هادي يصدر قرارًا جمهوريًا بتعيين وزير للداخلية

المقاومة تكبد الميليشيات خسائر كبيرة وتحقق تقدمًا في مأرب.. وأول العمليات ضد الحوثيين في شمال صنعاء

الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، جرحى يمنيون إثر اشتباكات بين قوات المقاومة والمتمردين الحوثيين في تعز أمس (رويترز)
الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، جرحى يمنيون إثر اشتباكات بين قوات المقاومة والمتمردين الحوثيين في تعز أمس (رويترز)
TT

هادي يصدر قرارًا جمهوريًا بتعيين وزير للداخلية

الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، جرحى يمنيون إثر اشتباكات بين قوات المقاومة والمتمردين الحوثيين في تعز أمس (رويترز)
الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، جرحى يمنيون إثر اشتباكات بين قوات المقاومة والمتمردين الحوثيين في تعز أمس (رويترز)

أصدر الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، أمس، قرارا جمهوريا، قضى بتعيين اللواء عبده الحذيفي، وزيرا للداخلية، خلفا للواء جلال الرويشان، الذي خالف توجهات الحكومة الرافضة للانقلاب على الشرعية الدستورية وواصل عمله كوزير للداخلية في سلطة الحوثيين، وجاء قرار هادي رغم محاولات الوزير الرويشان، في الآونة الأخيرة، التسويق عبر وسائل الإعلام أنه والمؤسسات الأمنية ليسوا طرفا في النزاع القائم في البلاد وأنهم يقفون على مسافة واحدة من الجميع، في الوقت الذي بات فيه الحوثيون يتحكمون بوزارة الداخلية، كما هو الحال مع بقية وزارات ومؤسسات الدولة، والوزير المعين، هو العميد عبده محمد حسين الحذيفي، الذي رقي إلى رتبة لواء في ضوء قرار تعيينه، والحذيفي كان نائبا في البرلمان بين عامي 2003 و2009. ضمن كتلة المستقلين في مجلس النواب اليمني (البرلمان)، وفي ضوء التمديد للبرلمان إثر التطورات السياسية التي شهدها اليمن خلال السنوات الماضية، ما يزال الحذيفي عضوا برلمانيا، وهو من مواليد عام 1954. وحاصل على عدة شهادات عليا مدنية وعسكرية.
وفي ظل ما يطرح عن إصدار الرئيس هادي لقرارات بتعيينات في مناصب لا يمكن للأشخاص المعينين ممارسة مهامهم، قال مصدر في الحكومة اليمنية الشرعية لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية التعيين في كافة المناصب مسألة منوطة بالرئيس هادي وإنها عملية تأتي استكمالا لتشكيل الحكومة التي تأثرت بالأحداث والتطورات»، وأشار المصدر إلى «ضرورة استكمال حلقات التشكيل الحكومي بالشكل الصحيح، وإبعاد كل من يناصر الانقلابيين ويعمل معهم»، كما أشار إلى أن ممارسة المهام «هي مسألة وقت فقط»، وقد أصدر الرئيس اليمني، خلال الأشهر الماضية، سلسلة من القرارات بتعيينات في المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية، وكان آخرها، تعيين رئيس لهيئة الأركان العامة.
إلى ذلك، شهدت صنعاء، أمس، تطورا نوعيا في الوضع العسكري الذي تمر به البلاد، حيث سقط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الميليشيات الحوثية في منطقة همدان، بشمال صنعاء، وقد أعلنت المقاومة الشعبية تبنيها للعملية التي تعد الأولى التي يعلن رسميا عن تنفيذها بصورة منظمة في العاصمة صنعاء، منذ سقوطها بيد الحوثيين وقوات المخلوع صالح، في 21 سبتمبر (أيلول) المنصرم، إلى ذلك، واصل طيران التحالف غاراته على مواقع الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح، وذكرت مصادر محلية أن الغارات استهدفت العاصمة ومواقع في تعز وعدن وعدد آخر من المحافظات.
وفي التطورات الميدانية في محافظة مأرب، تمكنت المقاومة الشعبية التي تتكون من رجال القبائل وقوات الجيش الموالية للشرعية الدستورية، من السيطرة على «جبل مرثد» في جبهة مخدرة، بمديرية صرواح، ووصفت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» القتال في مأرب بالعنيف خلال الساعات الـ48 المنصرمة، وأضافت المصادر أنه على صعيد «جبهة المخدرة» في الجدعان : «حققت المقاومة تقدما كبيرا، حيث سيطرت على شعب (وادي) الواغرة وتبة الصياد وتمكن مسلحوها من إعادة ميليشيات الحوثيين وصالح إلى جبال الضيق جنوب صرواح، بمسافة 7 كيلومترات من مواقعهم»، وأشارت المصادر إلى أن هذا التقدم الذي حققته المقاومة «جاء بعد مواجهات شرسة كبدت فيها المقاومة الانقلابيين عددا كبيرا من القتلى والجرحى، إضافة إلى إعطاب عربة كاتيوشا كانت تقصف مساكن المواطنين في مدغل الجدعان وفي ماس وحلحلان، إضافة إلى إحراق مدرعة وطقم عسكري»، بحسب المصادر القبلية.
على صعيد آخر، ارتفعت الأصوات المطالبة بالإفراج عن المختطفين والمعتقلين لدى الميليشيات الحوثية، وذلك بعد أن تبين أن الميليشيات تقوم بوضع المختطفين والمعتقلين في الأماكن المرشحة لضربات جوية من قبل طائرات التحالف، واعتدت ميليشيات الحوثيين والشرطة النسائية في صنعاء، أمس، على وقفة نسائية احتجاجية للمطالبة بالإفراج عن المختطفين، كما طالبت وقفة احتجاجية أخرى نظمت في مدينة إب، بوسط البلاد، تطالب بالكشف عن مصير المختطفين، وقد أكد عدد من الجهات والمنظمات في اليمن أن الحوثيين يقومون بوضع المعتقلين في مواقع معرضة للاستهداف من قبل طائرات التحالف ومنها المعسكرات ومخازن الأسلحة، وأكدت نقابة الصحافيين اليمنيين مقتل اثنين من الصحافيين بنفس الطريقة، اليومين الماضيين، في محافظة ذمار، فيما قتل ناشط حقوقي في محافظة إب في الغارات بعد اعتقاله على يد الميليشيات التي سبق أن هددت المعتقلين بوضعهم في المواقع المستهدفة بالقصف، في حال لم يدلوا بالاعترافات المطلوبة منهم ويوقعوا عليها.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.