما اختيار دبي فلم يأت من عبث «فمنطقة الخليج العربي ككل مهمة ومثيرة لصناع الموضة، ونحن نُدرك تماماً أن هناك أسواقاً أخرى واعدة في المنطقة مثل الرياض، التي نتواصل فيها مع وزارة الثقافة بشكل جدي حتى يكون بيننا تعاونات ومشاريع مستقبلية ذات صلة بالاحتياجات المحددة لهذا السوق وطلابنا، لكن التقليد الذي يتبعه المعهد عند افتتاح أي معهد جديد أن يتواجد في منطقة تتوفر فيها شبكة من العلامات التجارية أو شركات الأزياء العالمية على مدى سنين، إضافة إلى رجال أعمال مُهتمين بالاستثمار في صناعة الموضة حتى تتوفر للطلاب فرص عمل حقيقية بعد التخرج». على هذا الأساس تم افتتاح المعاهد الـ9 حول العالم، كلها تتمتع بنفس الحمض النووي ونفس المسار الأكاديمي والنهج، وهو ما سيتم اعتماده في المناهج الأكاديمية والدورات الإعدادية التي تمتد على مدى ثلاث سنوات ودورات الدراسات العليا التي تستمر لمدة عام واحد مخصصة لتصميم الأزياء والخياطة والتصميم الداخلي والتصميم المرئي. كل هذا مع توفير فرص للقيام بدورات تدريبية في أماكن مختلفة من العالم تُمكن الطالب من اكتساب خبرات أكبر.
تستطرد ستيفانيا موضحة: «كل هذا مع الأخذ بعين الاعتبار الثقافة التي تفرضها البيئة التي نتواجد فيها بالطبع». فهذه كانت نقطة مهمة وحساسة تمت دراستها من كل الجوانب. صحيح أن الطلبة يميلون إلى اكتساب مهاراتهم في بيئة دولية، وفي إيطاليا تحديداً ليغوصوا في تجربة ما يُعرف بـ«صُنع في إيطاليا»، إلا أن ترجمة هذا المفهوم بلغة البلد عنصر أساسي، وبالتالي ستتخلل الدروس في فرع دبي «لمسة عربية» تساعد على إرساء رموز جديدة لمستقبل سوق المنتجات الفاخرة في الشرق الأوسط وبناء نظام أزياء أكثر تنظيماً ومعترفاً به.
- نبذة عن «معهد مارانجوني»
تأسس في عام 1935 في ميلان باسم «معهد مارانجوني الفني للأزياء»، وأصبح إلى جانب معهد بارنسون في نيويورك، وسنترال سانت مارتن في لندن ومعهد شومبر سانديكال بباريس، من أفضل الخيارات التعليمية للراغبين في دخول عالم الموضة والفن والتصميم لأكثر من 85 عاماً حتى الآن.

الرقمنة وشبكات التواصل الاجتماعي كانت وسيلة للتواصل مع الطلبة خلال جائحة كورونا في كل الفروع