«آلة الزمن» تتنقل بين مصر القديمة والمعاصرة

معرض للفنانة لينا أسامة يضم 50 لوحة

تكوينات حوارية بين عصور مختلفة (الشرق الأوسط)
تكوينات حوارية بين عصور مختلفة (الشرق الأوسط)
TT

«آلة الزمن» تتنقل بين مصر القديمة والمعاصرة

تكوينات حوارية بين عصور مختلفة (الشرق الأوسط)
تكوينات حوارية بين عصور مختلفة (الشرق الأوسط)

في معرض «آلة الزمن» تسود اللوحات وجوه قديمة، وكأنها خرجت لتوّها من جدران معابد فرعونية، فهي بتفاصيلها الدقيقة تبدو وكأنها استعادة لحنين مفقود تبحث عنه الفنانة التشكيلية المصرية لينا أسامة، في معرضها الجديد الذي يستضيفه غاليري «بيكاسو» بالقاهرة، ويستمر حتى منتصف يونيو (حزيران) الجاري.
«هي رحلة أو حلم في أزمنة مختلفة» كما تقول لينا عن لوحاتها التي يبلغ عددها 50 لوحة يسودها اللون السريالي الذي تعتبره الفنانة المصرية الأقرب للتعبير عن فكرة الأحلام والتنقل بخفة بين الأزمنة في عالم سريع التغير؛ حيث يصبح المعرض رحلة للبحث عن «مستقبل أقل صخباً، بصحبة من قدماء المصريين، وكائنات من أزمنة أخرى محملين بالذكريات»، كما تقول صاحبة المعرض في حديثها لـ«الشرق الأوسط».
في اللوحات تتجاور الملامح الفرعونية مع وجوه أكثر قدماً خارج عالم البشر، مثل الديناصورات التي تعتبرها لينا واحدة من موتيفاتها الزمنية الأثيرة، وهنالك القطط والخيول بحلتها الأسطورية، والآثار التاريخية كالأهرامات التي تظهر كواحدة من مفردات الزمن الصامد في لوحات المعرض.
يظهر في «آلة الزمن» تقاطعات بين مصر الفرعونية، ومصر في العصر الملكي التي يظهر علمها الأخضر بنجومه، وطرابيش رجالها الحمراء، والبراقع التي كانت سمة بارزة لإطلالة السيدات في هذا الوقت، كما تذكرنا «ثلاثية» نجيب محفوظ في السينما، وهناك الزمن المعاصر وموضة أزياء الثمانينات والتسعينات التي تظهر جميعها في تكوينات حركية لأبطال اللوحات، تجمع الأزمنة المتفرقة في نسيج جمالي عبر توظيف لوني متدرج، وكذلك استعانة بالخامات المختلطة التي تمنح اللوحات طبقات زمنية تُحاكي فكرة العصور المتتالية وكأنها نتاج للعبة آلة الزمن.

ثيمات زمنية قديمة تجاور وجوهاً معاصرة (الشرق الأوسط)  -  من لوحات المعرض في غاليري «بيكاسو» (الشرق الأوسط)

تتأمل لينا أسامة فكرة الزمن باعتبارها إحدى الأفكار التي استطاعت توحيد العالم لتأملها بعد أزمة جائحة «كورونا» وقوانين الحظر، وتقييد الحركة: «بعد تلك الأزمة صار هناك حنين للبحث عن العصور السعيدة، وتلك الدروس التي تركها لنا التاريخ حول قدرة الإنسان على النجاة في المحن، فصار الماضي هو الملاذ، وصار هناك اهتمام متصاعد بالتواصل مع الطبيعة وكذلك الآثار القديمة، وهو ما يمكن تأمله مثلاً في الاهتمام أخيراً في مصر بالسياحة المتحفية، وهذا ما أتابعه كفنانة تشكيلية وباحثة ودارسة لعلم المصريات كذلك»، كما تقول لينا في حديثها.
في لوحات المعرض يمكن التعرف على شوارع القاهرة القديمة، عبر رسومات مصغرة لمعالم المدينة، مثل مبنى المتحف المصري التاريخي بالتحرير، ومبنى الإذاعة والتلفزيون الشهير المطل على كورنيش النيل، وهناك السيارات القديمة، وحافلات النقل العام، وجميعها يتوازى مع ثيمات تستدعي فلسفة الخلود والبعث في مصر القديمة، كالجرّات الفخارية التي تظهر في بعض اللوحات كرمز للحياة في العالم الآخر.
«تعمدتُ القيام بمزج ثيمات تحيل لأكثر من زمن يَعبُر ما بين مصر القديمة والمعاصرة، وحياتنا المتوارثة منذ عهود، فهذا الزخم هو ما يحمل تفاصيل الفن التي حاولت التعبير عنها في هذا المعرض بشكل خاص»، حسب صاحبة المعرض التي ترى أن الفن في حد ذاته يمكن أن يكون وسيلة للبحث عن طرق للتأقلم النفسي والروحي مع العالم من حولنا.
ودرست لينا أسامة فن التصوير في كل من مصر والنمسا، وأعقبته بدراسة صناعة الأفلام والتنسيق الفني وعلم المصريات، وهي المجالات التي تظهر سماتها في المعرض؛ لا سيما التأثر بالفن المصري القديم، ولقطات الحياة اليومية في الشوارع التي يمكن تأمل ديناميتها بشكل يقارب لغة التصوير السينمائي؛ حيث مفارقة الشارع والعمارة العصرية، وموتيفات الأزهار والنقوش المطبوعة التي تخلق حالة زمنية متدفقة، لا يمكن اختزالها في عصر واحد.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

بطاطا ضدَّ ارتفاع الحرارة

أملٌ ببطاطا صامدة (أدوب ستوك)
أملٌ ببطاطا صامدة (أدوب ستوك)
TT

بطاطا ضدَّ ارتفاع الحرارة

أملٌ ببطاطا صامدة (أدوب ستوك)
أملٌ ببطاطا صامدة (أدوب ستوك)

يُطوِّر العلماء بطاطا من شأنها تحمُّل موجات الحرّ، وذلك لمساعدة المحاصيل على النمو في مستقبل يتأثّر بالتغيُّر المناخي.

ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن وكالة «بي إيه ميديا» البريطانية، أنّ فريقاً من الباحثين أجرى تجارب ميدانية في موقع بولاية إلينوي الأميركية، وتوصّل إلى أنّ الزرع المُعدَّل عزَّز من محصول البطاطا بنسبة تصل إلى 30 في المائة في ظلّ الإجهاد الحراري.

عُدِّل الزرع من خلال إضافة جينَيْن لتعديل عملية يُطلَق عليها التنفُّس الضوئي لتحسين الكفاءة؛ مما يمنح مزيداً من الطاقة لتعزيز النمو.

ووصف الفريق البحثي التجربة المنشورة في دورية «غلوبال تشينغ بيولوجي» بأنّها «الواعدة من أجل زيادة المحاصيل في ظلّ ارتفاع درجة حرارة الكوكب».

ولا يزال يتعيَّن إجراء التجارب الميدانية في أماكن عدّة؛ لتأكيد ما توصل إليه الفريق في بيئات متباينة.